ملف حقوق الإنسان يـقـتحمُ مُجددا أولمبياد بايـجينغ
قبل عام بالضبط من انطلاق الألعاب الأولمبية في بايجينغ (08.08.08)، نظم الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية طيلة يوم الأربعاء نشاطات رياضية في عدد من مدن الكنفدرالية لتسليط الضوء على "انتهاكات حقوق الإنسان" في الصين.
وجاء هذا التحرك غداة إصدار الفرع الرئيسي للمنظمة في لندن تقريرا دعا فيه السلطات الصينية إلى اتخاذ “تدابير عاجلة” للحيلولة دون الإساءة لصورة البلاد والألعاب الأولمبية. كما تزامن مع استمرار إدانة العديد من المنظمات لسجل بايجينغ في المجال الحقوقي.
شهدت مدن لوزان (مقر اللجنة الدولية للألعاب الأولمبية)، وجنيف وفريبورغ وبرن وزيورخ وبازل ولوسيرن وآراو، طيلة يوم الأربعاء 8 أغسطس الجاري سلسلة من النشاطات الرياضية الهادفة إلى تحسيس الجمهور بقضية حقوق الإنسان في الصين التي ستستضيف عاصمتها بايجينغ بعد عام بالضبط الألعاب الأولمبية.
ونظم هذه الألعاب مجموعات من شباب الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية الذين انتهزوا الفرصة لإطلاق حملة لتجميع التوقيعات على عريضة بعنوان “بايجينغ 2008 – منصة لحقوق الإنسان”. وتطالب العريضة الموجهة إلى رئيس الوزراء الصيني وين جياباو بإلغاء عقوبة الإعدام، والتوقف عن حجب مواقع الإنترنت، وإغلاق مراكز التأهيل التي يتم فيها تنفيذ العقوبات دون محاكمة، ووضع حد لأي أعمال انتقامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان.
ويعتزم الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية تسليم العريضة لسفارة الصين في برن يوم 8 فبراير القادم، أي قبل ستة أشهر بالضبط من انطلاق الألعاب الأولمبية.
وفي تصريح لسويس انفو، قالت مارليز ميسير من نفس الفرع “سيتابع جزء كبير من سكان سويسرا هذه الألعاب. ونعتقد أنه من المهم أن يدركوا وضع حقوق الإنسان (في الصين)”.
وأضافت السيدة ميسير “عندما مُنحت الصين الألعاب الأولمبية في عام 2001، وعدت الحكومة بتحسين أوضاع حقوق الإنسان. ولكن حتى الآن، بينما شاهدنا تخفيف القيود على الصحافيين الأجانب، تزايد القمع ضد وسائل الإعلام الصينية. نحن نريد صحافه حرة للجميع وليس فقط للمراسلين الرياضيين الأجانب الذين يغطون الأولمبيات”.
ونوهت ميسير إلى أن منظمة العفو الدولية، التي لم تدع إلى مقاطعة الألعاب الأولمبية، تنظر إلى هذا الحدث الرياضي الضخم كفرصة للدخول في حوار مع السلطات الصينية المعنية بمسألة حقوق الإنسان، مشيرة في السياق نفسه إلى أن عيون العالم ستتجه إلى الصين التي لديها “مصلحة قوية في حماية صورتها”.
عد تنازلي رياضي و.. حقوقي
وكان الفرع الرئيسي لمنظمة العفو الدولية، الذي يتخذ من لندن مقرا له، قد نشر يوم الثلاثاء 7 أغسطس الجاري تقريرا جديدا حول الحقوق المدنية والسياسية في بلاد التنين بعنوان “الصين: العد التنازلي للأولمبياد — عام واحد تبقى للوفاء بالعهود المتعلقة بحقوق الإنسان”.
وأكدت المنظمة غير الحكومية مجددا في هذا التقرير أنها لاحظت تدهورا في مجال احترام حقوق الإنسان في الصين مع اقتراب موعد الألعاب الأولمبية.
وورد في هذا التقرير الذي بعثت المنظمة نسخة منه إلى كل من السلطات الصينية واللجنة الأولمبية الدولية، أن جمهورية الصين الشعبية لم تفي بوعود تحسين وضع الحريات المدنية في البلاد، وهي الوعود التي قطعتها بايجينغ على نفسها عندما تقدمت بعرض استضافة الألعاب الأولمبية لعام 2008. وقالت منظمة العفو الدولية إن الصين “مازالت تلجأ وبشكل متزايد إلى الاعتقال بدون محاكمة”، وإلى ملاحقة المعارضين السياسيين والدينيين وسوء معاملة المنشقين.
كما أشار التقرير إلى سوء معاملة النشطاء الحقوقيين الذين يحاولون جلب الانتباه لوضع الأشخاص الذين يـُطردون من سكنهم في المواقع المخصصة لتشييد البنى التحتية الرياضية، إذ أنهم يُستهدفون بشكل خاص من قبل المسؤولين الصينيين، حسب ما جاء في التقرير الذي استشهد بمثال ضرب الشرطة لأحد هؤلاء النشطاء بعصا كهربائية في نهاية العام الماضي.
