مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

3 أزمات كُـبرى حول سوريا

هل عاد الصراع الدولي حول سوريا بعد أن خسرت دمشق الكثير من أدوارها الإقليمية؟ Keystone

"سوريا دخلت حمّـام التغيّـرات الكُـبرى في الشرق الأوسط، ولن تخرج منه إلا وهي في حُـلّـة جديدة أو ثوب جديد".

هكذا أطل دبلوماسي خليجي على التطورات المتسارعة في الشرق الأوسط، والتي يتمحوَر العديد منها حول الساحة السورية أساساً.

“الصراع حول سوريا، الذي نشب في الخمسينات والستينات، بعث من جديد بعد أن خسرت سوريا الكثير من أدوارها الإقليمية في مُـحيطها الجغرافي، وعادت لتكُـون نقطة تجاذب بين الأطراف الإقليمية (والدولية) الأقوى”.

وهكذا أطل دبلوماسي غربي، يعمَـل في إحدى الدول الخليجية على هذه التطورات المتسارعة نفسها، وكما هو واضح، كلا الإطلالتين متقاطعتين وتؤدِّيان إلى النتيجة ذاتها، وإن كانت خلاصة الدبلوماسي الغربي أكثر دقّـة، لأنها تتضمن ربط الماضي بالحاضر، والتاريخ بالجغرافيا، فيما يتعلق بدور سوريا ومستقبل نظامها.

لكن ما طبيعة هذه التطورات التي تشهدها البيئة المحيطة ببلاد الأمويين؟

يمكن هنا لحظ ثلاث أزمات كُـبرى تدور حول محاور ثلاثة:

الأول، تفاقم الخلافات بين سوريا والمملكة السعودية وتحوّلها إلى حملات إعلامية عنيفة لم تشهدها المنطقة العربية منذ فترة طويلة.

والثاني، التّـذبذب الخطَـر في العلائق بين سوريا وإسرائيل، بين الحرب والسلام.

والثالث، عودة التنافس الدولي على النفوذ في بلاد الشام.

أزمة النظام العربي

ربما ليس من المبالغة في شيء القول بأن انفجار الصِّـراع العلني بين الرياض ودمشق في الآونة الأخيرة، قد يكون أخطر تطوّر في الساحة الشرق أوسطية منذ حرب 1967، وهذا لسبب مقنع: العلاقات بين الرياض ودمشق مهمّـة، لا بل وحاسمة بالنسبة لمصير النظام الإقليمي العربي، خاصة بعد إخراج العراق من لُـعبة موازين القِـوى ودخول إيران إليها بقوة.

فالسعودية وسوريا، مضافاً إليهما مصر، شكّـلت المثلّـث الذهبي، الذي استند إليه هذا النظام طِـيلة العُـقود الثلاثة الأخيرة، وهذا ما ضمَـن له الاستقرار، برغم الزوابع والحروب والاضطرابات، التي عصفت بالمنطقة منذ عام 1967.

قبل بروز هذا المُـثلث الإستراتيجي، كانت ثمّـة فوضى في المنطقة، سببُـها الرئيسي، الصراع على السلطة الإقليمية بين القاهرة والرياض اللّـتين خاضتا منذ عام 1956 مُـجابهات مريرة.

درّة تاج هذه المُـجابهات ومحورها الرئيسي، كانت سوريا، وهذا ما أطلِـق عليه في الخمسينات والستينات “تعبير” الصِّـراع على سوريا، التي يفوز مَـن يربحها بكل الجوائز، بما في ذلك حتى “جوائز الترضية”.

مصر الناصرية كان لها في هذا الصراع اليد العليا منذ عام 1958، حين التحقت سوريا بها في وحدة اندماجية، ثم مدّت أذرعها حتى الحدود السعودية مع الانقلاب العسكري الذي أطاح الملكية الإمامية في اليمن. لكن الصورة سُـرعان ما تبدّلت مع سقوط الوحدة المصرية – السورية عام 1961، ومع غرق القوات المصرية في وُحول الحرب الأهلية اليمنية، وما أن أطل عام 1967 ومعه الهزيمة العسكرية المصرية الكُـبرى على يدِ إسرائيل، حتى اكتمل تبدّل الصورة ودالت المِـنطقة كلها لزعامة الرياض. لقد وُلِـدت “الحِـقبة السعودية”.

