“نــفّـــذ أم لم ينــفّـّــذ، سيسقــط”
أكد الشريف علي بن الحسين رئيس الحركة الملكية الدستورية في العراق أن عمليات التفتيش الأممية لن تغير شيئا في المعادلة العراقية.
واعتبر الشريف علي أن صدام حسين سيسقط حتما.
تعتقد تيارات المعارضة العراقية أن عودة فرق التفتيش الأممية على أسلحة الدمار الشامل الى العراق لن يكون لها تأثير على الاستراتيجية الأمريكية تجاه نظام الرئيس صدام حسين، وأن واشنطن ملزمة بدعم الشعب العراقي على الإطاحة بالنظام. هذا هو الموقف الذي أعرب عنه الشريف علي بن الحسين، رئيس الحركة الملكية الدستورية في العراق، والمتحدث باسم المؤتمر الوطني العراقي، والذي بدأ حديثه الهاتفي إلى سويس انفو بالقول:
الشريف علي بن الحسين:
ليس لدينا أي شك في ذلك. فالقانون الأمريكي ينص على أن الإدارة الأمريكية مجبرة على دعم الشعب العراقي لإسقاط النظام. وقد أكد الرئيس بوش أن النظام العراقي سوف لن يكون قادرا على تنفيذ أي قرار جديد صادر عن الأمم المتحدة.
إن توقعات الإدارة الأمريكية بشأن ما إذا نفّذ النظام العراقي جميع القرارات، ستكون النتيجة سقوط هذا النظام. وأعتقد أن عدم التنفيذ سيؤدي إلى سقوط النظام، والتنفيذ كذلك سيؤدي إلى سقوطه.
س: هذه المعادلة تبدو غير واضحة. فإذا كان عدم التنفيذ يؤدي إلى سقوط النظام، فكيف يؤدي تنفيذ قرارات مجلس الأمن إلى سقوطه؟
ج: إن تنفيذ القرارات الدولية سيؤدي إلى سقوط النظام، لأن هذا النظام لا يمثل إرادة الشعب وهو نظام يهدد جيرانه. فإذا سمح بدخول المفتشين إلى جميع المراكز التابعة للسلطة، ونفذ قرارات عدم دعم الإرهاب، والتزم بقرارات عدم اضطهاد الشعب، فان النتيجة ستكون إسقاط النظام. في المقابل، إذا ما اضطهد الشعب فانه يكون قد اخترق قرارات الأمم المتحدة، والنتيجة أنه يجب على الأمم المتحدة فرض هذا القرار، مما سيؤدي حتما إلى إسقاط النظام.
س: لقد مر العراق منذ مغامرة اجتياح الكويت بتجارب مريرة جدا أثبتت أن هذا النظام، مهما كانت الوسائل المحشودة لإسقاطه ظل ماسكا إلى حد ما بزمام الأمور، والعراقيون عانوا ما يكفي. كيف يمكن التوفيق من وجهة نظرك بين إسقاط النظام دون المساس بالشعب العراقي؟
ج: نحن منذ سنة نقول للأمريكيين بان الشعب العراقي بأجمعه ضد هذا النظام، بما في ذلك القوات المسلحة وحزب البعث وكذلك القيادات داخل النظام العراقي نفسه.
كما نقول لهم إنه يجب عليهم أن لا يستهدفوا البنية التحتية أو القوات المسلحة أو الشعب العراقي، بل يجب أن يركزوا فقط على القيادة والأجهزة القمعية ويتيحون الفرصة للشعب العراقي أن يثور ضد هذا النظام.
إن هذه الحرب، إذا قامت، هي حرب صدام حسين، وكنا نتمنى أن لا تحصل هذه الحرب، حيث كان أمام هذا النظام 11 عاما لتفاديها. ولكنه ظل مصرا على مواجهة إرادة المجتمع الدولي مع الأسف.
نحن كعراقيين سنستغل كل فرصة تتاح لنا لتغيير هذا النظام والتقليل من ضرر ونتائج أي عمل عسكري ضده. لقد كنا نتمنى أن يكون الدعم مباشرا للشعب العراقي، ولكن هذه الأمور ليست بأيدينا وإن كانت نتيجة سياسات هذا النظام هي الحرب، فنحن سنعمل على تقليل الأضرار على الشعب العراقي، وأن الهدف يجب أن يكون إسقاط النظام وليس فقط تجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل.
