هل يعاني السود من العنصرية؟
يبدو أن الارتفاع الملحوظ لعدد الزنوج في سويسرا خلال الأشهر القليلة الماضية قد زاد من حدة المُمارسات العنصرية إزاء هذه الفئة، من كلمات جارحة وتجاوزات لرجال الشرطة وخلط بين الزنوج ومتاجري المخدرات...
التنظيمات الزنجية والمنظمات المناهضة للعنصرية تدق ناقوس الخطر وتطالب بالمزيد من الحماية للجالية الزنجية.
قبل عشرة أيام من تصويت الناخبين السويسريين على مبادرة حزب الشعب اليميني الداعية إلى اعتماد سياسة أكثر تشددا في مجال اللجوء، حذرت المنظمات المناهضة للعنصرية من أن الزنوج تحديدا أصبحوا يُشتبهون تلقائيا بالمتاجرة بالمخدرات أو بإخلال النظام دون تقديم أي إثبات أو دليل يُبرر هذه الاتهامات.
السيد نويل تشيبانغو، العضو في “مجموعة التفكير والعمل لمناهضة العنصرية المعادية للزنوج” (CRAN) يقدم شهادة في هذا الصدد حيث يقول: “عندما أتجول في الشارع اليوم، أشعر حقّا وكأنني شخص مُشتبه”. وقد بلغ الشعور بالانزعاج درجة “تفادي الجالية الزنجية التعرض لنظرات الآخرين”.
لكن السيد تشيبانغو ليس الوحيد الذي يشتكي من النظرات المُزعجة للون بشرته الداكنة بل إن عددا كبيرا ومتزايدا من الزنوج المتواجدين في سويسرا بات يدين أجواء الاشتباه والعدائية التي يقعون ضحية لها. هذا دون الحديث عن الاعتداءات التي يتعرضون لها.
ويتهم السيد تشيبانغو وسائل الإعلام بتحمل جزء من المسؤولية عن هذا الوضع حيث يقول إنها “غالبا ما تتحدث عن الزنوج وكأنهم مجموعة مُتجانسة تقضي وقتها في المتاجرة بالمخدرات، حتى إن كانت أقلية من الأفارقة متورطة بالفعل في ذلك.”
معادلة “الزنوج = تجار مخدرات”
ومنذ أن بدأ إلقاء القبض على ذوي البشرة السوداء في إطار التحقيقات الخاصة بمروجي المخدرات، وجدت الطائفة الزنجية نفسها أمام معادلة تبسيطية جدا: الزنوج = تجار المخدرات. زنوج سويسرا لا ينفون تماما وجود عناصر منحرفة في صفوفهم لكنهم يرفضون قطعا دفع ثمن هذا الخلط.
وفي هذا السياق، يدين السيد ايرنين غودوين نوسا، العضو في المعهد الإفريقي بمدينة لوغانو، عدم التشديد على الجوانب الإيجابية لذوي البشرة الداكنة والتركيز دائما على السلبيات. ويقول السيد نوسا عن هذا الوضع: “إن ذلك يشبه الاكتفاء بالإشارة إلى تواجد المافيا، لا غير، عند الحديث عن إيطاليا”.
يبدو إذن أن الشعور بالانزعاج من هذا الخلط بات واقعا ملموسا في سويسرا. وقد يتساءل المرء إن كان هذا الواقع مؤشرا لوجود عداء متنام للزنوج في الكنفدرالية، أو أنه مجرد تعبير عن حساسية حادة تشعر بها الطائفة الزنجية التي مازالت تتحمل عبء تاريخ الاستعمار وما ولده من أحكام مُسبقة عن ذوي البشرة الداكنة.
الشيء الأكيد، حسب نائبة رئيس اللجنة الفدرالية المناهضة للعنصرية، أن “المؤشرات تتضاعف ولا تترك مجالا للشك”. وتؤكد السيدة بوييل سامبوك أنه “يمكن القول اليوم إن هنالك موجة متصاعدة للعنصرية المعادية للزنوج في سويسرا. ويمكن ملاحظة هذه الظاهرة خصوصا في المناطق الناطقة بالألمانية حيث تتبنى مجموعات “حالقي الرؤوس” (Skinheads) خطابات حاقدة أكثر فأكثر”. لكن السيدة سامبوك لا تستثني المناطق الروماندية المتحدثة بالفرنسية حيث بدأت “الأجواء تتدهور بسبب القضايا المتعلقة بالمتاجرة بالمخدرات.”
مناخ سياسي مناسب للانزلاقات!
وتستند اللجنة الفدرالية لمناهضة العنصرية إلى جملة من الوقائع لدعم هذه الأقوال حيث صرحت السيدة دوريس انغست يلماز، المسؤولة عن كتابة اللجنة، “لقد سجلنا ارتفاعا في عدد المقالات ذات الطابع العنصري في المنشورات الألمانية ونجد هذه المقالات خاصة في الصحف الصغيرة المحلية القريبة من التيار اليميني المُتطرف.”
وأوضحت السيدة يلماز أن “المناخ السياسي الحالي يناسب هذا النوع من الانحراف، كما أن التصويت على مبادرة حزب الشعب اليميني ضد التجاوزات في مجال اللجوء يزيد الوضع تسمما.” أما عن سويسرا الروماندية فتوضح السيدة يلماز أن المُشكلة مطروحة بأسلوب مختلف. ففي هذه المنطقة، تبادر الطائفة الزنجية بالتحرك والتنديد بالممارسات العنصرية عن طريق إرسال عدد كبير من الشكاوى للجنة الفدرالية المناهضة للعنصرية. وتتضمن هذه الشكاوى على سبيل المثال استياء الزنوج من تعرضهم لعمليات تفتيش غير ملائمة وأحيانا مبالغ فيها من طرف رجال الشرطة.
وتقول السيدة يلماز في هذا السياق انه ليس نادرا أن يوقف نفس الشرطي في مناسبات عديدة نفس الأشخاص الزنوج في حي إقامتهم للتأكد من هويتهم. مما يدل على أن الحكم على الشخص بناء على مظهره حقيقة جلية. وتثير المسؤولةُ عن كتابة اللجنة الفدرالية لمناهضة العنصرية الانتباه إلى أن اللجنة لا تناقش شرعية مُحاربة السلطات للانحراف والإجرام لكنها تشدد في المقابل على أن “لون البشرة لا يجب أن يكون المُبرر الوحيد لتفتيش أشخاص لا علاقة لهم بأوساط المتاجرة بالمخدرات.”
وقد تدخلت اللجنة مؤخرا لدى سلطات الكانتونات لتحذيرهم من هذه الممارسات. وشددت نائبة رئيس اللجنة بويل سامبوك على أنه “بات ضروريا اليوم محاربة هذا النوع من الخلط وبدون تخاذل للحيلولة دون تدهور الوضع”. وأضافت المسؤولة أن الموقف أصبح يستدعي تحركا ملحا ويتطلب توعية قوات الأمن والمواطنين عموما من أجل تفادي انزلاقات في هذا الإطار.
اصلاح بخات – سويس انفو
في عام 1992، بلغ في سويسرا عدد طالبي اللجوء من افريقيا ما وراء الصحراء 7500 شخص
في سبتمبر من عام 2002، بلغ عدد هؤلاء الأفارقة 17000 رُبع عددهم ينتمون لفئة طالبي اللجوء.
يقدر عدد الأفارقة المقيمين في سويسرا حاليا بـ35000 شخص اي ما يعادل زهاء 2,4% من مجموع الأجانب في الكنفدرالية
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.