أول من أدرك أبعاد هذا الانقلاب التاريخي كان الرئيس حافظ الأسد، الذي ترافق وصوله إلى عرش الأمويين عام 1970 مع تثبيت دعائِـم هذه الحِـقبة، فعمَـد سريعاً إلى تصفية القوى اليسارية البعثية المُـعادية للرياض وأغلق بهدوء ملف “التغيير الثوري البعثي” في المنطقة، وبدأ بإقامة الجُـسور السياسية والعائلية مع المملكة.

وهكذا، برز سريعاً إلى الوجود المِـحور السوري – السعودي، ثم انضمت إليه بعد فترة مصر “المُـباركية”، وقد قاد هذا المِـحور المنطقة من أذنِـها وِفق مَـشيئة قادتِـه الذين توزّعوا الأدوار وتقاسموا المصالح (كل في مجاله الحيوي الجغرافي)، لم يعد شيء بعد يُـمكن أن يحدُث في المنطقة، من دون موافقة هذا المحور، وإذا ما حدث، لا يستمر بدون إرادته، وهذا ما اختبرته كل الدول والقِـوى السياسية في المنطقة عيانياً، سلماً وحرباً، على مدى العقود الثلاثة الأخيرة.

بيد أن هذا الصَّـرح المُـنيف بدأ يتضعضع وتختَـرقه الشقوق منذ وفاة الرئيس حافظ الأسد عام 2000.

لماذا؟

الأسباب تبدو عديدة ومتنَوعة:

· حاجة بشار الأسد، بعد أن أصبح رئيساً، إلى انتزاع السلطة الفِـعلية من يد الثالوث الحاكم، حِـكمت الشهابي وعبد الحليم خدام وغازي كنعان. وبما أن هذا الثلاثي يُـقيم علاقات وثيقة مع الرياض وله علاقات أوثق مع حلفاء السعودية في لبنان، في مقدمتهم رفيق الحريري، بدا لِـوهلة أن الصِّـراع على السلطة في سوريا يجري أيضاً على أرضية الصِّـراع بين السعودية وإيران على سوريا.

· أدى الانسحاب الإسرائيلي من لبنان عام 2000 إلى تغييرات في الإطلالة الأمريكية – الإسرائيلية على الوجود السوري في لبنان، بحجّـة الحفاظ على “التوازن الإستراتيجي” في المشرق، وهذا اقتضى أن يلي الانسحاب الإسرائيلي من بلاد الأرز، انسحاب سوري مماثل. دمشق لم تقرأ جيِّـداً آنذاك أبعاد هذا الانقلاب وركّـزت بدلاً من ذلك على نظَـرية المُـؤامرة، التي يقوم بموجبها رفيق الحريري وجاك شيراك، ومن ورائهما الرياض، بِـحَـبْـك خيوط عملية إخراج سوريا من لبنان. وحين تم اغتيال الحريري وصدَر قرار مجلس الأمن بتشكيل المحكمة الدولية، كانت الشكوك والظنون تدفع سفينة العلاقات السورية – السعودية إلى مضايق مائية خطرة جديدة.

· إنفجار العراق فاقم أكثر الأزمة بين البلدين، خاصة في النقطة المتعلِّـقة بسماح دمشق لعناصر “القاعدة” والتنظيمات الأصولية الأخرى المُـعادية للرياض، بالعمل بحرية انطلاقا من الحدود السورية.

· ثم هناك بالطبع الاستقطاب الحاد الذي نشأ في المنطقة بين الدول العربية بزعامة الرياض وبين إيران وحزب الله وحماس والجهاد، جنباً إلى جنب مع سوريا، وهذا تطوّر أحيَـى من جديد مفهوم “الصراع على سوريا” في الشرق الأوسط: من يفوز بها، يُـسيطر على جدول أعمال كل منطقة الهلال الخصيب.

