وفود دبلوماسية في دمشق دعما لبناء سوريا الجديدة
التقى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع الاثنين وفودا دبلوماسية أردنية وقطرية وإيطالية أعربت عن دعمها للشعب السوري بينما ناقش معها سبل التعاون مستقبلا.
وبعد لقاء وفد لبناني وآخر سعودي ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان الأحد، اجتمع الشرع الإثنين بوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في أوّل زيارة لمسؤول أردني رفيع المستوى إلى سوريا بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
وانتهى حكم الأسد فجر الثامن من كانون الأول/ديسمبر مع دخول فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام بزعامة الشرع دمشق.
وفرّ الرئيس السابق الذي حكم سوريا بقبضة حديدية لمدة 24 عاما، إلى روسيا إيذانا بنهاية أكثر من 50 عاما من حكم عائلة الأسد.
وأكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عقب لقائه الشرع استعداد بلاده للمساعدة في إعادة إعمار سوريا، على ما نقل عنه التلفزيون الرسمي الأردني.
– 1,3 مليون لاجئ سوري –
ونقلت قناة “المملكة” الرسمية الأردنية عن الصفدي تأكيده “استعداد الأردن لتقديم كافة أشكال الدعم لسوريا”، مشيرا إلى أن “التجارة والحدود والمساعدات والربط الكهربائي (بين البلدين) من بين الملفات التي طرحت في المباحثات، إضافة إلى مناقشة الجانب الأمني”.
وتابع “نحن متوافقون على دعم الشعب السوري في إعادة بناء دولته” وان “الدول العربية متفقة على دعم سوريا في هذه المرحلة بدون أي تدخل خارجي”.
وأضاف “ندعم العملية الانتقالية في سوريا وصياغة دستور جديد للبلاد”.
واستضاف الأردن في 14 كانون الأول/ديسمبر اجتماعا حول سوريا بمشاركة وزراء خارجية ثماني دول عربية والولايات المتحدة وفرنسا وتركيا والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى ممثل الأمم المتحدة.
عانى الأردن خلال السنوات الماضية بشكل مستمر من عمليات تسلل وتهريب أسلحة ومخدّرات، لا سيّما الكبتاغون، برّا من سوريا التي شهدت منذ العام 2011 نزاعا داميا تسبّب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دمارا هائلا وأدى إلى نزوح وتشريد الملايين داخل البلاد وخارجها.
ويقول الأردن إن عمليات التهريب هذه “منظمة” وتستخدم فيها أحيانا طائرات مسيّرة وتحظى بحماية مجموعات مسلحة، ما دفع البلاد إلى استخدام سلاح الجو مرارا لضرب هذه المجموعات وإسقاط طائراتها المسيرة كما أوقف وقتل العديد من المهربين.
وصناعة الكبتاغون ليست جديدة في المنطقة، وتُعد سوريا المصدر الأبرز لتلك المادة منذ ما قبل اندلاع الحرب عام 2011. إلا أن النزاع جعل تصنيعها أكثر رواجا وأدى إلى ازدياد تصديرها.
ويستضيف الأردن الذي له حدود مع سوريا في جنوبها حوالى 680 ألف لاجئ سوري مسجّل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وتؤكد السلطات الأردنية من جهتها أن في البلد حوالى 1,3 مليون نازح سوري.
ومنذ سقوط الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، عاد نحو 13 ألف سوري إلى ديارهم عبر الحدود مع الأردن، بحسب وزارة الداخلية الأردنية.
– “استثمارات واسعة” –
والإثنين، وصل إلى دمشق وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمّد الخليفي على رأس وفد دبلوماسي لإجراء مباحثات مع مسؤولين سوريين، وفق ما أعلن المتحدث باسم الخارجية ماجد الأنصاري بعد 13 عاما من القطيعة الدبلوماسية.
