إنذار تركي جديد لدمشق وإسقاط مروحية لقوات النظام في إدلب
وجهت أنقرة الثلاثاء إنذاراً جديداً لدمشق في حال شنتّ هجوماً آخر ضد قواتها المنتشرة في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، حيث قتل طياران سوريان جراء إسقاط مروحيتهما في حادث نسبه المرصد السوري لحقوق الإنسان للقوات التركية.
في كانون الأول/ديسمبر، بدأت قوات النظام بدعم روسي هجوماً واسعاً في مناطق في إدلب وجوارها تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل أخرى معارضة أقل نفوذاً، دفع بنحو 700 ألف شخص للنزوح عنها. كما أسفر عن سقوط مئات القتلى، آخرهم 12 مدنياً الثلاثاء.
وحققت قوات النظام الثلاثاء هدفاً طال انتظاره بسيطرتها، للمرة الأولى منذ العام 2012، على كامل طريق حلب – دمشق الدولي.
وبعد أسابيع من القصف والمعارك، تشهد المنطقة منذ بداية الأسبوع الماضي توتراً ميدانياً قل مثيله بين أنقرة ودمشق تخللته مواجهات أوقعت قتلى بين الطرفين، آخرها الإثنين.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الثلاثاء “نال النظام عقابه، لكن ذلك لا يكفي، ستكون هناك تتمة. كلما هاجموا جنودنا، سيدفعون الثمن غالياً، غالياً جداً”.
وأضاف انه سيعلن تدابير إضافية بدون أن يعطي المزيد من التفاصيل.
وفي المقابل أكدت القيادة العامة للجيش السوري في بيان “استعدادها للرد على اعتداءات قوات المحتل التركي”، مضيفة “عمد النظام التركي الى زج حشود عسكرية جديدة وتصعيد عدوانه بشكل مكثف” واستهدف “نقاط تمركز الوحدات العسكرية بالقذائف الصاروخية”.
واتهم الجيش السوري أنقرة بمحاولة وقف تقدمه و”منع انهيار التنظيمات الإرهابية”.
وأرسلت تركيا مؤخراً تعزيزات عسكرية ضخمة إلى المنطقة تتألف من مئات الآليات العسكرية، دخل القسم الأكبر منها بعد تبادل لإطلاق النار قبل أسبوع بين القوات التركية والسورية خلف أكثر من 20 قتيلاً من الطرفين، بينهم ثمانية أتراك.
وتكرر التوتر الإثنين، إذ أعلنت أنقرة مقتل خمسة من جنودها في قصف مدفعي شنته قوات النظام ضد مواقعها في إدلب.
وردت أنقرة باستهداف مصادر النيران، وأعلنت وزارة الدفاع التركية أنها “حيدت” أكثر من مئة جندي سوري. إلا أن المرصد السوري أكد عدم سقوط ضحايا في صفوف قوات النظام.
وشدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الثلاثاء على وقوف بلاده إلى جانب تركيا. وقال في تغريدة “يجب أن تتوقف الاعتداءات المستمرة لنظام الأسد وروسيا”، مشيراً إلى أنه أرسل موفداً إلى أنقرة “لتنسيق الخطوات للرد على الاعتداء المخل بالاستقرار”.
ومساء الثلاثاء وصل الموفد الأميركي الخاص المكلّف الملف السوري جيمس جيفري إلى أنقرة حيث سيجري الأربعاء محادثات. وقد أكد لدى وصوله أن الولايات المتحدة تريد دعم تركيا شريكتها في حلف شمال الأطلسي “بأكبر قدر ممكن”.
– طريق حلب دمشق –
والثلاثاء، قتل جنديان سوريان جراء إسقاط مروحيتهما قرب منطقة قميناس في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وفق المرصد الذي قال إن القوات التركية استهدفت المروحية بصاروخ.
وشاهد مراسل لوكالة فرانس برس في المكان جثتي الطيارين وبقايا المروحية المحطمة.
