نداءٌ للحماية من الإصابة بالسـُّل في أماكن العمل
دعا خبراء سويسريون إلى ضمان حماية أفضل من داء الدرن أو السل للعاملين في مجال الرعاية الصحية، كجزء من الحملة العالمية لمكافحة هذا المرض.
وفي ندوة عُقدت مؤخرا في ضواحي العاصمة الفدرالية برن بمناسبة اليوم العالمي ضد السل، أبرز أطباء وممرضون وأخصائيون في الأمراض المعدية تزايد مخاطر العدوى بهذا المرض الجرثومي في صفوف الموظفين في السجون والمُستشفيات والمختبرات في الدول النامية.
“إن داء السل لا يُعد مشكلة في أوروبا الغربية، بل في البلدان النامية وفي مناطق كثيرة من العالم. وهو مشكلة ضخمة في مجال الصحة العمومية لم يُعثر لها بعد على حل”. جاء هذا التوضيح على لسان السيد جون – بيير زيلفيغر، من الرابطة السويسرية لأمراض الرئة التي نظمت الندوة في مونشنفايلر برن.
وقد كشفت أحدث بحوث منظمة الصحة العالمية أن عام 2006 سجل 9,2 مليون حالة سُل جديدة، فيما قُدرت الوفيات جراء الإصابة بهذا الداء في نفس العام بـ 1,5 مليون حالة.
ويشير التقرير الذي أصدرته المنظمة يوم 17 مارس الجاري في جنيف بعنوان “مكافحة السل على الصعيد العالمي في عام 2008،” إلى أنّ “وتيرة التقدم المحرز في مكافحة وباء السل شهدت بعض التباطؤ في عام 2006، وهو آخر عام تتوافر بشأنه البيانات ذات الصلة. وتُظهر المعلومات الجديدة تراجعاً في التقدم المحرز في تشخيص حالات مرضى السل. ذلك أنّ معدل اكتشاف حالات السل الجديدة كان يزداد بنسبة 6% في المتوسط في الفترة بين عامي 2001 و2005، ولكنّه انخفض بمقدار النصف ليبلغ 3% في الفترة بين عامي 2005 و2006”.
ونتيجة لذلك، أصدرت منظمة الصحة العالمية توجيهات جديدة لحماية العاملين في مجال الرعاية الصحية في المناطق ذات المخاطر العالية. وقد حرص المشاركون في ندوة مونشنفايلر بسويسرا – التي خُصصت لمناقشة مخاطر الإصابة بالسل في أماكن العمل – على مناقشة تلك التعليمات، على أن يتم توزيعها على نطاق أوسع في الأشهر المُقبلة.
خوفٌ متزايد
ونوه السيد زيلفيغر في هذا السياق إلى أن الخبراء استنتجوا في العام الماضي أن موظفي الرعاية الصحية في بعض البلدان يشعرون بخوف متزايد من الإصابة بالسل، خاصة بعد انتقال العدوى إلى عدد من زملائهم.
واستطرد قائلا: “لقد شاركت شخصيا في دراسة استقصائية في مستشفى برومانيا ولاحظنا أن العديد من الموظفين أصيبوا بالفعل بداء السل. وبسبب كل هذه المخاوف، سواء كانت مُبررة أم لا، أردنا معالجة هذا الموضوع”. قبل أن يضيف: “إن كان الخطر ضعيفا للغاية في بلدان مثل سويسرا، فيجب أن نعلم أن ذلك يعود في المقام الأول لندرة الحالات، وثانيا لمعالجة تلك الحالات بطريقة صحيحة، وثالثا، لجودة تدابير السلامة، في المختبرات على سبيل المثال”.
ولمنع انتشار الجرثومة، يجب توفير تهوية جيدة لأماكن العمل وعزل المرضى المُشتبهين بحمل البكتيريا المُتسببة في السل “عصية كوخ” (نسبة إلى مُكتشف المرض روبرت كوخ). وفي حال عدم احترام إجراءات الوقاية تلك، يمكن أن ترتفع حالات الإصابة بخمسين ضعفا.
يجب البحث عن أدوية جديدة!
وستحث الإرشادات الجديدة لمنظمة الصحة العالمية المستشفيات ومراكز اللاجئين والسجون، وكذا المستشفيات الواقعة في المناطق التي تعرف انتشارا واسعا للمرض، على جعل حماية الموظفين من ضمن أولوياتها؛ وستُحددُ تدابير السلامة لهذا الغرض.
لكن زيلفيغر يشدد على أن تحرك منظمة الصحة العالمية ليس سوى جزء واحد من صورة أوسع لمكافحة السل على المستوى العالمي. وذكّر في هذا الصدد أن الهدف الأساسي خلال السنوات القادمة يتمثل في مضاعفة الأبحاث عن أدوية جديدة، وإيجاد حل للعدد المتزايد لحالات مقاومة العقاقير عندما لا يتناول المريض الأدوية بانتظام في الفترة المطلوبة.
