منظمة العمل تحذر من الإنهيار المالي والإقتصادي الفلسطيني
وصف تقرير منظمة العمل الدولية حول وضع العمال في الأراضي العربية المحتلة الأوضاع السائدة بـ "الإنهيار المالي والاقتصادي" وأفاد بأن معدل الدخل الفردي تراجع بحوالي 40% عما كان عليه في عام 1999.
التقرير الذي سيقدمه المدير العام لمنظمة العمل الدولية أمام دورتها السادسة والتسعين الملتئمة حاليا في جنيف، يشير أيضا الى تأثيرات الحصار الدولي المفروض على الحكومة الفلسطينية بقيادة حماس والقيود التي تفرضها إسرائيل.
جرت العادة أن تخصص منظمة العمل الدولية في مؤتمرها السنوي جلسة خاصة لمناقشة أوضاع العمال العرب في الأراضي المحتلة بعد إرسال بعثة للوقوف على الحقائق في عين المكان.
وما عادت به البعثة هذه المرة حسبما ورد في افتتاحية التقرير بتوقيع المدير العام لمنظمة العمل الدولية خوان صومافيا، هي ان المنطقة “عرفت تواصل أعمال العنف حيال المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين على السواء”، لكن المدير العام يستطرد بقوله “لكن مستويات الحدة كانت شديدة الاختلاف”.
وحتى ولو اعتبر المدير العام لمنظمة العمل الدولية في افتتاحيته أن “الجزء الكبير من الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل إنما كان يهدف لحماية المدنيين الإسرائيليين الذين استوطنوا الأراضي العربية المحتلة”، فإنه انتهى الى خاتمة مفادها أن “وجود وضع يسوده الرخاء والأمن من جهة، ويسيطر عليه الاحتلال العسكري والفقر وانعدام الأمن من جهة أخرى إنما هو وضع محفوف بالمخاطر بالنسبة للجانبين ولا يمكن أن يدوم”، على حد تعبير السيد خوان صومافيا.
الانحلال التدريجي للنسيج الاجتماعي والاقتصادي
في الذكرى الأربعين لهزيمة حرب الأيام الستة، يرى تقرير منظمة العمل الدولية أن الأراضي العربية المحتلة عرفت مزيدا من التدهور تمثل في “تدني مستويات المعيشة وارتفاع مستويات الفقر والبطالة فضلا عن الانحلال الاجتماعي المتزايد والخلاف السياسي المحتدم”. ويرى لهذه الأزمة أبعادا مختلفة “اقتصادية واجتماعية وسياسية ومؤسسية وإنسانية ” بعضها بسب الاحتلال وبعضها الآخر ناتج عن “سلسلة من التدابير المتخذة عقب الإنتخابات التي أوصلت حكومة جديدة للسلطة في مارس 2006”.
ومن الأسباب التي زادت في تدهور الأوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة، عدد التقرير الحصار المالي الذي فرضه المجتمع الدولي على السلطة الفلسطينية والذي يقول عنه “أنه خلف آثارا مدمرة على الشعب الفلسطيني وعلى الاقتصاد الفلسطيني”، وتجميد إسرائيل للعائدات الضريبية الفلسطينية خلافا لما تنص عليه اتفاقيات أوسلو مما جعل الخزينة الفلسطينية تعرف عجزا شهريا بحوالي 60 مليون دولار أي حوالي 50% من الدخل الحكومي.
من جهة أخرى، ساهمت القيود التي تفرضها إسرائيل على تنقل الأشخاص والبضائع داخل الأراضي الفلسطينية ومنها إلى الخارج إلى “استحالة نشاط الإقتصاد الفلسطيني”.
66% تحت خط الفقر
نتائج تشابك هذه العوامل الخارجية والداخلية المضافة الى تعقيدات الاحتلال الإسرائيلي أدى الى جعل مستوى دخل الفرد يتراجع بأربعين بالمائة عما كان عليه في العام 1999 أي قبل اندلاغع الانتفاضة الثانية.
وقد أدى ارتفاع نسبة البطالة الى بقاء أكثر من 206 آلاف عامل فلسطيني بدون موطن شغل أي حوالي 24% من مجموع اليد العاملة الفلسطينية. وهو ما ترتب عنه وضع تعيش فيه سبع عائلات من بين عشرة تحت مستوى الفقر أي بزيادة 26% عما كان الحال عليه في العام الماضي، وهو ما يمثل حوالي 2،4 مليون نسمة.
