نتانياهو يضع أربعة شروط لوقف النار في غزة ومعارك الشجاعية تخلّف عشرات الجثث
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الخميس أنّ احتفاظ الدولة العبرية بالسيطرة على المنطقة الحدودية بين مصر وغزة هو أحد أربعة شروط وضعتها حكومته لوقف إطلاق النار في القطاع حيث تمّ العثور على 60 جثة في حيّ الشجاعية شرق مدينة غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منه إثر معارك عنيفة استمرت أسبوعين.
بالموازاة، تواصلت في باقي أنحاء مدينة غزة الخميس المعارك بين الجيش الإسرائيلي ومسلّحي الفصائل الفلسطينية، وفي مقدّمها الجناح العسكري لحركة حماس، ممّا أدّى لعمليات نزوح متكرّرة للسكّان.
– أربعة شروط –
وفي خطاب تلفزيوني مقتضب ألقاه مساء الخميس بعد عودة الوفد المفاوض من الدوحة في ختام جولة مفاوضات جديدة تهدف لوقف الحرب التي دخلت شهرها العاشر، عدّد نتانياهو أربعة شروط وضعتها حكومته لإبرام أيّ اتّفاق مع حماس.
وأول هذه الشروط الأربعة هو أن يحتفظ الجيش الإسرائيلي بالسيطرة على “ممرّ فيلادلفيا ومعبر رفح” اللذين احتلّهما بداية أيار/مايو وذلك بهدف منع “تهريب الأسلحة” لحماس.
ولم يحدّد نتانياهو الفترة التي يريد أن يحتفظ بها بهذه المنطقة التي تشترط حماس من جهتها أن ينسحب الجيش الإسرائيلي منها.
وممرّ فيلادلفيا هو منطقة عازلة عبارة عن شريط ضيّق أنشأه الجيش الإسرائيلي خلال احتلاله الثاني لقطاع غزة (1967-2005).
وهذه المنطقة العازلة يبلغ اليوم عرضها مئة متر على الأقلّ، وأكثر من ذلك في بعض الأماكن، وتمتدّ بطول الحدود بين قطاع غزة ومصر والبالغة 14 كيلومتراً.
أما معبر رفح فهو نقطة الدخول البرية الرئيسية للمساعدات الإنسانية إلى غزة وصلة الوصل البرية الوحيدة بين القطاع ودولة أخرى غير إسرائيل.
والمعبر مغلق منذ شنّت القوات الإسرائيلية مطلع أيار/مايو هجوماً برّياً كبيراً على رفح، المدينة الكبيرة التي كان قد نزح إليها غالبية سكان القطاع.
أمّا الشروط الثلاثة الأخرى التي وضعتها حكومة نتانياهو في هذه المفاوضات غير المباشرة التي تجري بوساطة مشتركة قطرية-مصرية-أميركية فهي استئناف الحرب بعد انتهاء فترة الهدنة التي سيتم الاتفاق عليها ومنع عودة المقاتلين إلى شمال القطاع والإفراج في المرحلة الأولى من الاتفاق عن أكبر عدد ممكن من الرهائن المحتجزين في غزة.
وقال نتانياهو إنّ أيّ اتّفاق “يجب أن يسمح لإسرائيل باستئناف القتال (بعد انتهاء فترة الهدنة التي سينصّ عليها) حتى تتحقق أهداف الحرب”.
وأضاف أنّ “إسرائيل لن تسمح بعودة الإرهابيين المسلّحين أو الأسلحة إلى شمال قطاع غزة”، الذي شهد قتالاً عنيفاً بين الجيش الإسرائيلي من جهة والفصائل الفلسطينية المسلّحة، وفي مقدّمها كتائب القسّام (الجناح العسكري لحماس) من جهة أخرى.
كما اشترط نتانياهو أن يتمّ في المرحلة الأولى من الاتفاق الجاري التفاوض عليه “الإفراج عن أكبر عدد ممكن من الرهائن”.
وقالت رئاسة الوزراء الإسرائيلية إنّ وفداً تفاوضياً برئاسة رئيس الشاباك وعضوية ممثلين للجيش الإسرائيلي سيغادر إلى القاهرة مساء الخميس لمواصلة المحادثات.
من جهتها، قالت حركة حماس في بيان “لم نُبلَّغ حتى الآن من الإخوة الوسطاء بأيّ جديد بشأن المفاوضات…”.
واعتبرت أن “الاحتلال يستمر في سياسة المماطلة لكسب الوقت بهدف إفشال هذه الجولة من المفاوضات مثلما فعل في جولات سابقة”.
ميدانياً، تواصلت المعارك في القطاع الفلسطيني المحاصر، ولا سيما في مدينة غزة. وأفاد الدفاع المدني في القطاع عن العثور على نحو ستين جثة تحت أنقاض المباني في حي الشجاعية بمدينة غزة، بعدما كان الجيش الإسرائيلي أعلن انسحابه منه مساء الأربعاء.
