مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مُسدس تيزر بين قلق أممي ونقاش سويسري

في سويسرا، يـُسمح باستخدام مسدسات تيزر فقط للوحدات الخاصة لشرطة بعض الكانتونات ومدينتي برن وزيورخ Keystone

على الرغم من قلق الأمم المتحدة إزاء استخدام مُسدس الصعق الكهربائي "تيزر"، يـدفع مجلس النواب السويسري في اتجاه تزويد الشرطة الفدرالية بهذا السلاح الذي ارتبط استخدامه مؤخرا بحالة وفاة جديدة في كندا.

وقد اعتبرت لجنة الأمم المتحدة لمكافحة التعذيب في جنيف خلال الأسبوع الماضي بأن استخدام “تيزر” يشكل “نوعا من التعذيب” و”قد يتسبب في الوفاة”. كما دعت دولة البرتغال إلى إعادة النظر في تسليح شرطتها بذلك المسدس الصاعق.

في ختام دورتها التاسعة والثلاثين، يوم الجمعة 23 نوفمبر الجاري في جنيف، قالت لجنة الأمم المتحدة لمكافحة التعذيب عن استخدام مسدسات تيزر الكهربائية إن “استعمال هذه الأسلحة يتسبب في آلام حادة، ويـُعد شكلا من أشكال التعذيب”.

وأضافت اللجنة المُتكونة من عشرة خبراء مُستقلين “في بعض الحالات، يمكن حتى أن يتسبب في الوفاة، وفقا لما أظهرته دراسات موثوق بها ووقائع حديثة”.

وكان مواطن كندي يبلغ من العمر 36 عاما قد توفي في نهاية الأسبوع الماضي، بعد أربعة أيام من تلقيه صعقات كهربائية بمسدس تيزر على يد الشرطة، ليصبح ثالث شخص يفقد الحياة في كندا خلال الأسابيع القليلة الماضية بعد التعرض إلى الصدمات الكهربائية لنفس السلاح.

وقد أصدرت لجنة مناهضة التعذيب تعليقاتها في شكل توصيات إلى دولة البرتغال التي اشترت لشرطتها أحدث نموذج لذلك المسدس (Taser X26).

وقال خبراء اللجنة “على البرتغال أن تنظر في التخلي عن استخدام الأسلحة الكهربائية تيزر X26” التي يمكن أن تكون لها انعكاسات بالغة التأثير على الحالة الجسدية والعقلية للشخص المُستهدف، وبالتالي فهي تُشكل انتهاكا للاتفاقية الأممية لمناهضة التعذيب.

وحسب منظمة العفو الدولية التي تتخذ من لندن مقرا لها، توفي أكثر من 280 شخصا في الولايات المتحدة بعد صعقهم بمسدس تيزر.

وعلى الرغم من رفع قضايا عديدة ضد شركة تيزر انترناشنال (التي يوجد مقرها في ولاية أريزونا الأمريكية)، رفضت المحاكم أكثر من 50 حالة وفاة مشكوك فيها وإصابة، أو نجحت الشركة في كسب الدعاوى المرفوعة عليها.

نقاش سويسري

وللتذكير، كانت مجموعات مدافعة عن حقوق الإنسان قد رحبت في شهر يناير من عام 2006 بقرار الحكومة السويسرية حظر استخدام أسلحة الصعق الكهربائي، بما فيها مُسـدس تيزر، خلال عمليات الترحيل القسري للأجـانب المقيمين في سويسرا بصفة غير شرعية. ولكن وفقا للنظام الفدرالي، تحتفظ شرطة الكانتونات بالحق في استخدام مثل هذه الأسلحة.

ويناقش البرلمان حاليا جملة من الإرشادات حول استخدام مسدس تيزر في إطار محادثاته المتعلقة باستعمال الأسلحة. وسيُطبـّق القانونُ الذي سيتمخض عن هذا النقاش على ضباط الشرطة الفدرالية وشرطة الكانتونات العاملين بموجب انتداب فدرالي.

