منعطف بالغ الحساسية
تناقلت وسائل الإعلام، أن القوات الأمريكية تهيئ للقيام بحملة عسكرية في اليمن ضد مشتبهين بالانتماء لتنظيم القاعدة.
وقد نفى اليمن رسميا صحة هذه الأنباء، التي تركت قناعات لدى الكثير من المراقبين والمتابعين لملف مكافحة الإرهاب، بأن البلاد تمر بمنعطف بالغ الحساسية والتعقيد.
كانت وسائل الإعلام الأمريكية نقلت عن مصادر استخباراتية، أن القوات الأمريكية المرابطة قبالة السواحل اليمنية وعلى مقربة من الحدود اليمنية السعودية، بصدد البدء بشن حملة عسكرية ترمي إلى ملاحقة ومطاردة المشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة، التي تقول تلك المصادر إنهم فروا من أفغانستان إلى اليمن.
وتواترت هذه الأنباء، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر يمنية رفيعة المستوى، أن القوات اليمنية وحدها تتعقب العناصر المشتبه بانتمائها لتنظيم القاعدة وأن التعاون مع القوات الأمريكية يقتصر فقط على الجانب الإستخباراتي والفني والتدريبي. وجاء هذا التأكيد اليمني متوافقا إلى حد كبير مع ما أكده المسؤولون اليمنيون مرارا، أن صنعاء لن تسمح لأي قوات أمريكية بالقيام بعمليات عسكرية داخل الأراضي اليمنية.
غير أن تسريب هذه الأنباء من مصادر استخباراتية أمريكية ونقلا عن مسؤول في البنتاغون، ينظر إليها المراقبون والمتابعون للشأن اليمني على أنها ذات أبعاد عميقة وتطرح أكثر من علامة استفهام حول مستقبل الشراكة اليمنية الأمريكية في مجال مكافحة الإرهاب منذ أحداث 11 سبتمبر.
كل الاحتمالات ممكنة
ولا يستبعد هؤلاء المراقبون أن تكون مثل تلك التسريبات الخبرية تمهيدا لقيام الولايات المتحدة بحملة عسكرية من طرف واحد دون موافقة السلطات اليمنية، التي تواجه معارضة شديدة في الشارع اليمني ضد أي تدخل أمريكي في اليمن، ما يعني أن الشراكة في مكافحة الإرهاب والتي جرى التأكيد على نجاعتها غير مرة، قد تدخل في منعطف جديد، لاسيما عقب التطورات الأخيرة لهذه القضية والتي من أبرزها إلقاء القبض على مشتبهين بانتمائهم لتنظيم القاعدة، بينهم من وُصف بـ”منسق” تفجيرات 11 سبتمبر، رمزي بن الشيبة، اليمني الجنسية، والذي أُلقي عليه القبض مؤخرا مع ثمانية يمنيين آخرين ومصري وسعودي في كراتشي بباكستان.
ويذهب العديد من المحللين إلى الاعتقاد أن هناك مسوغات كافية قد تدفع بالإدارة الأمريكية إلى القيام بحملة عسكرية من جانب واحد داخل التراب اليمني. ومن تلك المسوغات، ظهور مستجدات ذات الصلة بمطاردة تنظيم القاعدة وإلقاء القبض على عدد منهم، بعضهم يحمل الجنسية اليمنية.
السبب الثاني، أن واشنطن، ومنذ زيارة الرئيس اليمني إليها في أواخر نوفمبر الماضي، ما فتئت تطالب السلطات اليمنية بإلقاء القبض على مشتبهين بانتمائهم لتنظيم القاعدة، أبرزهم “محمد الأهدل، أبو عاصم وأبو علي الحارثي”، اللذان يُعتقد أنهما يتواجدان في محافظة الجوف القريبة من الحدود السعودية.
السبب الثالث، الرفض الشعبي والرسمي القاطع لأي تدخل عسكري أمريكي مباشر ضد المشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة داخل الأراضي اليمنية. هذه الأسباب، يرى فيها المحللون مبررات كافية لواشنطن، قد تدفعها إلى القيام بمغامرة في اليمن بذريعة ملاحقة عناصر تنظيم القاعدة ولو بصورة منفردة، على أن التأكيد الرسمي بقيام القوات اليمنية لوحدها بهذه الحملة وتوليها مطاردة المشتبهين، يعني، فيما يعني، أن الأشهر القليلة المقبلة لفصل الشتاء البارد ستكون أشهرا ساخنة بالنسبة لملف مكافحة الإرهاب في اليمن ولربما وضع حد للمزاعم الأمريكية من أن مشتبهين بانتمائهم لتنظيم القاعدة لاذوا بالفرار إلى الأراضي اليمنية قادمين من أفغانستان.
المجهودات اليمنية في مكافحة الإرهاب
وهناك من يرى أن استحداث مناطق أمنية جديدة مطلع الشهر الماضي في المحافظات النائية الثلاث مأرب وشبوة والجوف، وهي المحافظات التي يعتقد أنها تأوي بعض المشتبهين، هي استحداثات تندرج في إطار التحضيرات الجارية لتعقب المشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة التي تدعي واشنطن انهم يلوذون في تلك المحافظات.
الواضح حتى الآن، أن التخضير للقيام بحملة عسكرية، سواء بمبادرة أمريكية منفردة أو بمبادرة يمنية صرفة، ليست وليدة الساعة بقدر ما هي محصلة لمراحل طويلة من التنسيق الأمريكي اليمني في مجال مكافحة الإرهاب، بدأ بتدريب القوات اليمنية من طرف خبراء عسكريين أمريكيين وبتشكيل قوات خاصة بخفر السواحل بمساعدة أمريكية وغربية وإلقاء القبض على عدد من المشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة، تقدرهم السلطات اليمنية بحوالي 85 شخصا وتقول مصادر مستقلة إنهم اكثر من ذلك بكثير. كل هذه المؤشرات تدل على أن السلطات اليمنية ماضية في تنفيذ مخطط لتعقب الأفراد التي تطالب بهم واشنطن وتتهمهم بأنهم على علاقة بتنظيم القاعدة.
الأهم من كل ذلك، هو مدى رضاء الإدارة الأمريكية عن التدابير والإجراءات التي ستقوم بها السلطات اليمنية في هذا الشأن. أم أن التسريبات الإخبارية الأمريكية الأخيرة، نقلت عن مصادر أمريكية رفيعة تنبثق من حسابات خاصة بواشنطن وحدها؟
عبد الكريم سلام – صنعاء
على خلفية تناقل وسائل الإعلام للأنباء الأخيرة عن استعداد القوات الأمريكية للقيام بحملة عسكرية من أجل تعقب عناصر يشتبه بانتمائها لتنظيم القاعدة في الأراضي اليمنية، عادت الأنظار تتجه من جديد صوب اليمن، خاصة بعد أن برزت إلى السطح مستجدات ذات صلة وثيقة باليمن دفعت وسائل الإعلام، وتحديدا منها الأمريكية، إلى تسليط الضوء من جديد على اليمن واتهامه بإيواء أعضاء من تنظيم القاعدة مستثمرة أجواء ما بعد إلقاء القبض على رمزي الشيبة في باكستان.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.