مساعدات تضعف التنمية
يرى تقرير منظمة العمل الدولية أن الوضع الذي وجدت فيه الأراضي المحتلة بعد انتخاب حكومة حماس واتخاذ المجموعة الدولية لقرار المقاطعة أدى الى تعزيز المساعدات الإنسانية على حساب مساعدات التنمية.
وترى منظمة العمل الدولية على سبيل المثال أن الاتحاد الأوروبي خصص أكثر من 56% من مساهمته المالية للمساعدة الإنسانية في الوقت الذي لم تتجاوز فيه 16% في العام 2005.
كما أن تجاهل مقدمي هذه المساعدات للقطاع العام، أدى بجهات عديدة الى إبداء قلقها من أن يؤدي ذلك الى إضعاف بناء المؤسسات.
ومع أن هذه المساعدات الإنسانية تغلق باب الاحتياج بالنسبة للعديد من العائلات الفلسطينية، فإن التقرير أورد تعبيرا عن القلق سبق أن أبدته لجنة التنمية الدولية التابعة لمجلس العموم البريطاني الذي اعتبر أن “المانحين يساعدون بشكل فعال الاحتلال الإسرائيلي، ويعفون إسرائيل من واجبها بأن تحافظ على الخدمات الأساسية لصالح السكان الواقعين تحت الاحتلال”.
ممارسات سلطة الاحتلال
هذه التعقيدات الجديدة عندما تضاف الى تعقيدات قديمة ظلت تقوم بها سلطة الاحتلال الإسرائيلي، تؤدي حسب تقرير منظمة العمل الدولية الى ما يشبه العقاب الجماعي والى تقطيع أوصال الضفة الغربية. وقد عدد التقرير تشديد عمليات الإغلاق والمراقبة التي جعلت عدد الحواجز يتجاوز 450 حاجزا.
وهناك أيضا الاستيطان النشط للسكان اليهود في الأراضي العربية والمحتلة، هذا الاستيطان الذي يقول التقرير إن هناك أدلة على استمراره حتى في عام 2006. وتشير معطيات المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء ان عدد المستوطنات بلغ 119 في نهاية عام 2005 بما مجموعه 248000 نسمة أي بزيادة 118 الف نسمة عن عام 1995.
ولم يغفل التقرير الإشارة الى تأثيرات بناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية على وضع الفلسطينيين ليس فقط فيما يتعلق بحرية التنقل، بحيث أورد أن سكان 24 بلدة فلسطينية أي حوالي 31 ألف ساكن سيجدون أنفسهم محاصرين بهذا الجدار وبالمناطق العازلة التي فرضتها سلطات الاحتلال حوله.
الأمل في رفع الحصار
ينتهي تقرير منظمة العمل الدولية للتعبير عن أن الأمل يكمن في رفع العزلة السياسية والاقتصادية المفروضة على الحكومة الفلسطينية. لكنه ذكّر أيضا بالشروط التي فرضتها اللجنة الرباعية على هذه الحكومة الفلسطينية من أجل استئناف الحوار، مثل “الاعتراف بإسرائيل والتخلي عن العنف وقبول الاتفاقيات السابقة بما في ذلك خارطة الطريق”.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
توجهت اللجنة التي أعدت هذا التقرير عن وضع العمال في الأراضي العربية المحتلة، الى عين المكان للوقوف على الأوضاع ما بين 15 و 21 ابريل 2007 بموجب قرار الدورة السابقة لمؤتمر العمل.
وأعدت تقريرها مسترشدة بالمبادئ والمعايير التالية التي تقوم عليها أنشطة منظمة العمل الدولية مثل : إعلان فيلادلفيا، والمعايير والقرارات التي اعتمدها مؤتمر العمل الدولي وبالأخص الحقوق في العمل.
وقد راعت اللجنة في تقريرها بالخصوص مدى تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة بالنسبة للعمال في الراضي العربية المحتلة، والحريات والحقوق النقابية لهؤلاء العمال، والأضرار النفسية والروحية والمادية التي تلحق بالعمال العرب في فلسطين وغيرها من الأراضي المحتلة من جراء سياسة الاستيطان الإسرائيلية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.