نزاع الصحراء: هل حانت ساعة الحسم؟
يقوم وليام سوينغ، الممثل الخاص للأمم المتحدة المكلف بنزاع الصحراء الغربية، بجولة في عواصم المغرب العربي.
وسيستمع سوينغ إلى آراء أطراف النزاع الصحراوي، والمعنيين بالصيغة النهائية لتقرير كوفي أنان حول تسوية النزاع والمقرر أن يقدمه إلى مجلس الأمن في 19 من الشهر الجاري.
يتضمن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة سردا لتطورات النزاع وتسويته على مدى الشهرين الماضيين، ومواقف أطراف النزاع من هذه التطورات وتعاونها مع الأمم المتحدة، وطلب تمديد ولاية البعثة الدولية المنتشرة بالصحراء الغربية (المينورسو)، التي تنتهي مع موفى مايو. ويتضمن التقرير أيضا المشروع المعدل لممثله الشخصي جيمس بيكر المتعلق بتسوية سلمية للنزاع.
وإذا كانت الفقرات الأولى من التقرير لن تثير نقاشا، فإن الفقرات المتعلقة بمشروع بيكر تبقى الأكثر إثارة للترقب للكشف عن مضمون هذا المشروع، ومواقف أطراف النزاع من الصيغة الجديدة التي وضعها بيكر بعد أن لقيت صيغته الأولى رفضا قاطعا أو قبولا بتحفظ.
ويتمحور مشروع بيكر في صيغته الأولى، التي قدمها لمجلس الأمن في منتصف عام 2001، منح الصحراويين حكما ذاتيا مؤقتا لمدة خمس سنوات تحت السيادة المغربية.
وفي تفصيلات المشروع، تتولى إدارة صحراوية مجلسا تنفيذيا ينتخبه الصحراويون الواردة أسماؤهم في لوائح تحديد الهوية التي قامت بها الأمم المتحدة، ويقدر عددهم بحوالي 80 ألف نسمة، فيما يكون لمنطقة الحكم الذاتي انتخاب مجلس تشريعي تشارك فيه هذه الكتلة الانتخابية.
وتتولى سلطات الحكم الذاتي الصحراوي تدبير شؤون المنطقة المتنازع عليها في ميدان الحكم المحلي والمالي والضريبي والتجاري والصناعي والصيد البحري والمعادن والتربية والثقافة والأمن الداخلي، على أن تلتزم هذه الإدارة بمنع أية محاولة انفصالية خلال الفترة الانتقالية.
وللحكومة المركزية المغربية في مشروع بيكر، بالإضافة للعلم والعملة والبريد والاتصالات، الأمن الخارجي والدفاع والعلاقات الخارجية وتعيين القضاة الصحراويين.
الاستفتاء؟
المشروع الذي يؤكد على إجراء استفتاء لتقرير المصير بعد انتهاء الفترة الانتقالية، والذي يشارك فيه كل سكان الصحراء الغربية، بمن فيهم المغاربة المسجلين كمقيمين بالمنطقة منذ اكثر من 12 عاما، لم يحدد السؤال الذي سيجيب عليه الصحراويين، وإذا ما كانت الأمم المتحدة ستضيف فقرة أخرى إلى السؤال الذي حددته كل مشاريعها للتسوية السابقة والمتضمن لفقرتي إقامة دولة مستقلة أو الاندماج مع المغرب.
قبل المغرب بتحفظ مشروع بيكر بصيغته الأولى، فيما رفضته جبهة البوليزاريو والجزائر بشدة واعتبرته مصادرة لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، ومجلس الأمن الدولي الذي حرص أعضاؤه على الوصول إلى التسوية بالتوافق، طلب من بيكر أن يدخل على مشروعه تعديلات تضمن موافقة أطراف النزاع عليه.
وفي منتصف يناير الماضي، قام بيكر بجولة في المنطقة لعرض مسودة على أطراف النزاع، تتضمن تصورا أوليا للتعديلات التي يقترحها، ولم يطلب منهم ردا فوريا، إلا أنه حدد منتصف مارس الماضي لتلقي الردود. وكان انشغال العالم بالحرب الأمريكية البريطانية على العراق داعيا إلى اكتفاء مجلس الأمن بالتمديد لبعثة المينورسو، وتأجيل البت في مشروع بيكر الجديد.
حرصت أطراف النزاع الصحراوي على الالتزام بالسرية، إن كان فيما يتعلق بما ورد في مشروع بيكر، أو في ردودها على ما ورد، وبدأت منذ أسابيع تظهر هنا أو هناك بعضا من هذه التعديلات دون تأكيدات رسمية.
الرد المغربي وموقف البوليزاريو
رد الفعل الداخلي، خاصة بالنسبة للمغرب، كان الدافع الأساسي لعدم الكشف عن تفاصيل مقترحات بيكر ورد الحكومة المغربية عليه الذي جاء في 6 مارس الماضي. وعقد رئيس الحكومة إدريس جطو سلسلة اجتماعات مع قادة الأحزاب ليشرح لهم المشروع والرد المغربي عليه.
ما كشف من المشروع الجديد أنه يقلص الفترة الانتقالية من 5 إلى 4سنوات، كما يحد من صلاحيات الحكومة المركزية في تعيين القضاة في المناطق الصحراوية، وينص على إشراك صحراويين في كل الاتصالات الدبلوماسية الخارجية المتعلقة بالأقاليم الصحراوية وحدودها، كما يطلب تواجد صحراويين في البعثات الدبلوماسية المغربية.
من جهة أخرى، يوسع المشروع الجديد الكتلة الانتخابية للمجلس التشريعي لتضم كل سكان الصحراء بمن فيهم المغاربة المقيمين هناك.
وقد اعلنت الأحزاب المغربية بمختلف اتجاهاتها رفضها لتعديلات بيكر، وإن كانت درجة الرفض اختلفت من حزب إلى آخر بغض النظر عن موقعه في الحكومة أو خارجها. وحرص الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية على التأكيد أن المغرب لم يرفض في رده مشروع بيكر الجديد، لكن أوساطا حزبية أكدت أن الرد المغربي تضمن تحفظات تصل إلى درجة الرفض، خاصة حول النصوص المتعلقة بالتمثيل الدبلوماسي الصحراوي.
كانت جبهة البوليزاريو، حسب مصادر صحفية إسبانية، في ردها أقل تحفظا على الصيغة الجديدة منه على الصيغة الأولى لمشروع بيكر، ليكون بيكر قد نجح في تعديلاته من الابتعاد قليلا عن الموقف المغربي ليقترب بنفس الدرجة من موقف جبهة البوليزاريو.
وقد يكون هذا الابتعاد والاقتراب قد حقق هدفه بتأمين تأييد مجلس الأمن لمشروعه المتضمن لتهديد، كان كوفي أنان وجهه في وقت سابق بإعلان الأمم المتحدة فشلها في تسوية النزاع، وبالتالي، تحميل أطراف النزاع تبعات ذلك الفشل.
محمود معروف – الرباط
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.