· ثم أخيرا، جاءت تصريحات الرئيس الأسد حول “أشباه الرجال”، وبعدها تصريحات نائبه الشرع حول “الشلل السعودي” لتصُـبّ ما تبقّـى من الزيت فوق نار الأزمة.

الجبهة الإسرائيلية

هذه بعض جداول المياه التي تدفّـقت تحت أرجُـل المحور السوري – السعودي، والتي تكاد تتحوّل الآن إلى سُـيول تجرف معها ما تبقّـى من بقايا النظام الإقليمي العربي.

لكن المخاطر على هذا النظام لا تأتي من هنا فقط، هناك أيضاً الغُـموض الذي يجري على الجبهة السورية – الإسرائيلية. فطيلة الأسبوعين الماضيين، كانت الأحاديث في الشرق الأوسط ترقى إلى حدّ التكهن بأن الحرب واقعة لا محالة خلال شهر أو اثنين بين دمشق وتل أبيب.

الدليل؟ اللاّئحة الطويلة التي أوردتها هذه الأحاديث حول الاستعدادات السورية لإشعال نيران المجابهة: نشر آلاف الصواريخ متوسِّـطة وبعيدة المدى على طول الحدود الإسرائيلية، بما يجعل كل الشمال الإسرائيلي تحت رحمة النيران السورية، ودفع فرقة مدرّعة سورية جديدة إلى الخطوط الأمامية في الجولان وزيادة إنتاج صواريخ سكود “سي” و”دي” ووضعها في غُـرف ومخابِـئ سرية، وشراء أجهزة دفاع صاروخي متطوِّرة وطائرات ميغ 31 إي الروسية، التي تفوق سُـرعتها سرعة الصوت بثلاث مرات وتستطيع ضرب أهداف متعدِّدة في آن على بُـعد 110 أميال، ثم أخيرا، نقل صواريخ شهاب – 3 وسكود من إيران إلى سوريا على جناح السرعة.

في المقابل، كانت سوريا تشتكي من أن إسرائيل أجرت مؤخراً أضخم مناورات عسكرية في هضبة الجولان المُـحتلة منذ سنوات عدّة، تَـم خلالها التدرّب على احتلال مدن وبلدات سورية. وهذا ترافَـق مع إدخال تعدِيلات جِـذرية على الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية بما يضمن الفوز في حرب نظامية. وبما أن سوريا هي الآن العدو النِّـظامي العسكري الوحيد في الهلال الخصيب لإسرائيل، فهذا يعني بوضوح أنها هي المقصودة بالاستعدادات الإسرائيلية للحرب.

لكن بعد فترة من هذا التَّـصعيد، صدَرت بيانات مُـتلاحقة من نائب الرئيس السوري فاروق الشرع وبعض القادة الإسرائيليين بأن أحداً لا يُـريد الحرب، كما تم تبادل رسائل التَّـضمين عبر أطراف ثالثة بهذا الشأن.

حتى الآن، قد يبدو الأمر مسلسلاً روتينياً من الفعل وردّات الفعل التي يعجّ بها تاريخ المجابهة العسكرية العربية – الإسرائيلية إبّـان الأزمات. لكن الأمر ليس كذلك. هذه المرة كان الصُّـعود نحو قمّـة الحرب يترافق مع النُّـزول في الوقت نفسه إلى أسفل جبل السلام أو على الأقل إلى مشاريع السلام، وهذا أمر ليس له سابِـق في الصِّـراع العربي – الإسرائيلي، الذي استقر طويلاً على قاعدة اللاحرب واللاسلام، في حال غياب الحرب.

وهكذا، كانت الأنباء تتواتَـر عن استعداد إسرائيلي لإغلاق المسار التفاوضي الفلسطيني لصالح المسار السوري، بما يضمَـن تسوية مسألة الجولان المُـحتل، إذا ما لبَّـت دمشق “بعض الشروط الإسرائيلية والأمريكية”.

