“مندمجون.. لكنهم مقصيون”!
كشفت دراسةٌ جديدة أن أبناء الجيل الثاني من المهاجرين الإيطاليين والإسبانيين مندمجون تماما في المجتمع السويسري، وغالبا ما يتفوقون على أبناء الكنفدرالية في إدارة الحياة المهنية والإجتماعية.
لكن رغم هذا الاندماج شبه المثالي، لم يحصل بعدُ معظم هؤلاء على الجنسية السويسرية…
ركّزت الدراسةُ التي مولها الصندوق الوطني للبحث العلمي، على وضعية 400 من أبناء الجيل الثاني من المهاجرين الإيطاليين والإسبان الذين استقروا في سويسرا منذ الستينات. وتتراوح أعمار الشبان الذين شملتهم الدراسة بين 18 و35 عاما.
كان الهدف من هذه الدراسة التي أنجرت في كانتوني بازل وجنيف في إطار “برنامج الهجرة والعلاقات بين الثقافات”، معرفةَ ما حققه أبناءُ العمال المهاجرين الذين قصدوا سويسرا بحثا عن حياة أفضل. وتمت مقارنة وضعية هذه الفئة مع مجموعة تضم حوالي 200 شابا وشابة أصل سويسري يقيمون في نفس الكانتونين وينتمون إلى نفس الشريحة الإجتماعية.
وتقول روزيتا فيبي، التي شاركت في تدوين الدراسة، إن نتائج البحث الذي يُعد الأول من نوعه في سويسرا، جاءت متناقضة مع توقعات واعتقادات الرأي العام الذي غالبا ما يظن أن أبناء الجيل الثاني من الأجانب سيواجهون حتما مشاكل دراسية ومهنية واجتماعية، وسيظلون ممزقين بين ثقافة بلادهم وثقافة البلد المضيف ولن يشعرون أبدا بالانتماء لا إلى هذا البلد أو ذاك.
نتائج مخالفة للتوقعات!
لكن الواقع الذي استكشفته الدراسة الجديدة مغايرٌ تماما لهذه الأفكار المُسبقة. فمعظم أبناء الجيل الثاني من اليد العاملة الإيطالية والإسبانية، بلغوا مستوى عالي من التعليم ونجحوا في الحياة المهنية. وتوضح الدراسة أن أبناء الجيل الثاني يشغلون مناصب مُؤهلة ويتقاضون رواتب متوسطة ولم يحكموا على أنفسهم بمزاولة أعمال يدوية.
وتشير الدراسة الجديدة إلى أن هذا الجيل يطمح لأعلى درجات من التعليم ويحظى بتمثيل أفضل في الجامعات والمهن المستقلة مُقارنة مع نظيره السويسري. في المقابل، لا يعمل إلا عددٌ قليل من أبناء المهاجرين الإيطاليين والإسبان في مجال الإدارة العامة لأنهم “مازالوا بعيدين عن المساواة في هذا القطاع” على حد تعبير منجزي الدراسة.
وما يميز الدراسة الجديدة كونها استجوبت أيضا ممثلين عن الجيل الثاني حاصلين على الجنسية السويسرية. ولم تكن هذه الفئة تؤخذ بعين الاعتبار في معظم الدراسات السابقة. وتمثل هذه المجموعة 43% من الشبان الذين شملتهم الدراسة الحديثة.
وفيما يتعلق بالزواج والعائلة، فإن أبناء الجيل الثاني من المهاجرين الإيطاليين والإسبان لا يختلفون كثيرا عن الشبان السويسريين، حيث يغادرون منزل الوالدين في سن متأخر نسبيا مقارنة مع السويسريين، ولا يحبذون كثيرا العيش مع رفيق أو رفيقة الدرب بدون رابط الزواج. أما فيما يخص توزيع الأدوار فليس هنالك فرق على الإطلاق. في المقابل، تتمكن النساء الأجنبيات من مواصلة الحياة المهنية أكثر من الشابات السويسريات بعد وضع طفلهن الأول، لأنهن يعتمدن على مساعدة الوالدين لرعاية الأطفال.
الجواز الأحمر مكلف جداّ!
وتظل مسألة الحصول على الجنسية السويسرية السحابة الكبرى التي تخيم على حياة الجيل الثاني. فحسب الدراسة الجديدة، 80% من أبناء هذا الجيل ولدوا في سويسرا و90% نشئوا على ترابها. ومع ذلك لا يزال 57% من الشبان المُستجوبين في إطار الدراسة يحملون جنسية أجنبية فيما يرغب 43% منهم في الاحتفاظ بجوازهم الأجنبي.
ويعود هذا القرار إلى بطء وتعقيد وغلاء الإجراءات الإدارية للحصول على الجنسية السويسرية، بالإضافة إلى ضرورة أداء الخدمة العسكرية والخوف من فقدان الجواز الأوروبي، لأن سويسرا لا تسمح للرعايا الأوروبيين بازدواجية الجنسية.
ويرى منجزو الدراسة أن كل هذه الأسباب كانت معروفة وأن الجديد الذي تضمنه البحث هو أن شباب الجيل الثاني يعتقد أن الجنسية السويسرية يجب أن تُمنح له بصفة تلقائية نظرا لارتباطه الدائم مع المجتمع السويسري.
ويذكر أن البرلمان السويسري صادق في سبتمبر 2002 على تعديل القانون الخاص بالمواطنة بهدف تسهيل إجراءات التجنيس لصالح الجيل الثاني من الأجانب. ويقضي التعديل أيضا بمنح الجنسية السويسرية بشكل تلقائي لأبناء الجيل الثالث شرط موافقة الوالدين. وستتم مناقشة هذا الملف الشهر الجاري في مجلس الشيوخ.
وتوضح السيدة فيبي أن نتائج الدراسة تظهر أن التعديل القانوني يسير في الإتجاه الصحيح. وتشدد الباحثة على أن غالبية هامة من الجيل الثاني مندمجة اليوم بشكل جيد على المستوى الاقتصادي لكنها تظل مقصية من الحياة السياسية.
سويس انفو
في موفى عام 2001، بلغ عدد الأجانب في سويسرا 1,5 مليون شخص
من بين الأجانب الذين يتجاوز عمرهم 15 عاما، 330000 ولدوا في سويسرا
43% من أبناء الجيل الثاني من المهاجرين الإيطاليين والإسبان حاصلون على الجنسية السويسرية
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.