وأضاف في تصريحاته لسويس انفو أن “منظمة الصحة العالمية تقدِّر عدد الحالات الجديدة التي لا يمكن معالجتها بالأدوية المتاحة حاليا بـنصف مليون في العام، علما أن آخر دواء فعال ضد السل كان قد أُطلق في عام 1964 (…). نحن بحاجة إلى أشخاص نشيطين في مجال البحوث وإلى اهتمام الصناعة الصيدلية بـداء السل. فهنالك بوادر تحرك في هذا الاتجاه وهنالك أمل أيضا، لكن الأمر يتطلب خمس سنوات أخرى على الأقل قبل التوفر على أدوية جديدة”.
“توليفة قاتلة”
وستسلط منظمة الصحة العالمية الضوء في العام القادم على الحاجة إلى معالجة “التوليفة القاتلة” للسل وفيروس نقص المناعة البشرية المُكتسب HIV، الذي يؤجج وباء السل في عدد كبير من مناطق العالم.
فالمصابون بفيروس نقص المناعة (الإيدز) معرضون بشكل خاص للسل، ونقصُ المناعة يساهم بدوره في انتشار السل بين السكان. وتنوه المنظمة إلى أن عدد المصابين بالسل الحاملين لفيروس نقص المناعة قارب 700 ألف في عام 2006، ومن بين المليون ونصف المليون شخص الذين توفوا في نفس العام جراء الإصابة بالسل، 230 ألف حالة كانت مصابة أيضا بالإيدز.
وفي السنوات الأخيرة، ارتفعت بشكل كبير اختبارات الإيدز على مرضى السل، لكن الأمر يحتاج إلى مضاعفة تلك الاختبارات مرتين لبلوغ أهداف منظمة الصحة العالمية التي تأمل في إخضاع 1,6 مليون شخص سنويا للاختبار بحلول نهاية عام 2015.
وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة السل، قال السيد جورج سامبايو، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لدحر السل: “إن مرض السل هو السبب الرئيسي للوفاة بين المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية / الايدز”.
وشدد المسؤول الأممي على أن “بلدانا عديدة أظهرت أن الأهداف المتعلقة بمكافحة السل وفيروس نقص المناعة البشرية قابلة للتحقيق ووضعت تدابير سيكون لها تأثير على حياة أولئك الأكثر عرضة للخطر. لكن هذه المعركة لا تهدأ ومازلنا بحاجة إلى بذل المزيد والأفضل في هذا المجال”.
سويس انفو – جيسيكا ديسي
(ترجمه من الإنجليزية وعالجته إصلاح بخات)
يخلد اليوم العالمي لمكافحة السل يوم 24 مارس، وهو التاريخ الذي نشر فيه الطبيب وعالم الجراثيم الألماني روبرت كوخ البكتيريا المسببة لمرض السل؛ كان ذلك عام 1882.
منذ ذلك التاريخ، يُنظم اليوم العالمي ضد السل سنويا لتذكير المجتمع الطبي والدولي بأن المرض مازال يحصد الأرواح.
مرض فقدان المناعة المكتسب هو الوحيد الذي يتقدم على السل من حيث الوفيات جراء الإصابة بالأمراض المعدية.
في عام 2006، كان 14,4 مليون شخصا مصابا بالسل، من بينهم 9,2 مليون تلقوا العدوى خلال العام، حسب أرقام منظمة الصحة العالمية.
في عام 2006 دائما، سُجلت في إفريقيا أعلى نسبة عدوى، بينما سُجل في آسيا أكبر عدد من حيث الإصابات بالسل. وعلى مستوى البلدان، تضم الهند أكبر نسبة مصابين بالسل، متبوعة بالصين وأندونيسيا وجنوب إفريقيا ونيجيريا حسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية شمل 202 بلدا وإقليما.
في سويسرا، سُجلت قرابة 520 حالة إصابة بالسل في عام 2006، وكان زهاء ثلثي المصابين من أصل أجنبي.
ظهور بكتيريا تقاوم أدوية السل تجعل معالجة الداء أكثر صعوبة. وتبرز مثل هذه الحالات عندما لا يتناول المريض أدويته بشكل منتظم في فترة العلاج، مما يرفع بشدة خطر الوفاة.
هو مرض معد ينتشر عبر الهواء شأنه شأن الإنفلونزا العادية. ولا ينقل السل إلاّ الأشخاص الذين يصيبهم المرض في الرئتين. فحينما يسعل هؤلاء الأشخاص أو يعطسون أو يتحدثون أو يبصقون، فهم يفرزون في الهواء الجراثيم المسبّبة للسل والمعروفة باسم “العصيّات”. ويكفي أن يستنشق الإنسان قليلاً من تلك العصيّات ليُصاب بالعدوى.
ويمكن للشخص المُصاب بالسل النشط، إذا تُرك بدون علاج، أن ينقل العدوى إلى عدد من الأشخاص يتراوح معدلهم بين 10 أشخاص و15 شخصاً في العام. غير أن أعراض المرض لا تظهر بالضرورة لدى كل من يُصاب بتلك العصيّات. فالنظام المناعي يقاوم تلك العصيّات التي يمكن أن تظل كامنة لمدة أعوام بفضل احتمائها داخل رداء شمعي. وعندما يضعف النظام المناعي لدى المصاب بتلك العصيّات تتزايد احتمالات إصابته بالمرض.
(المصدر: موقع منظمة الصحة العالمية على الإنترنت)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.