“وثيقة مونترو”: على الشركات الأمنية الخاصة احترام القانون الدولي
أقرت 17 دولة يوم الأربعاء 17 سبتمبر الصياغة النهائية لوثيقة مونترو المتضمنة للقواعد المنظمة لأنشطة الشركات الأمنية الخاصة العاملة في مناطق الحروب والنزاعات المسلحة.
هذه الوثيقة، الأولى في مجالها، هي صياغة منقحة لمبادرة تقدمت بها كل من سويسرا واللجنة الدولية للصليب الأحمر سنة 2006.
وأعرب بول سيغر، رئيس إدارة القانون الدولي بوزارة الخارجية السويسرية في حديث إلى سويس إنفو، عن سعادته بحصول إجماع من الدول المشاركة حول هذه الوثيقة، وتحلي جميع الأطراف بقدر كبير من المسؤولية والرؤية الواقعية.
وأضاف المسؤول السويسري: “فكوننا نملك لأوّل مرة وثيقة تحدد بشكل واضح قواعد القانون الإنساني الدولي، وحقوق الإنسان المنصوص عليها في القانون الدولي، والإجماع الذي تحظى به هذه الوثيقة، سواء من الجهات المستفيدة من خدمات الشركات الأمنية وشبة العسكرية الخاصة من ناحية أو من الشركات نفسها، يضفي على الوثيقة قدرا كبيرا من المصداقية والشرعية”.
وذكّر بيان صادر عن وزارة الخارجية السويسرية بالمناسبة أنه “ليس بإمكان أي بلد، وطبقا للقانون الدولي، التنصل من التزاماته، حتى لو التجأ إلى الخدمات الأمنية الخاصة”.
الأمر نفسه شدد عليه فيليب شبوري، مسؤول إدارة القانون الدولي باللجنة الدولية للصليب الأحمر، حيث قال “البلدان التي تلجأ إلى خدمات القطاع الخاص في المجال الأمني، تكون مسؤولة مسؤولية مباشرة عن سلوك تلك الشركات”.
الممارسات الجيدة
لا تكتفي الوثيقة بالتذكير بالنصوص القانونية ذات العلاقة، بل تتعدى ذلك إلى تعداد ما تسميه “الممارسات الجيّدة”. وفي هذا المستوى، أوردت الوثيقة سبعين توصية، يؤدّي الأخذ بها إلى تعزيز مساعي الدول لإحترام القانون الدولي، من دون أن تتحوّل تلك التوصيات إلى قوانين ملزمة في حد ذاتها.
وتوصي الوثيقة على وجه الخصوص الدول بعدم الالتجاء إلى التعاقد مع الخواص لتنفيذ مهام أمنية، تتضمن اللجوء إلى استخدام القوة، وإلى التأكد من حسن سمعة الشركات التي تستعين بها وأن تضع نظاما خاصا للإشراف والمراقبة وقواعد عقابية، إذا إقتضى الحال.
كما شددت الوثيقة على ضرورة خضوع موظّفي الشركات الأمنية الخاصة إلى فترات تدريبية في مجال القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني خاصة.
وقال فيليب شبوري، رئيس قسم القانون الدولي باللجنة الدولية للصليب الأحمر: “إننا نتمسك بالقول بأنه ليس هناك أي غموض أو فراغ قانوني، وليس هناك أي حصانة بالنسبة للذين يلتجئون إلى خدمات الشركات الأمنية الخاصة أو للموظّفين بها. وفي حالة حصول مخالفات، يمكن محاكمة المسؤولين في بلدانهم أو في البلدان المسجلة بها تلك الشركات أو ربما في البلد الذي ارتُـكبت فيه المخالفة، ليس هناك مجال للفرار”.
شركات مثيرة للجدل
وتعد ظاهرة الشركات الأمنية الخاصة حديثة نوعا ما. فحتى الثمانينات من القرن العشرين، كانت الدولة تتكفّل بشكل كامل تقريبا بالمسؤوليات الأمنية، لكن منذ ذلك الوقت بدأ الالتجاء أكثر فأكثر إلى القطاع الخاص في العديد من بلدان العالم.
وتنعت تلك الشركات خدماتها بأوصاف من نوع “الأمن الحمائي” و”الإستشارات الأمنية” و”إدارة المخاطر”، ويشرف على إدارة هذه الشركات في الغالب ضباط أمن وعسكريون سابقون.
واستقطبت هذه الشركات الأضواء وأصبحت محل إهتمام الرأي العام في سبتمبر 2007، عندما تسببت بلاكووتر، شركة أمنية خاصة تعمل في العراق لصالح الحكومة الامريكية، بمقتل 17 مدنيا في بغداد.
وأكد تقرير صادر عن مجلس النواب الأمريكي الشهر الماضي أن 12% من نفقات الحكومة الأمريكية لمتعاقدين خواص في العراق، أنفقت لأغراض أمنية، كما أصبحت الحكومات تستعين بصورة متزايدة بخدمات أمنية من مصادر خارجية، مثل حماية السفارات وحماية وسائل النقل، ومنظمات الإغاثة العاملة في مناطق النزاعات والشركات العاملة في مناطق غير آمنة.
هذا التعدد في المهام وسعي الدول للتخفيف من نفقاتها، فضلا عن رغبة القطاع الخاص في التقليل من تكلفة الأمن والحماية، جعل سويسرا ودولا أوروبية تلتجئ إلى هذا النوع من الخدمات الأمنية. ويُعدّ أبرز تطور في هذا المجال، إقرار مجلس النواب السويسري في قراءة أولى مشروعا يُوكل مهمة الأمن في وسائل النقل إلى شركات خاصة، على الرغم من جبهة الرفض الواسعة للقرار.
بعد إقرار الوثيقة، ستقوم الحكومة السويسرية والجمعية الدولية للصليب الأحمر بتوزيعها على أوسع نطاق وسيوصيان جميع الأطرف، حكومات وقطاع خاص، باتخاذها مرجعا وتطبيق ما جاء فيها من توصيات.
سويس إنفو – بالإعتماد على تقرير بالإنجليزية أعدته جوليا سلاتير
نبعت وثيقة مونترو المتعلقة بقواعد عمل الشركات الامنية الخاصة، إنطلاقا من مبادرة صادرة عن وزارة الخارجية السويسرية وعن اللجنة الدولية للصليب الأحمر سنة 2005.
وخضع نص تلك المبادرة للنقاش والتعديل خلال مؤتمريْن عُقدا سنتي 2006 و2008 بحضور ممثلين عن 18 دولة.
وبالإضافة للخبراء من وزارات الخارجية والدفاع، شملت تلك الوفود ممثلين لمنظمات غير حكومية ولشركات أمنية خاصة.
شارك في وضع الصياغة النهائية لهذه الوثيقة، مستشارون قانونيون على مستوى عالٍ من البلدان المشاركة.
أما البلدان الممضية على الوثيقة فهي: أفغانستان وأنغولا وأستراليا وبريطانيا وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والعراق وبولندا وسيراليون وجنوب إفريقيا والسويد وسويسرا وأوكرانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.