نهاية “استثناء سويسري”
كشفت دراسة حديثة لمصرف "كريدي سويس" أن سوق العمل السويسري لم يعُد ذلك "الاستثناء" المعهود في أوروبا الغربية بسبب الارتفاع المتواصل للبطالة الهيكلية في الكنفدرالية.
في المقابل، أعلن “اتحاد البنوك السويسرية” أن القطاع الصناعي السويسري سجل انتعاشا ملموسا في الثلاثي الثالث من هذا العام.
سوق الشغل السويسرية فقدت موقعها “الاستثنائي” وسط دول أوروبا الغربية. هذا هو الاستنتاج الذي توصلت إليه دراسة حديثة لمصرف “كريدي سويس”. ويعود فقدان سويسرا لوضعها “الاستثنائي”، حسب الدراسة التي نُشرت مؤخرا، إلى الارتفاع المتواصل الذي تسجله نسبة البطالة الهيكلية في الكنفدرالية منذ سنوات.
فأثناء كل فترة ركود اقتصادي جديدة، يرتفع عدد العاطلين انطلاقا من معدل أعلى من المتوسط المسجل في فترات الركود السابقة.
وقد عانت بلدان مثل فرنسا وألمانيا من هذه الظاهرة منذ السبعينات والثمانينات. لكن سوق العمل السويسري لم يشهد هذا النوع من البطالة إلا أثناء سنوات الركود الست الأولى من عقد التسعينات.
أما البطالة بشكل عام، فهي ليست ظاهرة قديمة في سويسرا التي بدأت تواجه هذه المعضلة الاقتصادية والاجتماعية قبل 15 عاما فقط. فبعد أن سجلت البطالة نسبا تتراوح بين 0,2% و1% في السبعينات والثمانينات، قفزت لتسجل رقما قياسيا في عام 1997 بلغ 5,7%، أي ما عادل آنذاك 206 ألف عاطل عن العمل.
ولم يكن يتجاوز عدد العاطلين عام 1990 في سويسرا 30 ألف شخص، أي معدل بطالة يعادل 0,7%.
وقد تلا أزمة 1997 انتعاشٌ اقتصادي تميز بنمو ملحوظ على مستوى الناتج الداخلي الخام الذي ارتفعت نسبته إلى 3% عام 2000. وسمح هذا الانتعاش بانخفاض متوسط البطالة إلى 1,6% في منتصف عام 2001، أي ما يعادل 60 ألف عاطل عن العمل.
وبهذا العدد من العاطلين، واجهت سويسرا فترة الركود الموالية التي تواصلت من 2001 إلى 2003 والتي “عززت صفوف العاطلين” حيث قفز عددهم ليستقر في 145 ألف شخص. ورغم الانتعاش الاقتصادي الذي شهدته سويسرا في عام 2004 والذي قدر بـ2%، ظلت البطالة تتأرجح بين 3,5 و3,7% لتستقر في النسبة الأخيرة خلال أغسطس وسبتمبر الماضيين.
أسباب الظاهرة
واستند معدو دراسة “كريدي سويس”، وهو ثاني أكبر المصارف في الكنفدرالية، إلى جملة من المبررات لتوضيح ظاهرة البطالة الهيكلية التي بدأت تتجاوز 3% مقابل 2% سابقا.
وبدؤوا بتسليط الضوء في البداية على تراجع معدل النمو الاقتصادي في سويسرا من 2,2% في الثمانينات إلى 1% في التسعينات. فضلا عن حقبات الركود المتتالية التي شهدتها الكنفدرالية وكانت أقواها خلال أعوام 1990 و1992 و1994 و2001، وأضعفها في أعوام 1996 و1999 و2003.
هذه التواريخ السبعة من الركود الاقتصادي ترددت على سويسرا في ظرف لا يتجاوز 13 سنة (من 1990 إلى 2003)، وفاقت بكثير الأزمات الاقتصادية التي شهدتها البلاد على مدى ربع قرن، من 1966 إلى 1990.
على صعيد آخر، نوه مؤلفو الدراسة إلى أن عددا متزايدا من العمال الأجانب يستقر بصفة دائمة في سويسرا، بعدما كانوا في السبعينات والثمانينات طاقة عاملة قابلة للتصرف ووسيلة لامتصاص للأزمات، إذ كان يمكن الاستغناء عن خدماتهم وإعادتهم لبلدانهم في فترات الضيق الاقتصادية.
ويذكر أن نسبة العمال الأجانب المقيمين بصفة دائمة في سويسرا كانت لا تتجاوز 30% في عام 1973. وقد قفزت إلى 53% في عام 1983 وإلى 60% حاليا.
وتشير الدراسة أيضا إلى النساء الحاملات للجنسية السويسرية ساهمت أيضا في رفع متوسط السكان النشيطين بشكل ملموس حيث ارتفع عددهن بـ530000 ما بين 1960 و2000.
أخيرا، تلفت دراسة كريدي سويس الانتباه إلى أن الشركات تلجأ أقل من قبل إلى البطالة الجزئية لتجاوز الأزمات، أي أنها تفضل الاستغناء عن خدمات الموظفين المعنيين بدل تقليص ساعات عملهم وتخفيض رواتبهم.
انتعاش القطاع الصناعي
من جهته، أعلن اتحاد البنوك السويسرية “UBS”، في سبر الآراء الدوري الذي ينشره كل ثلاثة أشهر عن وضعية القطاع الصناعي، أن هذا القطاع سجل نموا سريعا خلال الثلاثي الثالث من العام الجاري. ويتوقع أكبر المصارف السويسرية أن يتواصل هذا الانتعاش إلى نهاية السنة.
وشمل سبر الآراء زهاء 300 شركة أعلنت 55% منها عن تسجيل انتعاش في رقم مبيعاتها، بينما كشفت 20% عن تراجع مبيعاتها.
ويعود الانتعاش العام للقطاع الصناعي السويسري إلى تعزيز الاستفادة من الطاقات العمالية حيث ارتفعت من 85 إلى 86%، إذ زاد الطلب على العرض، مما سمح للشركات برفع أسعارها.
وقد بدا قطاع صناعة الساعات الأكثر تفاؤلا في نتائج سبر آراء “اتحاد البنوك السويسرية”، يليه قطاع صناعة الأدوية وصناعة المعادن والآلات. أما قطاع المنتجات الصناعية فظهر الأكثر خشية من تطور أوضاع السوق.
سويس انفو مع الوكالات
حسب معطيات كتابة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية الصادرة يوم 8 أكتوبر 2004:
ظلت نسبة البطالة مستقرة في سويسرا خلال شهر سبتمبر الماضي في 3,7% مقارنة مع شهر أغسطس.
أما عدد العاطلين المُُسجلين فارتفع إلى 146341، أي بزيادة 418 حالة خلال شهر واحد.
وقد بلغ مجموع المسجلين في لوائح مكاتب التوظيف 213733 شخصا، أي بزيادة 948 مقارنة مع شهر أغسطس.
أما عدد الوظائف الشاغرة التي أعلنت عنها مكاتب الشغل فتراجع بـ213 موقع شغل ليستقر في 7696.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.