مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أزمة قطر اسفرت عن تحالفات جديدة في الشرق الاوسط

صورة مركبة في 05 حزيران/يونيو 2017 (من اليسار الى اليمين) امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس حكوم الامارات حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة afp_tickers

بعد مرور عام على اندلاع الأزمة الخليجية بين قطر وجيرانها، يرى محللون ان الخلاف الذي يزداد حدة أدى الى قيام تحالفات جديدة في المنطقة من دون أن يسفر عن خاسر او رابح.

ومع انعدام بوادر حل في الافق رغم جهود وساطة قامت بها الولايات المتحدة والكويت، يقول محللون ان تداعيات هذه الازمة ستكون عميقة وطويلة الامد.

ويقول الاستاذ المساعد في كلية كينغز في لندن ديفيد روبيرتس “لا اعتقد أننا نبالغ في القول ان هناك مراكز قوى جديدة تظهر في الشرق الاوسط”.

في الخامس من حزيران/يونيو 2017، قطعت السعودية والامارات والبحرين ومصر واليمن والمالديف علاقاتها الدبلوماسية مع قطر متهمة إياها بدعم “الارهاب”، لا سيما عبر تمويل جماعات إسلامية متطرفة والتقرب من إيران، خصم السعودية الرئيسي في المنطقة.

ورافقت قطع العلاقات الدبلوماسية إجراءات اقتصادية بينها إغلاق الحدود البرية والطرق البحرية، ومنع استخدام المجال الجوي وفرض قيود على تنقلات القطريين.

وسلمت الدول المقاطعة قطر قائمة من 13 طلبا من ضمنها إغلاق قناة “الجزيرة” والحد من علاقات قطر مع إيران وإغلاق قاعدة عسكرية تركية في قطر.

ولم تطبق الدوحة أيا من هذه المطالب. وقامت بدلا من ذلك بتعزيز علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع دول أخرى، ومحاولة تأمين اكتفاء ذاتي. كما أبرمت اتفاقات تجارية وعسكرية وتكنولوجية على الساحة الدولية.

وأوردت صحيفة “لوموند” الفرنسية السبت أن السعودية طلبت من فرنسا إقناع قطر بالتخلي عن شراء دفاعات جوية روسية من طراز إس-400، وإلا فإن الرياض أبدت استعدادها للقيام بـ”تحرك عسكري” ضد الدوحة.

ولم يشأ أي من قصر الإليزيه ووزارة الخارجية الفرنسية التعليق على هذه المعلومات ردا على أسئلة وكالة فرانس برس.

وتستمر الحرب الباردة في الصحراء، مع ان قطر تواصل تزويد الامارات العربية المتحدة بالغاز.

وتبدو قطر الآن اقرب الى تركيا ولديها علاقات دبلوماسية وتجارية تمتد الى ما وراء الخليج.

وشكر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الشهر الماضي إيران على دعمها بلاده في أزمة الخليج.

وأشارت السعودية والامارات الى ان هذه الازمة قد تستمر لفترة طويلة.

وتبدو الوحدة الخليجية الآن في وضع حرج ما يهدد وجود مجلس التعاون الخليجي، بينما نأت عمان والكويت بنفسيهما عن اتخاذ موقف من الازمة.

ويشير كريستيان اولريشسن الباحث في جامعة “رايس” الى ان “تأثير هذه الازمة على الوحدة الاقليمية في الخليج العربي من المرجح ان يكون مدمرا ومحددا مثل الفترة التي غزا فيها صدام حسين الكويت واحتلها في عام 1990”.

وأضاف “من الصعب للغاية رؤية كيف يمكن للخليج العربي ان يعود معا”.

ويرى الكثيرون ان قطع العلاقات كان بمثابة محاولة من السعودية والامارات لدفع قطر “المزعجة” التي تدعم الاخوان المسلمين وحماس، الى الاصطفاف وراء سياستهما، الا ان الرهان لم يؤت ثماره.

ويقول اولريشسن “لا يوجد رابح او خاسر” بشكل واضح في هذه الازمة.

وبحسب اولريشسن، “أظهر القطريون مرونة والكثير من البراغماتية عبر التكيف بسرعة مع الواقع الجديد ووضع ترتيبات تجارية ولوجستية بديلة ادت الى خفض تكاليف الازمة، من دون إزالتها”.

والاحد، أكد وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية ان بلاده لن تقبل بان تنجرّ الى نزاع مع جارتها إيران.

وقال خلال مؤتمر دولي للأمن في سنغافورة إنه رغم وجود “الكثير من الاختلافات” بين البلدين، فإن الدوحة “لن تشعل حربا” في المنطقة. وتساءل العطية “هل من الحكمة دعوة الولايات المتحدة وإسرائيل لخوض حرب مع إيران؟ إيران جارة لنا”.

– “ثقة محطمة” –

وهناك احتمال ضئيل للتوصل الى حل دبلوماسي فوري.

وأكد نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله في 30 أيار/مايو لوكالة فرانس برس ان الجهود الدبلوماسية التي تبذلها بلاده لاحتواء الازمة “مستمرة ومتواصلة”.

وقال الجار الله إن “آخر الأفكار والجهود المتعلقة بالأزمة ستعرض خلال القمة الخليجية الأميركية في ايلول/سبتمبر المقبل. هذه القمة ستكون فرصة لوضع حد لهذه الأزمة”.

وفي مرحلة أولى، تجاوب ترامب مع الاتهامات السعودية لقطر بدعم الارهاب ودعا الدوحة الى التوقف “فورا عن دعم الارهاب على مستوى عال”.

الا ان ترامب سرعان ما عدل موقفه من قطر خلال الاشهر اللاحقة. واستقبل في نيسان/ابريل الماضي في البيت الابيض أمير قطر، واصفا اياه بـ”الصديق والجنتلمان والرجل الذي يحظى بشعبية كبيرة في بلاده”، مؤكدا انه يعمل على عودة الوحدة الى دول الخليج.

وهناك مزاعم فساد متعلقة بمستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر ومرتبطة بتعامله مع دول الخليج.

وأثرت الازمة أيضا على دول افريقية لديها تحالفات مع دول الخليج، وادت الى ابرام عقود دفاعية مع الدول الاوروبية وقد تكون لديها تداعيات على استضافة قطر لكأس العالم في 2022.

ويمتد تأثير الازمة الى أبعد من السياسة.

وبرزت نزعة قومية متصاعدة في الخليج مؤخرا مع ازدياد العداء بين سكان الدول الخليجية.

ويستخدم السعوديون وسائل التواصل الاجتماعي للسخرية من حجم قطر، ويصفونها بأنها اكثر من شارع في الرياض، ويتنازع الاماراتيون والقطريون عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ويشير روبيرتس الى ان “الازمة شكلت فرصة للقطريين لاظهار حماسهم الوطني”.

ويرى اولريشسن ان ما حصل “حطم روابط الثقة”، مؤكدا ان الازمة “خلقت عداوات قد تستغرق سنوات او جيلا كاملا لتجاوزها”.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية