من “اللجنة” إلى “المجلس”: ترحيل الملفات أم تأخيرها؟
ترجح المفوضة السامية لحقوق الإنسان أن يتم تحويل جل الملفات التي كانت معروضة على لجنة حقوق الإنسان إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته الأولى في 19 يونيو القادم.
ونتيجة لذلك سوف لن يتم التطرق الى تقارير المقررين الخاصين التي عادة ما تهتم بمشاكل المنطقة العربية بعد أن تجاهل تقرير المفوضة السامية قضايا المنطقة بالكامل.
في أول لقاء مع الصحافة منذ اتخاذ قرار استبدال لجنة حقوق الإنسان بمجلس لحقوق الإنسان، عبرت السيدة لويز أربور، المفوضة السامية لحقوق الإنسان في جنيف عن “سعادتها” لهذا القرار، موضحة في نفس السياق بأنه “حل وسط تم التوصل إليه بعد مفاوضات استغرقت عدة أشهر”.
أمل في التجديد
المفوضة السامية لحقوق الإنسان أعربت أيضا عن “ثقتها في أن يعمل نشاط المجلس الجديد لحقوق الإنسان على إعطاء دفع جديد لمجال حقوق الإنسان ولتعزيز ثقافة حقوق الإنسان” عندما يباشر عمله محل لجنة حقوق الإنسان ابتداء من يوم 19 يونيو القادم في جنيف.
ولكن المفوضة السامية تشاطر آراء الكثيرين في أن الدورة الحالية والأخيرة للجنة حقوق الإنسان التي ستستأنف أشغالها يوم الإثنين 20 مارس بعد تعليق استمر أسبوعا، “قد تعمل على تحويل الملفات المعلقة إلى مجلس حقوق الإنسان”.
وهو نفس الأمر الذي عبرت عنه العديد من الدول التي ترى ضرورة الإكتفاء بعقد دورة إجرائية دون التطرق إلى مختلف الملفات المطروحة في مجال حقوق الإنسان والاكتفاء بتسوية الإجراءات المتعلقة بإنهاء عمل اللجنة وتحديد شروط بداية عمل مجلس حقوق الإنسان الجديد.
وقد تقرر أن يشرع ابتداء من يوم 9 مايو القادم في تقديم ترشحات الدول الراغبة في الإلتحاق بعضوية مجلس حقوق الإنسان الذي سيشتمل على 47 مقعد. كما تم تحديد يوم 19 يونيو القادم موعد لانعقاد أولى جلسات المجلس الجديد في جنيف.
وردا على مخاوف بعض المنظمات غير الحكومية التي رأت أن هذا التأجيل للتطرق لمختلف القضايا والانتهاكات، سيترك “فراغا” في مجال الدفاع عن احترام حقوق الإنسان، أوضحت المفوضة السامية بأنه “سوف لن يكون هناك فراغ، بل كل ما في الأمر انه سيكون بعض التأخير”.
ومع أن العديد من المنظمات غير الحكومية تدفع باتجاه تطرق اللجنة الحالية في دورتها الأخيرة على الأقل الى مسألة اعتماد مشروع معاهدة مكافحة الاختفاء القسري (التي تم التحضير لها منذ سنوات)، إلا أن المفوضة السامية (وحتى بعض المنظمات مثل هيومان رايتس ووتش) ترى أنه من الأفضل طرح مشروع المعاهدة على مجلس يحظى بسمعة وسلطة أقوى من لجنة حقوق الإنسان.
تجاهل لقضايا العالم العربيّ
إذا ما تأكد تحويل ملفات الانتهاكات الى مجلس حقوق الإنسان فسوف يعني ذلك عدم الإستماع خلال الدورة الحالية للجنة حقوق الإنسان إلى التقارير التي يعدها المقررون الخاصون. أي أن قضايا العالم العربي التي كثيرا ما كانت تثير صدى في لجنة حقوق الإنسان من خلال عمل المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، أو في إقليم دارفور أو ما يثار من جدل حول الصحراء الغربية، سوف لن يتم التطرق إليها بالمرة في ما تبقى من هذه الدورة.
وإذا كان موضوع حقوق الإنسان في العراق قد أسقط من عمل لجنة حقوق الإنسان بعد التخلي عن دور المقرر الخاص الذي حددت مهمته في التنقيب عن التجاوزات التي تمت في عهد صدام حسين، وبعد تخلي المفوضة السامية لحقو الإنسان عن تقليد سابقها (الذي كان يعرض تقريرا سنويا أمام لجنة حقوق الإنسان عن الانتهاكات التي ارتكبت بعد الإطاحة بنظام صدام حسين)، فإن تقريرها لهذا العام قد تجاهل كلية مشاكل العالم العربي مكتفيا بإشارتين إلى دورتين تدريبيتين نظمتهما المفوضية لفائدة إطارات عربية حكومية وغير حكومية.
وفي رد على تساؤل لسويس إنفو عن أسباب هذا التجاهل، أجابت المفوضة السامية بأنه “ليست هناك أسباب محددة”. وقالت السيدة أربور أن التقرير السنوي اهتم بالإستراتيجية التي حددتها لعمل مكتب المفوضية في السنوات القادمة.
ونوهت المفوضة السامية إلى أن “التطرق إلى بعض الحالات عادة ما يتم عبر التدخل الشفهي أثناء تقديم التقرير”، لكنها أشارت إلى أن إجراءات استئناف عمل اللجنة هذا العام “غير واضحة المعالم لحد الآن”.
إسقاط تقرير العراق
أما بخصوص تفادي تقديم التقرير الذي عادة ما يقدمه المفوض السامي عن الأوضاع في العراق، وهو بالمناسبة تقليد وضعه نائب المفوض السامي السابق بيرتران رامشاران، بعد عدم تجرؤ لجنة حقوق الإنسان (بسبب تهديدات الولايات المتحدة) على التطرق إلى أوضاع حقوق الإنسان في العراق تحت الاحتلال، اكتفت المفوضة السامية بالإشارة إلى أن “للمفوضية اليوم في العراق حضور ولو متواضع”.
وشرحت المفوضة السامية “أن هذا الحضور يقدم تقارير دورية تعكس الاهتمامات المتزايدة التي يجب التعبير عنها وبالأخص فيما يتعلق بظروف الاعتقال وبالتحديد من قبل السلطات العراقية ووزارة الداخلية العراقية”، كما أكدت السيدة آربور “أنا متيقنة من حدوث تجاوزات وممارسة للتعذيب على أساس غير مقبول”.
أخيرا يظل السؤال مطروحا: هل سيكون للجوء إلى إصدار تقارير دورية نفس تأثير ومفعول تقرير يقدم في موعد محدد وأمام أكبر محفل دولي لحقوق الإنسان في العالم؟.
سويس انفو – محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.