“هدفنا دعم الأمن والاستقرار”
أعلن الكاتب العام للدولة "فرانز فون دانيكن" أن البرلمان سيطالب الحكومة بتفعيل دور سويسرا بشكل أقوى في الحفاظ على السلام في العالم، وأوضح أن خبرة سويسرا في تقوية المساعي السلمية ناجحة في المناطق التي عملت فيها مما يتطلب دعما رسميا أقوى.
هل يجب أن ننتظر بداية الحرب حتى نبدأ مساعي السلام؟ ولماذا لا نقوم بمنع الحروب قبل نشوبها؟ الإجابة على هذين السؤالين كانا محور حديث الكاتب العام للدولة “فرانز فون دانيكن” أمام وسائل الإعلام السويسرية يوم الاثنين، وتمثلت رؤيته في ضرورة دعم المساعي السلمية الرامية لوقف أية نزاعات قبل حدوثها.
فاحتمالات وقوع صراع في بعض المناطق أمر يمكن التكهن به الآن أسرع من أي وقت مضى بسبب ثورة الاتصالات الهائلة المتاحة حاليا، ومنعه أصبح في وجهة نظر السيد فون دانيكن في متناول اليد، لاسيما وأن طبيعة الصراعات اختلفت في العقد الأخير، وكان السبب الرئيسي لها هو اختلاف الأعراق والديانات سواء كان الصراع في أوروبا أو أمريكا اللاتينية أو إفريقيا أو آسيا، وفشلت الطرق الديبلوماسية التي يصفها الكاتب العام السويسري فون دانيكن بـ”التقليدية” في منع اندلاع هذه الصراعات الدموية.
لذا تحول التفكير إلى آلية جديدة تعمل على وأد الصراع قبل ولادته، عملا بمبدأ “الوقاية خير من العلاج”، وهو ما يتطلب دعما قويا على الصعيدين المادي والبشري .
الدعم المالي المقترح هو أربعون مليون فرنك سنويا، أما الطاقة البشرية، فالخارجية السويسرية والهيئات التابعة لها تضم نخبة من خيرة من يعمل في هذا المجال ونجاحهم في كوسفو والبوسنة والهرسك وسيريلانكا وكولومبيا وبيرو، يشجع على دعم هذا التوجه، مع الإشارة إلى أن الميزانية المطلوبة و التي تبلغ أربعين مليون فرنك سنويا تقل خمس مرات عن ميزانية بلد مثل النرويج في نفس المضمار.
الشعور بالأمن وتطبيق العدالة هما من دعائم استقرار السلام، و يحاول الخبراء السويسريون تطبيق هذه المفاهيم في الأماكن التي قد تنبئ باندلاع صراع ما، أما بعملهم في دوائر الانتخابات أو كمراقبين لأوضاع حقوق الإنسان والمساهمة في تأهيل الشرطة أو القيام بأعمال الجمارك أو في مجال الطب الشرعي والإعلام.
الوجه الآخر للمساعدات…
الوجه الآخر لدعم مساعي السلام قبل اندلاع الحروب يدخل في إطار ما يمكن تسميته بالمساعدة على عين المكان، فتمويل المشروعات الزراعية البسيطة أو الصناعية المتواضعة في بلد نام تفتح الأبواب أمام الطاقات البشرية لمواجهة البطالة، وتقلص من فرص التفكير في الهجرة غير الشرعية إلى الغرب والمخاطر الانتحارية المرتبطة بها وهي المهمة التي تقوم بها دائرة التعاون الدولي والتنمية بمشاريعها الناجحة، و استغلالها لكافة الإمكانات المتاحة، لا بل و تسخيرها للتقنيات الحديثة لخدمة التنمية.
أما التوسط بين أطراف في المناطق التي تشهد حساسية بسبب العرق أو الدين فقد يحول دون وقوع حمامات دم وهجرات بالجملة تلقي بعبئها على عاتق الدول الأوربية والمنظمات الإنسانية بمهام كثيرة، كما حدث في حرب البوسنة والهرسك وكوسفو بعدها وما ترتب عنه من هجرات كثيفة إلى سويسرا، حيث لم تجد السلطات مفرا من استقبالهم إلى حين تهدأ الأمور. كما أن الواقع العملي لمحاولات الهجرة غير الشرعية يشير إلى أن غالبة المجازفين بأرواحهم من الأكراد أو الأفغان أو من أبناء سريلانكا.
الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار يصب في صالح الجميع، فمن صالح الدول النامية الابتعاد قدر المستطاع عن الصراعات والخلافات والالتفات إلى مستقبل شعوبها، وفي المقابل تكمن اهتمامات الدول الغنية في وقف تيار المهاجرين غير الشرعيين إليها أو اللاجئين فرارا من جحيم الحرب، وبين هذا وذاك يقف ملايين لا هدف لهم سوى العيش في اطمئنان وسلام بعيدا عن التحول إلى ضحية أو اللهث وراء سراب.
تامر ابو العينين
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.