نحو توحيد نظم التعليم في سويسرا
دشن وزيرا الشؤون الداخلية والاقتصاد حملة تشجيع الناخبين على الموافقة على مشروع توحيد نظام التعليم الأساسي في سويسرا، الذي سيطرح على التصويت الشعبي في 21 مايو المقبل.
من جهتهم، توافق مدراء التعليم العمومي على الخطوط العريضة للأرضية المشتركة لنظام تعليم أساسي موحد، وذلك للمرة الأولى منذ قرن ونصف.
أكد وزير الشؤون الداخلية باسكال كوشبان ووزير الاقتصاد جوزيف دايس على أن التعليم هو أحد الأسس التي من خلالها تتطور البلاد بشكل إيجابي.
وقال الوزيران في مؤتمر صحفي صباح الخميس 23 فبراير الجاري في العاصمة برن، أن الحكومة الفدرالية ترغب من خلال هذا القانون الجديد في القضاء على نقطة الضعف التي أكد الخبراء انتشارها، من خلال هذا المشروع الذي يوصف بأنه “دستور التعليم في سويسرا”، حيث سيكون من بين فقرات الدستور.
ويفرض النظام الجديد التعاون بين الكانتونات فيما بينها، ومع الحكومة الفدرالية أيضا، ليتم التوصل إلى نوع من التماسك بين نظم التعليم المختلفة ومراحله المتوالية، بداية من المدارس الابتدائية وحتى مراحل ما قبل التعليم المتخصص أو الجامعي.
ويؤيد مؤتمر مدراء التعليم في سويسرا هذا الاقتراح الحكومي، حيث شارك مديره هانز أولريش شتوكلينغ في حملة الحكومة الداعية لحث الناخبين على الموافقة على هذا “الدستور” الجديد، وقال شتوكلينغ إلى سويس انفو:” نحن نريد دعم وتقوية النظام التعليمي السويسري، ليصبح منافسا جيدا وتتمكن المدارس من وضع أهداف مشتركة، والتعرف على مدى إمكانية التوصل إلى هذه الأهداف”.
26 نظاما مختلفا
ومن أهم المميزات التي سيسفر عنها تطبيق هذا القانون الجديد، تسهيل تغيير التلاميذ من كانتون إلى آخر، إذ يقف الاختلاف الكبير بين نظام التعليم في الكانتونات عائقا أمام الانتقال من مدينة إلى أخرى في كانتون مختلف، حتى أنها تكاد تكون مثل تحويل أوراق التلميذ من بلد إلى آخر، وأحيانا تحدث مشكلات كبيرة لاختلاف المناهج وأسلوب التعليم بشكل كبير.
ويضيف شتوكلينغ بأن من شأن هذا المشروع الجديد أن يقوي من تعاون الكانتون فيما بينها وأن تتحدث جميعها مع السلطات الفدرالية بشكل متساو، فالهدف هو وضع الأهداف المشتركة والبرامج الموحدة بشكل فدرالي، ثم يكون لكل كانتون حرية اختيار الطريقة والأسلوب الذي بهما يمكن الوصول إلى تلك الأهداف.
وقد أكد الوزيران على أن مشروع هذا القانون لا علاقة له بتوفير النفقات أو حصول جهة على امتيازات مالية دون أخرى، بل إن الهدف منه هو تعزيز التعاون بين الجهات المعنية بالأمر، ولن تتدل الحكومة إلا إذا لم تتمكن الكانتونات من التوصل على التوافق المطلوب، على أن يضع الجميع تحسين النظام التعليمي إلى أقصى درجة ممكنة كهدف يجب الوصول إليه.
على الرغم من صغر تعداد سكان سويسرا، إلا أنها تعرف 26 نظام تعليم مختلف، طبقا لعدد الكانتونات، مما اعتبره الخبراء أحد أسباب وجود اختلافات كبيرة في مستوى التعليم ونوعية الخريجين، وانعكاس ذلك على التعليم الجامعي والمهني على حد سواء.
وبعد سنوات من المناقشات والجدل المتواصل حول أسلوب التعليم الأكثر نجاعة، اتفق مدراء التعليم في الكانتونات على الخطوات الأولية لمشروع يهدف إلى تحقيق نوع من التجانس على الأقل في مراحل التعليم الأساسية في سويسرا، ويزيل العقبات التي وضعها القانون الحالي والمعمول به منذ 30 عام .
