من حق أبناء المهاجرين تعلّـم لغتهم الأم
في مناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة الأم، أطلق تجمّـع يضم العديد من المنظمات، نداءً من أجل أن توفِـر المدرسة السويسرية لأبناء المهاجرين دروسا تتعلّـق بلغاتهم وثقافاتهم الأصلية.
من جهتها، ذكّـرت الأمم المتحدة بأن أكثر من 50% من اللغات المتحدَّثة في العالم، وعددها 6700، مُـهدّدة حاليا بالاندثار.
أعلنت منظمة الأمم المتحدة، عام 2008 “سنة دولية للغات”، ويوم الخميس 21 فبراير، شهدت مختلف بلدان العالم تنظيم “اليوم العالمي للغة الأم”.
وفي سويسرا، اغتنم “تجمُّـع المصالح للغات الأم”، الذي يضم العديد من المنظمات والشخصيات، العاملة في مجالات التكوين والبحث العلمي والهجرة، هذه الفرصة لإطلاق نداءٍ من أجل أن تُـدمج المدرسة السويسرية في برامجها الدراسية “اللغة الأم”، لفائدة أبناء المهاجرين المقيمين في سويسرا.
ويرى التجمّـع أنه، لا يتوجّـب على أبناء العائلات الأجنبية، الاقتصار على تعلّـم الألمانية أو الفرنسية أو الإيطالية. وفي ندوة صحفية عُـقدت بهذه المناسبة، شدد أعضاء التجمّـع على “الإمكانات الكبيرة” للغات الأصلية للمهاجرين.
مفيد للاقتصاد
يذهب أصحاب هذه الفكرة إلى أن “عملية التماهي الناجحة ضمن ثقافتين مختلفتين”، أمر مفيد للاندماج على المستوى الشخصي والمهني، كما أنه يلعب دورا مقدَّرا في “الوقاية من العُـنف”.
ويُـشدد “تجمُّـع المصالح للغات الأم” على أن المعارف الجيدة في اللغة الأصلية للأطفال، تسمح لهم على المستوى البيداغوجي، بإتقان لغة أو أكثر من اللغات الوطنية السويسرية بشكل أيسر.
وعلى المدى الطويل، يشير “التجمّـع” إلى التأثير “الإيجابي” لهذا التوجّـه على الاقتصاد السويسري، ويستشهد أورس لوبّـاخر، من نقابة الخدمات العمومية بدراسة ألمانية، أبرزت الصعوبات التي تواجهها الشركات الصغرى والمتوسطة في ألمانيا عند محاولة الدخول إلى الأسواق الأجنبية، بسبب نقص المهارات في مجال اللغات الأجنبية.
نتيجة لكل ما سبق، قرر “تجمّـع مصالح اللغات الأم” توجيه نداءٍ إلى السلطات السياسية والكانتونات والكنفدرالية، في الوقت الذي يُـناضل فيه من أجل إدماج فعلي لدروس اللغة والثقافة الأصلية في إطار البرامج المدرسية، مُـستندا إلى شعارين، هما “الحرفية” و”المؤسساتية”.
الوضعية الحالية لا تُـرضي أعضاء “التجمّـع”، الذين يُـؤسفهم أن “تجري هذه الدروس في مُـعظم الحالات، أثناء فترة الراحة منتصف النهار أو يوم السبت”، لذلك، يطالبون من جهة أخرى، بإدراج الأعداد المتحصَّـل عليها خلال هذه الدروس في الملفات المدرسية للتلاميذ، مثلما هو الحال بالنسبة للرياضيات أو التاريخ مثلا.
دروس بـ 35 لغة في سويسرا
في العام الماضي، أنجزت نقابة الخدمات العمومية تحقيقا على المستوى الوطني، توصّـل إلى أنه يتم حاليا توفير دروس في اللغة والثقافة الأصلية بـ 35 لُـغة ولهجة عبر المناطق السويسرية، واتّـضح أن اللغات الأكثر استعمالا في هذه الدروس، هي الإيطالية والإسبانية والبرتغالية والتركية والألبانية.
ويتراوح عدد الدروس الأسبوعية ما بين اثنين وثلاثة، وهي غير ممَـوّلة من طرف الكانتونات، ولكن من موارد مالية متأتية من اليانصيب الوطني، بوجه خاص، أو من الآباء.