وفي الوقت الحاضر، يـُسمح باستخدام مسدسات تيزر فقط للوحدات الخاصة لشرطة كانتونات برن، وبازل القرية، وبازل المدينة، وسانت غالن، وشرطة مدينتي برن وزيورخ.

وكان مجلس النواب السويسري قد قرر في بداية أكتوبر الماضي دعـم استخدام الشرطة الفدرالية لأسلحة الصعق الكهربائي خلال الترحيل القسري للمهاجرين السريين. ولئن كان مجلس الشيوخ لم يقـل كلمته النهائية بعد، فإن لجنته المؤهلة لبحث هذا الملف رفضت اعتماد هذا السلاح بستة أصوات مقابل 5.

قوة مُفرطة؟

وبينما لا تُعتبر مسدسات تيزر قاتلة من الناحية التقنية، تُشكك بعض السـلطات والمنظمات غير الحكومية في درجة السلامة التي يُفترض أن يضمنها هذا السلاح، والملابسات الأخلاقية لاستخدام مُسدس تصفه بعض المنظمات، بما فيها العفو الدولية، بـ”لا إنساني”.

وغالبا ما يشير المنتقدون لاستعمال تيزر إلى أن الشرطة تضغط على زناد هذا المُسدس قبل أن يستدعي الأمر ذلك، في حين يُفترض أن يكون تيزر سلاح “الملاذ الأخير”.

ومن الأمثلة المُصورة التي شاهدها الملايين حول العالم من خلال موقع “يوتيوب”؛ صراخ الطالب الأمريكي أندرو مييور (في جامعة فلوريدا) في وجه الشرطة “لا تستخدموا مسدس تيزر ضدي إخوتي، لم أفعل شيئا!”، بعد أن تهكم على السيناتور جون كيري. لكن أحد رجال الشرطة صعقه خلال اقتياده خارج القاعة الكبيرة التي كان يجيب فيها السيناتور على أسئلة الطلبة في شهر سبتمبر الماضي.

وقد طالبت منظمة العفو الدولية ومنظمات مدافعة عن الحريات المدنية بفرض حظر على استخدام مسدس تيزر إلى أن يتم تحديد طريقة استعمال هذا السلاح بشكل آمن.

يشـار في الأخير إلى أن وسائل إعلام سويسرية أعلنت في بداية شهر نوفمبر الجاري بأن وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر (من حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد)، طلب أن يـُصعق بمسدس كهربائي للتعرف شخصيا على مدى تأثيره على الإنسان. ويبدو أن الوزير خاض التجربة دون الإصابة بأي ضرر. غير أن المتحدث باسمه، ليفيو زانولاري، امتنع عن الإدلاء بأي تعليق، ورفض تأكيد أو نفي الخبر..

سويس انفو مع الوكالات

العلامة التجارية “تيزر” (Taser) هو الاسم المختصر لـThomas A. Swift’s Electric Rifle (أو البندقية الكهربائية لتوماس أ. سويفت). وقد صممه المخترع جاك كوفر من ولاية أريزونا الأمريكية في عام 1969 وأطلق عليه اسم بطل روايات الخيال العلمي، المخترع والمغامر المراهق توم سويفت.

ويُصدر مسدس تيزر شحنات كهربائية قوية يمكن أن تشل مؤقتا حركة الجسم، إذ يطلق خيطين رفيعين شائكين ينتهي كل واحد منهما بسهم مُدبب يخترق الجـلد بعمق بسيط ثم يصيبه بسلسلة من الصعقات الكهربائية تصل قوتها إلى 50 ألف فولت في مدة تصل إلى خمس ثوان، ولا يتجاوز طول الخيطين 10 أمتار.

ويقول الخبراء إن الصعقة الكهربائية التي تدوم نصف ثانية تتسبب في آلام حادة وانكماش العضلات. وفي كثير من الأحيان، تكفي ثانيتان أو ثلاث لإصابة الشخص بفقدان التوازن ثم السقوط على الأرض. أما أكثر من ثلاث دقائق فتؤدي عادة إلى إسقاط المصاب لمدة تصل إلى 15 دقيقة.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية