نداء استغاثة من الجامعات العراقية
على مدى يومين، يحتضن قصر الأمم المتحدة في جنيف نقاشا حول وضع الجامعة العراقية في ظل استهداف الأكاديميين وهجرة الأدمغة وتأثيرات سنوات الحصار والحروب المتتالية.
ويهدف الملتقى الذي ينظمه المعهد الدولي للأبحاث من أجل السلام في جنيف، بالاشتراك مع منظمة اليونسكو وبتمويل من الحكومة الفرنسية، إلى جلب الانتباه الى وضع الأكاديميين العراقيين وفتح آفاق التعاون مع الجامعات السويسرية والأوروبية ضمن ما يعرف بالشبكة الدولية للتضامن.
ينظم المعهد الدولي للأبحاث من أجل السلام في جنيف (جيبري) يومي 27 و28 نوفمبر ملتقى حول وضع الجامعة العراقية، ويهدف الملتقى الممول من قبل الحكومة الفرنسية والمدعوم من طرف كانتون جنيف، والذي تشارك فيه منظمة اليونسكو عبر فرعها في عمّان، حسب مدير معهد “جيبري” الدكتور غابرييل غاليس إلى “تحليل تأثيرات الصراع الدولي على التعليم العالي في العراق من جهة، وإلى التعرف على المكانة المخصصة للجامعة العراقية في عملية إعادة بناء المجتمع العراقي من جهة أخرى”.
وإذا كان العنوان يترك مجالا لفتح مناقشة ملف هدم التعليم العالي في العراق بدون تحديد لفترة معينة، أي بالتطرق لتأثيرات النظام السابق وفترة الحصار الدولي وما تلاهما من حرب ضد العراق، فإن عمار عزيز محمد حسن، نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي يرى في تصريحات أدلى بها إلى الصحافة أن “مشكلة التعليم العالي هي نتيجة لما ورثه هذا القطاع عن الفترة حتى عام 2003، من هدم لبنية المؤسسات الأكاديمية وللفكر العراقي”، حسب قوله، ويضيف المسؤول العراقي بأن “الثلاث او الأربع سنوات الأخيرة شهدت محاولات لتحسين الوضع والانفتاح على المعاهد الدولية وعلى الدول المتقدمة في مجال البحث العلمي مثل سويسرا”.
الأمن أولوية الأكاديميين
الحديث عن التعليم العالي في العراق هو الحديث عن فقدان هذا القطاع لحوالي 45% من طاقاته العليا إما عن طريق عمليات القتل التي استهدفت العقول في العراق أو تلك الناتجة عن عمليات الابتزاز أو الهجرة للخارج أو فقط تلك التي ترغمهم على البقاء في منازلهم.
إذ ترى الدكتورة فوزية العطية، أستاذة علم الاجتماع أن “التعليم العالي العراقي الذي كان احسن نظام في المنطقة العربية، عرف تحطيما بسبب حروب الخليج المتتالية والحصار الدولي ثم عمليات الإرهاب بعد 9 ابريل 2003”. وقد آلت النتيجة اليوم إلى “أساتذة وطلبة في وضع مزر مادي ومعني، وافتقار لوسائل تحضير الأطروحات نتيجة لعمليات النهب التي استهدف المكتبات”، حسب الدكتورة فوزية.
وقد اضطر نائب وزير التعليم العالي اضطر للعودة لهذا الموضوع في حديثه مع الصحافة حيث أشار إلى “تعاظم ظاهرة هجرة الأكاديميين العراقيين بسبب استهدافهم المباشر خلال السنوات الأخيرة”، مضيفا بأن “هذا الاستهداف يتم لأنهم عراقيون و يمس السني في المنطقة السنية والشيعي في المنطقة الشيعية أيضا”.
ونظرا لأن استهداف الأكاديميين أصبح ظاهرة متفشية في العراق، لجأت وزارة التعليم العالي الى تحديد أيام عملهم بثلاثة أيام في الأسبوع للتخفيض من نسبة استهدافهم. وهذه الوضعية هي التي تحدثت عنها الدكتورة فوزية النعيمي أمام الصحافة قبل أن تجهش بالبكاء.
أما زميلتها أستاذة علم الاجتماع الدكتورة فوزية العطية فسردت ما تعرضت له عائلة ابنتها من اختطاف وقتل للزوج بعد طلب فدية 50 ألف دولار. أو ما تعرض له أفراد آخرون من عائلتها بلغت الفدية المطالب بها حتى حدود 600 ألف دولار. وأشارت إلى أن القائم بتلك العمليات شخص “سوري يجمع حوله عددا من شبان الشوارع”، على حد تعبيرها.
وبسؤاله عما إذا كانت الحكومة العراقية قد قامت بإجراء تحقيق لمعرفة هوية الطرف أو الأطراف التي تستهدف الأكاديميين، اكتفى نائب وزير التعليم العالي العراقي الدكتور عمار عزيز محمد علي حسن بالقول “إنهم إرهابيون وكل من يستهدف عراقي فهو إرهابي أيا كانت حقيقته”.
آمال في تعاون دولي
من جانبه، ذكّـر الدكتور غابريل غاليس بأن الهدف الأول من تنظيم هذا اللقاء يتمثل في “التحسيس بأن هناك مشكلة، والهدف الثاني، هو محاولة حل هذه المشكلة”، وأوضح بأنه لا يجب الاكتفاء بالتطرق للقضايا الأمنية، بل تجاوز ذلك الى إقرارالسلم، وقال “لا يمكن إيجاد جامعات بدون سلم، كما أنه لا يمكن تحقيق سلم بدون جامعات”.
وإذا كان الملتقى الحالي بندواته وورشه المختلفة يهدف الى تسليط الضوء على واقع التعليم العالي حاليا في العراق من خلال التطرق لبعض القطاعات، مثل العلوم والرياضيات والبحث العلمي والإنسانيات، فإن الشق الثاني من المشروع، أي ما أطلق عليه اسم “بابيلون” أو بابل، يهتم بالجانب العملي، حيث سيطلق المعهد الدولي للأبحاث من أجل السلام (جيبري) على مدى فترة زمنية تستمر ثلاثة أعوام عملية تعاون مع الجامعات العراقية لمحاولة فك العزلة عنها وربط الصلات بينها وبين الجامعات السويسرية والأوروبية.
كما سيقوم معهد (جيبري) من خلال الشبكة الدولية للتضامن مع الباحثين العراقيين من أجل السلم، التي أسسها في عام 2006، بربط الجامعات العراقية بالجامعات الأوروبية المشاركة في هذه الشبكة.
في هذا السياق، عبرت الدكتورة فوزية العطية عن أملها في “أن تعود الجامعات الأوروبية الى استضافة الطلبة العراقيين، ولو لبضعة أشهر، لكي يطّـلع هؤلاء الطلبة على المكتبات وكذلك استضافة الأساتذة العراقيين، لأن ذلك سيساعد على تطور الجامعات العراقية”، وبررت تفاؤلها هذه المرة بالإشارة إلى أنه “رغم بعض المحاولات المحدودة التي تمت في السابق، هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تعاون لعدة سنوات، وهو ما قد يفتح آمالا كبرى أمام الجامعات العراقية”، على حد قول الدكتورة العطية.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
84% من بنية مؤسسات التعليم العالي العراقية حطمت أو نهبت حسب تقديرات اليونسكو
يوجد في العراق 86 جامعة والعديد من المعاهد العليا
50 ألف طالب جديد يلتحقون سنويا الى التعليم العالي
هناك نقص بحوالي 30 ألف حاسوب، و 2000 مخبر علمي وكتب ومواد مدرسية.
حوالي 45% من الأكاديميين إما قتلوا أو أجبروا على الهجرة أو اضطروا للبقاء في منازلهم.
تقييم الإحتياجات للعام الدراسي 2007 – 2008
5790 مساعد معيد
7001 معيد
4719 مساعد أستاذ
1599 أستاذ
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.