ويقضى مشروع مدراء التعليم في الكانتونات بتعميم بدء الالتحاق برياض الأطفال اعتبارا من سن الرابعة، بدلا من سن الخامسة أو السادسة، وذلك للسماح بالدخول إلى المدارس الابتدائية في سن السادسة، بدلا من 7 سنوات، حيث كشف تحليل اختبارات القدرة على التحصيل أن سويسرا هي من البلدان القليلة في العالم التي يبدأ التلاميذ فيها حياتهم المدرسية الإلزامية في سن متأخرة، مقارنة مع غالبية دول أوروبا، مما ينعكس على مستوى التحصيل فيها.
بموجب الإقتراح الجديد تستغرق المرحلة الإبتدائية الإلزامية 8 سنوات، تليها 3 سنوات من المرحلة المتوسطة، التي يتم فيها تقييم مستوى التلاميذ لمعرفة من سيتوجه على التعليم الفني والمهني ومن سيتوجه إلى مراحل التعليم قبل الجامعي.
الإرث التاريخي والخوف الثقافي
وكانت الكانتونات هي الوحيدة المسئولة عن نظام التعليم داخل حدودها منذ عام 1848، وتم العمل بهذا النظام طيلة أكثر من 150 عما، على اعتبار انه الضمان الأكيد للهوية الثقافية واللغوية لكل كانتون، في المناطق الناطقة بالفرنسية غربا والألمانية شرقا والإيطالية جنوبا، إلى جانب حرص الكانتونات الكاثوليكية على عدم التأثر بالكانتونات البروتستانتية أو العكس.
ومع مرور الوقت تبين أن هذا النظام عبئ على التلاميذ، فتغيير الكانتون بحكم ظروف العمل مثلا أو لأي سبب آخر هو مشكلة حقيقية لكل تلميذ، ولأسرته بالطبع، في الوقت الذي تفرض فيه البطالة المنتشرة حاليا في سويسرا، أن يتنقل من يبحث عن عمل وراء الفرص المتاحة له، ولا يمكن أن تصبح المدرسة عائقا أمام انتقال الأسرة من كانتون إلى آخر.
ورغم كل هذه الصلاحيات الكثيرة التي يتيحها القانون الجديد، والتسهيلات التي يقدمها، إلا أن مدراء التعليم والخبراء لم يتوصلوا إلى اليوم إلى اتفاق حول اللغة الأجنبية الأولى التي يجب على التلاميذ تعملها أولا في مدارسهم؛ هل تكون الفرنسية في المناطق الناطقة بالألمانية في شرق سويسرا؟ أم الألمانية في الجهات المتحدثة بالفرنسية في غربها؟ أم الإنجليزية بشكل عام، ثم يختار كل كانتون على حدة اللغة الأخرى؟ وما هو موقف كانتون تيشينو المتحدث بالإيطالية؟
فبينما ترى بعض الكانتونات أن الأولوية يجب أن تكون للغات الوطنية أولا، تعتقد بعض الكانتونات أن تعلم الإنجليزية أهم، وهي المشكلة التي لم يتم الاتفاق عليها حتى اليوم، مع مشكلة بداية تعلم اللغة الأجنبية الأولى هل من الصف الثالث الابتدائي أم من الخامس؟.
سويس انفو مع الوكالات
طبقا لنظام الفدرالية السويسري، فإن مسؤولية المدارس ونظام التعليم يكون خاضعا لكل كانتون، وفشلت محاولات مختلفة لتوحيد النظام التعليمي على مستوى سويسرا، بسبب تخوف الكانتونات من التأثير اللغوي والديني من الكانتونات ذات الكثافة السكانية المرتفعة.
اتفق مدراء التعليم في الكانتونات على مشروع موحد يوحد بين أهداف النظم التعليمية في سويسرا على أن يكون لكل كانتون حرية اختيار أسلوب التطبيق المناسب.
تطرح الحكومة الفدرالية مشروع دستور التعليم السويسري الموحد إلى الاستفتاء العام يوم 21 مايو ودعت الناخبين للتصويت لصالحه.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.