موريتانيا: الأزمة مؤجلة لكنها مفتوحة على جميع الإحتمالات
لم يختلف اثنان لا من أنصار الرئيس، ولا من أنصار البرلمان، في موريتانيا، على الترحيب باستقالة الحكومة السابقة، نظرا لأن التأزم السياسي في البلاد وصل إلى درجة أصبح معها البلد مهددا بالدخول في أتون المجهول والخطر المحدق، وهو ما لن يلبي أي مكسب سياسي لطرف مهما كان.
غير أن تداعيات الاستقالة وما تلاها من ردود فعل لاحقة، أكدت أنها لم تكن نزعا لفتيل الأزمة أو وضع حد نهائي للخصام السياسي بين رئيس الجمهورية و”المعارضين الجدد”، بل كانت مجرد تأجيل للأزمة إلى حين، وإبعادا لبرميل البارود عن الحريق مؤقتا انتظارا لساعة الحسم، التي سيحاول كل طرف أن يستدعيها في الوقت المناسب.
والواضح أن ذلك التأجيل تم بطريقة توفيقية بين الطرفين، حاول فيها كل طرف أن يحفظ ماء وجهه، بعد تصاعد وتيرة الاحتقان خلال الساعات التي تلت خطاب رئيس الجمهورية سيدي محمد ولد الشيخ عبد لله، الذي هدد فيه بحل البرلمان، ووضع حد لما أسماها مطامح شخصية وأغراض حزبية دفعت ببعض النواب إلى التحرك ضد الحكومة، وما أعقب ذلك من رد فعل للنواب تحدوا فيه الرئيس، ووصفوا خطابه بالمحبط والمخيب للآمال، والمبرر للدكتاتورية والاستبداد، ملوحين برفض قرار حل البرلمان إذا أصدره الرئيس، والنزول إلى الشارع.
فجاءت الاستقالة التي قيل إن الرئيس رتب لها مع وزيره الأول، لترفع الحرج عن الرئيس الذي أعلن قبل ذلك بساعات تمسكه بالحكومة، واستعداده لاستخدام كافة صلاحياته الدستورية لحمايتها، ولتضع البرلمان بمنجاة من مواجهة دستورية مع الرئيس.
إقالة في قالب استقالة
ورغم أن الوزير الأول يحيى ولد احمد الواقف تحمل مسؤولية الاستقالة أمام الصحفيين، وأكد أنه هو من قدمها للرئيس بملء إرادته، حفاظا على تماسك الأغلبية الرئاسية، إلا أن المعلومات المتوفرة تتحدث عن “أمر قضي بليل”، في أروقة القصر الرئاسي، بين الرئيس ووزيره الأول من جهة، والجنرالات والنواب من جهة أخرى.
ويقضي هذا الاتفاق – كما تسرب – بأن تقدم الحكومة استقالتها، فيتفادى الرئيس حرج إقالتها بنفسه، وهو الذي دافع عنها باستماتة في خطابه، كما يتفادى البرلمان إسقاطها عن طريق حجب الثقة عنها، حتى لا يضطر الرئيس لتنفيذ وعيده بحل البرلمان.
كما نص الاتفاق الجديد على إعادة تكليف ولد احمد الواقف المقرب من الرئيس ثانية بتشكيل الحكومة القادمة، في خطوة اعتبرت تنازلا قدمه الطرف الآخر للرئيس، بينما يتوقع أن تقصى بعض الشخصيات التي دخلت الحكومة المستقيلة والمحسوبة على نظام الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع من الحكومة القادمة.
الأغلبية الجديدة غير مرحب بها
في وقت لا يزال فيه مصير أحزاب المعارضة الإسلامية واليسارية التي التحقت حديثا بالأغلبية، معلقا، بعد إعلان الوزير الأول المكلف أن المشاورات ستشمل الجميع، من أجل تشكيل حكومة موسعة، وإصرار النواب على أن تكون الحكومة نابعة من الأغلبية التقليدية وحدها، وهو تحفظ لا يخفي النواب أنه يستهدف حزب اتحاد قوى التقدم اليساري بشكل خاص، نظرا لاندفاع قادة هذا الحزب في الدفاع عن الحكومة الماضية، ومهاجمتهم للجنرالات والنواب المعارضين للحكومة بقسوة، واتهامهم بالتخطيط لانقلاب عسكري بصبغة سياسية، هدفه إذلال الرئيس وإخضاعه للمؤسسة العسكرية، وهي تهم يقول النواب علنا والجنرالات من وراء الستار، “إنها وصلت إلى درجة لم يعد متاحا معها التعايش مع قادة هذا الحزب في حكومة واحدة”.
