هجوم بولكشتاين “دليل ضعف”!
أثارت الهجمة الأخيرة للمندوب الأوروبي على السرية المصرفية، الإمتعاض في سويسرا. لكن برن ترى أن هذه الهجمة تعكس نقاط ضعف الاتحاد الأوروبي في هذه القضية.
من جانبه، دعا رئيس وزراء لوكسبورغ الأوروبيين إلى الكف عن معاملة سويسرا وكأنها “عراق” جبال الألب!
تبدو الرسالة التي نشرها المفوض الأوروبي يوم الإثنين في صحيفة الفايننشال تايمز اللندنية للوهلة الأولى، كهجمة صريحة على نظام السرية المصرفية وعلى رفض سويسرا الإباحة بالمعلومات عن دخل أموال مواطني الاتحاد الأوروبي في البنوك والمؤسسات المالية السويسرية. لكن القراءة المتأنية لما جاء فيها تكشف النقاب عن أنها هجمة تستهدف عددا من بلدان الاتحاد الأوروبي بالذات في الوقت نفسه.
وفي ردود الفعل الأولى على هذه التصريحات لمندوب الاتحاد الأوروبي، أعربت الأوساط المقربة من الحكومة الفدرالية في برن، عن عدم الرضى بالمرة عما تضمنته رسالة بولكيشتاين للفاينانشال تايمز.
لكن الأوساط المقربة من البنوك والمصارف تقول، إن رسالة بولكشتاين تكشف عن ضعف موقف الاتحاد الأوروبي في هذه القضية، وتعتبر أن “كلام” بولكشتاين موجه في الغالب للبلدان الأعضاء التي تمارس السرية المصرفية في الاتحاد الأوروبي ، قبل أن تكون موجهة لسويسرا.
وترجح هذه الأوساط أن بولكشتاين قد أراد الإعراب بذلك عن خيبة أمل بروكسل من مواقف بلدان أعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل النمسا ولوكسمبورغ أو جزر “شانيل آيلند” وغيرها.
إياك أعني فاسمعي ياجارة!
فهذه البلدان تراهن على فشل وزراء المالية والاقتصاد الأوروبيين في التوصل إلى حل عاجل لمشاكل جباية الضرائب في بلدان الاتحاد الأوروبي، ولمشاكل تحصيل الضرائب على دخل رؤوس المال الفارة إلى بلدان أعضاء أو غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي لا زالت تتسلح بالسرية والتكتم على تلك الأموال.
وفي حديث مع صحيفة لوتون (Le Temps) التي تصدر في جنيف، أعرب وزير العدل والمالية والميزانية في إمارة اللوكسمبورغ العضوة في الاتحاد الأوروبي والتي تمارس سياسات مصرفية شبيهة بالسياسات السويسرية، عن كبير التفهم للموقف السويسري الرافض لمطالب بعض بلدان الاتحاد الأوروبي القاضية بالتبادل التلقائي للمعلومات المصرفية.
وقال Luc Frieden، إنه قرأ رسالة بولكشتاين في صحيفة “فاينانشال تايمز” وكأنها موجهة لسويسرا. لكنه وجدها رسالة موجهة في الواقع لبلدان عديدة أخرى مثل لوكسمبورغ الرافضة للتبادل التلقائي للمعلومات المصرفية أو الائتمانية.
وأضاف أنه من الخطأ اتهام هذه البلدان بالدخول في لعب التزييف الضرائبي، خاصة وأن البلدان الرافضة لتبادل المعلومات المصرفية، تقترح أن تقوم بنوكها ومؤسساتها الاستثمارية عوضا عن ذلك، بحسم نسبة معينة من الفائدة على الاستثمارات، بطريقة مباشرة ومن المصدر، لصالح جباية الضرائب في مختلف البلدان.
تأييد من الجانب الآخر للأطلسي أيضا
ولا يخفي الكثير من المحللين والمراقبين لهذه التطورات، أنها تحجب عن الأنظار لعبة شد الحبل العنيدة بين مختلف المراكز أو الساحات المالية في أوروبا، وأن بريطانيا التي تؤوي أهم مركز مالي أوروبي في الوقت الحالي على سبيل المثال، لا ترغب عَمليا في نجاح المفاوضات المتعلقة بجباية الضرائب في أوروبا، لكنها تواصل الدفاع عن تبادل المعلومات المصرفية.
وعلى الجانب الآخر من الأطلسي، أعربت الولايات المتحدة الأمريكية في أواخر سبتمبر الماضي عن الرفض لمقترحات الاتحاد الأوروبي بالتبادل التلقائي للمعلومات المتعلقة بالإيداعات والإدخارات المصرفية أو الائتمانية بين البلدان الموقّعة على اتفاقية منشودة، تسعى إليها أغلبية البلدان الأعضاء.
وقالت ناطقة بلسان وزارة المالية في واشنطن: إن الإدارة الأمريكية لا تطمع في أي تنسيق ضرائبي مع الاتحاد الأوروبي، وتعلق أهمية كبرى على سرية المعلومات الخاصة بدافعي الضرائب، باستثناء بعض الحالات الطارئة بهدف فرض احترام القوانين الضرائبية.
وقد اعتبرت الأوساط المقربة من السلطات السويسرية هذا الموقف الأمريكي، موقفا مساندا إلى حد ما لسياسات برن المتعلقة بالسرية المصرفية، والتي كانت ولا تزال وراء نجاح الساحة المالية ووراء الرخاء والازدهار في سويسرا.
جورج أنضوني – سويس إنفو
عشيّة اجتماع وزراء المالية والاقتصاد لبلدان الاتحاد الأوروبي للنظر في الشؤون الضرائبية، قال فريتز بولكشتاين Frits Bolkestein المندوب الأوروبي للأسواق الداخلية في رسالة لصحيفة “فاينانشال تايمز”، إنه لا يقبل بما وصفه بتزييف سويسرا لعمليات تحصيل الضرائب في بلدان الاتحاد.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.