نزع السلاح: ازدواجية المعايير!
تحول الاجتماع التحضيري لمؤتمر معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية إلى منبر سعت الولايات المتحدة من خلاله إلى تركيز الضوء على وضع كل من كوريا الشمالية وإيران بعد سقوط النظام العراقي
لكن أطرافا عديدة من بينها الدول العربية لم تتردد في تذكير واشنطن بوضع إسرائيل.
اجتمعت الدول الأعضاء في معاهدة منع الانتشار النووي الأسبوع الماضي في جنيف لتحضير مؤتمر مراجعة بنود المعاهدة، والمقرر عقده عام 2005. وجاء هذا الاجتماع التحضيري في أعقاب الحرب الأمريكية على العراق بذريعة القضاء على أسلحة الدمار الشامل، ودون موافقة مجلس الأمن الدولي.
وعللت الولايات المتحدة شن الحرب خارج نطاق الشرعية الدولية بدعوى القضاء على أسلحة الدمار الشامل التي تعتقد واشنطن أنها كانت في حوزة نظام الرئيس العراقي، رغم عدم توصل فرق التفتيش الأممية طوال أكثر من عشرة أعوام إلى أية دلائل قاطعة حول وجودها.
ودفع هذا التصرف الأمريكي العديد من الجهات، حكومية وغير حكومية خلال اجتماع جنيف، إلى الإشارة إلى ازدواجية المعايير التي تنتهجها واشنطن في ميدان الحد من التسلح.
ازدواجية مواقف الدول النووية
انتهزت منظمة حماية البيئة “جرين بيس” او السلام الأخضر فترة انعقاد مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي، لكي تقوم بالعديد من التظاهرات الهادفة إلى تذكير القوى النووية بأن لها التزامات بموجب معاهدة منع الانتشار النووي.
وعبر عن ذلك المسؤول عن حملة مناهضة السلاح النووي في “جرين بيس “، توم كليمنس بقوله “إنه لا يجوز الكيل بمكيالين في مجال الأسلحة النووية لأن امتلاك هذه الأسلحة هو بحد ذاته تهديد لنظام منع الانتشار”. بعبارة أخرى تطالب منظمة السلام الأخضر الدول النووية، ليس فقط بتطبيق منع الانتشار بالحيلولة دون وصول دول أخرى إلى تطوير تكنولوجيا السلاح النووي، بل ايضا العمل للقضاء على مخزونها من السلاح النووي.
وتعود معاهدة منع الانتشار النووي إلى عام 1970. وقد انضمت اليها كل دول العالم باستثناء ثلاث دول هي إسرائيل والهند وباكستان. كما انسحبت منها مؤخرا كوريا الشمالية.
ومن بين ما تنص عليه هذه المعاهدة، ضرورة التزام القوى النووية الخمسة أي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وروسيا وفرنسا والصين بالقضاء على مخزونها من الأسلحة النووية في الوقت الذي تتعهد فيه الدول غير النووية بعدم السعي إلى امتلاك هذا السلاح.
وفي رد على قيام الولايات المتحدة بتوزيع صور المطلوبين من النظام العراقي من خلال نشر صورهم في لعبة ورق في ترتيب حسب الأهمية، وزعت منظمة السلام الأخر لعبة ورق على المشاركين في المؤتمر بجنيف تحمل صور وهوية الشخصيات الثمان المسؤولة بالدرجة الأولى في العالم عن انتشار السلاح النووي.
ويأتي في المقدمة الرئيس الأمريكي جورج بوش وزعماء القوى النووية الرسمية والذين تضاف لهم صور كل من الرئيس الباكستاني مشرف ورئيس الوزراء الهندي فاجبايي ورئيس الوزراء الإسرائيلي شارون.
لماذا العراق وليس إسرائيل؟
أما الدول العربية التي وقعت كلها على معاهدة منع الانتشار النووي، فقد تبنت في خطوة مشتركة مبادرة سورية تدعو المؤتمر التحضيري لمطالبة الدول المتبنية لقرار صدر عام 1995 حول جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة منزوعة من السلاح النووي، من أجل الضغط على إسرائيل لدفعها للانضمام إلى المعاهدة وإخضاع منشآتها إلى المراقبة الدولية.
وتشير عدة مصادر إلى امتلاك إسرائيل لحوالي 200 قنبلة نووية، وهو ما لم تعترف به إسرائيل رسميا لحد الآن. ويقول الدكتور فوزي حماد، الرئيس الأسبق لهيئة الطاقة الذرية في مصر في حديث لسويس إنفو “أن إسرائيل قررت مبكرا أن يكون السلاح النووي هو الأداة الرئيسية لأمنها القومي”. ودائما حسب الخبير المصري”، توصلت إسرائيل في عام 1967 إلى صنع قنبلتين نوويتين… وهي اليوم تمتلك حوالي 200 قنبلة نووية”.
وكانت الدول العربية قد طالبت عام 1990 بإقامة منطقة منزوعة السلاح النووي في الشرق الأوسط، حين طرح الرئيس المصري حسني مبارك الفكرة للنقاش. وتم في مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي عام 1995 إصدار قرار يرمي إلى إقامة هذه المنطقة المنزوعة من السلاح النووي.
وقد أفرزت أزمة العراق وكثرة الحديث عن نزع أسلحة الدمار الشامل دعوات لإقامة منطقة منزوعة من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وجعلت ذلك أمرا ملحا وعاجلا.
أولوية واشنطن، إيران وكوريا الشمالية
لكن الخطر الذي يحيط بمعاهدة منع الانتشار النووي في المفهوم الأمريكي يتمثل في تهديدات من أطلق عليهم الرئيس جورج بوش اسم “محور الشر”.
فقد ذكر نائب وزير الدفاع الأمريكي، جون فولف، أمام المؤتمر في جنيف بأن الخطر الأكبر الذي يداهم معاهدة منع الانتشار النووي يتمثل في إعلان كوريا الشمالية عن الانسحاب من المعاهدة، ويقول “إنه يجب العمل على التوصل إلى حل دبلوماسي وسلمي من اجل إبقاء شبه الجزيرة الكورية منطقة منزوعة السلاح النووي”.
كما يرى جون فولف أن إيران “تطور برنامجا نوويا سريا على الرغم من التصريحات التي تدلي بها رسميا”. وعندما ذكره الصحفيون بازدواجية المعايير تجاه البرنامج النووي الإسرائيلي، اكتفى نائب وزير الدفاع الأمريكي بتجاهل الموضوع.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
أُقرّت معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية عام 1968
أصبحت المعاهدة سارية المفعول في 5 مارس 1970
أهم الدول النووية: الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، بريطانيا، الصين، الهند، باكستان
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.