من يتحكم في الانترنت؟
اختارت الامم المتحدة الدبلوماسي السويسري ماركوس كومر ليترأس أول لجنة أممية لإدارة شبكة الانترنت.
وسيعكف اماركوس كومر وفريق العمل الذي سيقوم بتشكيله على وضع حلول لمراقبة الشبكة العنكبوتية، وهي احدى المشاكل التي لم تحسمها قمة مجتمع المعلومات التي شهدتها جنيف في موفي العام الماضي.
مستقبل شبكة الانترنت هو العنوان الكبير الذي سيستحوذ على اهتمام اللجنة الجديدة، ومن أولويات اهتماماتها الاجابة عن السؤال الهام : من سيتولى إدارة الشبكة وكيف؟ بما يتضمنه ذلك من وضع معايير لضمان أمنها وحمياتها والقضاء على رسائل البريد الاليكتروني الغير مرغوب فيها وحماية المعطيات الخاصة للمتعاملين معها.
والملف بأكلمه خليط بين السياسة وإدارة تلك الخدمة العامة التي يستفيد منها ملايين البشر في شتى الفروع والمجالات، وكان هذا حاضرا بشدة في فعاليات قمة مجتمع المعلومات WSIS الذي استضافت جنيف الجزء الأول منه في أواخر عام 2003.
ومن المفترض أن تتوصل هذه اللجنة إلى نتائج عملية لتقديمها في تقرير تفصيلي إلى الجزء الثاني من القمة الذي ستستضيفه تونس في عام 2005، وهو ما يلقي على عاتق الديبلوماسي السويسري ماركوس كرومر مسؤولية جسيمة تبدأ من تشكيل فريق عمله.
هيمنة أمريكية تثير حزازات
فحتى هذه اللحظة تهيمن مؤسسة Internet Corporation for Assigned Names and Numbers المعروفة اختصارا بـ ICANN على كل ما يتعلق بشبكة الإنترنت طبقا لقوانين ولاية كاليفورنيا، وهي على علاقة وثيقة بالحكومة الأمريكية في واشنطن، وخاضعة لتمويلها.
وقد ارتفعت الأصوات المنتقدة لهيمنة تلك المؤسسة على كل ما هو متعلق بشبكة الإنترنت، لاسيما من دول الجنوب، التي ترى بأن الهيمنة الأمريكية على الشبكة العنكبوتية لم يعد مقبولا، لان استخدام الشبكة توسع وانتشر بشكل لم يعد من القبول معه أن تتحكم فيها هيئة واحدة وتابعة لحكومة دولة، حتى ولو كانت الولايات المتحدة الأمريكية.
الدول النامية تريد دورا لها
ويقول الديبلوماسي السويسري ماركوس كومر في حديثه إلى سويس انفو، بأنه من المبكر الآن الحديث عن تشكيل اللجنة التي سيختارها للعمل معه، إلا أن هناك بعض المعايير الرئيسية التي سيتبعها في انتقاء أعضائها، فسيحرص على تنوعهم من بلدان مختلفة، وأن يتمثلوا أطيافا مختلفة، مثل منظمات المجتمع المدني والحكومات والشركات الخاصة العاملة في هذا المجال.
أما العامل الرئيس في هذا الاختيار فسيكون ضرورة حضور الدول النامية بشمل جيد في تلك اللجنة، وهو ما يعتبره الديبلوماسي السويسري تحديا كبيرا، لأن دول الشمال هي المسيطرة حاليا على مل ما يتعلق بشبكة الانترنت ومستقبلها، وهو ما يثير قلق الدول النامية بل ويصيبها بالإحباط، حسب قوله في حديثه مع سويس انفو.
وعن خطة عمل اللجنة يقول الديبلوماسي السويسري ماركوس كومر بأنها تنقسم إلى عدة محاور رئيسية، تتعلق أولا بتحديد مفاهيم إدارة وتوزيع المهام لكيفية مراقبة شبكة الانترنت، وقسم آخر هام يتعلق بالبنية التحتية للشبكة وإدارة عناوينها.
وقد أعرب أغلب المهتمين بهذا المضمار على ضرورة عدم اغفال ملف أمن شبكة الإنترنت، وكيفية حماية المعطيات أو البيانات الخاصة بمستخدميها، والوقوف بحزم ضد سوء استغلال خدمة البريد الإليكتروني.
من يفعل ماذا في الانترنت؟
ويعتقد الديبلوماسي السويسري بأن هذه الأسئلة ما هي سوى رؤوس أقلام أو عناوين لملفات سيتم التعمق فيها، ومن المحتمل أن يحتد النقاش حولها، وليس من المستبعد أن تحاول مؤسسة ICANN الأمريكية استقطاب الحوار لفائدتها.
ومن المتوقع أن تعمل الولايات المتحدة على عرقلة أي حل يسحب البساط من تحت أقدام مؤسسة ICANN التي تمثل اهتماماتها، ولمواجهة هذا التحدي، يرى الديبلوماسي السويسري بأن اللجنة التي سيترأسها ستعمل أولا على تحليل عمل تلك المؤسسة للوقوف أولا على “من يفعل ماذا” في الشبكة العنكبوتية حول العالم.
وبعد هذا التحليل يمكن باللجنة الجديدة وضع تصورها لإدارة شبكة الإنترنت بشكل مختلف، وقد لا يتطلب هذا تغييرا جذريا أو جوهريا شاملا، ويمكن أن يقتصر الأمر على تعديلات للوصول إلى صورة أفضل مما هي عليه الآن.
تطلعات كثيرة واحتمالات متعددة
في الوقت نفسه لا يغفل الديبلوماسي السويسري ماركوس كومر رغبة الدول النامية في وضع نوع من الرقابة الحكومية على الإنترنت، وأن تكون الأمم المتحدة مسؤولة عن إدارة الشبكة العنكبوتية ، وفي مقابل هذه الموقف الموحد من قبل الدول النامية، لم يتوصل الاتحاد الأوربي مثلا إلى موقف متماسك من تلك الملفات، وبدى اختلاف وجهات النظر بين الدول الأعضاء كبيرا بشكل واضح.
وما من شك في أن اهتمامات شركات القطاع الخاص لها مكان أيضا في هذه المناقشات والتصورات المستقبلية لشبكة الإنترنت، فأغلبها يرى بأن الأمور الآن تسير في صورة جيدة، بل ويتخوفون من دخول هيئة مثل الأمم المتحدة في الأمور الإدارية يمكن أن يقود إلى تعثر بيروقراطي يقف في طريق التقدم الهائل في هذا الملف.
ويعتقد الديبلوماسي السويسري ماركوس كومر بأنه لا يمكن إنكار فضل الشركات الخاصة في تطوير شبكة الإنترنت بهذه السرعة الفائقة، إلا أنه في الوقت نفسه لا يجب التعامل معها على أنها ساحة مباحة دون رادع قانوني، حسب قوله.
وفي ختام حديثه مع سويس انفو أعرب رئيس أول لجنة أممية لبحث سبل إدارة الإنترنت أن هناك العديد من الإجابات التي تنتظر تلك الأسئلة الكثيرة، وإذا كانت هناك مخاوف من المركزية من خلال عمل اللجنة الأممية الجديدة، فالأهم هو عدم تعميق الهوة الرقمية بين الشمال والجنوب، وهو ما يسعى إليه كثيرون.
سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.