مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

محمد بن سلمان بين الاصلاح والقبضة الحديدية

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلطان في منتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار" في الرياض في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2018 afp_tickers

نفذ محمد بن سلمان الذي ذكر تقرير استخباراتي أميركي الجمعة أنه “أجاز” قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، سلسلة تغييرات اقتصادية واجتماعية ودينية غير مسبوقة في المملكة المحافظة بعد أن اصبح وليا للعهد، تلتها حملة قمع عنيفة ضد المعارضين والناشطين.

وقال تقرير الاستخبارات الوطنية الأميركية المكوّن من أربع صفحات والذي رفعت عنه السرية، “توصلنا إلى استنتاج مفاده أن ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان أجاز عملية في اسطنبول، بتركيا، لاعتقال أو قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي”.

وأضاف أنّ “ولي العهد اعتبر خاشقجي تهديداً للمملكة وأيد بصورة عامة اللجوء إلى تدابير عنيفة إذا لزم الأمر لإسكاته”.

وأشرف الحاكم الفعلي للسعودية البالغ من العمر 35 عاما على أهم تحول جوهري في التاريخ الحديث للدولة الخليجية وأبعد جميع منافسيه بعدما أصبح وليًا للعهد في حزيران/يونيو 2017.

وشملت حملة القمع التي قادها منتقدين ومعارضين محتملين بينهم رجال دين ونشطاء وكذلك أمراء، وواجه عاصفة من الإدانات بعد مقتل خاشقجي داخل قنصلية المملكة في اسطنبول في تشرين الأول/أكتوبر 2018.

وكان الأمير الشاب تّعهد بنقل المملكة المحافظة إلى كنف “الإسلام المعتدل”، ففتح أبواب الترفيه والسياحة وجذب مستثمرين أجانب لتنويع مصادر اقتصاد بلاده المرتهن بالنفط.

وقال في مؤتمر في الرياض في حزيران/يونيو 2017 “نريد أن نعيش حياة طبيعية، حياة تترجم ديننا السمح وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة”.

وأضاف “70 بالمئة من الشعب السعودي هم دون 30 عاما، وبكل صراحة لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار مدمرة، سوف ندمرها اليوم وفورا”.

على الساحة الدولية، تصاعدت التوترات في الشرق الأوسط مع تسلمه زمام الامور ولو من خلف الستارة في الدولة الثرية التي تتنافس مع جارتها إيران على النفوذ الاقليمي منذ عقود.

ومحمد بن سلمان هو المهندس الرئيسي للحرب التي تقودها السعودية مع تحالف عسكري واسع ضد المتمردين الحوثيين في اليمن المؤيدين لإيران. وصعّد المواجهة مع طهران، وقاد مقاطعة دامت ثلاث سنوات ضد الجارة قطر.

في الداخل، أشرف الأمير على عدد كبير من إجراءات التقشف التي لا تحظى بشعبية، بعدما كان المواطنون يحصلون على مساعدات سخية وإعانات، مشيرا الى ضرورة تنويع موارد اقتصاد المملكة القائم على النفط.

– صعود سريع –

ولد الأمير محمد في 31 آب/أغسطس 1985، وهو حائز إجازة في الحقوق من جامعة الملك سعود، وهو والد لابنين وابنتين.

تمكّن في 21 حزيران/يونيو 2017، بمساندة والده، من إزاحة ولي العهد ابنه عمه محمد بن نايف والحلول محله. في آذار/مارس 2020، اعتُقل بن نايف وشقيق الملك الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود لاتّهامهما بتدبير انقلاب بهدف إطاحته.

جمع الأمير محمد بالفعل سلطات لم يتمتع بها الحكام السعوديون السابقون في إطار مناصب عدة مهمة بينها وزارة الدفاع ورئاسة مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة الضخم. ويقال عنه إنه يعمل 16 ساعة في اليوم.

وخلال فترة وجيزة، أصبحت لولي العهد علاقات وثيقة مع البيت الأبيض بقيادة دونالد ترامب، خصوصا مع صهر الرئيس ومستشاره جاريد كوشنر، ما ساعده على التعامل مع قضية خاشقجي.

– تغييرات دراماتيكية –

أطلق ولي العهد برنامجا واسعا للإصلاحات الاقتصادية في بلاده، أكبر مصدّر للنفط في العالم، بعنوان “رؤية 2030″، لوقف الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، شمل إدراج نسبة بسيطة من شركة أرامكو النفطية في البورصة.

كما ساعد على إصدار القرار التاريخي بالسماح للنساء بقيادة السيارات وحضور الفعاليات الرياضية والمهرجانات والحصول على جواز سفر من دون موافقة “ولي الأمر” أي الرجل. وعمل على تقليص نفوذ الشرطة الدينية في المملكة المحافظة، وسمح بالحفلات الموسيقية وإعادة فتح دور السينما.

في الوقت ذاته، بدا واضحا أنه غير متسامح مع أي معارضة أو انتقاد لسياساته.

قبل أسابيع من السماح للمرأة بقيادة السيارة في 2018، شنّت السلطات حملة اعتقالات طالت 11 ناشطة على الأقل كن يطالبن برفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة.

وأشرف قبل ذلك على تعديل دراماتيكي شهد استبدال كبار الضباط بمن فيهم رئيس الأركان ورؤساء القوات البرية والدفاع الجوي بقادة أصغر موالين له ما زاد من نفوذه داخل القوات المسلحة.

وكتب الباحث في برنامج الشرق الأوسط في معهد كارنيغي فريدريك ويري أن محمد بن سلمان “تمكن في وقت قصير جدا من اكتساب نفوذ وسلطة استثنائيتين”.

وأضاف “فرغ نفسه للانخراط في مواجهات سيئة في الخارج تضعف القوة السعودية، ما يعرض المملكة لتهديدات عسكرية أكبر ويخيف المستثمرين”.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية