واقع وتحديات التنمية السويسرية في الأراضي الفلسطينية
بعد مضي شهر على ترأسه مكتب التنسيق السويسري في الأراضي الفلسطينية، أدلى السيد ماريو كاريرا بأولى انطباعاته حول ظروف وتحديات العمل في المنطقة.
تم نشر هذا المحتوى على
7دقائق
ويقول كاريرا إنه فوجئ بـ”حركية المجتمع المدني” الراغب في قدر أكبر من “الشفافية” في المرحلة الانتقالية التي تلت رحيل الرئيس ياسر عرفات.
“منذ اثنين أو ثلاثة أعوام، هنالك مطالبة بقدر أكبر من الشفافية والديمقراطية والحكم الرشيد… وبعد وفاة ياسر عرفات، تريد السلطات الفلسطينية المضي قدما”.
هذه من بين أولى الانطباعات التي عبر عنها في حديث بثته يوم الإثنين 6 ديسمبر الجاري وكالة الأنباء السويسرية السيد ماريو كاريرا، الرئيس الجديد لمكتب التعاون والتنمية التابع لوزارة الخارجية السويسرية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
السيد كاريرا التقى منذ وصوله إلى الأراضي الفلسطينية عدة وزراء من بينهم الدكتور غسان الخطيب وزير العمل في السلطة الوطنية. ويذكر أن التكوين المهني للشباب من مجالات النشاط الأربع لدائرة التنمية والتعاون في الضفة والقطاع. وقد جعل السيد كاريرا تعزيز هذا البرنامج من أولويات عمله.
كما يشير المسؤول السويسري إلى أن “قرابة 60% من الفلسطينيين هم دون سن العشرين. النظام التربوي جيد إلى غاية سن المراهقة. لكن بعد ذلك، يعيش الشباب في الحرمان من جراء البطالة والاحتلال الإسرائيلي، ولما تنعدم الآفاق، يغرون بالانضمام إلى الحركات الراديكالية”.
ويضيف السيد كاريرا أن هؤلاء الشبان ينتظرون الكثير من الرئيس المقبل ومن الدولة العبرية أيضا، رغم الافتقار للثقة في رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون.
ويقول في سياق متصل: “إذا ما لم تدعم إسرائيل والمجتمع الدولي تحركات ملموسة لتحسين تنقل الأشخاص، هنالك مخاطر من أن تتدهور الأوضاع بعد الانتخابات، لأن الحرمان والانتظار اللذين يعيشهما الشعب الفلسطيني كبيران”.
حركية وقوة المجتمع المدني
وقد أعرب رئيس مكتب تنسيق دائرة التنمية والتعاون السويسرية في الأراضي الفلسطينية عن اندهاشه من تنظيم وقوة المجتمع المدني الفلسطيني. وقال بهذا الشأن إن هنالك “فرق بين هذه الحركية والجمود السياسي” مشددا على افتقار الإدارة الفلسطينية للإمكانيات.
وفي إطار جهودها لتعزيز الشفافية داخل أطر السلطة، تدعم سويسرا أيضا مؤسسة تقوم بدور “الموَفق الإداري”. حيث توظف هذه المؤسسة وسطاء يقومون بتسجيل شكاوى الفلسطينيين ضد الإدارة، كما يقدمون معلومات لأبناء الشعب الفلسطيني حول حقوقهم. ويعتقد السيد كاريرا أن قانونا جديدا سيعترف رسميا بدور هؤلاء الوسطاء في عام 2005 على الأرجح.
وتخصص سويسرا 24 مليون فرنك سنويا للمساعدات في الضفة الغربية والقطاع، حيث تدعم 25 برنامجا للتعاون والتنمية في حدود 10 مليون فرنك، لكن النصيب الأكبر من المبلغ (14 مليون فرنك) يُنفق على المساعدات الإنسانية، وخاصة ما يرتبط بتمويل برامج التربية والصحة لفائدة اللاجئين الفلسطينيين.
