نـداء استغاثة من الصحفيين العراقيين إلى العالم
عشية انعقاد المؤتمر الدولي حول وضع اللاجئين والمرحلين العراقيين في جنيف، نقابة الصحفيين العراقيين توجه نداءا للمنظمات الدولية ولسويسرا من أجل التحرك لحماية الصحفيين العراقيين.
في ندوة صحفية بجنيف وبدعوة من الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفيين، شدد كل من مؤيد اللامي ، الأمين العام لنقابة الصحفيين العراقيين، وجهاد الحريشاوي، رئيس تحرير الصباح، وداود سلمان الجنابي، رئيس تحرير الحقائق، على المعاناة اليومية في مهنة الصحافة بعراق اليوم.
بدعوة من الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفيين التي مقرها في جنيف، وتزامنا مع انعقاد المؤتمر الدولي حول اللاجئين والمرحلين العراقيين، حضر الى جنيف وفد صحفي عراقي للتحسيس بما يتعرض له الصحفيون العراقيون يوميا من قتل وتهديد بالقتل واختطاف مسّ في بعض الأحيان حتى الأهل والأقارب.
مؤيد اللامي أمين عام نقابة الصحفيين العراقيين شدد على أن مغزى هذا الحضور الى جنيف هو للتعريف بمدى معاناة الصحفيين العراقيين سواء من خلال شهادة صحفيين تعرضوا للتهديد بالقتل او قتل او اختطف أعضاء من عائلاتهم أو من خلال أقارب صحفيين لم يقتلوا إلا لأنهم يزاولون هذه المهنة.
ولتحديد حجم ما يعانيه الصحفيون العراقيون، يرى السيد اللامي أن من بين الخمسة الآف صحفي عراقي المسجلين بنقابة الصحفيين “هناك حوالي 40% منهم هددوا وشردوا إما داخل العراق او خارجه”. ويضيف أنهم “يعيشون تحت ظروف في غاية الصعوبة ماديا وصحيا”.
وحسب السيد اللامي “بلغ عدد الضحايا من الصحفيين منذ التدخل الأمريكي في العراق حوالي 220 صحفيا” أي ” 10% من الصحفيين العراقيين العاملين داخل العراق”.
شهادات عن معاناة الصحفيين وعائلاتهم
مشكلة غالبية الصحفيين العراقيين حسب أمين عام نقابة الصحفيين العراقيين ” أن الغالبية منهم تتعامل بالقطعة وبالتالي فإن لا يتمتعون بضمان اجتماعي في حالة التقاعد كما أن من يتعرض للقتل تبقى عائلته بلا معين وبلا مسكن أو مأكل”.
وقد أثار السيد اللامي وضع الصحفي الرياضي صرمد الذي اختطف وقتل. وان عائلته لم تجد في مراسيم عزائه حتى ثمن الشاي لتقدمه للمعزين. وأشار إلى أن عائلته المكونة من أب وأم عجوزين واختين يوجدون في الشارع، وما ذلك الا حالة من عشرات الحالات المشابهة. ويذهب السيد اللامي الى حد القول “إن من بين 220 صحفي قتيل هناك حوالي 160 عائلة تعيش هذه المعاناة إضافة الى التهديد الأمني الذي يستهدف أفرادها، من قبل من استهدفوا إبنها الصحفي”.
أما جهاد الدين الحريشاوي رئيس تحرير الصباح، فقد استعرض الصعوبات التي يواجهها الصحفي اليوم في العراق عموما وصحفيو التحقيق بالخصوص، وذلك قبل عرض معاناته الشخصية من جراء تعرض أهله للاختطاف. ويقول السيد الحريشاوي “في الوقت الذي أشارك فيه هنا في جنيف تعرض زملائي في الصحيفة قبل ايام للتهديد بالتعرض لتفجير بسيارة مفخخة”.
وعن معاناته الشخصية، أثار السيد الحريشاوي “التعرض للتهديد بالقتل مرات عديدة ومن قبل جهات مجهولة”. وعما إذا كانت التهديدات تستهدف طائفة بحالها يقول السيد الحريشاوي “أن كوني من الشيعة وزميلي داود سليمان الجنابي من السنة فإننا جميعا نتعرض لنفس التهديد”.
