“120 ألف شخص يموتون يوميا “
بمناسبة اليوم العالمي للغذاء، حـذّّر جون زيغلر، مقرر الأمم المتحدة حول الحق في الغذاء، من تفاقم حالات سوء التغذية في مختلف بقاع العالم.
وبخصوص تردي الأوضاع الغذائية في الأراضي الفلسطينية، قال زيغلر: “يجب مطالبة الاتحاد الأوروبي بتفعيل البند الثاني من اتفاقه التجاري مع إسرائيل”.
كعادته، لم يتردد السويسري جون زيغلر، مقرر الأمم المتحدة حول الحق في الغذاء في لقائه مع الصحافة عشية إحياء اليوم العالمي للغذاء يوم 16 أكتوبر، في التعبير بشكل مباشر وجريء عن واقع الغذاء في العالم.
ففي التقرير الذي سيرفعه الأسبوع المقبل للجمعية العامة للأمم المتحدة، يرى السيد جون زيغلر أن حالات المجاعة في ارتفاع في العالم، بحيث زاد عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء تغذية مزمن في الكرة الأرضية من 826 مليون قبل عامين إلى 842 مليون شخص حاليا.
ودائما بلغة الأرقام، أوضح السيد زيغلر بأن طفلا دون الخامسة من العمر يموت كل ثانية في العالم، ويؤكد أن ضحايا المجاعة يتعدى بكثير ضحايا الصراعات المسلحة والعمليات الإرهابية، بحيث يتجاوز عدد الضحايا 100 ألف شخص يوميا.
المشكلة ليست في نقص الغذاء
ومن المسائل التي تثير قلق المقرر الخاص حول الحق في الغذاء ما يرد في تقارير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، من إشارات إلى أن “الإنتاج الزراعي الحالي بإمكانه أن يكفي لتغذية 12 مليار نسمة بدل الستة ونيف حاليا”.
لذلك لم يتردد السيد زيغلر في وصف هذه الوضعية “بغير المنطقية”، محملا النظام النيوليبرالي مسؤولية هذا الارتفاع المسجل في حالات المجاعة، في وقت تعهدت فيه المجموعة الدولية في مؤتمر روما عام 1995 بتخفيض الفقر والمجاعة إلى النصف مع مطلع عام 2015.
ومن بين الأمثلة التي عددها السيد زيغلر بإسهاب في تقريره عن الاختلال في الاستهلاك، ما يتم على مستوى الصيد البحري من خلال استعمال أساطيل يابانية وغربية متطورة تقضي على الحياة الحيوانية والنباتية البحرية، وتفقد العديد من سكان المناطق الساحلية في مناطق مختلفة من العالم وسائل العيش البسيطة المرتكزة على وسائل الصيد التقليدية.
دعوة إلى وقف تعامل أوروبا مع إسرائيل
وفي تطرقه لأوضاع الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي، شدد المقرر الخاص على أن هناك العديد من الانتهاكات المتركبة في حق الشعب الفلسطيني من قبل قوات الاحتلال.
فقد تضمن تقريره الذي سيرفع للجمعية العامة في غضون الأسبوع القادم، والذي قد يتحول إلى موضوع مشادات جديدة مع المندوب الإسرائيلي، أن “22% من الأطفال الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يعانون من سوء تغذية خطير”، كما أشار إلى أن “نصف السكان يعتمدون كلية على المساعدات الإنسانية الخارجية”.
وقد شدد المقرر الخاص أثناء لقائه مع الصحافة الدولية في جنيف يوم 14 أكتوبر، على أن تقارير منظمات دولية ومنظمات إنسانية حتى إسرائيلية “حذرت من مخاطر تفاقم الأوضاع الإنسانية لدى الفلسطينيين”، إذ أشار السيد زيغلر بالخصوص إلى هدم المنازل والبنية التحتية على أيدي قوات الاحتلال، وتحويل المجاري المائية والمياه الجوفية لصالح سكان إسرائيل والمستوطنات اليهودية، وتحطيم المزارع الفلسطينية التي كانت ولا تزال قادرة على إطعام الفلسطينيين.
وبعد أن اعترف المقرر الخاص بأن “الأمم المتحدة فشلت في تأمين الغذاء للفلسطينيين”، رأى أن “الحل الوحيد يكمن في مطالبة الاتحاد الأوروبي بوقف تعاونه التجاري مع إسرائيل”.
وفي هذا السياق، طالب المقرر الخاص في خطاب وجهه إلى رئيس المفوضية الأوروبية، بالالتزام بما ينص عليه البند الثاني من اتفاق الشراكة المبرم بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل عام 2000، والذي ينص على ضرورة احترام الحقوق الأساسية للفلسطينيين، علما بأن الاتحاد الأوروبي يستورد لوحده أكثر من 50% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية.
وقد تطرق المقرر الخاص في تقريره أيضا إلى الأوضاع في إقليم دارفور السوداني، وفي كوريا الشمالية، وفي كوبا، مطالبا حكومات كل من السودان وكوريا الشمالية بالحرص على تأمين الحق في الغذاء لكل مواطنيها بدون استثناء.
في المقابل، هاجم زيغلر سياسة الصين المتمثلة في تسليم لاجئي المجاعة الكوريين الشماليين إلى حكومة بيونغ يانغ. وفيما يخص كوبا، طالب الولايات المتحدة بوقف استعمال الحصار عليها لأغراض السياسة الداخلية.
تهديد بالقتل؟
يشار أخيرا إلى أن مواقف جون زيغلر، الأستاذ الجامعي والعضو السابق في البرلمان السويسري، وخاصة ما يرتبط منها بالانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الشعب الفلسطيني، جلبت له بعض المضايقات من بينها قيام منظمة غير حكومية أمريكية تسمى نفسها UN WATCH باتهامه بـ “تجاوز صلاحياته” والمطالبة بعزله من منصبه.
ويبدو – حسبما ورد على لسان السيد زيغلر – أن التهديدات تحولت اليوم الى تلقي “خطابات تهديد بالقتل”، ولدى استفساره من طرف الصحافيين، لم يرغب المقرر الخاص الخوض في الموضوع بالتفصيل.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.