واشنطن وطهران: غزل علني!
دعا وزير الدفاع الإيراني علي شمخاني الولايات المتحدة إلى "عدم تجاوز الخطوط الحمراء" في حال قررت القيام بعمل عسكري ضد العراق.
وفي الوقت الذي أكد شمخاني معارضة بلاده للعمل العسكري، أشار إلى أن أي تواجد عسكري أمريكي في العراق ستكون له مضاعفات على أمن إيران.
“خطاب محور الشر” الجديد خلا من المحور إنه شّدد فقط على الشر. كان هذا التعليق الحاذق لأحد مساعدي مرجع شيعي لبناني بارز، على خطاب الرئيس الأمريكي بوش الخميس الماضي أمام الجمعية العام للأمم المتحدة.
وقد سجّل المساعد الذي يتابع بدقة تطورات السياسات الدولية، الملاحظات التالية على الخطاب:
·أولا، ركّز الرئيس الأمريكي على العراق وحده ولم يشر ولو مرة واحدة إلى ضلعي “محور الشر” الآخرين إيران وكوريا الشمالية.
·ثانيا، لم يشر بوش بشيء أيضا إلى مبدأ الحروب الاستباقية، وهو المبدأ الذي أثار قلق طهران وبيونغ يانغ والعديد من العواصم الأوروبية والعربية، بسبب ما قد يعنيه من هجمات أمريكية تُشن فجأة من دون سابق إنذار.
·ثالثا، بدل أن يواصل الرئيس الأمريكي تهديداته لإيران، عمد على العكس إلى “مغازلتها” بشكل علني، وهذا جاء في أكثر من فقرة:
– “العراق لا يزال يخرق قرار مجلس الأمن رقم 1373 من خلال تقديم المأوى والدعم للمنظمات الإرهابية التي تمارس العنف المباشر ضد إيران..” (وهذه كانت إشارة إلى حركة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في العراق).
– “العراق غزا إيران عام 1980…” (وهذه المرة الأولى التي تؤيد فيها واشنطن وجهة النظر الإيرانية حول حرب 1980).
– “.. وقد شن العراق هجمات بالغاز على العديد من الإيرانيين”.
وكل هذه الفقرات، برأي مساعد المرجع، تشير إلى وجود شيء ما بين إيران والولايات المتحدة حيال المسألة العراقية، لكن ماذا يمكن أن يكون هذا “الشيء”؟
تكهنات.. تكهنات
هذا السؤال يشعل سلسلة تكاد لا تنتهي من التكهنات والشائعات في العاصمة اللبنانية، فثمة من يقول أن المحادثات السرية الإيرانية – الأمريكية، والتي بدأت قبل نحو شهرين، انتهت إلى “اتفاقات محددة” حول مسألتين اثنتين:
1.عدم تدخل إيران عسكريا في جنوب العراق (وهذا ما يبدو أن وزير الدفاع الإيراني الأميرال علي شمخاني أكده حين أعلن مؤخرا أن بلاده “ضد ضربة أمريكية في العراق، لكننا لن ننجر إلى مغامرة”).
2.أن طهران حصلت على ضمانات أمريكية بأنه سيكون في وسعها ممارسة نفوذ سياسي واقتصادي بين شيعة العراق في نظام ما بعد صدام حسين.
وكان الرئيس الأمريكي ذكر في خطابه الشيعة بصفتهم من الأقليات التي يجب أن تحصل على حقوقها. كما أن وزير دفاعه دونالد رمسفيلد أشار مؤخرا أيضا إلى ضرورة قيام “عراق ديموقراطي يضمن حقوق الشيعة والسنة والأكراد”.
وتتحدث مصادر شيعية لبنانية أخرى مقربة من إيران عن حصول طهران على ضمانات إضافية تتعلق بشيعة أفغانستان، عبر موافقة الولايات المتحدة على توفير “الخطوط اللوجستية” بينهم وبين طهران.
وتقول هذه المصادر، إن هذه التطورات على الجبهة الإيرانية – الأمريكية، حدثت بعد أن حسم الجدل الداخلي في إيران حول الحرب مع العراق لصالح الأجهزة الأمنية والعسكرية، التي رفضت أي حوار مع نظام صدام حسين وأيدت ضمنا التحرك لإسقاطه، هذا في حين أن مرشد الثورة علي خامنئي والرئيس محمد خاتمي، اللذين يتخوفان مما تخطط له واشنطن ضد طهران بعد غسل يديها من دم صدام، كانا يفضلان التعاون مع بغداد لمحاولة منع الضربة العسكرية الأمريكية.
زواج المتعة.. مجددا!
إلى أين الآن من هنا؟ لقد سبق لسويس انفو أن ألمحت مؤخرا إلى احتمال إبرام “زواج متعة” مؤقت جديد بين إيران والولايات المتحدة حول العراق، تماما كما فعلتا خلال حرب الكويت ثم حرب أفغانستان.
والآن، يبدو أن زواج المتعة هذا أُبرم بالفعل، وهو سيدوم على الأرجح إلى ما بعد إسقاط نظام صدام حسين، أما بعده، فإن أبغض الحلال عند الله، أي الطلاق، سيحدث حتما.
فالرئيس الأمريكي بوش أسقط بالفعل “المحور” في خطابه أمام الأمم المتحدة، لكنه لم يسقط “الشر”. وعودة الالتحام بين المحور وبين الشر، لن يكون أكثر من مسألة وقت.
سعد محيو – بيروت
أثار حديث الرئيس الأمريكي جورج بوش عن إيران في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة اهتمام المراقبين. فبعد أن صنّف بوش في خطاب سابق الجمهورية الإسلامية ضمن “محور الشر”، أشار في ثلاث مناسبات إلى إيران كضحية لسياسات الرئيس العراقي صدام حسين، وهو ما اعتبره البعض تحولا مؤقتا في استراتيجية الولايات المتحدة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.