وقد ازداد الوضع سوءا على هذا المستوى منذ بداية الانتفاضة الثانية في سبتمبر 2000. حيث تراوحت معدلات البطالة ما بين 40 و45%، وتزيد النسبة عن هذا المتوسط في قطاع غزة. وحرص السيد كاريرا في حديثه على التذكير بأن الشعب الفلسطيني “يصمد جزئيا في وجه هذه الصدمة بقدرته الاستثنائية على المقاومة النفسية”.
معضلة التنقل
وتحدث السيد كاريرا أيضا عن مراكز العبور المقفولة إلى غزة، وعن قرابة 50 مركز تفتيش في الضفة الغربية، مشيرا إلى أن المرور إلى داخل الضفة والقدس أصبح أكثر صعوبة منذ بناء جدار الفصل الإسرائيلي.
ونوه المسؤول السويسري ضمن هذا الإطار إلى أن “مشاكل الحركية تقيد التعاون، فشركاءنا لا يستطيعون دائما التنقل”. ويجدر التذكير هنا أن ما بين 20 و30 ألف فلسطيني يتنقلون حاليا للعمل في إسرائيل مقابل 150 ألف في السابق.
فبعد بناء الجدار العازل، بدأت مراكز صحية متنقلة، مثل “أطباء العام”، تزور المرضى الفلسطينيين مباشرة، لكن عمليات التوغل الإسرائيلية والحواجز الأمنية تحول دون وصول الإمدادات الصحية والمساعدات لعدة أيام.
من جهة أخرى، تسهر سويسرا على إعادة إدماج الأسرى الفلسطينيين، وهو مشكل اجتماعي واقتصادي خطير بما أن كل أسرة فلسطينية لها أو كان لها سجين خلف القضبان الإسرائيلية أو حتى الفلسطينية.
يشار في الأخير إلى أن برن تقوم أيضا بنشاطات مكثفة في مجال الحفاظ على البيئة. وتمول دائرة التعاون والتنمية السويسرية التابعة لوزارة الخارجية 60% من تكاليف مؤسسة “ARIG”، وهي منظمة غير حكومية تقوم برسم خرائط المستوطنات اليهودية الجديدة في الضفة الغربية، كما تدرب الفلاحين على سبل تعزيز التنمية الزراعية.
سويس انفو مع الوكالات
في عام 2001، تم تحويل مكتب التمثيل الدبلوماسي السويسري في الأراضي الفلسطينية من القدس الشرقية إلى رام الله، جراء ضغوط إٍسرائيلية. في المقابل، ظل مكتب تنسيق دائرة التنمية والتعاون السويسرية التابعة لوزارة الخارجية في القدس الشرقية. يوظف المكتب حاليا 8 أشخاص من بينهم سويسريان.
قراءة معمّقة
المزيد
آفاق سويسرية
خبير لصحيفة سويسرية: لا أمل في ربيع الحرية في سوريا لهذه الأسباب
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
التأهيل المهني في فلسطين … مساهمة سويسرية
تم نشر هذا المحتوى على
في حصيلة سبع سنوات من التواجد السويسري وعلى رأس مكتب الاتصال السويسري في رام الله وفرعه الذي كان متواجدا في القدس تتذكر رئيسة المكتب السيدة آنيك تونتي أن البداية ” كانت مع بداية المسار السلامي عقب اتفاق أوسلو وان الكل كان متفائلا ومتحمسا ومشجعا على القيام بهذه التجربة”. وترى السيدة تونتي” أن سويسرا رغبت بذلك…
تم نشر هذا المحتوى على
المشروع الذي مولته سويسرا اهتم بالجوانب النفسية والاقتصادية والاجتماعية لأكثر من 12 الف أسير مفرج عنهم. حصيلة سبع سنوات من العمل تستعرضها رئيسة مكتب الاتصال السويسري السيدة آنيك طونتي. في حصيلة سبع سنوات من التواجد السويسري وعلى رأس مكتب الاتصال السويسري في رام الله وفرعه الذي كان متواجدا في القدس، تتذكر رئيسة المكتب السيدة آنيك…
تم نشر هذا المحتوى على
المكتب الرسمي للتمثيل الديبلوماسي السويسري لدى السلطة الوطنية الفلسطينية افتتح في عام أربعة وتسعين في مدينة أريحا إلا أن القائمة بإدارة أعماله هناك السيدة “أنيك تونتي” نقلت نشاط المكتب،حسب تصريحات المتحدثة باسم وزارة الخارجية السويسرية، إلى القدس الشرقية تدريجيا. الخارجية السويسرية بررت قراراها بأنها تتواجد، كبعثة ديبلوماسية، أينما يتواجد الطرف الذي تمثل سويسرا لديه، ولا…