وكانت عائلة الحريشاوي قد عانت من خطف الابن منذ حوالي ثلاثة أشهر قبل أن يفرج عنه مقابل مبلغ مالي هام. كما تعرض شقيقاه للخطف أيضا وتعرض شقيقه الأكبر لعملية اعتداء قتل فيها اثنان من مرافقيه. كما أن زوجته الصحفية تزاول مهنتها تحت التهديد. واختتم السيد الحريشاوي شهادته بالقول ” لا أدري ما إذا كنا سنكون ضمن قائمة الضحايا القادمين بعد عودتنا من جنيف”.
ومن جانبه عرض السيد داود سلمان حمزة الجنابي رئيس تحرير الحقائق، عمليات التهديد بالقتل التي تعرض لها أكثر من سبع مرات، وتعرضه لمحاولتي اغتيال، ومحاولة خطف أطفاله من المدرسة الأمر الذي جعل الأربعة ينقطعون عن الدراسة لمدة عامين.
وهذه الأوضاع جعلت السيد الجنابي، يتنقل وعائلته من حي إلى حي بغرض المبيت. وهذه الأوضاع هي واقع العديد من الصحفيين العراقيين اليوم.
استهداف من قبل جميع الجهات
في تلخيصه لأسباب استهداف الصحفيين في العراق يقول السيد مؤيد اللامي “لسنا نعرف الأسباب التي تدفع لاستهداف الصحفيين ولكن هناك أجندا للقيام بذلك ومن قبل كل الجهات”.
وعما إذا كان الاستهداف من جهات حكومية، أوضح بأن الصحفي العراقي مستهدف من قبل الجميع بدون استثناء قوات الاحتلال والقوات الحكومية والميليشيات المختلفة. ولكنه أوضح بأن العلاقة بين الحكومة العراقية ونقابة الصحفيين عرفت نوعا من التحسن منذ نهاية العام 2005، بعد ان كان الصحفيون يتعرضون للقتل حتى على أيدي أجهزة الحكومة في السنوات 2003 و2004. ولكن رغم هذا التحسن، يقول السيد اللامي “ما زالت كل جرائم قتل الصحفيين تسجل ضد مجهول مما يحول دون مواصلة التحقيق”.
أما السيد داود سلمان الجنابي فيتساءل “هل يقتل الصحفي بسبب المقال الذي يكتبه أو لأنه ينشر الحقيقة أو لأنه بمثابة لسان حال شعب مظلوم يقتل يوميا؟”، واضاف مستغربا “لماذا لا تحرك معظم المنظمات الصحفية العالمية ساكنا لما يحدث في العراق؟”.
نداء للأمم المتحدة ولسويسرا
يرى أمين عام نقابة الصحفيين العراقيين مؤيد اللامي أن “المزعج هو أن الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي والدول المدافعة عن حقوق الإنسان لم تقدم شيئا للصحفيين المهددين بالقتل النهائي، ولا لعائلات الضحايا، علما بأن هناك ما بين صحفي او صحفيين يقتلون يوميا”.
وسيقدم بمناسبة حضور كل من الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة السيد بان كي مون ، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان لويز آربور، المؤتمر المخصص للاجئين العراقيين في جنيف يوم 17 و 18 ابريل لتقديم خطاب في هذا الشأن للمطالبة بتأمين الحماية للصحفيين العراقيين .
وفي نداء موجه للحكومة السويسرية، عبر السيد مؤيد اللامي “باسم ما تبقى من الصحفيين العراقيين” عن مناشدة الحكومة السويسرية بوصفها البلد الذي يضم المنظمات الدولية الإنسانية “التدخل بشكل واضح وكبير للطلب من هذه المنظمات أن تساعد ما تبقى من الصحفيين وان توفر ملاذات آمنة وأن تخاطب جميع دول العالم للمساهمة في حماية الصحفيين العراقيين”.
ويرى في رد على احد الأسئلة أن الخطوات العملية لحماية الصحفيين العراقيين تتمثل في مطالبة قوات الاحتلال باحترام الصحفي كمدني بموجب اتفاقيات جنيف التي تحمي المدنيين في حالة الحرب. وفي ندائه للحكومة العراقية طالب السيد اللامي بضرورة معاملة الحكومة العراقية للصحفيين بوصفهم السلطة الرابعة وتأمين الحماية لهم ولأهلهم.
