من هم المحافظون؟
هل سيتمكّن المحافظون من المحافظة على النصر، أم أنهم سيدشنون مرحلة من الإستقرار الخطر في إيران؟
قبل محاولة الإجابة على هذا السؤال، لا بد من وقفة أولا أمام سؤال آخر: من هم المحافظون؟
تعبير “المحافظة” اشتق في الغرب، لكنه مع ذلك يبدو ملائما لتوصيف الوضع الإيراني. إذ هو يشير إلى أن ثمة قوى تتمسك بالأمر الواقع، في مقابل قوى أخرى (إصلاحية) تسعى لتغييره. وهذا أفضل بما لا يقاس من التعابير السابقة التي كانت تُطلق على القوى السياسية الإيرانية المتصارعة، مثل اليمين واليسار التي كانت تثير الالتباسات أكثر مما كانت تقدم الإيضاحات.
وهكذا، تيار المحافظة الإيرانية هو ذلك الذي:
1- يتمّسك بقوة بولاية الفقيه، وبزعامة علي خامنئي لهذه الولاية؛
2- يرفض أي منافسة ديمقراطية للسلطة الثيوقراطية؛
3- يضع قيودا “شرعية” شديدة على الحريات، خاصة منها حريات المرأة؛
4- يضع الاقتصاد في خدمة دولة رجال الدين؛ 5
– يملك وحده حق إدارة شؤون السياسة الخارجية للبلاد.
المحافظون الإيرانيون، على تباين تياراتهم، يتقاطعون حول هذه الأهداف الخمسة. وهذا ما وحّدهم طيلة العقد الماضي ككتلة متراصة ضد الضغوط الإصلاحية. وهم، على أي حال، كانوا رسخّوا هذه التوجهات في أربع حلقات ومؤسسات عدة.
الحلقة الأولى، التي تعتبر صغيرة ومغلقة، تتألف من أبرز وأقوى رجال الدين (البطاركة) في السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية. الحلقة الثانية تتكّون من قاعدة النظام، وهي تضم أعضاء المنظمات الثورية، وميليشيات الباسيج، والبونياد (المؤسسات الخيرية)، وقوات الأمن الدينية، واللجان الثورية، وأجهزة الإعلام. الحلقة الثالثة تضم كبار الموظفين والبيروقراطيين غير الدينيين الذين يدينون بالولاء للولي الفقيه. والحلقة الأخيرة تشمل الأفراد والمجموعات النافذة التي تعمل كوسيط بين النظام الديني وبين المجتمع المدني.
هذا على صعيد الحلقات. أما مؤسسات المحافظين فهي: مؤسسة مرشد الثورة (ولاية الفقيه)، مجلس الخبراء، مجمع تشخيص مصلحة النظام، مجلس صيانة الدستور، المحاكم والقضاء، الحوزة العلمية في قم.
وعبر هذه الحلقات والمؤسسات، كانت تولد طبقة حقيقية لها مصلحة حقيقية في الحفاظ على النظام كما هو لأسباب إيديولوجية، كما سياسية، كما إقتصادية.
5 فصائل
ولأن النظام الثيوقراطي أراد الحفاظ على الواجهة الديموقراطية التي كرسّها دستور الإمام الخميني، فهو لجأ إلى أساليب من خارج النظام لقمع المعارضة أو كل من يعتبره تهديدا لسلطته ووجوده. وهكذا ولد في رحم الاستخبارات وباقي الأجهزة الحكومية الإيرانية منظمات سرية عدة تقوم بحملات الاغتيال والتصفيات والهجمات تحت شعار “حماية الثورة الإسلامية”، منها:
“أنصاري حزب الله”، التي اشتهرت حين اجتاحت جامعة طهران العام 1999، وهو الحادث الذي أثار أسوأ أنواع الشغب في تاريخ الجمهورية الإسلامية.
“عصابة سعيد إمامي”، (أسميت كذلك تيمّنا بنائب وزير الاستخبارات السابق). وتتكون من أعضاء في وزارة الاستخبارات الإيرانية، ومسؤولة عن اغتيال عدد كبير من المثقفين الإيرانيين إبان عهد محمد خاتمي.
“فدائياني – إسلامي”، التي هاجمت العام 1998 حافلة مليئا برجال الأعمال الأميركيين.
“الطلاب الذين يتبّعون خط الإمام الخميني”، وهم المجموعة التي احتلت السفارة الأميركية العام 1980.
“الحجتية”، وهي منظمة عنيفة ولدت قبل الثورة الإسلامية. ثم انبثقت من رحمها منظمة “المهديات” (أتباع المهدي) الأكثر عنفا.
“عصابة مهدي هاشمي”، وهي منظمة متطرفة عملت برعاية رسمية طيلة الفترة بين 1979 و1990.
بالطبع، ليس من السهل تعداد المحافظين الإيرانيين بالأرقام. لكن ليس من الصعب أيضا تصوّر وجود هرم تتربع على رأسه حفنة محدودة من كبار رجال الدين، تليها شبكة أوسع من صغار الملالي، ثم مئات آلاف الأعضاء في المؤسسات الأمنية والشبابية والحكومية.
والحال أن الكاتبة الإيرانية-البريطانية ماريا سارالاساري تحدثت في تقرير أخير لها عن بروز من أسمتهم “الملالي من أصحاب الملايين” الذين يقطن معظمهم في الضواحي الشمالية لطهران ويمسكون، هم وأولادهم وأقربائهم وأصدقائهم، بمعظم مفاصل الاقتصاد الإيراني الذي تملك معظمه الدولة.
وحتى حين قامت الحكومة الإيرانية ببعض عمليات الخصخصة في فترة التسعينات، كان هؤلاء الملالي من أصحاب الملايين هم سيطروا على الشركات الخاصة الجديدة. وعلى مدار السنين أفاد هؤلاء من الإعفاء من الضرائب والقروض التفضيلية، وأصبحوا أشبه بالاحتكارات الكبيرة في الغرب، مع فارق أنهم خارج الرقابة أو المحاسبة.
سعد محيو – بيروت
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.