ما هي هذه الشروط؟

هنا قد نكون أمام كلمة السِّـر، التي يُـمكنها حل كل حاجيات هذا التّـذبذب الغريب بين نقيضي الحرب والسلام، وهي (الكلمة) تتضمّـن جُـملة واحدة: فكّ عُـرى التحالف الإستراتيجي بين سوريا وإيران، فهذا الأمر بات مطلوباً بإلحاح الآن، بعد أن وصلت حرارة المجابهة الإيرانية – الأمريكية إلى درجة الغَـليان، وبعد أن تأكّـد بأن بدء إعادة الانتشار الأمريكي في العراق سيُـطلق مجابهات شامِـلة في المنطقة بين كل أو مُـعظم القِـوى الإقليمية والدولية التي ستتسابق حِـينها بأيديها وأرجُـلها لمحاولة ملء الفراغ الناشئ.

هذا في الغالب السبب الرئيسي للقفزات البهلوانية الراهنة على الجبهة السورية. ولأن الطرفين، الأمريكي والإسرائيلي، لا يُـريدان في هذه المرحلة قتل الناطور السوري، بل مجرّد أكل عِـنب الشّـام، فهما يقدِّمان للقيادة السورية وجبَـتي الحرب والسلام على طَـبق واحد، وعليها أن تختار.

الصراع الدولي

ماذا الآن عن الأمن، الأزمة الثالثة: الصراع الدولي على سوريا؟

الأمر كله تقريباً هنا مَـنُـوط بتراقص العلاقات الروسية – الأمريكية على شَـفير حرب باردة جديدة، وإن أصغر بكثير من الحرب الباردة السابقة.

فموسكو، المنتشية بارتفاع أسعار النفط، تشعر أنها تستطيع فرض احترام مصالحها ودورها على الغرب، إذا ما استخدمت ترسانتها العسكرية لموازنة القوة الأمريكية، وهذا ما يدفعها الآن إلى اتخاذ سِـلسلةَ خُـطوات جريئة مثل: تعميق “التحالف الإستراتيجي” مع الصِّـين في إطار منظمة شنغهاي للتعاون، التي عَـقدت مؤخّـراً قمّـتها السابعة، مع التّـلويح بضمِّ إيران قريباً إلى هذه المنظمة، إعادة تصويب الصواريخ الروسية العابِـرة للقارات نحو أوروبا الغربية، استئناف إنتاج القاذفات الإستراتيجية والصواريخ المتطورة، وأخيراً، البحث عن قواعد وتسهيلات عسكرية في مناطق حسّـاسة إستراتيجياً بالنسبة للولايات المتحدة.

هذا التحوّل الرّوسي وجد سريعاً ضالَّـته في سوريا، التي كانت تبحث هي الأخرى عن ظهير دولي يُـنقذها من العُـزلة المفروضة عليها، وهكذا طّـفت على السطح أنباء صفقات السلاح الروسية – السورية، والتي تركّـزت في مُـعظمها على صواريخ أرض – جو وأرض – أرض، وترافق ذلك مع شائعات عن احتمال موافقة سوريا على تحويل التسهيلات، التي تقدم في طرطوس للأسطول الروسي إلى قاعدة عسكرية دائمة.

وبالطبع، مثل هذه التطورات لن تمر مرور الكِـرام في الولايات المتحدة، التي تخُـوض في هذه المرحلة حُـروباً متّـصلة، لفرض “الباكس أمريكانا” (السلام الأمريكي) على كل أنحاء الشرق الأوسط الكبير.

فهل ثمة تقاطع ما بين هذه الأزمات الثلاث؟ ليس بالضرورة، لكن هناك نقطة موضوعية مُـشتركة بينها: رغبة كل طرف في توجيه دفّـة السفينة السورية نحو مَـرافئه الخاصة، وهذا يعني، بتعابير أخرى، أن “الصِّـراع على سوريا” عاد. فلنحبِـس الأنفاس.