وذكرت وزارة الدفاع التركية إنها تلقت معلومات تفيد بأن “مروحية تابعة للنظام تحطمت” من دون أن تتبنى إسقاطها، فيما قالت وسائل اعلام تركية إن المروحية سقطت بنيران الفصائل.
ونقلت وكالة الانباء السورية سانا عن مصدر عسكري انه قرابة “الساعة 11،30 من يوم الثلاثاء أصيبت إحدى حواماتنا العسكرية بصاروخ معاد فوق منطقة النيرب في ريف إدلب الجنوبي حيث تنتشر التنظيمات الإرهابية المدعومة من تركيا، وقد أدى ذلك إلى سقوط الطائرة واستشهاد طاقمها”.
ومحافظة إدلب والأجزاء المحاذية لها مشمولة باتفاق روسي تركي جرى التوصل إليه في سوتشي في العام 2018، ونص على فتح طريقين دوليين يمران في المنطقة، بينهما طريق حلب – دمشق، وعلى إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مواقع سيطرة قوات النظام والفصائل. إلا أن هيئة تحرير الشام لم تنسحب من المنطقة المحددة فيما استأنفت دمشق هجماتها على مراحل.
وبموجب الاتفاق، تنشر تركيا 12 نقطة مراقبة في المنطقة، باتت ثلاث منها على الاقل محاصرة من قبل قوات النظام.
وكان اردوغان أمهل دمشق سابقاً حتى نهاية شباط/فبراير لسحب قواتها من محيط نقاط المراقبة التركية.
وركزت قوات النظام هجومها بداية على ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي ثم ريف حلب الجنوبي الغربي المجاور، حيث يمر طريق “إم 5” الدولي الذي يصل مدينة حلب بالعاصمة دمشق، ويعبر مدناً رئيسية عدة من حماة وحمص وصولاً إلى الحدود الجنوبية مع الأردن.
وسيطرت قوات النظام الأسبوع الماضي على الجزء من الطريق الذي يمر في محافظة إدلب.
وإثر تقدم جديد غرب مدينة حلب، أفاد المرصد السوري الثلاثاء عن سيطرة قوات النظام على كامل الطريق الدولي للمرة الأولى منذ العام 2012.
فقدت دمشق السيطرة على أجزاء واسعة من هذا الشريان الحيوي منذ بدء توسع الفصائل المعارضة في البلاد في العام 2012، إلا أنها على مر السنوات الماضية، استعادت أجزاء منه تدريجياً في جنوب ووسط البلاد وقرب العاصمة دمشق.
– أسوأ نزوح –
وباتت هيئة تحرير الشام والفصائل، بحسب المرصد، تسيطر على 52 في المئة فقط من محافظة إدلب وأجزاء من المحافظات الثلاث المحاذية لها، حلب وحماة واللاذقية.
وأسفر الهجوم منذ كانون الأول/ديسمبر، وفق حصيلة للمرصد، عن مقتل أكثر من 350 مدنياً.
ووثق المرصد الثلاثاء مقتل 12 مدنياً، نحو نصفهم من الأطفال، في غارات سورية على مدينة إدلب.
ودفع الهجوم أيضاً بنحو 690 ألف شخص للنزوح إلى مناطق أكثر أمناً قرب الحدود التركية، وفق الأمم المتحدة.
وقال المتحدث الإقليمي باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة ديفيد سوانسون لفرانس برس إن “هذا العدد، وبحسب تحليل أولي، يعد الأكبر لنازحين (فروا) في فترة واحدة منذ بداية النزاع في سوريا” في 2011.
وتزداد معاناة النازحين مع انخفاض حاد في درجات الحرارة. ولجأ الجزء الأكبر منهم إلى مناطق مكتظة أساساً بالمخيمات قرب الحدود التركية في شمال إدلب، لم يجد كثر خيم تؤويهم أو حتى منازل للإيجار، واضطروا إلى البقاء في العراء أو في سياراتهم أو في أبنية مهجورة قيد الإنشاء وفي مدارس وحتى جوامع.