التوقيع على إعلان تعاون بين الولايات المتحدة والمغرب وإسرائيل
وُقّع الثلاثاء بالرباط على إعلان ثلاثيّ بين الولايات المتحدة والمغرب وإسرائيل يؤكّد التعاون في مجالات عدّة، وذلك في ختام أوّل زيارة يجريها وفد إسرائيلي أميركي إلى المملكة منذ إعلانها استئناف علاقاتها مع إسرائيل بوساطة أميركية.
وأكّد الإعلان الذي تلاه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة على الترخيص للرحلات الجوّية المباشرة بين المغرب وإسرائيل، و”الاستئناف الفوري للاتصالات الكاملة والأخوية” بين مسؤولي البلدين.
كما نص على تشجيع “ومواصلة التعاون” في مجالات اقتصاديّة عدّة، مع التوقيع على أربع اتفاقيات بين المغرب وإسرائيل تهمّ الطيران المدني وتدبير المياه والتأشيرات الدبلوماسية وتشجيع الاستثمار والتجارة بين البلدين.
توازيًا، وقّع المغرب والولايات المتحدة مذكّرة تفاهم حول دعم مالي وتقني أميركي بقيمة 3 مليارات دولار لمشاريع تُقام بالمغرب وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء بتنسيق مع شركاء مغاربة.
كان المغرب أعلن في 10 كانون الأول/ديسمبر استئناف علاقاته مع إسرائيل، في موازاة إعلان الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو).
عقب هذا الإعلان، وصلت عصر الثلاثاء إلى مطار الرباط سلا أوّل رحلة تجارية مباشرة آتية من إسرائيل، كان على متنها وفد أميركي إسرائيلي برئاسة مستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر، والمستشار الخاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي مائير بن شبات.
ووقّع المسؤولان الأميركي والإسرائيلي ورئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني على الإعلان الثلاثي إثر اجتماع مع الملك محمد السادس.
وجدّد الأخير خلال الاجتماع تأكيد موقف المغرب “الثابت بشأن القضية الفلسطينية، والقائم على حل الدولتين”، مشددا على أن المفاوضات هي السبيل الوحيد للتوصل إلى تسوية، بحسب بيان للديوان الملكي.
كما أشار البيان إلى “التزام جلالة الملك، رئيس لجنة القدس، بالحفاظ على الطابع الإسلامي للمدينة المقدسة”.
وأصبح المغرب رابع دولة عربية تطبّع علاقاتها مع إسرائيل في الآونة الأخيرة برعاية ترامب. وسبق للمملكة إقامة علاقات مع إسرائيل حيث يعيش نحو 700 ألف شخص من أصول مغربية، من خلال مكتبي اتصال في البلدين عقب توقيع اتفاق أوسلو للسلام عام 1993.
لكنّ المغرب قطع هذه العلاقات رسميا إثر الانتفاضة الفلسطينية عام 2000. وتقرّرت إعادة فتح هذا المكتب في المغرب في غضون أسبوعين حسب ما أعلن وزير الخارجية المغربي الثلاثاء.
من جهته قال بن شبات عقب تلاوة الإعلان المشترك في قصر الضيافة بالرباط “لا حدود للتعاون الذي يمكن أن نبدأه (…) سنغير المنطقة لصالح شعبينا وشعوب الجوار”.
وأعرب متحدّثًا بالعامية المغربية عن سعادته الكبيرة “بهذه الرحلة التاريخية”، مشيرا إلى أن والديه وإخوته ولدوا في المغرب قبل أن يغادروا إلى إسرائيل.
كانت العلاقات بين الإسرائيليين من أصول مغربية، وبينهم مسؤولون حكوميون، “جسرا ثقافيا” سهَّل التوصل إلى الاتفاق بين البلدين، بحسب مصادر رسمية إسرائيلية.
بيد أن الفلسطينيين يعارضون تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية دون التوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي فسلطيني.
وإذا كان الاعتراف الأميركي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية خلّف ارتياحا وترحيبا واسعين في المغرب، فإن استئناف العلاقات مع إسرائيل أثار ردود فعل متباينة، بين مرحّب ومندّد، في بلد تعد فيه القضية الفلسطينية “قضية وطنية” إلى جانب قضية الصحراء الغربية.
وأعرب نحو ثلاثين حزبا وجمعية مناهضة للتطبيع مع إسرائيل، من التيارين اليساري والإسلامي، في بيان الثلاثاء عن “رفضها لأي زيارة يقوم بها حامي الصهيونية في جرائمها ضد الإنسانية في فلسطين جاريد كوشنير لبلادنا، ولتدنيس أرض وطننا المطهرة”.
-قنصلية في الداخلة-
من جانب آخر أكد الإعلان الثلاثي على “تثمين” الاعتراف الأميركي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، وعزم الولايات المتحدة على فتح قنصلية بمدينة الداخلة “من أجل تعزيز فرص الاقتصاد والاستثمار لفائدة المنطقة”.
وقال كوشنر عقب تلاوة نص الإعلان، “باعترافه بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، يُعبّر الرئيس ترامب عن رفضه استمرار الوضع القائم والذي لا يستفيد منه أي طرف، مفسحا الطريق لحل دائم يحظى بالقبول المتبادل”.
وأضاف “كل الإدارات الأميركية منذ عهد كلينتون دعمت مخطط الحكم الذاتي” الذي يقترحه المغرب لحل النزاع، بينما تطالب جبهة البوليساريو مدعومة من الجزائر باستقلال الصحراء الغربية.
وكانت الجبهة قد نددت بالقرار الأميركي.
وكان في استقبال الوفد الإسرائيلي الأميركي في مطار الرباط سلا، مسؤولان محليان بالعاصمة والسفير الأميركي في المغرب.
وترحّم أعضاؤه بعد وصولهم الرباط على روح الملك الراحل الحسن الثاني والد محمد السادس وجده محمد الخامس، في زيارة للضريح الذي يحمل اسم الأخير بمسجد حسان التاريخي بالعاصمة.
يزور المملكة بين 50 ألف إلى 70 ألف سائح يهودي، غالبيتهم إسرائيليون من أصول مغربية، لإحياء احتفالات دينية في مزارات يهودية مغربية.
رغم توقف العلاقات الثنائية عام 2000، استمرت التجارة بين البلدين وبلغت 149 مليون دولار بين عامي 2014 و2017، بحسب الصحف المغربية.