س: أعلنت الولايات المتحدة عن تدريب آلاف المعارضين العراقيين في الخارج، هل ستشاركون في هذه التدريبات وما الدور الذي سيضطلع به المدربون في حال بدأت الولايات المتحدة عملا عسكريا لإسقاط النظام؟
ج: إن هذه القوة سوف لن تحارب الجيش العراقي، لأننا نعتبر ان الجيش العراقي وكل القوات المسلحة، ومن ضمنها الحرس الجمهوري إخواننا وأبناءنا وهم جيش باسل ووطني.
فنحن لن نحارب الجيش العراقي كعراقيين. إن الهدف من هذه القوة هو أن تكون وسيلة للاتصال بين العسكريين في داخل العراق، لان هذه القوة تتشكل من عسكريين سابقين من زملاء ورفاق في القوات المسلحة، والتنسيق مع الجيش العراقي في الداخل واستيعابه وتشجيعه على التعاون مع المعارضة ومع الشعب.
وسنتيح لهم الفرصة أن ينسقوا مع العمل العسكري، وأيضا ان نتفادى أي ضربة ضد الجيش العراقي الباسل الموجود في العراق. ان العملية هي عملية تنسيق واستيعاب للقوات المسلحة داخل العراق. واعتقد أننا بعد الانتهاء من دراسة التفاصيل، سيكون لدى الحركة الملكية الدستورية وجود في هذه القوات، حتى يكون عندنا مجال للتأثير على عمل هذه القوات وانهم لا يضربون الجيش العراقي.
س: فيما يتعلق بالسيناريوهات المطروحة، ومن ضمن ما هو معلن منها، ثم الحديث عن احتلال أمريكي وتعيين حاكم عسكري للعراق لفترة، وهنالك أيضا حديث عن تشكيل حكومة مركزية قوية تكون نواتها المعارضة الكردية والشيعية تُغطى بعباءة سنيّة هاشمية. هل هذا وارد؟
ج: بالنسبة للاحتمال الأول، لا اعتقد انه توجد ضرورة لتنصيب حاكم عسكري أمريكي في العراق. فالعراق ليس خارجا من حرب أهلية، ولديه مؤسسات ووزارات ومسؤولين وموظفين قادرين على إدارة البلاد. المشكلة في القيادة السياسية وليس في ملء فراغ إداري.
إننا لا نحتاج أحدا يأتي ليعين وزيرا أو موظفا أو أن يقرر سياسة تخص إدارة البلاد. نحن كعراقيين قادرون على إدارة بلادنا ولا توجد ضرورة لانتداب جديد في العراق، فهذا شيء مرفوض من قبلنا ونعتبر انه ليس من مصلحة الجيش الأمريكي أو السياسة الأمريكية التدخل في الشؤون الإدارية العراقية الداخلية.
أما بالنسبة لحكومة مركزية قوية، ومشاركة الإخوان الأكراد والإخوان السنة والشيعة، نحن أولا جميعا عراقيون، لا نفرق بين طرف وطرف آخر، ولا نميز بين هذا الشخص الكردي أو ذاك الشخص الشيعي أو السني أو الآشوري أو التركماني أو الصابئ، نحن نعتبر أن كل عراقي يتساوى مع بقية العراقيين في حقوقه وواجباته.
الحكومة القادمة أو الإدارة الانتقالية ستكون إدارة تشمل كل أطراف الفئات العراقية، ولا تميز بين طرف وطرف، وأن تضمن أن لا يوجد طرف يتفوق أو يأخذ من حق الآخر، ولا يكون هنالك بداية بذور لدكتاتورية الأغلبية على الأقلية أو الأقلية على الأغلبية، فكلنا عراقيون، والمشكلة الأساسية في العراق ليست بين الطوائف والفئات التي تُـكـَوِّن المجتمع العراقي، ولكن مع الحكومة المركزية. لا يوجد تاريخ لحرب بين الأطراف والفئات العراقية، لكن يوجد إصرار على الحرية والاستقلال، وأن يقرر الشعب العراقي مصيره، وإننا نرفض القيادة السياسية الموجودة الآن في العراق.