أما المعارضة الإسلامية الممثلة في حزب “تواصل” الذي شارك في الحكومة المستقيلة، فلا يخفي النواب المعارضون مرونة في التعاطي معها، قائلين إن حزب “تواصل” يشمله شرط عدم إشراك غير الأغلبية التقلدية في الحكومة القادمة، لكن موقفه من الأزمة، والذي اتسم بالدفاع غير المتحمس عن الحكومة، والتحفظ أحيانا، قد يشفع له لدى النواب، وربما لدى العسكريين، للسماح له بدخول الحكومة، هذا إذا لم يقرر الحزبان عدم المشاركة في الحكومة حتى يكون خروجهما منها قرارا ذاتيا، لا طردا أو إقصاءا من غيرهما.
غير أنه لا يمكن الجزم بأن الأمر بات بيد النواب والجنرالات بمفردهم، بل ما يزال هناك طرف آخر ممثلا في رئيس الجمهورية ومن لف لفه، يحاول التشبث بحبال السلطة والتحرك انطلاقا من موقف قوة، وليس من المنطقي أن يتخلى عن حلفائه بهذه السرعة، ودون أي تنازل من الطرف الآخر، لذلك لا يستبعد المراقبون أن تكون مشاركة هذين الحزبين جزءا من معركة مؤجلة ضمن “حرب استنزاف” بدأها الطرفان منذ انقطاع حبل الود بين الرئيس والجنرالات الذين جاؤوا به إلى سدة الحكم قبل شهر ونصف.
تهم تلاحق “أهل البيت”
مظهر آخر من مظاهر الأزمة، كشف عنه النقاب بعد استقالة الحكومة، ويؤكد بمالا يدع مجالا للشك أن اتفاق استقالة الحكومة، لم يكن إلا “هدنة مؤقتة”، في الصراع، ولم يكن “اتفاق سلام دائم”، وقد تجلى ذلك في إعلان عدد من أعضاء مجلس الشيوخ – الذي لايسمح للرئيس دستوريا بحله – بعد استقالة الحكومة عن عزمهم تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في ما يعتقد أنها تهم فساد واستغلال نفوذ، تواجه هيئة خيرية أسستها السيدة ختو بنت البوخاري عقيلة رئيس الجمهورية.
وقال الشيوخ في مؤتمر صحفي عقدوه بنواكشوط إنهم توصلوا بمعلومات عن حصول هيئة حرم الرئيس، على تمويلات من الخزينة العامة، وقطع أرضية وعقارات وهبات، بطرق غير مشروعة وبواسطة استغلال النفوذ، مؤكدين عزمهم المضي قدما في مساءلة القائمين على تلك المؤسسة وفي مقدمتهم زوجة الرئيس، بل إن النواب المحسوبين على الأغلبية الحاكمة مضوا إلى حد التلميح القريب من التصريح باتهام رئيس الجمهورية بالضلوع في تهم الفساد واستغلال النفوذ، قائلين “إن المسؤولين السامين مسؤولون عن سلوك ذويهم، ليس فقط بسبب الرابطة القانونية، ولكن أيضا بسبب اختلاط الممتلكات العائلية”، ويمضي الشيوخ في اتهام مبطن للرئيس إلى القول: “إن ممتلكات هيئة ختو بنت البخارى وسرعة اكتسابها الذي صادف بدء المأمورية الرئاسية للسيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، يوحى بوجود الإثراء غير المشروع”…
ورغم أن بعض المراقبين يشككون في احتمال مضي الشيوخ قدما في مساءلة عقيلة الرئيس وابنه الذي يتولى إدارة المؤسسة، إلا أن المرامي السياسية لهذه الخطوة لا تخفى، باعتبارها تطورا في المواجهة بين الطرفين، وفتحا لجبهة جديدة على الرئيس تنقل هذه المرة المواجهة من ساحة الحكومة والبرلمان، إلى عقر بيت الرئيس وأهله، وهي خطوة لا تخفى أيضا مدى حساسيتها في مجتمع محافظ كالمجتمع الموريتاني، الذي يعتبر بيت الرجل فيه آخر معاقل كرامته وشرفه، واستهدافه من خلاله، يعني أن جميع الأسلحة التقليدية وغير التقلدية قد باتت مباحة في هذه المواجهة، بما في ذلك ربما تسيير مظاهرات في العاصمة وبعض المدن الداخلية تطالب باستقالة الرئيس، والسعي لاستنساخ “الثورة البرتقالية” التي أسقطت رئيسا منتخبا في أوكرانيا، في طبعة موريتانية، قد تنجح في تحقيق هدفها المتمثل في إرغام الرئيس على الاستقالة، وقد تحتاج حسما من المؤسسة العسكرية للإجهاز على بقية جيوب المقاومة التي يمتلكها المعسكر الآخر، هذا مع افتراض أن الطرف الآخر سيبحث عن ظهير شعبي ربما ينزله إلى الشارع، وهنا يتوقع المراقبون حدوث ما لا تحمد عقباه.
