نتانياهو يتوعد بـ”حرب شديدة” اذا انتهك حزب الله اتفاق وقف إطلاق النار
حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الخميس من “حرب شديدة” في لبنان اذا انتهك حزب الله اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ تطبيقه الأربعاء، وسط تبادل اتهامات بخرقه.
وأعلنت الدولة العبرية الخميس أنّها نفّذت غارة جوية على منشأة تابعة لحزب الله، في أول ضربة منذ بدء سريان الاتفاق فجر الأربعاء، بينما اتّهمها الجيش اللبناني بخرق الاتفاق “عدة مرات”.
والاتفاق الذي أبرم بجهود أميركية-فرنسية، أنهى نزاعا امتد لأكثر من عام بين حزب الله وإسرائيل، بدأ مع إعلان الحزب فتح “جبهة إسناد” لغزة غداة اندلاع الحرب في القطاع في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وتحوّل الى حرب واسعة اعتبارا أيلول/سبتمبر. وأسفرت المواجهة عن مقتل الآلاف في لبنان وتسببت في نزوح جماعي على جانبي الحدود بين لبنان وإسرائيل.
وبموجب اتفاق وقف النار، أكد الجيش اللبناني أنه بدأ بتعزيز انتشاره في جنوب لبنان خصوصا جنوب نهر الليطاني الواقع على مسافة نحو 30 كلم من الحدود. وينصّ الاتفاق على حصر الوجود العسكري في هذه المنطقة بالقوات المسلحة اللبنانية وقوات الأمم المتحدة الموقتة (يونيفيل).
وقال نتانياهو في مقابلة مع القناة 14 الإسرائيلية “إذا تطلب الأمر، وفي حالة حدوث انتهاك للخطوط العريضة لوقف إطلاق النار، فقد أعطيت توجيهاتي إلى الجيش لشنّ حرب شديدة”.
وأتى ذلك بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي في بيان “رصد نشاط في منشأة يستخدمها حزب الله لتخزين الصواريخ المتوسطة المدى في جنوب لبنان، وتم إحباط التهديد بواسطة مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي”.
وطالت الغارة أطراف بلدة البيسارية، بحسب رئيس بلديتها نزيه عيد الذي قال لفرانس برس “استهدفوا منطقة حُرجية لا يمكننا الوصول إليها كمدنيين”.
وقال الجيش اللبناني في بيان إنّه “بتاريخي 27 و28/11/2024، بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، أقدم العدو الإسرائيلي على خرق الاتفاق عدة مرات، من خلال الخروقات الجوية، واستهداف الأراضي اللبنانية بأسلحة مختلفة”.
– جريحان –
وقال مسؤول أميركي للصحافيين مشترطا عدم الكشف عن هويته، إنّ الجيش الإسرائيلي يبقى في مواقعه بموجب الاتفاق، ولكن “ستنطلق فترة مدّتها 60 يوما يبدأ خلالها الجيش اللبناني وقوات الأمن الانتشار باتجاه الجنوب”.
وخلال هذه المدة، يتعيّن على إسرائيل الانسحاب تدريجا من دون ترك فراغ يمكن لحزب الله أو تنظيمات مسلحة استغلاله.
وأفاد مصدر في الجيش اللبناني بأنه “يقوم بدوريات وحواجز” جنوب نهر الليطاني من دون التقدم إلى المناطق حيث لا يزال الإسرائيليون متواجدين.
من جانبه، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري “نسيطر على مواقعنا في جنوب لبنان وطائراتنا تواصل التحليق في الأجواء اللبنانية”.
الى ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي حظر التنقّل ليلا في المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني والبلدات اللبنانية الحدودية حيث لا يزال منتشرا.
وقال “يمنع بتاتا التنقل أو الانتقال جنوب نهر الليطاني ابتداء من الساعة الخامسة مساء (15:00 ت غ) وحتى السابعة صباحا يوم غد (05:00 ت غ)”.
وبعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار، دعا الجيشان اللبناني والإسرائيلي سكّان القرى الواقعة على الخطوط الأمامية إلى تجنّب العودة فورا.
والخميس، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان بأنّ النيران الإسرائيلية أسفرت عن إصابة شخصين بجروح في إحدى القرى الحدودية.
وقال الجيش الإسرائيلي إنّه “تم التعرف على عدد من المشتبه بهم الذين وصلوا بمركباتهم إلى عدد من المناطق في جنوب لبنان، منتهكين شروط وقف إطلاق النار. أطلق افراد الجيش الإسرائيلي النار باتجاههم”.
– دمار –
وساد الفرح لبنان بانتهاء الحرب المدمّرة، إلا أن التعافي من آثارها سيستغرق وقتا طويلا.
وبعيد بدء وقف النار الأربعاء، عاد عشرات آلاف النازحين إلى مدنهم وقراهم، ليجدوا مشاهد الدمار.
وأعربت أم محمد بزيع، وهي أرملة فرت مع أطفالها الأربعة من قرية زبقين الجنوبية قبل شهرين، عن فرحها بالعودة “رغم كل الدمار والحزن”.
وقالت وقد بدا عليها الإرهاق الشديد وهي تزيل الزجاج المحطم وقطع الحجارة التي غطت الأرض، “شعرت وكأن الروح عادت إلينا”.
وفي القليعة الحدودية، ألقى الأهالي الأرز والزهور احتفالا بوصول الجيش اللبناني ليل الأربعاء.
ويعاني لبنان من انقسامات عميقة على أسس سياسية وطائفية. وقد بنى حزب الله شعبيته ونفوذه في صفوف الطائفة الشيعية من خلال توفير الخدمات الصحية والتعليمية.
كما راكم الحزب ترسانة كبيرة من الأسلحة زودته بها أساسا إيران، تعتبر أقوى من ترسانة الجيش اللبناني.
حتى قبل اندلاع النزاع، عانت البلاد لسنوات من أزمة سياسية واقتصادية، وأشارت بيانات البنك الدولي في وقت سابق من هذا العام إلى أن الفقر ازداد بثلاث مرات خلال عقد.
لكن الخميس، ظهر بصيص أمل مع إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية في التاسع من كانون الثاني/يناير، بعد عامين من شغور هذا المنصب.
الأربعاء، أعلن حزب الله أنه حقق “النصر” في الحرب ضد إسرائيل.
وقال في بيان “كان النصر من الله تعالى حليف القضيّة الحقّة”، مؤكدا أن مقاتليه “سيبقون على أتم الجهوزيّة للتعامل مع أطماع العدو الإسرائيلي واعتداءاته”.
لكن الحرب شهدت توجيه إسرائيل سلسلة من الضربات غير المسبوقة للحزب، كان أبرزها اغتيال أمينه العام حسن نصر الله في أيلول/سبتمبر.
كما خسر الحزب مجموعة من القادة الكبار الآخرين، فضلا عن مقتل هاشم صفي الدين الذي كان من المتوقع أن يخلف نصر الله في منصب الأمانة العامة.
وأكد النائب عن حزب الله حسن فضل الله لوكالة فرانس برس أن الحزب يتعاون مع الجيش في انتشاره بالجنوب. وقال “هناك تعاون كامل في هذا المجال ولن تكون هناك أي مشكلة”، مضيفا “نحن ليس لدينا لا سلاح ظاهر ولا قواعد عسكرية” في جنوب لبنان.
وشدد على أن “أبناء حزب الله هم أبناء هذه القرى والبلدات وأغلب الشهداء الذين قضوا هم من أبناء هذه القرى. لا أحد يستطيع أن يخرج ابن القرية من قريته”.
– تشكيك –
في شمال إسرائيل الذي واجه قصفا صاروخيا شبه يومي من حزب الله لأكثر من عام، أعرب سكان عن أمل ممزوج بالتشكيك بشأن ما إذا كان وقف إطلاق النار سيدوم.
وأعرب السبعيني نسيم رافيفو الذي يعيش في مدينة نهاريا على بعد عشرة كيلومترات فقط من الحدود مع لبنان، عن خيبة أمله.
وقال “إنه لأمر مؤسف. كان ينبغي أن تستمر الحرب لمدة شهرين على الأقل لإنهاء المهمة”، متابعا “ما زلنا لا نشعر بالأمان”.
أعلن لبنان مقتل 3961 شخصا على الأقل منذ بدء التصعيد في تشرين الأول 2023/أكتوبر، معظمهم في الأسابيع الأخيرة من الحرب.
ومن الجانب الإسرائيلي، أدت الأعمال الحربية مع حزب الله إلى مقتل 82 عسكريا و47 مدنيا على الأقل، بحسب السلطات.
بور-سير/ح س-ناش-كام/