سويسرا تبحث عن مخرج دبلوماسي للخلاف حول مكتب الاتصال في القدس الشرقية
تم نشر هذا المحتوى على
ظهر الخلاف عندما فاجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي الوفد السويسري بتوزيع بيان صدر عن مكتبه على وسائل الأعلام بعد ساعات قليلة من اختتام محادثات وزير الخارجية جوزيف دايس مع نظيره الإسرائيلي شيمون بيريز. وطالب البيان سويسرا بنقل مكتبها للاتصال من القدس الشرقية وأعتبر وجود هذا المكتب مشكلة وانتهاكا لاتفاقيات أوسلو للسلام. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل…
انزعاج إسرائيلي من مكتب الاتصال السويسري في القدس الشرقية
تم نشر هذا المحتوى على
صرح نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، إمانويل ناخون، في حديث لوكالةِ الأنباء السويسرية، أن إسرائيل أبلغت الحكومة السويسرية بأن تمثيلها في المناطق الفلسطينية وتواجد مكتبها للاتصال في القدس الشرقية يتناقض مع اتفاقات أوسلو. ورفض ناخون الإدلاء بالمزيد من المعلومات لكنه ذكر أن المباحثات جارية بين البلدين حول هذا الموضوع. وكانت مديرة مكتب الاتصال السويسري،…
سفير فلسطين في جنيف يدعو إلى رفع مستوى التمثيل الدبلوماسى السويسرى لدى السلطة الفلسطينية
تم نشر هذا المحتوى على
في حديث خاص ل ” سويس انفو ” وفي تقييم لعمل مكتب الاتصال السويسري في أراضى الحكم الذاتي بعد حوالي سبع سنوات من افتتاحه، عبر سفير فلسطين لدى المقر الأوربي لمنظمة الأمم المتحدة في جنيف السيد نبيل الرملاوي عن الأمل في أن ترقى العلاقات السويسرية الفلسطينية إلى مستوى دبلوماسي على ضوء التوجهات الجديدة للحكومة السويسرية.…
تم نشر هذا المحتوى على
وقد أجرت سويس انفو حوارا مع السيدة أنيك طونتي، أول ممثلة لسويسرا في الأراضي الفلسطينية ما بين 1994 و2001، والتي أدلت بشهادة استثنائية عن عرفات.. الزعيم والرجل. سويس إنفو: كيف كانت ردة فعلكم إثر وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات؟ أنيك طونتي: أعتقد أنها تشبه إلى حد كبير ردة فعل الكثير من الفلسطينيين. هو شخصٌ وُجهت…
تم نشر هذا المحتوى على
وناشد بيتر ماورر، السفير السويسري لدى الأمم المتحدة في نيويورك، الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ضمان حرية وديمقراطية الانتخابات القادمة. “هذه خطوة هامة لتثبيت الديمقراطية في المؤسسات، ولشرعية الرئيس المستقبلي للسلطة الفلسطينية”، هكذا قال بيتر ماورر، السفير السويسري لدى الأمم المتحدة في نيويورك في خطاب ألقاه يوم الثلاثاء أمام الجمعية العمومية. “ولذلك” أكمل السيد ماورر قائلاً “فإنه…
تم نشر هذا المحتوى على
في الأثناء، عقد مراقبون سويسريون في برن مؤتمرا صحفيا أدلوا فيه بشهاداتهم حول انتهاكات حقوق الفلسطينيين إثر انتهاء مهمة تواصلت 3 أشهر في إسرائيل وفلسطين. غداة تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة لقرار يطالب إسرائيل بهدم الجدار الفاصل الذي تشيده في الضفة الغربية، ويكلف سويسرا بقيادة استشارات حول احترام حقوق الإنسان في المنطقة بصفتها…
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.