خصومة الحلفاء
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو، ما الذي فجر هذه الأزمة؟ وكيف وصلت الأمور إلى هذا الحد بين الرئيس من جهة، وجنرالاته وأغلبيته البرلمانية من جهة أخرى؟
لاخلاف بين اثنين في موريتانيا على أن قادة المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية الذين حكموا البلاد خلال الفترة الانتقالية، قد مهدوا لوصول الرئيس الحالي سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله إلى السلطة، وساندوا ترشحه ودعوا القوى السياسية لدعمه سرا وعلانية، وهو ما شهد به “شاهد من أهلها” خلال الأزمة الحالية، عندما صرح نائب رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المشارك في الحكومة المستقيلة محمد المصطفى ولد بدر الدين بالقول: “إن الجنرال محمد ولد عبد العزيز اتصل بهم خلال الفترة الانتقالية طالبا منهم دعم ترشح ولد الشيخ عبد الله للانتخابات الرئاسية الماضية”.
هذا الدعم الذي وفره العسكر لولد الشيخ عبد الله كان أول ثماره احتفاظه للضباط بمناصبهم السامية، واحتفاظهم هم لأنفسهم بنفوذهم، خصوصا الضابطين محمد ولد عبد العزيز ومحمد ولد الغزواني الذين يعتقد على نطاق واسع أنهما العقل المدبر والمنفذ لانقلاب الثالث من أغسطس 2005 الذي أطاح بنظام الرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، بل إن الأمر ازداد وضوحا عندما أعلن عن ترقيتهما إلى رتبة عميد (جنرال) رغم وجود ضباط أقدم منهما في الجيش، لكن التطورات الأخيرة دفعت بهذه العلاقة الحميمة بين الرئيس، ومن تسميهم المعارضة أولياء نعمته من الجنرلات، نحو مزيد من التوتر وصل – حسب بعض المراقبين – إلى درجة القطيعة.
فبعد تشكيل الحكومة الماضية عقب إقالة حكومة الوزير الأول السبق الزين ولد زيدان التي وصفت بأنها حكومة تكنوقراطية، بدأت الأنباء تتسرب من أروقة القصر الجمهوري وقيادات الجيش عن تذمر الجنرالات من تعيين بعض رموز نظام الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، في حقائب وزارية حساسة كالداخلية والخارجية والنفط والأمانة العامة لرئاسة الجمهورية. ونقل عن أحد الجنرالين قوله إن إعادة تعيين هؤلاء تشكل انتكاسة لمشروع التغيير الذي غامر قادة انقلاب الثالث أغسطس من أجله، “وبالتالي فتعيينهم يشكل انقلابا غير مقبول على انقلاب الجيش السابق”.
وبدأت تلك التسريبات تتحول إلى طرح سياسي تبنته بداية مجموعة قليلة من نواب الأغلبية الرئاسية، أغلبهم من الشباب الرافضين لإعادة هيمنة القوى التقليدية على الحكومة، قبل أن تلتحق بهم مجموعات أخرى، كان في طليعتها أشخاص عرفوا بعلاقاتهم الوطيدة مع الجنرالين، وبدأ أنصار الرئيس يتحدثون عن لقاءات منتظمة يجريها النواب المتذمرون مع الجنرالين الغاضبين.
