من البداوة إلى مدينة الإنترنت
تشهد دبي ثورة تكنولوجية مذهلة، تجسدت في تطويرها لمدينة الإنترنت والمدينة الإعلامية وقرية المعرفة.
هذا المشروع المتكامل لتكوين الإنسان واقتناء آخر تكنولوجيا الاتصال والاستفادة تجاريا من العملية، يمثل ردا على مواقف بعض الدول العربية المستمرة في فرض القيود في هذا المجال.
بفضل التجربة الرائدة التي تخوضها مدينة دبي في مجال استخدام تكنولوجيا الاتصال تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة من تحقيق قفزة نوعية هامة، حولتها من مجتمع بدوي أصيل إلى مجتمع رقمي تفوق فيه نسبة استخدام وسائل الاتصال العصري من إنترنت وهاتف نقال وغيره مستويات حتى أكثر الدول الغربية تقدما.
ولا شك أن المشاريع العملاقة التي يتوالى إنجازها في المنطقة الحرة في دبي، من مدينة الإنترنت، والمدينة الإعلامية، وقرية المعرفة، إضافة إلى المركز المالي والحكومة الإلكترونية، ستجعل نسبة استخدام الإنترنت في الإمارات العربية المتحدة تزيد على 38% من مجموع السكان مع مطلع العام 2005.
وقد تمكن هذه المشاريع إمارة دبي من تأمين أكثر من 94 %من إجمالي دخلها القومي العام من قطاعات غير نفطية مع موفى العام نفسه.
مدينة الإنترنت
ومع بدئها قبل عامين ونيف في تشييد مدينة الإنترنت بالمنطقة الحرة في دبي، وضعت سلطات الإمارة بذلك حجر الأساس لبناء مجتمع رقمي، أتاح لها جلب كبريات الشركات العالمية العاملة في ميدان تطوير وتطبيق تكنولوجيا الاتصال، والسماح لهذه الشركات بتطوير حلول خاصة بالمنطقة.
وقد استطاعت مدينة الإنترنت جلب أكثر من 500 شركة عالمية وإقليمية لحد الآن، نذكر منها بعض العمالقة من أمثال مايكروسوفت، اوراكل، هيوليت باكارد، سيمنس، أي بي إيم، ديلل، كانون، سوني، سيسكو، إيريكسون.
وتتمثل أهمية ذلك في كون هذه الشركات تعمل في ميادين تطوير الحاسبات الآلية وبرامجها، وتطبيقات تكنولوجيا الاتصال من إنترنت وهواتف نقالة وتجارة إلكترونية وغيرها.
وبالنظر إلى أن السوق المستهدفة انطلاقا من دبي هي سوق بها أكثر من 1.6 مليار نسمة وتمتد من جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا حتى القارة الإفريقية مرورا بشبه القارة الهندية ومنطقة الشرق الأوسط، فإن تهافت كبريات الشركات على الحصول على موطئ قدم في مدينة الإنترنت يتواصل بشكل سريع.
وما يساعد على ذلك، إضافة إلى الاستقرار السياسي النسبي الذي تعيشه الأمارة مقارنة مع بلدان المنطقة، حزمة التسهيلات التي تقدمها سلطات دبي للشركات الأجنبية، لاسيما المتعلقة منها بالإعفاءات الضريبية وضمانات تحويل كامل رأس المال والأرباح إلى الخارج دون قيود.
كما أن تخصيصها لأكثر من 200 مليون دولار للمرحلة الأولى، و200 مليون دولار أخرى للمرحلة الثانية، سمح بتزويد مدينة الإنترنت بأحدث وأكثر وسائل الاتصال تطورا وسرعة، وهو عنصر أساسي لنشاط هذه الشركات.
المدينة الإعلامية
على صعيد مقابل، تم قبل عامين تأسيس المدينة الإعلامية كخطوة مكملة لمدينة الإنترنت، وتمكنت إلى حد الآن استقطاب أكثر من 560 شركة ومؤسسة.
ويعمل في المدينة حوالي 11 مؤسسة إعلامية ما بين محطات تلفزيونية وإذاعية نذكر منها محطة MBC التي نقلت مكاتبها من لندن إلى دبي، وشركات أجنبية فتحت مكاتب إقليمية لها بالمدينة مثل CNN و Reuters, إضافة إلى شركات متخصصة في بيع المعدات المهنية مثل .Professional Sony Broadcast
وتشمل نشاطات الشركات العاملة في مدينة الإعلام إلى جانب النشاط الإخباري التلفزيوني والإذاعي، الإنتاج التلفزيوني والسينمائي إضافة إلى الموسيقى والترويج الإعلامي والوسائط الحديثة.
ويولي المسئولون أهمية لتطوير الحضور الإعلامي العربي في المحافل الدولية، وذلك من خلال المشاركة في المسابقات الدولية كالجائزة الدولية EMMY ، أو بخلق تنافس بين طلبة قسم الإعلام بتنظيم جائزة الإبداع السنوية ( وهي الجائزة التي فاز بها طلبة العام الماضي من الهند ومصر ولبنان وجنوب إفريقيا والإمارات).
قرية المعرفة
آخر حلقة في هذا المشروع التكنولوجي الكبير تتمثل في قرية المعرفة التي ستركز على تكوين الإنسان لجعل مقدراته تتواءم ومتطلبات مجتمع المعلومات والمعرفة.
ويأتي تأسيس قرية المعرفة في وقت مناسب جدا بعد أحداث الحادي عشر سبتمبر التي أدت إلى الحد من هجرة الطلبة العرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لإتمام دراستهم.
ومن الأهداف التي تم تحديدها لقرية المعرفة تمكين مواطني الإمارات العربية المتحدة وباقي بلدان المنطقة من الحصول على التكوين المتواصل من خلال استعمال وسائل الاتصال الحديثة. كما يتم التركيز على وسائل التعليم عن بعد التي يراد وضعها تحت تصرف الجميع .
ولا شك أن أهمية هذا المشروع تتجلى واضحة في نوعية كبريات الجامعات (مثل جامعة كونيكتيكت او جامعة Purdue بولاية إنديانا الأمريكية)، والتي قبلت الدخول في شراكة مع قرية المعرفة، ومكنت من إتاحة الفرصة للطلبة في الحصول على شهادات أكاديمية عليا عبر وسائل التعليم عن بعد، في تخصصات متنوعة كالصيدلة أو الهندسة أو الترويج التجاري.
وبتركيزها على هذه القطاعات مجتمعة من استعمال للإنترنت وتطوير لوسائل الإعلام واستثمار في تكوين الإنسان في مجال المعرفة، ليس فقط على مستوى دبي أو الإمارات بل في المنطقة بأكملها، تكون دبي قد شرعت في الرد عملياً على تساؤلات معدي التقرير الأخير حول التنمية البشرية في العالم العربي، والذين لفتوا بصورة خاصة إلى انعدام الحريات في العالم العربي وضعف سبل اقتناء المعرفة فيه.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
400 مليون دولار تكلفة مدينة الإنترنت في المرحلتين الأولى والثانية.
500 شركة عالمية وإقليمية لها مقر في مدينة الإنترنت.
560 مؤسسة إعلامية في مدينة الإعلام.
طموح لتجاوز نسبة مستخدمي الإنترنت لحدود 38% من مجموع السكان.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.