ونشر الأنصاري على إكس “وصل الخليفي إلى دمشق (…) على متن أول طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية تهبط في مطار سوري منذ سقوط نظام بشار الأسد”، مضيفا أن الوفد سيجري لقاءات مع مسؤولين سوريين “تجسيدا لموقف قطر الثابت في تقديم كل الدعم للشعب السوري”.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية القطرية “تعد هذه الزيارة تأكيدا جديدا على متانة العلاقات الأخوية الوثيقة بين دولة قطر والجمهورية العربية السورية الشقيقة، وحرص قطر التام (…) من أجل النهوض بسوريا والمحافظة على سيادتها”.
وقال مسؤول قطري لوكالة فرانس برس إن “فريقا فنيا للطيران” رافق الوفد من أجل “تقييم جاهزية مطار دمشق الدولي لاستئناف الرحلات” بين البلدين.
وأضاف المسؤول أن “قطر عرضت تقديم الدعم الفني لاستئناف الرحلات التجارية والشحن، فضلا عن صيانة المطار خلال المرحلة الانتقالية”.
وفي ختام اللقاء مع الوفد القطري، قال القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع للصحافيين “أبدى الجانب القطري استعداده للبدء في استثمارات واسعة داخل الأراضي السورية وفي شتى المجالات، والمهم مجال الطاقة لدينا”.
وصرّح الخليفي “تحتاج سوريا وشعب سوريا إلى الوقوف إلى جانبه في هذه المرحلة المهمة”، مشدّدا على ضرورة “تضافر الجهود في ما يتعلق برفع العقوبات والمشاريع التنموية القادمة”.
– “إحلال السلام والاستقرار” –
ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية عن وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني قوله خلال زيارة له إلى كوسوفو “أعتقد بأن الاجتماع جار” بين وفد إيطالي والإدارة السورية الجديدة، مؤكدا “نريد أن نضطلع بدور نشط في إعادة توحيد سوريا وإحلال السلام والاستقرار فيها”.
وكان وفد حكومي سعودي التقى الشرع الأحد في أول تواصل بين الإدارة الجديدة والسعودية بعد سقوط الأسد.
وقال مصدر مقرب من الحكومة السعودية فضل عدم كشف هويته لأنه غير مخول التحدث إلى الإعلام إنّ “وفدا حكوميا رفيعا التقى أحمد الشرع في دمشق الأحد”.
وأشار المصدر إلى أن المحادثات “ركزت على الوضع في سوريا والقضاء على الكبتاغون وغيرها من الموضوعات”.
– “حماية سلامة الأراضي السورية” –
من جهتها، أكدت إيران حليفة الرئيس السوري المخلوع الاثنين دعمها سيادة سوريا، لافتة في الوقت نفسه إلى أنها “ليس لديها اتصال مباشر” مع القيادة السورية الجديدة.
وقال الناطق باسم الخارجية الإيراني إسماعيل بقائي “موقفنا المبدئي حول سوريا في غاية الوضوح: المحافظة على سيادة سوريا وسلامة أراضيها، على أن يقرر الشعب في سوريا مستقبله من دون تدخل أجنبي مدمر” مضيفا أن سوريا يجب ألا تصبح “ملاذا آمنا للإرهاب”.
أما الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي كان بلده أبرز الدول التي اتخذت موقفا مناهضا للأسد منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا في العام 2011 وقدمت دعما كبيرا لفصائل معارضة له واستقبلت ملايين اللاجئين، فهو شدّد الإثنين على ضرورة صون وحدة الأراضي السورية.
وقال اردوغان إن “حماية سلامة الأراضي السورية ووحدتها في جميع الظروف هو نهج تركيا الذي لن يتغير. لن نتخلى عن هذا الموقف إطلاقا”.
وترتبط أنقرة بعلاقات جيدة مع السلطة الجديدة في دمشق. وكان رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم كالين زار دمشق بعد أربعة أيام فقط من الإطاحة بحكم الأسد، حيث التقى الشرع.
بورز/لغ/مون-م ن/لين