والتزم الرئيس طيلة الأسبوع الأول من الأزمة الصمت المطبق، واكتفى بالتفرج على معارك أنصاره وخصومه، قبل أن يكسر جدار الصمت الأسبوع الماضي ويتحدت لأول مرة عن الأزمة في خطاب موجه إلى الأمة، وقد أظهر الرئيس خلالها مستوى من الصرامة لم يُعهد عنه، وتوعد بحل البرلمان إذا لم يتراجع النواب عن مشروع حجب الثقة عن الحكومة، ولكن عكسا لما تصور أنصار الرئيس ومستشاروه، لم يكن التلويح بحل البرلمان ليفت في عضد النواب أو يثنيهم عن محاولات إسقاط الحكومة، فقد سارع النواب إلى تحدي الرئيس وإعلانهم المضي قدما من أجل إسقاط الحكومة، وبدأت وتيرة الأمور تتسارع ونزل بعض أنصار الرئيس إلى الشارع، فيما تجمع أنصار النواب في مقر البرلمان، وساد جو من التوتر وتوجس الجميع خيفة من أن تخرج الأمور عن سيطرة اللاعبين الرئيسين في الأزمة، إلى أن جاءت خطوة استقالة الحكومة، فأجلت الانفجار، لكنها لم تمنع أساب وقوعه حتى الآن.
الندية بدلا من التبعية
وفي ظل المشاورات البطيئة والمشوبة بالحذر والتي بدأها الوزير الأول المكلف، يتحدث المراقبون عن دخول البلاد مرحلة جديدة قد لا يكون الاستقرار السياسي طابعها العام، حتى ولو تم تجاوز هذه الخلافات واتفق الأطراف حاليا، فشبح الأزمة سيبقى قائما فترة من الزمن، وذلك لعدة أسباب.
من أهمها أن النظام السياسي الموريتاني بني منذ استقلال البلاد عن فرنسا عام 1960 على نظام التبعية المطلقة، والتراتبية السلمية في السلطات، حيث ظل رئيس البلاد خلال الفترات الماضية هو قمة الهرم والحاكم المطلق في البلاد، تستوي في ذلك الأنظمة العسكرية والمدنية المتعاقبة، وهي تراتبية تعززها المنظومة الدستورية والقانونية في البلد، والتي تمنح الرئيس ترسانة ضخمة وواسعة من الصلاحيات، فلم تعرف البلاد في العقود الماضية أي تمايز بين السلطات، وظلت السلطتان التشريعية والقضائية تحت إمرة السلطة التنفيذية، غير أن الأزمة الراهنة أدت إلى تغير جذري في خريطة الحكم في البلد.
فقد ظهر أن للنظام رأسان، اتفقا سابقا، واختلفا حاليا، وبدأت العلاقة بين السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية، والسلطة التشريعة ممثلة في البرلمان، تتحول من وضعية التبعية إلى مرحلة الندية، مما يعني أن العلاقة بين الطرفين ستتحول مستقبلا إلى علاقة شراكة بدلا من علاقة أوامر، وهو أمر جديد على النخبة السياسية في البلد، وستكون له تأثيراته التي يرى العديد من المراقبين أنها ستتمثل في هزات سياسية عنيفة، خصوصا إذا كانت مآرب السلطتين التنفيذية والتشريعية تختلف، وتحركاتهما أحيناا بدوافع غير المصلحة العليا.
احتمالات مفتوحة
لذلك فإن البلاد مقبلة بإجماع الكثير من المحللين، على خيارات من أبرزها: فشل مفاوضات ولد الواقف ومشاوراته مع القوى السياسية، بشأن تشكيل الحكومة القادمة، وهو ما يعني انفجار الأزمة مرة أخرى، وهنا يفتح الباب على مصراعيه أمام كل الاحتمالات، بما في ذلك استقالة الرئيس أو إقالته.
أما إذا نجح ولد الواقف في تشكيل الحكومة بالاتفاق مع الفرقاء، فهذا يعني أن التهدئة قد تطول لأسابيع أو أشهر، لكن شبح الأزمة سيبقى ماثلا، خصوصا وأن العلاقة مستقبلا ستتسم بمميزات لم تعرفها علاقة الفرقاء في السابق، وفي مقدمة ذلك انعدام الثقة بين الرئيس والحكومة من جهة، والجنرالات والنواب من جهة أخرى، فلم يعد الرئيس يأمن جنرالاته وتدخلهم في السلطة، بل واحتمال انقلابهم عليه، ولا يركن إلى أغلبيته النيابة كأنصار مخلصين يؤمنون له انسيابية في القرارات وتسيير شؤون البلاد.
كما أن الجنرالات سيتعاطون مع الرئيس مستقبلا وفقا لمنطق حالة الطوارئ، وبأعلى درجات الاستنفار والحيطة، لأنهم لم يعودوا يأمنون غوائل مراسيم الإقالة والاستبدال، أما البرلمانيون فقد سمعوا منه – لا من غيره – أن سيف الحل سيبقى مسلطا على رقابهم، وبالتالي فإنه سيتخلص منهم متى ما بدرت أول سانحة لذلك.