س: دعني سيدي أكون أكثر جرأة في طرح سؤالي، هل لديكم ضمانات أمريكية بالتحديد وإقليمية بالدرجة الثانية بشان عودة الملكية إلى العراق، وان النظام المقبل في العراق سيكون نظاما ملكيا؟
ج: نحن أولا نعتمد بعد الله على الشعب العراقي. والقرار النهائي سيكون للشعب العراقي، وليس لأي طرف إقليمي أو دولي… إن الأنظمة الملكية في الشرق الأوسط ليست كالملكيات الأوروبية، نحن لن نأتي إلا برضى الشعب، وخاصة لتأسيس دولة جديدة وحكومة جديدة.
إن الهدف الأساسي للحركة الملكية الدستورية في العراق هو رد الإرادة المسلوبة للشعب العراقي وإعطاء الشعب العراقي حرية اختيار نوع النظام الذي يريده. اما فيما يتعلق بالسؤال حول الضمانات، إننا لم نتلق أي ضمانات من أي طرف حول شكل النظام القادم في العراق. ونحن نرفض أي تدخل خارجي في مستقبل العراق. أن الشعب العراقي هو الذي سيقرر بإذن الله بدون أي تدخل من أطراف أخرى.
س: هل أنت تُقنعنا بأن الولايات المتحدة سوف لن تتدخل في حال نجحت في إسقاط نظام الرئيس صدام حسين في طبيعة وتركيبة النظام المقبل في العراق؟
ج: نحن لسنا قادرين ولا يمكن أن نضمن ما ستفعله الولايات المتحدة، ولكن هذا هو موقفنا. نحن نرفض تدخل أي طرف خارجي في الشؤون الداخلية العراقية. وإذا ما فرضت حلول على الشعب العرقي، فإننا بطبيعة الحال نرفض ذلك. نحن نطلب من الدول جميعا أن تساعد الشعب العراقي وأن تمنحه الحق في اختيار نظامه. والولايات المتحدة تدعم هذا التوجه، وقد قال المسؤولون فيها إن الشعب العراقي هو الذي سيقرر النظام الذي سيحكمه وانهم يدعمون الديموقراطية في العراق.
س: في إطار الحديث عن السيناريوهات المطروحة لمرحلة ما بعد الرئيس صدام حسين، هناك حديث في بعض الأوساط الأمريكية عن ضرورة عودة الأسرة الهاشمية بقوة، ليس فقط في الأردن لكن ربما من خلال توحيد الأردن والعراق تحت العباءة الهاشمية؟
ج: لا اعتقد أن هذا السيناريو وارد، خاصة في الوقت الراهن. نحن طبعا ندعم الوحدة العربية من المحيط إلى الخليج، ولكن نعتبر انه يجب أن نقوم بخطوات عملية قبل ان ندخل في خطوات سياسية، يجب ان يكون هناك تنسيق اقتصادي ودبلوماسي وفتح الحدود على غرار مجلس التعاون الخليجي.
إن المهم هو التركيز على القضايا الاقتصادية وتُـتـرَك القضايا السياسية إلى آخر المطاف، وهو ما فعله الاتحاد الأوروبي. نحن في غنى عن هذه المشاكل والعراق يجب أن يعوض جيلا أو جيلين مفقودين لبناء العراق الجديد. فنحن ليس لدينا أي طموح في الدول المجاورة وليس لدينا أي طموح في مغامرات سياسية مع الدول المجاورة.
س: يعزو العارفون بالشان العراقي بقاء نظام الرئيس صدام حسين إلى تشتّت المعارضة العراقية، سواء في الداخل أو في الخارج. هل المعارضة اليوم مؤهلة ومستعدة لتكون بديلا، أم أنها في رأيكم لا تزال مشتتة؟
ج: أولا لا نعتبر ان المعارضة متشتتة او متشرذمة. إن المعارضة العراقية متكونة من أحزاب وتيارات سياسية مختلفة من اليسار إلى اليمين، بين القومي والإسلامي. نحن كلنا متوحدون حول ضرورة تغيير النظام ورد الإرادة المسلوبة الى الشعب العراقي.
