مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مهمة الوزيرة لن تكون هـيّـنـة

رغم بعض الخلافات السياسية، تعتبر تركيا شريكاً تجارياً هاماً بالنسبة لسويسرا Keystone

في مؤشر على تحسن العلاقات بين سويسرا وتركيا، تبدأ اليوم 29 مارس وزيرة الخارجية كالمي – راي زيارة رسمية إلى أنقرة.

وكانت العلاقات بين البلدين قد تعرضت إلى توتر شديد على مدى الثمانية عشر شهرا الماضية بعد أن أقر مجلس النواب الفدرالي توصية من كانتون فو، اعتبرت ما حدث للأرمن في عام 1915 “جريمة إبادة شعب”.

قرار مجلس النواب، والذي صدر في شهر نوفمبر عام 2003، جاء إثر مصادقة البرلمان المحلي لكانتون فو يوم 23 سبتمبر من نفس العام على توصية اعتبرت المذبحة التي تعرض لها الأرمن في بداية القرن العشرين “جريمة إبادة جماعية”.

وقد دأب الأرمن منذ نهاية الحرب العالمية الأولى على التأكيد أن نحو 1.8 مليون أرمني ُقتلوا أو رُحلوا في الفترة الفاصلة ما بين عامي 1915 و 1918 على أيدي القوات العثمانية. إلا أن الجمهورية التركية، التي ورثت التركة العثمانية بعد انهيار ما كان يسمى بالرجل المريض، ترفض هذا الزعم، وتضع بدلا من ذلك رقم ضحايا الأرمن في حدود 200 ألف شخص.

القرار الذي صدر عن مجلس النواب اضاف المزيد من دواعي التوتر بين سويسرا وتركيا، خاصة وأن ردة فعل أنقره على مصادقة برلمان فو جاءت حادة، إذ عمدت فوراً إلى إلغاء زيارة كانت مقررة في شهر أكتوبر من نفس العام لوزيرة الخارجية السويسرية إلى تركيا.

قضية حساسة!

أما اليوم فيبدو أن حدة الأزمة قد خفت بدليل الزيارة التي تبدأها اليوم (29 مارس) وزيرة الخارجية السويسرية إلى أنقرة.

ومن المقرر أن تجري السيدة ميشلين كالمي – راي خلال مهمتها الرسمية مباحثات مستفيضة مع نظيرها التركي عبدالله جول حول العديد من القضايا.

وأشار روبرتو بالزاريتي، المستشار الدبلوماسي للوزيرة، في حديث مع سويس انفو إلى أن المباحثات ستشمل مواطن قلق مشتركة مثل “حقوق الإنسان، والأقليات، والعلاقات الاقتصادية”. لكنه أوضح في رده على سؤال عما إذا كانت المسألة الأرمنية ستطرح بين الجانبين، بأنه سيكون من الصعب “تفادي قضايا تسببت في مشاكل في الماضي”.

وقد نبهت فرانسوا سودان، العضوة في اللجنة البرلمانية للشؤون الخارجية، والتي زارت تركيا في شهر أغسطس الماضي، إلى ضرورة تعامل وزيرة الخارجية مع ذلك الملف بقدر كبير من التأني.

وتقول النائبة: “إن مذبحة الأرمن تظل مسألة حساسة للغاية بالنسبة لتركيا، والتي لم تواجه ماضيها بنفس الطريقة التي تعاملت بها سويسرا مع فضيحة ودائع البنوك خلال الحرب العالمية الثانية”.

في المقابل، يرى جون جاك دو دارديل، مدير سياسات الأمن الدولي بوزارة الخارجية السويسرية، بأن زيارة هذا الأسبوع لا تهدف إلى بعث الخلافات الماضية ويقول: “(إنها) لن تذهب إلى أنقرة لتشعل التوتر من جديد، وإنما بهدف تمتين العلاقات بين سويسرا وتركيا”.

ومن المتوقع أن يتطرق الجانبان إلى موضوع انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن السيدة كالمي – راي كانت واضحة في موقفها في شهر ديسمبر الماضي عندما قالت إن سويسرا سوف “تستفيد من انضمام أنقره إلى التجمع الأوروبي”.

ويذكر أن سويسرا، وهي بلد غير عضو في الاتحاد الأوروبي، وقعت عدداً من الاتفاقيات الثنائية مع بروكسيل تشمل قطاعات عديدة، من بينها العلاقات التجارية الثنائية.

هذا ومن المقرر أيضاً أن يتناول الطرفان موضوع العراق وأزمة الشرق الأوسط خلال مباحثاتهما.

الشراكة التجارية والمسألة .. الكردية!

على صعيد آخر، ستشمل رحلة السيدة كالمي – راي زيارة يوم 30 مارس إلى مدينة ديار بكر، وهي المدينة الكردية الرئيسية في جنوب شرق البلاد، حيث من المتوقع أن تلتقي مع مجموعة من الممثلين المحليين وعاملين في منظمات غير حكومية.

وكانت أنقرة قد تعاملت مع هذا البند بالتحديد بقدر كبير من الانزعاج في أكتوبر من عام 2003، إذ سحبت بعدها دعوتها للوزيرة، واتهمتها بإجراء لقاء مع عضو في منظمة كردية محظورة في لوزان. وبسبب ذلك، أجرى المكتب الفدرالي للشرطة في فترة لاحقة تحقيقاً للتأكد من احتمال تعرض السيدة كالمي – راي إلى عملية تجسس من طرف رجال مخابرات تركية.

هذا ومن المرتقب أن تلقي وزيرة الخارجية خطاباً في اسطنبول في اليوم الأخير من زيارتها أمام مجموعة من كبار رجال الأعمال السويسريين والتركيين.

وفي هذا السياق يوضح السيد بالزاريتي قائلاً: “تركيا هي أهم شريك تجاري لسويسرا في الشرق الأوسط. نحو 40 شركة سويسرية تتحول إلى هناك كل عام”. وتتبدى هذه الأهمية أكثر لاسيما وأن قيمة الصادرات التجارية السويسرية إلى تركيا وصلت في عام 2004 إلى نحو 1.9 مليار فرنك سويسري – أي بزيادة مقدارها 17% عن العام الذي سبقه.

الجدير بالذكر أن الحكومة الفدرالية قررت الأسبوع الماضي رفع القيود المفروضة على تصدير السلاح إلى تركيا، والتي يعود تاريخها إلى عام 1992 بسبب حملة شنها الجيش التركي حينها ضد المتمردين الأكراد.

سويس انفو

يؤكد الأرمن أن نحو 1.8 مليون أرمني قتلوا أو رُحلوا في الفترة الفاصلة ما بين عامي 1915 و1918 على أيدي القوات العثمانية.
ترفض تركيا هذا الزعم، وتضع رقم الضحايا في حدود 200 ألف شخص.
تم توقيع المعاهدة التي أدت إلى تأسيس تركيا الحديثة في لوزان في 24 يوليو 1923.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية