25 عاما من الصمود من أجل المُساواة
يحتفل أول مكتب أنشئ في سويسرا للمُساواة بين النساء والرجال باليوبيل الفضي لتأسيسه. ونظم المكتب يوم 14 يونيو مسيرة في كانتون الـجورا الذي شهد ميلاده.
هذا التاريخ يصادف الذكرى 13 للإضراب الوطني الذي قامت به نساء سويسرا للتعبير عن غضبهن إزاء استمرار التمييز ضدهن سواء في سوق العمل أو في البيت.
العيدُ عيدان في كانتون الجورا الذي يحتفل هذا العام باليوبيل الفضي لنشأة دُويلة وكانتون الجورا، وبتأسيس أول مكتب للمساواة بين النساء والرجال في سويسرا.
وقد انطلقت الاحتفالات بالذكرى الـ25 لإنشاء هذا المكتب منذ نهاية الأسبوع الماضي بسلسلة من النشاطات التي تمزج بين المرح والرياضة والتوعية بقضايا عدم المساواة بين النساء والرجال في سويسرا عموما وفي كانتون الجورا خصوصا.
أما فعاليات يوم 14 يونيو، فتميزت بتنظيم المكتب ومركز علاقات الجمعيات النسائية في كانتون الجورا لـ”Marche ex-aequo” أو “مسيرة بالتساوي”.
ويُصادف هذا التاريخ الذكرى 13 للإضراب الوطني الذي قامت به نساء سويسرا عام 1991 للتعبير عن غضبهن وامتعاضهن من أوجه التمييز المختلفة التي مازالت تقعن ضحية لها سواء تعلق الأمر بالوظائف المهنية أو الوظائف المنزلية.
عقليات تتطور .. ببطء!
وترى رئيسة المكتب السيدة كارين مارتي-جيغون أن المسيرة هي مناسبة أيضا للتذكير بأهمية تصويت الناخبين يوم 26 سبتمبر المقبل على مقترح استفادة النساء في سويسرا من عطلة الأمومة. ويُذكر هنا أن الكنفدرالية تظل البلد الوحيد في أوروبا الذي لا يتوفر على تأمين وطني على الأمومة جدير بهذا الإسم.
وكان آخرُ مشروع للتأمين الاجتماعي الإجباري، والذي دعا إلى منح المرأة إجازة مدفوعة الأجر لمدة 14 أسبوعا بعد الوضع، قد قُوبل برفض الناخبين السويسريين في ديسمبر 1999. ويشار إلى أن قانون الالتزامات السويسري يضمن للمرأة العاملة حق الحصول على كامل راتبها خلال الأسابيع الثمانية الأولى فقط التي تلي الولادة.
وترى السيدة مارتي، وهي أيضا رئيسة مندوبات المؤتمر السويسري لمكاتب المساواة، أن مشوار تحقيق المُساواة مازال طويلا خاصة في المناطق المتحدثة بالألمانية. فمن خلال اتصالاتها الدائمة مع النساء الشابات في كانتون الجورا، تلاحظ السيدة مارتي أن العقليات لم تواكب تطورات العصر، حيث تقول: “إن بعض الشابات لازلن يحتفظن بأفكار جداتهن”.
وتضيف السيدة مارتي في هذا السياق: “لا تناضل النساء من أجل الحصول على راتب يسمح بالعيش دون ضيق بما أن الزوج يوفر الدخل الضروري للأسرة”. وترى الخبيرة في مجال الاقتصاد أن لحظة الإستفاقة من مثل هذه العقلية قد تكون مُفزعة جدا في كانتون ينتهي فيه كلُّ زواج من أصل اثنين بالطلاق.
أما بالنسبة للشابات اللاتي يخترن طريق التكوين والدراسة والمشوار المهني، فتعرب السيدة مارتي عن الأسف الشديد لعدم المقدرة على مساعدتهن حيث تقول: “لا نستطيع الإجابة عن تساؤلاتهن فيما يتعلق بالتوفيق بين الأمومة والأسرة والعمل”.
وتنتظر رئيسية مكتب المساواة في الجوار بفارغ الصبر نتائج التحقيق الجاري حاليا حول الأجور الزهيدة في الكانتون، حيث من المُفترض أن تقدم في النصف الثاني من عام 2004 عرضا لواقع عدم المساواة في الأجور.
ميزانيات زهيدة
بفضل مكتب المساواة في الجورا قبل ربع قرن، دخلت تصورات المساواة في التقاليد السويسرية، وشهدت البلاد منذ ذلك التاريخ إنشاء مكاتب مماثلة في 17 كانتونا و4 مدن حسب معطيات المؤتمر السويسري لمندوبات مكاتب المساواة. هذا فضلا عن المكتب الفدرالي للمساواة بين النساء والرجال الذي تأسس عام 1988.
ورغم الهجمات التي تتعرض لها، والميزانيات الهزيلة المُرصودة لنشاطاتها، والتشكيك في الفائدة منها من قبل اليمين المتطرف في البلاد، مازالت مكاتب المساواة صامدة ومتمسكة بتحقيق أهدافها.
ففي البدء، أثار تعيين أول مندوبة عن الشؤون النسائية في سويسرا، ابنة الجورا ماري جوزيف لاشا، ابتسامات مُتعجرفة في عام 1979. لكن بعد 25 عاما من الصمود والنضال، نجح مكتب المساواة في الجورا في اكتساب “اسم نبيل” على حد تعبير رئيسته السيدة مارتي.
وتشدد هذه الخبيرة الاقتصادية على الميزة الأساسية التي يتمتع بها المكتب الذي ترأسه منذ عام 96 مقارنة مع المكاتب التي أنشأت بعده. فتأسيس المكتب مُُـثـبـت في مادة من مواد الدستور المحلي لكانتون الجورا، ولا يمكن إلغاء وجوده إلا عبر تنظيم استفتاء شعبي.
ويقتسم ثلاثةُ موظفين مكانيْ عمل في مدينة دوليمون. وتأمل السيدة مارتي أن يفلت المكتب من تخفيض مستوى الأجور بـ10%، المُبرمج من قبل إدارة الكانتون.
أما مكتب المساواة في جنيف، الذي يعد الأكبر في سويسرا من حيث مواطن العمل (8)، فهو يهتز بدوره كلما دارت النقاشات حول الميزانية.
وتعرب نائبة الحزب الاشتراكي في جنيف ماريا روت برناسكوني عن الأسف لعدم تمتع تصور المساواة بالدعم الضروري حيث تنوه إلى أن المساواة بين الرجال والنساء لا يمكن أن تعتمد على مجموعات ضغط قوية كما هو الشأن بالنسبة للشؤون البيئية والزراعية.
“لا مُساواة.. مع حزب الشعب”
ولا يشكك في منفعة الخدمات التي يقدمها مكتب المساواة في جنيف سوى حزب الشعب السويسري اليميني المُتشدد الذي يدافع عما تصفه السيدة برناسكوني بـ”النموذج غير الواقعي” للأب الذي يوفر الدخل والأم التي تمكث في البيت.
من جهتها، تؤكد أيضا رئيسة مكتب المساواة في زيوريخ كاثرين أريولي أن حزب الشعب هو الحزب الوحيد الذي يهاجم المكتب في الكانتون.
ويطرح حزب الشعب السويسري في العديد من المناسبات مسألة شرعية الدراسات الإجتماعية المتعلقة بالمساواة وسبل تمويلها.
لكن تضييقات حزب الشعب السويسري -الذي حقق فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية لعام 2003- لا تُشُل طموحات المناضلين من أجل تحقيق المساواة. وقد أعربت رئيسة المكتب الفدرالي للمساواة بين النساء والرجال باتريسيا شولتز عن ثقتها في إرادة الكانتونات لتعزيز مبدأ المساواة والترويج له.
وتحظى هذه المكاتب بالفعل بدعم شريحة واسعة من السكان. وكانت كانتونات فالي وبازل وبرن قد شهدت تعبئة هامة للتصدي لرغبات البعض في إلغاء مكاتب المساواة في هذه الكانتونات رغم مواردها المالية المتواضعة جدا.
ويذكر في هذا السياق أن مكتب أبنزل على سبيل المثال لا يتوفر سوى على نصف مكان عمل، فيما يشتمل مكتب فريبورغ على موطن عمل واحد يتقاسمه شخصان. أما الميزانية الزهيدة المخصصة لمكاتب المساواة، فتتراوح ما بين 1 و5 من الألف من ميزانية الكانتون أو البلدية التي تؤويها!
سويس انفو مع الوكالات
في عام 1971، حصلت النساء السويسريات أخيرا على حق التصويت والترشح على المستوى الفدرالي، بينما استفادت معظم النساء الأوروبيات من هذا الحق في نهاية الحرب العالمية الثانية
في 14 يونيو 1981، تم تدوين مبدأ المساواة بين النساء والرجال في الدستور الفدرالي، حيث نص على حظر أي نوع من التمييز على أساس الجنس
في 14 يونيو 1991، قامت النساء السويسريات بإَضراب للتعبير عن غضبهن إزاء استمرار التمييز بين النساء والرجال، سواء في سوق العمل أو في البيت (الوظائف المنزلية)
في 1 يوليو 1996، دخل قانون المساواة بين النساء والرجال في سويسرا حيز التطبيق
تقل نسبة أجور النساء في سويسرا بـ23% مقارنة مع رواتب الرجال حسب تقديرات النقابات
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.