في هذا السياق، تحرص الدول التي لديها عدد كبير من المهاجرين في سويسرا، مثل البرتغال وإسبانيا وإيطاليا، على إرسال مدرسين والتكفل بنفقاتهم، لتقديم دروس في اللغة والتاريخ والثقافة لأبناء مواطنيها. في المقابل، تقترح بعض الجمعيات الثقافية أو المراكز الإسلامية، دروسا مجانية أو بمقابل لتعليم اللغة العربية لأبناء المهاجرين العرب. وفيما تنفرد تونس بتخصيص بعض المُـدرِّسين لتعليم اللغة العربية لأبناء المهاجرين التونسيين، خارج أوقات الدراسة الإجبارية، افتتحت سفارة الجماهيرية في برن منذ 1980، مدرسة عربية تعتمد المناهج الليبية، وهي تستقبل (بمقابل مالي) عددا محدودا من الأطفال الليبيين (أساسا) والعرب.
مناطق السكن الحضري، هي الأكثر استفادة من هذا الصِّـنف من الدروس، ويكون ذلك في معظم الأحيان، بفضل مبادرات جمعيات تتشكّـل من مجموعات صغيرة من المهاجرين. ومن النادر أن تُـقدِّم الكانتونات معلومات عن العدد الإجمالي للأطفال والشبان المسجّـلين في هذه الدروس.
في الوقت الحاضر، لا يزيد عدد الكانتونات التي وضعت ترتيبات قانونية في هذا المجال عن 16، ويُـنوّه “التجمّـع” إلى أن كانتون زيورخ يُـعتبر تلميذا مثاليا في هذا السياق، حيث قام مجلس التعليم العمومي فيه ببلورة خُـطة دراسية عامة، اعتمدتها خمس كانتونات أخرى، كما أن حوالي 10000 طفل يقيمون فوق أراضي كانتون زيورخ يستفيدون من هذا الصِّـنف من التعليم.
الموت من أجل اللغة الأم
المطالب التي تقدّم بها “تجمُّـع المصالح للغات الأم” في سويسرا، تجد صدى لها في التصريحات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتعليم والعلوم والثقافة يونسكو، التي جاء في بيانها الصادر بمناسبة اليوم العالمي للغات الأم، أنه “عندما تنطفئ اللغات، فإن التنوع الثقافي، الذي يمثل ثروة للبشرية، يتضاءل… في هذا السياق، يتأكـّد التحرك بسرعة لتعزيز التعدد اللغوي، عبر انتهاج سياسات إقليمية ووطنية متكاملة”.
يُـشار إلى أنه تم الاحتفال باليوم العالمي للغة الأم للمرة الأولى في عام 2000، وقد اختارت الأمم المتحدة تاريخ 21 فبراير، لاستذكار خمسة من الطلاب فقدوا حياتهم يوم 21 فبراير 1952 في مدينة دكّـا وهم يناضلون من أجل أن يتم اختيار البنغالية، لغة رسمية، فيما كان يُـسمى آنذاك باكستان الشرقية، والذي أصبح بنغلاديش بعد الانفصال.
سويس انفو مع الوكالات
تقول الأمم المتحدة، إن أكثر من 50% من 6700 لغة يُـتحدث بها في العالم، مهددة بالاندثار.
لا يزيد عدد المتحدثين بـ 96% من هذه اللغات واللهجات عن 4% من سكان العالم.
تشير المنظمة إلى وضعية أستراليا، حيث يهدد الاندثار 110 من بين 250 لغة محلية. وعلى سبيل المثال، لا يزيد عدد المتحدثين بلغة “بونوبا” الأصلية عن 100 شخص.
من جهتها، أوردت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة يونسكو الحالة الهندية، وهو بلد يجتهد لتطبيق سياسة تعليمية متعددة اللغات. وفيما تُـهيمن اللغة الهندية والإنجليزية على المشهد في البلاد، يتحدّث سكانها حوالي 1650 لغة.
من بين الأمثلة الأخرى، لغة “آينو” التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، والمتداولة في شمال الأرخبيل الياباني وفوق جزر “ساخالين” و”كوريل” الروسية، حيث كادت أن تندثر نهائيا، لولا الجهود التي بُـذلت في موفى التسعينات لتشجيع المحافظة عليها.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.