غير أن هذا النظام شرس وظالم ولديه قدرات ضخمة، لاسيما نفطية، وينفق كل ثروات الشعب العراقي على بقائه في الحكم. ونحن كمعارضة، كنا نناضل ضد هذا النظام عندما كانت جميع الدول في العالم صديقة له. وبعد أن فُضِح هذا النظام إثر غزو الكويت، تغيّرت المعايير وأصبح الكثيرون يعلمون بأن هذا النظام يشكل خطرا.
وإذا ما لم يحصل تغيير، فإن المعارضة العراقية ستستمر في النضال ضد هذا النظام. إن سبب الإخفاق في الوصول إلى إزاحة النظام هو أن المعركة طويلة ولن نتردد في استمرار البذل لمواجهة هذا النظام. إن المعارضة العراقية هي أقوى معارضة في الشرق الأوسط. لدينا منطقة محررة، لدينا جيوش، لدينا وسائل إعلامية ضخمة، نُستقبل من قبل رؤساء دول وحكومات، ونشارك في المؤتمرات الدولية. والأهم من كل هذا أن كل من يرغب في رفع المعاناة عن الشعب العراقي، يتفق معنا حول ضرورة تغيير هذا النظام، وان تكون للشعب العراقي حرية الاختيار.
س: تفضلت بالإشارة قبل حين إلى ان النظام العراقي شرس، وكثير من المسؤولين في المعارضة العراقية يقولون أن الولايات المتحدة خذلتنا، لاسيما عام 1991. ماذا لو خذلتكم الولايات المتحدة مجددا؟
ج: طبعا، نحن تعلمنا من أخطاء الماضي، ولازلنا إلى اليوم حذرين في التعامل مع الولايات المتحدة. ولكن تعلمنا أيضا انه يجب علينا أن ندخل في صلب القرار السياسي الأمريكي، وأن لا نحصل على مجرد وعود من الإعلام أو من الموظفين في السفارات.
نحن على يقين بان القرار الأمريكي موجود بإنهاء النظام العراقي واعتباره خطرا على المصالح الأمريكية وعلى استقرار المنطقة. ربما لم يتخذ قرار أمريكي نهائي بشان العمل العسكري، ولكن من الواضح ان الأمريكيين يقومون باستعدادات، وبالإمكان حدوث تغييرات على الساحة الدولية تؤدي إلى تأخير الضربة على النظام او البدء في عملية التغيير. ولكني لازلت اعتقد ان الضربة وشيكة، ونحن متفائلون جدا بان التغيير قريب.
س: أنت سمو الشريف علي بن الحسين، من الأسرة الهاشمية وهي أسرة عريقة في المنطقة العربية وفي الشرق الأوسط، ولا تزال شابا وُلدت سنة 1956 وعشت معظم حياتك خارج العراق لأسباب نعرفها جميعا، ألا يخيفك أن تصبح يوما ما، سواء بالتنصيب او بالمبايعة، ملكا على العراق؟
ج: نحن كلنا كشعب عراقي ضحايا الدكتاتورية، ونحن جميعا تألمنا ودفعنا ثمنا باهظا بسبب هذه الدكتاتوريات. وأعتبر شخصيا أن واجبي هو ان اخدم هذا الشعب بأي طريقة ممكنة. من الممكن ان أبقى خارج العراق وأنسى بلدي وشعبي وإخواني في الداخل، لكن تربيتي وتاريخنا لن يسمحا بذلك.
إن هدف حياتي هو ان اخدم الشعب العراقي قدر الإمكان، وان كانت هنالك مجازفات فهي ليست اكثر من تلك التي يعيشها العراقيون الموجودون في الداخل والذين يعانون من ممارسات هذا النظام. إن وضعي الشخصي خارج العراق اكثر أريَحِيّـة من الذين يعيشون في الداخل الآن، وأي شيء قد يحصل بعد تغيير النظام لن يقارن بمعاناة الشعب العراقي خلال العقود الثلاثة او الأربعة الماضية، وأنا مستعد ان أجازف بحياتي وبالغالي والنفيس من أجل الشعب العريق والعظيم
أجرى الحوار و نقـلـه محمود بوناب – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.