هل لجنون البقر نظائر تصيب البشر؟
على ضوء الارتفاع الحاد في عدد الإصابات بالمرض المعروف باسم كرويتسفيلد جاكوب في سويسرا، تتساءل الأوساط الصحية والعِلمية السويسرية، ما إذا كان وباء جنون البقر أخذ يتحوّل الى البشر بصيغة جديدة من البروتين المعطوب الذي يؤدي عادة للتلف أو للتعفّن في دماغ الأبقار؟
يُستفاد من آخر الإحصائيات الصادرة عن المكتب الفدرالي السويسري للإحصاء أن عدد حالات الإصابة بتلف أو تعفّن الدماغ البشري في سويسرا قد تضاعفت خلال عام 2001 وأن هذه الظاهرة قد تواصلت خلال النصف الأول من العام الجاري.
فقد سجلت سويسرا خلال الفترة الواقعة بين عام 1996 وعام 2000 معدلا من الإصابات بمرض كرويتسفيلد جاكوب Creutzfeld-Jakob المعروف منذ أوائل القرن العشرين، بلغ حوالي عشر إصابات في العام. ويضاهي هذا المعدل معدل الإصابات في البلدان الأوروبية الأخرى حيث يتم عادة تسجيل عدد من الحالات يتراوح بين 12 و 14 حالة لكل عشرة ملايين فرد من السكان.
وفجأة ارتفع عدد الإصابات بمرض كرويتسفيلد جاكوب في سويسرا إلى 19 إصابة خلال عام 2001 وبلغ 10 إصابات خلال النصف الأول من عام 2002.
معدل سن المصابين كأحد المؤشرات العلمية!
ولفت هذا الارتفاع الحاد انتباه الخبراء السويسريين الذين لا يعتبرون هذه الظاهرة كظاهرة إحصائية عابرة أو كنتيجة لتحسين وسائل التشخيص المبكر للوباء.
وبعد استبعاد العوامل الوراثية أو التناسلية كسبب لانتقال هذا الوباء، تجري تحقيقات مكثفة حاليا في سويسرا لاستطلاع سبل انتشار البروتين المعطوب والمعروف باسم بريون prion المسبب لظاهرة التلف أو التعفن في دماغ المرضى.
وتتركز هذه التحقيقات في الدرجة الأولى على غرف العمليات الجراحية لمعرفة ما إذا كانت العدوى بالبريون البروتيني المعطوب، تنتقل من شخص إلى آخر عن طريق استخدام الأدوات الجراحية أو بطرق أخرى، نظرا لعدم إمكانية تدمير البروتين المذكور بوسائل التعقيم والتطهير التقليدية والمألوفة في غرف العمليات الجراحية.
وفيما يتعلق بالجدل حول ما إذا كان البروتين الذي اكتشفه الأطباء والخبراء عند معظم المرضى في سويسرا هو نفس البروتين المسبب لمرض كرويتسفيلد جاكوب الأصلي أم نظيرا للبريون المسبب لجنون البقر.
وعلى هذا الصعيد، يلاحظ بعض الباحثين السويسريين أن متوسط السن عند المصابين بهذا الوباء في سويسرا يبلغ 67 عاما، وأن ذلك يرجح النظرية القائلة إن البريون المنتشر في سويسرا ليس على علاقة ببريون جنون البقر الذي يفتك بالأحداث والشباب والمتقدمين في السن على حد سواء.
الخوف من انهيار الحواجز البيولوجية
لكن أحدا لا يستبعد أن يكون البريون المسبب لجنون البقر قد طور نظيرا أو جيلا جديدا يهاجم الدماغ الإنساني على نحو البريون البروتيني الذي اكتشفه الباحثون في أدمغة أغلبية المرضى في سويسرا.
ولا أحد من العلماء والباحثين يجرؤ اليوم على استبعاد هذه النظرية الأخيرة. وقد أثبتت التحليلات العِلمية بعد جهد وعناء كبيرين، أن البريون المسبب لجنون البقر والذي أحدث ضجة وفزعا عظيمين في مطلع التسعينات من القرن الماضي، هو جيل انحدر من البريون المسبب لوباء الرجفة عند الماشية وتسلل للأبقار التي عُلفت بدقيق بعض الماشية المريضة.
فقد نجح البريون الذي كان الظن أنه يقتصر على الماشية لا غير في اختراق ما يوصف في العُرف العِلمي بالحواجز البيولوجية كي يمر إلى الأبقار. ولذا لا تستبعد أغلبية العلماء والباحثين أن يكون البريون الذي انتقل للأبقار قد طوّر جيلا جديدا قادرا على الانتقال للبشر الذين يتناولن لحوم الأبقار الملوثة بالبروتين المعطوب.
جورج انضوني
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.