وأكدت منظمة العفو الدولية في تقريرها أن الصحافة لا تفلت من سوء المعاملة إذ أدانت حالات اعتقال عدد من الصحافيين والكتاب، وحالات أخرى أُجبر فيها موظفون في وسائل الإعلام على الاستقالة، بالإضافة إلى حظر السلطات لمطبوعات مختلفة خاصة تلك التي تتناول قضايا التنمية الإجتماعية.
اللجنة الأولمبية مطالبة بالضغط على بايجينغ
ودعت المنظمة لجنة الألعاب الأولمبية إلى ممارسة ضغط أكبر على بايجينغ لحثها على ضمان حريات مدنية أكبر لمواطنيها. في المقابل، قالت المنظمة إنها لاحظت بعض “التقدم الايجابي” في بعض الميادين، مثل انخفاض عدد الأحكام بالإعدام وتنفيذ عقوبة الإعدام، وإدخال قواعد تهدف إلى تحسين حرية الصحافيين الأجانب في الصين”. لكنها نوهت إلى أن “الردع مازال مستمرا بالنسبة للصحافيين المحليين”، وأن حجب مواقع الإنترنت مازالت ممارسة دائمة.
وأعربت منظمة العفو الدولية عن اعتقادها أن استمرار انتهاك حقوق الإنسان، قبل عام من انطلاق الألعاب الأولمبية، هو بمثابة “إهانة” للمبادئ الأساسية للميثاق الأولمبي، ولاحترام الكرامة الإنسانية والقواعد الأخلاقية.
وكانت هذه المنظمة غير الحكومية قد أعربت عن انتقاداتها ضد الصين في نهاية أبريل الماضي في تقرير سابق تضمن نفس الاتهامات.
وقد أكدت الأمينة العامة للمنظمة، السيدة إيرين خان، في البيان الصادر عنها يوم الثلاثاء 7 أغسطس الجاري أنه “إذا ما لم تتخذ السلطات الصينية “تدابير عاجلة” للحد مما وصفته بـ”انتهاكات حقوق الإنسان” خلال العام القادم، فإنها تغامر بتشويه صورة الصين وإرث أولمبياد بايجينغ.
وقالت السيدة خان إن الوقت يمضي بسرعة وقد يفلت من السلطات الصينية كي تلتزم بوعدها للارتقاء بحقوق الإنسان باعتبارها جزء من الإرث الأولمبي.
ولا تعد منظمة العفو الدولية سوى واحدة من عدد من المنظمات التي انتهزت فرصة حلول يوم 8 أغسطس الجاري لممارسة الضغط على بايجينغ لتحسين سجل حقوق الإنسان وتذكيرها بأن أنظار وأضواء العالم ستتحول إليها، ولم يعد يتبقى لديها الكثير من الوقت لتنفيذ التزاماتها. ومن أبرز هذه المنظمات “مراسلون بلا حدود” و”هيومان رايتس واتش” و”لجنة حماية الصحافيين”، إضافة إلى الحركات المدافعة عن استقلال التيبت.
سويس انفو مع الوكالات
يوم الإثنين 6 أغسطس الجاري، نظم أعضاء من منظمة “مراسلون بلا حدود” مظاهرة خارج المقر الرئيسي للجنة تنظيم الألعاب الأولمبية في بايجينغ.
أدانت المنظمة التي تتخذ من باريس مقرا لها فشل الحكومة الصينية في الوفاء بتعهداتها حول تحسين أوضاع الصحافيين قبل انطلاق الألعاب.
اتهم “مراسلون بلا حدود” الحكومة الصينية بحجب العديد من مواقع الانترنت الدولية وانتقاء المواضيع التي لا يجب أن يطلع عليها الجمهور الصيني.
يوم الثلاثاء 07 أغسطس الجاري، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا تؤكد فيه استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في الصين وتطالب فيه بايجينغ بالوفاء بوعود تحسين الحريات المدنية قبل الألعاب الأولمبية.
في نفس اليوم، أدانت “هومان رايتس واتش” المدافعة عن حقوق الإنسان، ولجنة حماية الصحفيين “انتهاك الحكومة الصينية لحريات الصحافة”.
في نفس اليوم أيضا، نشر مثقفون منشقون صينيون رسالة مفتوحة تدعو بايجينغ إلى “وقف انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بالاستعدادات للألعاب الأولمبية”.
يوم الأربعاء 8 أغسطس الجاري، شهدت 8 مدن سويسرية نشاطات رياضية لجلب الانتباه لنفس القضية وإطلاق حملة لتجميع توقيعات لفائدة عريضة بعنوان “بايجينغ 2008 – منصة لحقوق الإنسان”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.