مُـهلة أخيرة للمدّعي العام الفدرالي
في سابقة قضائية سويسرية، تلقى المدعي العام للكنفدرالية ما يُشبه التوبيخ من طرف المحكمة الفدرالية الجنائية (مقرها بِلّـينزونا، جنوب).
فقد خيّـرت المحكمة الادّعاء العام الفدرالي، بين حِـفظ القضية المرفوعة منذ نوفمبر 2001 على رجل الأعمال يوسف ندا، أو إحالة الملف إلى سلطات التحقيق في ظرف لا يتجاوز 31 مايو الجاري.
بعد مرور أكثر من 3 أعوام على فتح التحقيق بحق يوسف ندا، رجل الأعمال السويسري من أصل مصري (وشريكه في إدارة مؤسسة التقوى للإدارة التي تحولت فيما بعد إلى منظمة ندا للإدارة)، وافق القُـضاة الفدراليون في محكمة بلينزونا على طلب الاستئناف الذي تقدّم به الرجل الذي كان أحد المسؤولين على “منظمة ندا للإدارة”، التي كانت تُـعرف بمؤسسة التقوى قبل أحداث 11 سبتمبر.
يأتي هذا القرار بعد أن أخفقت التحقيقات التي فتحها المدّعي العام الفدرالي ضد يوسف ندا بشُـبهة تقديم دعم مالي لتنظيم القاعدة عبر شركته (المرتبطة ببنك التقوى بجزر الباهاماس)، التي كان تعمل في لوغانو بكانتون تيتشينو جنوب سويسرا، في التوصّـل إلى نتائج ذات بال.
لذلك، لم يكن مستغربا، من طرف المتابعين لسير القضية، أن تُـصدر المحكمة الفدرالية الجنائية قرارا اتّـسم بلهجة شديدة تُـجاه المحقّـقين في مكتب المدعي العام الفدرالي الذين لم ينجحوا على مدى 3 أعوام ونصف تقريبا في تقديم أدلّـة ملموسة على الاتهامات الخطيرة التي وُجّـهت بعد أسابيع قليلة من أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى المؤسسة وإلى القائمين عليها.
وقد منحت المحكمة في قرارها المؤرخ يوم 27 أفريل 2005 مُـهلة أخيرة للمدّعي العام الفدرالي لا تتجاوز موفّـى شهر مايو الجاري من أجل ختم الأبحاث في القضية وتحويل الملف إلى قاضي التحقيق. وفي صورة عدم قيامه بذلك، فيتوجّـب عليه حِفظ القضية نهائيا.
ضبابية وغموض
محكمة بِـلّـينزونا، التي توجّـه إليها يوسف ندا بالشكوى، اعتبرت في حيثيات قرارها أنه ليس بإمكان الادعاء العام الفدرالي أن يستمر في إجراء التحقيقات (التي طالت كثيرا) لفترة أخرى إضافية.
وقد برّرت المحكمة الخلاصة التي توصلت إليها بمسألتين، تتمثل الأولى في أن المآخذ المتعلّـقة بالمشتبه فيه لا زالت تتسم بضبابية كبيرة بعد سنوات من التحقيق وعلى إثر العديد من طلبات التعاون القضائي مع الخارج.
ثانيا، لم يقدم الادعاء الفدرالي العام أي توضيح معقول للأسباب التي تحُـول بينه وبين وضع حدّ لتحقيقاته، خصوصا وأنه لم يطرأ عليها أي تقدم ملموس منذ منتصف العام الماضي. كما أنه لم يشرح مبرّرات عدم إحالته للملف إلى قاضي التحقيق، وهي المرحلة التي لابد منها قبل رفع القضية أمام القضاء.
للتذكير، سبق للمدعي العام الفدرالي أن أعلن في شهر يونيو 2004 لوسائل الإعلام السويسرية أن الملف سيُـحوّل في غضون “الأسابيع القادمة إلى قاضي التحقيق”، غير أنه أقدم في شهر أغسطس 2004 بتوجيه طلب تعاون قضائي إلى السلطات البريطانية.
وفيما يُـبرر الادعاء العام الفدرالي بأن سبب التأخير يعود إلى ضخامة الملف، الذي يشتمل على 40 مجلّـدا ضخما، أكّـد نص الحكم الصادر عن المحكمة الجنائية الفدرالية أن توصيف التّـهم المتعلقة بالمشتبه فيه، يظل “بدائيا إلى أبعد حد”، ومع أن هذا الغموض كان محتملا في الفترة التي تلت بداية التحقيقات، إلا أنه لم يعُـد مقبولا في الوقت الحاضر.
وبغض النظر عن الاتهام العام الموجه للسيد يوسف ندا بـ “تمويل الإرهاب الإسلامي” عبر شركته، فإن المحققين لم يتمكنوا من العثور على دليل واحد أو معاملة مالية يُـمكن أن تُـدين المسؤول عن مؤسسة ندا للإدارة. لذلك، فإن اتهامات بمثل هذا التعميم والغموض لا تتلاءم مع الحق القانوني المكفول لكل شخص بمعرفة التّـهم الموجهة إليه على وجه التدقيق.
ويؤكّـد خبراء قانونيون، أن القرار الذي أصدره يوم 27 أبريل الماضي قُـضاة بلينزونا، قد يتحوّل إلى مرجِـع على مستوى القضاء السويسري، حيث أنها المرة الأولى التي تحسم فيها المحكمة الجنائية الفدرالية الأمر بشأن إحدى النقاط الأكثر إثارة للخلاف فيما يتعلق بإجراءات التقاضي الجنائي على المستوى الفدرالي، حيث لم يكن واضحا بما فيه الكفاية إلى أي مدى يُـمكن لمكتب المدعي العام الفدرالي (الذي لا يمثل في واقع الأمر إلا أحد أطراف المحاكمة)، أن يُـشرف بنفسه على إجراء التحقيقات قبل تحويل الملف برمّـته إلى قاضي التحقيق.
لذلك، يُـمكن القول أن قضية يوسف ندا (وبنك التقوى بشكل عام) قد ساهمت بشكل غير مقصود في توسيع مجال حقوق الدفاع في سويسرا من خلال وضع ضوابط جديدة لصلاحيات المدعي العام الفدرالي.
سويس انفو مع الوكالات
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.