من حق الأطفال بالتبني معرفة هوية الأبوين
صدر عن المحكمة الفيدرالية السويسرية في لوزان حكما أصبح حكما مرجعيا بالنسبة للأطفال الذين تم تبنيهم ويرغبون في معرفة هوية الأب أو الأبوين الحقيقيّين أو البيولوجيّين حسب التعبير القانوني، وفي التعارف عليهما إذا أمكن.
وقد صدر هذا الحكم في قضية تعود لأربعة وثلاثين عاما إلى الوراء، حيث كان في صالح الطفل وضد مطالب الأم البيولوجية بالتكتم على هذا الموضوع.
لدى إشعار الأم البيولوجية المقيمة في مدينة لوتسيرن بأن الطفل الذي تنازلت عنه وتبناه آخرون قبل أربعة وثلاثين عاما، يرغب في التعرّف عليها، رفضت ذلك رفضا قاطعا وتمسّكت بحقها في السِرية والتكتم على هويتها، كما وعدتها بذلك السلطات المعنية حينذاك.
لكن الطفل الذي بلغ أربعة وثلاثين عاما في هذه الأثناء أصر على حقه في معرفة هوية أمه الحقيقية وحمل قضيته من محكمة إلى أخرى حتى بلغ المحكمة الفيدرالية التي تعتبر المحكمة العليا في سويسرا.
وقد حكم القضاة بأنه يحق لهذا الشاب التعرّف على هوية أمه البيولوجية حتى ولو رفضت التعرّف عليه بذريعة أنها حصلت على وعود رسمية بذلك لدى التنازل عن الطفل للتبني، وعلى الرغم من أنها لم تكشف النقاب حينذاك عن أن الطفل كان ثمرة تعرضها للاغتصاب وأنها لا ترغب في العودة إلى ذلك الملف الأليم بالمرة.
الحكم يستبق المهل ويُعد العدة لمواثيق دولية
ويقول الناطق بلسان الدائرة الفيدرالية السويسرية للأحول المدنية: إن هذا الحكم يُسلط شعاعا من النور على مجال قانوني لا يزال في الظلمة، من حيث أن السبيل للتعرف على الهوية الحقيقية للأب بالمعني البيولوجي، لا يزال شائكا، طويلا وعسيرا في سويسرا.
ويلاحظ المراقبون أن الحكم الذي صدر حديثا عن المحكمة الفيدرالية يستبق في الواقع الشروع في التطبيقات العملية للقوانين المدنية الجديدة والتي تنص على أنه يحق لأي طفل بلغ الثامنة عشرة من العمر أن يتعرّف على هوية أصله البيولوجي.
كما يستبق قضاة المحكمة الفيدرالية التشريعات الفيدرالية المقترحة لتقنين الإخصاب الاصطناعي أو الإخصاب بالدعم الطبي حسب التعبير القانوني المقترح في سويسرا، حيث تنص تلك التشريعات على منح “أطفال الأنابيب” البالغين ثمانية عشر عاما من العمر، الحق في معرفة هوية المتبرّع والحاضنة للجنين.
إلا أن هذا الحكم يقع أيضا في إطار ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الأطفال والذي يفرض منذ عام 1997 على حق الطفل في معرفة الهوية الحقيقية لوالديه البيولوجيّين أو الحقيقيّين.
وبهذا الحكم، تمهد المحكمة الفيدرالية في لوزان السبيل أمام حكومة بيرن، للمصادقة على ميثاق لاهاي الذي يتحكم بالتبني على وجه العموم والتبني عبر الحدود الوطنية على وجه الخصوص.
الحق في معرفة الهوية دون الحق في التعارف
ويشترط ميثاق لاهاي على السلطات المدنية في البلدان المعنية الاحتفاظ بجميع المعلومات والتفاصيل الخاصة بالأباء والأمهات الذين يتنازلون عن طفل من الأطفال للتبني، لوضعها تحت تصرف الأطفال المعنيين والراغبين في معرفة هوية الأب أو الأم لدى بلوغهم الثامنة عشرة من العمر.
وبحكم الواقع، سيؤدي هذا الميثاق الأخير الذي يدخل حيز التنفيذ بحلول عام 2003، إلى تأسيس دوائر متخصصة في مختلف كانتونات سويسرا لجمع وإدارة مثل هذه المعلومات لوضعها تحت تصرف المعنيين بالأمر خلال المهلة القانونية المحددة.
لكن الأهم من هذه التشريعات والمواثيق التي تؤيد جميعا حق الطفل في التعرف على هوية والديه الطبيعيّين أي البيولوجيّين، لا تضمن له الحق في الاتصال بهما أو في التعارف الشخصي عليهما في حالة عارضا هذا الاتصال والتعارف.
جورج أنضوني
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.