سعد محيو – الكويت

القاهرة (رويترز) – نقلت صحيفة أخبار اليوم في عدد السبت 24 أغسطس عن الرئيس المصري حسني مبارك قوله، أن مؤتمر السلام في الشرق الأوسط، الذي دعا إليه الرئيس الأمريكي جورج بوش، يفتقر لإطار عمل.

ونقلت الصحيفة عن مبارك مطالبته بضرورة التوصّـل لتوافق حول القضايا المطروحة، بما في ذلك التوصل لاتفاق على المبادئ بشأن الدولة الفلسطينية قبل عقد المؤتمر.

وقال مبارك “مصر تؤيِّـد ضرورة التوصل إلى توافق حول كل القضايا المطروحة للتسوية، قبل عقد الاجتماع الدولي الذي دعا إليه الرئيس بوش”، وتابع الرئيس المصري أنه لم يتِـم بعد الانتهاء من بعض المسائل، مثل مشاركة سوريا في الاجتماع، وأضاف “لم يتم حتى الآن تحديد الإطار الذي سيتِـم بحثه في المؤتمر”.

وقال مسؤولون عرب، إن الولايات المتحدة لم تقدِّم سوى تفاصيل قليلة عن جدول أعمال المؤتمر المتوقّـع عقده في أكتوبر أو نوفمبر، تاركة القليل من الوقت لبذل جهود منسّـقة لمساعدة الإسرائيليين والفلسطينيين على تضييق هوّة الخلاف حول قضايا، مثل الحدود النهائية والقدس ومصير اللاجئين الفلسطينيين.

وفي يوليو، دعا بوش لمؤتمر سلام في الشرق الأوسط يضم إسرائيل والسلطة الفلسطينية وجيرانهما.

وقامت مصر، وهي حليفة للولايات المتحدة منذ فترة طويلة وإحدى دولتين عربيتين وقّـعتا على معاهدة سلام مع إسرائيل بالتوسّـط في المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين في الماضي، والتي فشلت في إنهاء الصراع.

وفي الشهر الماضي، قال وزراء الخارجية العرب إن مؤتمر السلام في الشرق الأوسط يجب أن يضم جميع الأطراف المعنية، وينبغي أن يهدف لإحياء المفاوضات بين إسرائيل وجميع جيرانها، كما ينبغي أن يُـبنى على محادثات السلام السابقة.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 25 أغسطس 2007)

الرياض (رويترز) – رفضت السعودية اتهامات مسؤول سوري رفيع بأن دورها في الشرق الأوسط قد ضعف بوصفها “أكاذيب ومغالطات”، واتهمت دمشق بإشاعة عدم الاستقرار في المنطقة. وكانت المملكة المحافظة، التي تسعى لتعزيز دورها في المنطقة، ترد على انتقادات وجّ،هها لها فاروق الشرع، نائب الرئيس السوري في وقت سابق هذا الأسبوع ببيان لاذع على نحو غير معتاد.

وجاء في البيان، الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية “تابعت حكومة المملكة العربية السعودية بكثير من الاستغراب التصريحات النابية، التي أدلى بها السيد فاروق الشرع، نائب الرئيس السوري مؤخرا، والتي تضمنت الكثير من الأكاذيب والمغالطات التي تستهدف الإساءة إلى المملكة. “المشكلة ليست في مواقف المملكة، ولكن في المواقف التي تنكرت لوحدة الصف العربي وعملت على نشر الفوضى والقلاقل في المنطقة، هذه هي المواقف التي لا يجرُؤ أصحابها على الإعلان عنها ويعتقدون أنهم يستطيعون خداع الأمة العربية والإسلامية، مع أن أعمالهم تنطق عن سوء نواياهم بأفصح لسان”.

وتتهم واشنطن، أكبر حليفة غربية للمملكة، سوريا بعدم بذل ما يكفي من الجهود لمنع المتشددين الإسلاميين من العبور إلى العراق لمقاتلة القوات التي تقودها الولايات المتحدة، وبالتدخل في شؤون لبنان لتقويض حكومته المدعومة من واشنطن والرياض. وجاء البيان، الذي نقل عن مصدر حكومي رسمي لم يذكر اسمه، علامة على زيادة تدهور العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وسوريا المتوترة بالفعل بسبب لبنان والعراق.