نواكشوط – محمد محمود أبو المعالي
نواكشوط (رويترز) – كلف الرئيس الموريتاني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله رئيس الوزراء يحيى احمد الوقف يوم الاثنين 30 يونيو 2008 بتشكيل حكومة جديدة بعدما قدم استقالة حكومته بسبب تمرد نواب بالحزب الحاكم عليها.
واقترح نحو 40 نائبا من أعضاء وحلفاء الحزب الحاكم العهد الوطني من أجل التنمية والديمقراطية يوم الاثنين الاقتراع في البرلمان على حجب الثقة عن الحكومة قائلين انها لا تعبر عن إرادة الناخبين.
وكان من المقرر إجراء الاقتراع في الجمعية الوطنية في الايام القادمة.
وكان اقتراح حجب الثقة أول أزمة سياسية كبيرة تواجه الرئيس عبد الله منذ تولى السلطة العام الماضي بعد فوزه في الانتخابات التي أذنت بعودة الدولة الى الحكم المدني.
لكن مسؤولين بالرئاسة قالوا انه بعد قبول استقالة الحكومة يوم الخميس طلب عبد الله على الفور من الوقف وهو أحد زعماء الحزب الحاكم البقاء في منصب رئيس الوزراء وتشكيل حكومة جديدة.
وقال مسؤول طلب عدم الكشف عن اسمه “قدم رئيس الوزراء استقالة حكومته للحفاظ على وحدة الاغلبية التي تؤيد برنامجها.”
ولم يمض سوى نحو شهرين فقط على تولي الحكومة المستقيلة السلطة في موريتانيا التي يسكنها عرب وأفارقة سود وهي من أحدث البلدان المنتجة للنفط في أفريقيا.
وبعد فوزه في انتخابات الرئاسة التي جرت العام الماضي تولى عبد الله السلطة من مجلس عسكري حكم البلاد منذ أطاح بالرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع في انقلاب في عام 2005.
وعين الرئيس الموريتاني الوقف رئيسا للوزراء في مايو آيار سعيا لتعزيز قاعدة سلطته السياسية والبرلمانية في وقت تتعرض فيه البلاد لتهديدات من هجمات تنظيم القاعدة وارتفاع أسعار الغذاء.
لكن التشكيل الحكومي الذي اختاره الوقف في مايو آيار والذي ضم شخصيات من نظام الطايع وشمل أيضا سياسيين اسلاميين من المعارضة واجه معارضة شرسة من بعض أعضاء الحزب الحاكم.
ورحب أعضاء الحزب الذين رعوا الاقتراع على حجب الثقة باستقالة الحكومة وبتوقع تعيين حكومة جديدة.
وقال سيدي محمد ولد محمد فال أحد النواب عن الحزب الحاكم الذين اقترحوا التصويت على حجب الثقة انهم يعتقدون أن الديمقراطية والحكمة قد انتصرتا.
لكن جميل منصور زعيم حزب التواصل الاسلامي الذي كان يمثله وزيران في الحكومة المستقيلة انتقد هذه الخطوة.
وقال ان حزبه بانتظار الحصول على ايضاحات لانه لم يخطر بالاستقالة.
وفي رد أولي على اقتراح التصويت على سحب الثقة الذي رعته مجموعة من الاعضاء المتمردين من حزبه الحاكم العهد الوطني من اجل التنمية والديمقراطية هدد الرئيس الموريتاني امس الاربعاء بحل البرلمان اذا مضي قدما في إجراء التصويت.
ولحزب العهد الوطني الحاكم نحو 50 مقعدا من بين مقاعد البرلمان البالغ عددها 95 بينما تحوز احزاب اخرى تشارك في حكومة الوقف 17 مقعدا آخر.
وكان حزب المعارضة الرئيسي الذي يهيمن على 17 مقعدا قد أشار الى أنه سيؤيد حجب الثقة وهو إجراء لم يعد ممكنا بسبب استقالة الحكومة.
وكان عبد الله عين الوقف خلفا لرئيس الوزراء السابق زين ولد زيدان بعد انتقادات وجهت لرد الحكومة على الهجمات التي نفذها تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي في موريتانيا العام الماضي.
وكان من بين تلك الحوادث مقتل أربعة سياح فرنسيين في 24 ديسمبر كانون الاول وإلغاء رالي دكار للسيارات السنوي بسبب مخاوف أمنية.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 3 يوليو 2008)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.