أما فيما يتعلق بمجلس حقوق الإنسان فيرى السيد اللامي ” أنه مطالب بشكل جدي بعقد جلسة خاصة لمناقشة وضع الصحفيين بشكل عام ووضع الصحفيين العراقيين بشكل خاص، والخروج بقرارات واضحة حول كيفية حماية الصحفيين العراقيين وإلا فسوف لن تحرك لا الحكومة العراقية ولا قوات التحالف ساكنا لحماية ما تبقى من الصحفيين العراقيين”.
وفي رد عن سؤال لسويس إنفو، عما إذا كان يرى في الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفيين وسيلة قد تساعد في حماية الصحفيين العراقيين، رد أمين عام نقابة الصحفيين العراقيين ” بأن وجود شارة واقية للصحفيين قد يفيد الصحفيين العراقيين كثيرا، لأن وجودها له مزايا كثيرة بحيث تجبر قوات الاحتلال والمؤسسات الحكومية والأحزاب المختلفة على احترام الصحفي حتى لا تضطر لتقديم تعليلات في حال مقتله”. لكنه أوضح في نفس الوقت “بأن في وضع العراق اليوم الذي يقتل فيه الصحفي لمجرد أنه صحفي، كون وجود شارة توضح بأن هذا الشخص صحفي قد تكون فيه خطورة”.
وسيقوم الوفد الصحفي العراقي، الذي سينظم له أعضاء من عائلات الصحفيين الضحايا، بمحاولة الاتصال بالأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة وبالمفوضة السامية لحقوق الإنسان وبممثلي السلطات السويسرية أثناء مشاركتهم في المؤتمر الدولي المخصص للاجئين والمرحلين العراقيين في جنيف.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
تأسست أول صحيفة في العراق قبل ما يقارب 130 عاما.
تضم النقابة أكثر من 5000 صحفي وإعلامي عراقي وتشمل جغرافيا 15 مقاطعة عراقية باستثناء المقاطعات الكردية الثلاثة اربيل والسليمانية ودهوك.
40% من مجموع الصحفيين العراقيين هددوا وشردوا داخل العراق أو خارجه.
220 منهم قتلوا منذ التدخل الأمريكي في العراق في أبريل 2003، أي حوالي 10% من مجموع الصحفيين العاملين داخل العراق.
حاولت الحكومة العراقية حل النقابة على غرار باقي المنظمات العراقية بعد التدخل الأمريكي، ولكنها رفضت الامتثال لذلك.
اعترفت بها الحكومة العراقية قبل عامين بعد إعادة انتخاب هيئاتها تحت رقابة دولية مما دفعها الى رفع الحجز المفروض على أرصدتها.
ينعقد المؤتمر الدولى لمواجهة الاحتياجات الإنسانية للاجئين والأشخاص النازحين داخليا داخل العراق والبلدان المجاورة له يومي 17 و18 ابريل 2007 في قصر الأمم في جنيف.
لا يزال انتباه العالم مُركزا على اعمال العنف والمعاناة الإنسانية القائمة فى العراق ولكن العواقب الإنسانية الوخيمة بما فيها ازدياد النزوح الداخلى بالعراق و النزوح الى دول الجوار ما زالت فى حاجة الى الإدراك والتقدير الكامل لحجمها، ومن ثم مخاطبتها تباعا.
وفى عرض من المفوضية لتوضيح الأمور، قرر السيد أنطونيو غوتيريس المفوض السامى لدى الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، عقد مؤتمر دولى يركز على الأبعاد الإنسانية المترتبة على الأوضاع الحالية فى العراق.
تنشد الاهداف الرئيسية من المؤتمر إلى توعية المجتمع الدولى إلى العواقب الإنسانية الناتجة من اعمال العنف والصراعات الجارية فى العراق، وبحث الالتزامات المطلوبة لمخاطبة الاحتياجات الحالية و المستقبلية، و إيجاد حلول تهدف لحل مشاكل محددة.
(المصدر: عن موقع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتصرف)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.