8% من مساحة فلسطين التاريخية…
أصدر "مركز حقوق السكن والتهجير" في جنيف تقريرا بعنوان: "إدارة فلسطين: تاريخ من التشريع اليهودي الإسرائيلي لمصادرة الأراضي والبيوت في فلسطين".
التقرير حلل السياسة المتبعة من قبل إسرائيل لمصادرة الأراضي الفلسطينية منذ عام 1948 حتى اليوم، كما شهر باستعمالها للقانون من أجل مصادرة الأراضي وحرمان الفلسطينيين من حق العودة.
جاء التقرير الذي أصدره مركز حقوق السكن والتهجير بالاشتراك مع مركز البديل الفلسطيني، يوم الأربعاء 11 مايو في جنيف، في كتيب يشتمل على أكثر من 240 صفحة.
ويعتبر هذا التقرير عملا فريدا من نوعه حيث تناول بالتفصيل “تحليل الميكانزمات التي استخدمها النظام القانوني الإسرائيلي لتمويه السياسة التمييزية في حق الفلسطينيين، وإضفاء عليها طابع ما يسمى “بسلطة القانون”، مثلما جاء في نص المقدمة.
وانتهى التقرير الذي حمل عنوان: “إدارة فلسطين: تاريخ من التشريع اليهودي الإسرائيلي لمصادرة الأراضي والبيوت في فلسطين”، الى نتجة مفادها أنه “لو استمرت إسرائيل في مصادرة الأراضي بنفس الوتيرة الحالية، وعند اكتمال بناء ما تسميه بالجدار الأمني، فإن الأراضي الفلسطينية بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة، ستتقلص الى ما دون 8% من مساحة فلسطين التاريخية”.
سيطرة على 90%
من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أنه عند قيام إسرائيل كدولة في عام 1948، “لم يكن اليهود يملكون فيها أكثر من 10% من مساحة فلسطين التاريخية”، أما اليوم فقد أصبحت الدولة العبرية “تسيطر عسكريا على مساحة فلسطين التاريخية، وتستعمل أو تدير ما يقرب من 90% من أراضي فلسطين في فترة الانتداب والتي تشمل إسرائيل والمناطق المحتلة”.
ويقول سكوت ليكي، مدير المركز: “إن فترة قيام دولة إسرائيل بين عامي 1948 و 1949، والتي رافقتها اكثر من 30 عملية عسكرية، أدت الى تشريد 800 ألف فلسطيني وتدمير 531 مدينة وقرية فلسطينية”، . واعتبر أن “ما تم من هدم للبيوت وسرقة للأراضي وتطبيق لقوانين شبه عنصرية، لا يمكن اعتباره إلا كصورة قاسية من صور التطهير العرقي” حسب تعبيره.
قانون في خدمة سرقة الأراضي الفلسطينية
المحور الرئيسي الذي عالجه تقرير مركز حقوق السكن والتهجير بالتفصيل تمثل في تحليل كيفية تسخير إسرائيل للقانون من أجل تبرير مصادرة الأراضي الفلسطينية بشتى الطرق والاستيلاء عليها، ومنع سكانها الأصليين من العودة إليها.
وفي هذا السياق، جاء في التقرير أن “القوانين الإسرائيلية صممت لتبرير المطالبة الإسرائيلية بأراضي وأملاك الغائبين”. ومن النتائج التي نجمت عن هذه القوانين استيلاء إسرائيل ابتداء من عام 1949 على ما يقارب من 20 ألف كيلومتر مربع من أراضي فلسطين التاريخية التي كان الفلسطينيون يملكون 90 % منها إما بشكل فردي او جماعي.
ومن بين القوانين التي قال التقرير إنها “مسخرة لخدمة مصادرة إسرائيل للأراضي الفلسطينية”، قانون “منع التسلل” الصادر عام 1954، الذي “منع مهجري الداخل من العودة الى مناطقهم والذين كانوا يطردون الى خارج تلك المناطق، في حال ضبطهم كمتسللين” مثلما جاء في نص التقرير.
ويلفت التقرير إلى أن سياسة مصادرة الأراضي مازالت متواصلة إلى اليوم حيث “استولت إسرائيل في الفترة ما بين 2000 و 2003 على نحو 848 كيلومتر مربع” إضافية. كما يشير الى الخلل القائم في حق الملكية حيث يشكل فلسطينيو الداخل (أي الذي استمروا في العيش داخل حدود إسرائيل) البالغ عددهم مليونا ومائتي ألف نسمة، خُـمُـس تعداد سكان دولة إسرائيل، ولكنهم لا يملكون أكثر من 3% من الأراضي”.
ويضيف التقرير بأن إسرائيل لم تكتف بمصادرة الأراضي العربية الواقعة داخل الحدود الإسرائيلية بل “طبقت سياسة السيطرة على الأراضي حتى في المناطق الواقعة تحت الاحتلال في الضفة والقطاع”. يضاف الى ذلك ما أنتجه بناء الجدار الأمني من مصادرة لمزيد من الأراضي الفلسطينية، وما خلفه من تعقيدات لسكان عدة مدن مثل طولكرم وقلقيلية وجنين والقرى المحيطة بها وهو ما قد يؤدي عند اكتمال بناء الجدار إلى “تقليص مساحة الصفة الغربية بحوالي 15%”.
مشكلة يسهل حلها لو …
السيد سكوت ليكي، مدير مركز حقوق السكن والتهجير، اعتبر في لقائه مع الصحافة في جنيف أن حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين “أسهل من غيرها من الأزمات التي عرفتها كل من البوسنة والهرسك وأفغانستان وجنوب إفريقيا والموزمبيق وكوسوفو”، نظرا لأن “الأراضي المصادرة مازالت ملكا لدولة إسرائيل ولم تنقل ملكيتها الى مواطنين إسرائيليين”.
يضاف الى ذلك، أن “معظم هذه المساحات المصادرة منذ عام 1948 مازالت فارغة وأن معظم العائلات الفلسطينية ما زالت تملك وثائق إثبات الملكية”، مثلما شدد على ذلك التقرير .
أما المشكلة الحقيقية فهي تتمثل في “عدم توفر الإرادة السياسية لتطبيق حق عودة اللاجئين الفلسطينيين في وقت يتمتع فيه أي يهودي حتى من لم يسبق له العيش في المنطقة بالعودة الى دولة إسرائيل”، حسب رأي مدير مركز حقوق السكن والتهجير.
وقد حمل مدير المنظمة الحقوقية بشدة على ما اسماه “نفاق الولايات المتحدة الأمريكية” وقال إنها “تؤيد حق اللاجئين في كل أنحاء العالم في العودة الى ديارهم، إلا أنها لا تعترف بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة هم أيضا”.
أخيرا، اعتبرت المنظمة – بناء على كل المعطيات السابقة – أن الحل المقترح للصراع العربي الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 57 عاما والمتمثل في إقامة دولتين واحدة لليهود والثانية للفلسطينيين أصبح أمرا مستحيلا من الناحية العملية.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
يعتبر مركز حقوق السكن والتهجير المعروف اختصارا بـ COHREK، منظمة دولية غير حكومية مدافعة عن حقوق الانسان في مجال الحق في السكن ومحاربة عمليات التهجير القسري. والمركز مسجل في هولندا باعتباره منظمة غير نفعية ولها مكتب رئيسي في جنيف إضافة الى مكاتب فرعية في كل من آسيا وافريقيا والأمريكيتين.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.