ومساء الأربعاء، أوضح الجيش الإسرائيلي أنّ عملياته التي استمرّت أسبوعين في الشجاعية أفضت إلى تدمير “ثمانية أنفاق” و”القضاء على عشرات من الإرهابيين وتدمير مجمّعات قتالية ومبانٍ مفخّخة”.
وكانت المعارك في الشجاعية امتدّت إلى كلّ أنحاء مدينة غزة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الخميس أنه يواصل عملياته ضد مقاتلين “متحصنين في مقر الأونروا في وسط غزة”، موضحاً أن قواته “رصدت كميات كبيرة من الأسلحة في منطقة المقرّ العام تشمل مسيّرات وقنابل يدوية وعبوات ناسفة وقاذفات صاروخية”.
من جهته، قال مكتب الإعلام الحكومي التابع لحماس إن الجيش “قام بتفجير بعض المباني ونسف عشرات المنازل في محيط الأونروا”.
كما نُقل أربعة قتلى بينهم طفل إلى مستشفى ناصر في رفح، بعد الغارات الإسرائيلية على حي تل السلطان غرب مدينة غزة، حسبما أفادت إدارة المستشفى.
وأفاد مراسلون لوكالة فرانس برس وشهود والدفاع المدني في قطاع غزة، بأنّ غرب مدينة غزة يشهد قتالاً وقصفاً الخميس.
وأشار الدفاع المدني إلى “نزوح آلاف المواطنين، بينما لا مكان آمناً، في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غرب غزة”.
– “دمار هائل” –
وأفاد مراسلو فرانس برس أن سكّاناً بدأوا الخميس بالعودة إلى حي الشجاعية والبحث بين الأنقاض، كما هي حال محمد النيري الذي وجد نفسه في مواجهة “دمار هائل”.
وأظهرت لقطات لفرانس برس بعض سكان الشجاعية يمشون وسط الركام محاطين بدمار هائل. في قطاع غزة عموماً، أشارت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس الخميس إلى وقوع “عشرات الشهداء غالبيتهم من الأطفال والنساء” خلال الساعات الماضية.
في جنوب قطاع غزة، أفاد الجيش الإسرائيلي بأنّه يواصل عملياته في منطقة رفح (جنوب) الحدودية مع مصر، مؤكداً أنّ قواته “قضت على عشرات الإرهابيين”، بينهم حسن أبو كويك الذي يوصف بأنه أحد قادة العمليات الأمنية في جهاز الأمن الداخلي لحركة حماس الذي “نفّذ العديد من الهجمات الإرهابية” ضد إسرائيل.
كما أكدت إسرائيل أنها اعترضت خمسة “مقذوفات” أطلقت من رفح على جنوب الدولة العبرية.
ويعتبر الوضع في القطاع المحاصر كارثياً، حيث تنتظر المساعدات الإنسانية عند الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم (جنوب)، في حين تتبادل الأمم المتحدة وإسرائيل الاتهامات بهذا الشأن. وبينما تقول إسرائيل إنّ الأمم المتحدة فشلت في إيصال المساعدات إلى داخل القطاع، تؤكد الأخيرة أنّ خطورة الوضع تمنع القافلات من التقدّم.
يأتي ذلك فيما وصلت سامانثا باور مديرة وكالة التنمية الأميركية (يو إس إيد)، إلى إسرائيل الخميس لحضّها على زيادة تدفّق المساعدات الإنسانية.
– الخطوط الحمراء –
اندلعت الحرب في السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر بعد هجوم حماس الذي أسفر عن 1195 قتيلاً معظمهم مدنيّون، وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
ومن بين 251 شخصاً خُطفوا خلال الهجوم، ما زال 116 محتجزين رهائن في غزّة، بينهم 42 لقوا حتفهم، حسب الجيش الإسرائيلي.
وردّت إسرائيل بحرب مدمّرة في قطاع غزّة تسبّبت بمقتل 38345 شخصًا على الأقلّ غالبيتهم مدنيون، بحسب معطيات وزارة الصحة في حكومة حماس.
سياسياً، تتواصل جهود الوساطة بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة.
وكانت حماس أعلنت الأحد أنّها وافقت على التفاوض بشأن إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في قطاع غزة “من دون وقف إطلاق نار” دائم.
وأكد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الأربعاء دعم موقف حركة حماس في المفاوضات، مكرراً أن التوصل الى اتفاق ينهي فوراً هجمات حزبه من جنوب لبنان.
وفي واشنطن، أفاد مسؤول أميركي بأنّ الولايات المتحدة “ستمضي قدماً” في إرسال قنابل زنة 500 رطل لإسرائيل بعد توقف موقت جراء مخاوف من احتمال استخدام ذخائر زنة ألفي رطل كانت موجودة في الشحنة نفسها، في مناطق مأهولة.
بور-غ ر-ناش-بم/ب ق