نعم لأبحاث الخلايا الجينية … ولكن
أعدت الحكومة السويسرية مشروع قانون جديد يسمح بتوسع محدود في إجراء الأبحاث على الخلايا الجينية البشرية، مع تسهيلات لاستيرادها.
الا ان هذا المشروع الجديد يُيقي على القيود الصارمة المفروضة على الأبحاث في هذا المجال ومن المنتظر أن يثير جدلا واسعا.
سيتمكن البحاثة طبقا للقانون الجديد من إجراء تجاربهم واختباراتهم على خلايا الأجنة الميتة الناتجة عن عملية تلقيح اصطناعي، نتيجة مرض قد يصيب الأم في المراحل الأولى من التلقيح، فتتخلص من الجنين في أطواره الأولى.
وقد ظهرت في السنوات الأخيرة محاولات مختلفة للاستفادة من هذه الخلايا الميتة إما في عمليات الاستنساخ أو محاولة إجراء تجارب لاستخدامها في علاج بعض الأمراض المستعصية مثل السكرى وغيرها.
وتحاول الحكومة السويسرية منع أية تلاعبات في أبحاث الجينات البشرية تتعارض مع القيم والمبادئ الإنسانية. ويقول غيرار أيشر من المكتب الفدرالي للبحث العلمي إن مشروع القانون يميل إلى الليبرالية، وقد يتعارض مع بعض مواد الدستور.
الأبحاث الجينية تضع سويسرا في مأزق
في الوقت نفسه اعترفت وزيرة الصحة روت درايفوس بأن مجال الأبحاث الجينية يضع السويسريين في مأزق، وهي محقة في قولها. فمن ناحية، يتطلع العلماء السويسريون إلى الوقوف دائما في مقدمة الدول التي تتابع وتساهم في مجال الأبحاث الجينية، ومن ناحية أخرى يضع الالتزام الأدبي والمعنوي سقفا ثابتا لمدى تقدم هذه الأبحاث وتطبيقاتها. ومن مسؤوليات الدولة، سواء وزارة الصحة أو أجهزة البحث العلمي، رعاية هذه الالتزام والسهر على ضمان تنفيذه.
وقد صرحت وزيرة الصحة السويسرية في حديثها إلى وسائل الاعلام يوم الأربعاء، أن خلايا الأجنة ليست أشخاصا، ولكنها في الوقت نفسه ليست أشياء مادية يمكن التصرف فيها، في إشارة إلى الخبرة في التعامل مع هذا الملف. فبين قائل بأنها خلايا ماتت أو غير صالحة ويجب الاستفادة منها، وآخر يتمسك بأنها كائن حي غير مكتمل النمو وله كافة حقوق الفرد كاملة.
إطار جديد لأخلاقيات البحث العلمي؟
وقد تضع الحكومة إطارا جديدا لأخلاقيات التعامل في مجال الأبحاث الجينية، تحاول من خلاله التغلب على ما يعتبره العلماء “سلبيات تعوق عملهم”. في الوقت نفسه، من المفترض أن تحافظ هذه التعديلات على “الطبيعة الإنسانية” للخلايا التي هي في الأصل أحد المكونات البشرية.
ومع كل هذا، فإنه من غير المعروف تماما إن كانت الأبحاث على هذه الخلايا ستكون ناجحة أم لا، بينما يحرص العلماء على عدم ضياع الوقت في مناقشات تؤخرهم عن اللحاق بعجلة أبحاث الجينات التي تدور رحاها على قدم وساق علانية وخفية في مختلف الدول المهتمة بهذا الملف الحيوي والشائك في آن واحد.
ومن بين فقرات مشروع القانون الجديد، بند ينص على منع استخدام خلايا الأجنة في عمليات الاستنساخ، حتى لو كان ذلك بهدف استخدامها في تجارب علاجية، كما يحظر استخدام هذه الخلايا لأغراض تجارية مهما كانت طبيعتها.
في المقابل، يسمح مشروع القانون الجديد باستيراد الخلايا الجينية لاستخدامها في الأبحاث فقط، شريطة عدم وجود ما يكفي في سويسرا، وأن يكون ذلك بعيدا عن أية شبهة تجارية، أي أن تكون من خلال المقايضة أو المنحة.
موقف البرلمان
ولا شك في أن الجدل الذي ستشهده أروقة البرلمان عند فتح هذا الملف للنقاش، سيطالب العلماء ومؤيدي كسر الحواجز أمام الأبحاث في الخلايا الجينية، بتقديم براهينهم على أهمية وضرورة الأبحاث على هذه الخلايا، وإعلان برنامج البحث التي يقومون بها والنتائج التي يحصلون عليها، وهو ما قد يرى فيه العلماء تدخلا غير مرغوب فيه.
وقد يؤدي عدم التوصل إلى حلول وسط بين الاطراف المعارضة والاخرى المؤيدة للقانون إلى عرقلة جميع المشاريع التي يعتزم العلماء القيام بها على خلايا الأجنة، بل وستلزمهم الحكومة في هذا الوقت بإعدام هذه الخلايا والتخلص منها تماما.
ويتوقع مدير المكتب الفدرالي للصحة توماس تسلتنر أن عدد الحالات السنوية التي تسمح باستخراج الخلايا الجينية الميتة واستخدامها في الابحاث العلمية لا يقل عن بضعة عشرات ولن يزيد عن المائة، في الوقت الذي تشير فيه بيانات المكتب الفدرالي للصحة إلى وجود قرابة 1000 من الخلايا الجنينية المجمدة.
ومن اللافت للنظر أنه على الرغم من كل هذه الدقة المتناهية في التعامل مع ملف الخلايا الجينية، فانه لا تتوفر حتى الآن بيانات دقيقة حول العدد الحقيقي الذي يستخدمه العلماء في أبحاثهم، أم أن عدم اعلان هذا الرقم مرتبط بسرية البحث العلمي؟
تامر أبو العينين – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.