وقال البيان “الحديث عن شلل دور المملكة، العربي والإسلامي، هو حديث لا يصدر عن إنسان عاقل متّـزن، فهذا الدور يعرفه القاصي والداني عبر العالمين، العربي والإسلامي، بل والعالم أجمع، ولعل السيد الشرع زلّ لسانه وكان يقصد بالشلل السياسة، التي ينطلق باسمها ويمثلها”.

وفي كلمة بجامعة دمشق، قال الشرع إن دور السعودية في المنطقة أصيب بالشلل بشكل فعلي، مشيرا إلى انهيار اتفاق الوحدة الفلسطينية، الذي أبرم في مدينة مكة في فبراير الماضي. وذكر الشرع أن الخطوط العريضة لاتفاق مكّـة، كانت قد صِـيغت بالفعل في دمشق ولمح إلى أن انهياره يثبت أن السعودية، إما باتت عاجزة أو أنها فقدت اهتمام حليفتها القديمة الولايات المتحدة. وانتقد الشرع أيضا قرارا سعوديا بعدم حضور اجتماع بشأن الأمن في العراق استضافته سوريا في وقت سابق من الشهر الجاري.

وتوترت العلاقات بين سوريا والسعودية منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وهو حليف وثيق للسعودية، في عام 2005. وثار غضب العاهل السعودي الملك عبد الله، الذي كان قريبا من قادة حزب البعث السوري بسبب اغتيال الحريري في لبنان، الذي كان يخضع لهيمنة الجيش والمخابرات السورية. وأشار تحقيق للأمم المتحدة إلى ضلوع مسؤولي أمن سوريين ولبنانيين في اغتيال الحريري، وهو اتهام تنفيه دمشق. وانتقد سعد الحريري، ابن رفيق الحريري ووريثه السياسي، والذي يحمل الجنسية السعودية أيضا، تصريحات الشرع.

وجاء في بيان صدر عن المكتب الإعلامي لزعيم الأغلبية اللبنانية المناهضة لسوريا “لا نستغرب من نابغة الدبلوماسية السورية أن يضيف كارثة جديدة إلى سجل نظامه الحافل بالنشاز والسقطات الدبلوماسية”. وأدّت مواجهة سياسية بين جماعة حزب الله اللبنانية المؤيدة لسوريا والحكومة اللبنانية، التي يدعمها الغرب والسعودية، إلى توتر العلاقات بشكل أكبر منذ حرب العام الماضي بين إسرائيل وحزب الله.

وتشعر الرياض بقلق أيضا من تزايد نفوذ إيران الشيعية، حليفة سوريا، ولاسيما في العراق ولبنان، حيث تزداد قوة الجماعات الشيعية. وبدا أن التوتر قد خفّ بحضور الرئيس السوري بشار الأسد اجتماع القمة العربية، الذي عقد في الرياض في مارس الماضي، ولكن أحدث الانتقادات المتبادلة، يشير فيما يبدو، إلى تراجع في العلاقات، ومن المقرر عقد القمة العربية المقبلة في سوريا.

وقال البيان السعودي إن “ادعاء السيد الشرع أن اتفاق مكة المكرمة تم الاتفاق عليه وعلى بنوده في دمشق، يمثل إهانة لا تغتفر للقيادات الفلسطينية”، وأضاف البيان “أن الأخُـوة بين الشعبين الشقيقين، السوري والسعودي، أخُـوة حقيقية صمدت عبر مختلف المِـحن والأزمات وتجلّـت في بقاء القوات السعودية سنوات في الجولان تشارك في شرف الدفاع عن سوريا، وفي مساهمة القوات السورية الباسلة في تحرير الكويت ـ وهذه الأخُـوة، التي يحرص عليها كل مواطن سوري وكل مواطن سعودي، تبقى ـ بإذن الله ـ وتقوى رغم الأصوات المنكرة التي ستذهب ويذهب أصحابها أدراج الرياح”.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 17 أغسطس 2007)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية