تاجر خردة يتحسر على توقف تجارته نتيجة التوتر في الصحراء الغربية
يتحسّر كمال الزرفي، صاحب ورشة للسيارات الخردة، على تجارته التي توقفت تماما في منطقة الكركرات العازلة في الصحراء الغربية، منذ العملية العسكرية التي نفذتها المملكة لإعادة حركة المرور باتجاه موريتانيا.
وتقع الكركرات في أقصى جنوب غرب الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو، وهي منطقة عازلة تنتشر فيها قوات سلام تابعة للأمم المتحدة، ويمر عبرها الطريق البري الوحيد الرابط بين المغرب الذي يسيطر على 80 بالمئة من الصحراء الغربية، وإفريقيا جنوب الصحراء عبر موريتانيا.
ويقول الزرفي (42 عاما) “كانت بحوزتي سيارات اشتريتها، لكنهم أخذوا كل شيء ونقلوه إلى مستودع للخردة من دون أن يعطونا أي مهلة”.
ونمت في المنطقة منذ سنوات تجارة لسيارات قادمة من أوروبا عبر المغرب، تباع كاملة أو مجزأة عبر الحدود، بعد تفكيكها أو استخراج قطع غيار صالحة للاستعمال منها. ويطلق على المنطقة اسم “قندهار” للدلالة على أنشطة التهريب التي تتم فيها.
ويقول الشاب المتحدّر من مراكش في جنوب المغرب “وقع مشكل هنا عندما قطع أوباش الطريق”، في إشارة الى عناصر جبهة البوليساريو. وقال المغرب إنه تحرك في 13 تشرين الثاني/نوفمبر لإعادة فتح معبر الكركرات الحدودي بعد انتشار عناصر من البوليساريو في محيطه وإقدامهم على “عرقلة” حركة العبور.
وتمر عبر هذه الطريق خصوصا شاحنات نقل بضائع نحو موريتانيا وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء. وكان حوالى مئتي سائق شاحنة مغربي وجهوا قبل ذلك نداء استغاثة إلى كلّ من الرباط ونواكشوط، قالوا فيه إنّهم عالقون على معبر الكركرات بعدما منعتهم البوليساريو من العبور.
لكن العملية التي أدت فتح المعبر، بحسب السلطات المغربية، أثرت سلبا على تجارة كمال الزرفي بسبب التوتر الذي بات قائما في المنطقة.
ويشدد الزرفي على “اقتناعه بأن الصحراء مغربية”. ويتوجه إلى المسؤولين مطالبا “أن يوفروا لنا عملا”.
ثم يضيف “سأعود إلى بيتي الآن بصفر درهم”، راجيا “من الله أن يتحسن الوضع”.
وتشهد المنطقة توترا منذ العملية العسكرية التي أعلن المغرب بعد ساعات أنها نجحت في “تأمين” المعبر. بينما أعلنت جبهة البوليساريو أن وقف إطلاق النار القائم بين الطرفين منذ 1991 انتهى، وأن “الحرب بدأت”.
وتعتبر جبهة بوليساريو المُطالِبة باستقلال الصحراء الغربية، هذه الطريق غير شرعية ومناقضة لاتفاق وقف إطلاق النار.
واستؤنفت حركة مرور الشاحنات عبر المعبر، لكن الأنشطة التجارية غير القانونية في نظر السلطات المغربية، توقفت. وكانت تدرّ أرباحا كثيرة على القائمين بها.
– مقبرة سيارات –
وبات على الزرفي الآن أن يبحث عن عمل آخر. وشاهد فريق وكالة فرانس برس الذي قصد المكان جرافات ضخمة تعمل على تنظيف سوق الخردة العشوائي في المكان، وتمّ إحراق بعض الخردة التي خلفت دخانا أسود، في حين تمّ جرّ السيارات التي ما تزال في حالة جيدة خارج مقبرة السيارات.
في التراب، يمكن رؤية لوحات تسجيل يمكن من خلالها معرفة مصدر السيارات: المغرب، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، ألمانيا.
ويشير الزرفي الى أن “الموريتانيين يحبون السيارات الألمانية”.
وكانت السيارات التي كان هذا الميكانيكي يعيش من بيع أجزائها، تقطع طريقا طويلة من أقصى شمال المغرب قبل أن تصل إلى هذا السوق غير النظامي وسط الصحراء. وتستقدم في الغالب من أوروبا على أساس رخص نقل محدودة لمدة ستة أشهر، معفية بذلك من الرسوم المفروضة على استيراد السيارات.
وقبل انتهاء المهلة، تنقل إلى المكان في انتظار إعادة بيعها في موريتانيا إما كاملة، أو مجزأة بعد أن يتم “نحرها”، على حد قوله.
– مواقف سيارات –
وتواصل القوات المغربية الأشغال في الساتر الترابي الذي أقامته وصولا الى المركز الحدودي مع موريتانيا حيث بات يرفرف فوقه العلم المغربي. وبدا لفريق فرانس برس أن قوات حفظ السلام غائبة عن المنطقة.
ويروي الزرفي أنه، إضافة الى ورشة الخردة، كانت هناك محطات وقوف في الخلاء تودع فيها بضائع في انتظار إدخالها إلى موريتانيا، موضحا أن “أصحاب البضائع استرجعوها لكن الحراس الذين كانوا يعملون هنا لم يجنوا شيئا”.
في 2016، بدأ المغرب بشق طريق معبدة في المنطقة العازلة “لمكافحة تهريب المخدرات وكافة الأنشطة غير القانونية”، وفق قوله. على الأثر، كثفت جبهة بوليساريو توغلاتها في المنطقة. وأقنعت الأمم المتحدة يومها الطرفين بالانسحاب.
لكن الزرفي يؤكد أن تهريب المخدرات لم يعد موجودا في الكركرات، إنما في أجزاء أخرى من الصحراء. ويقول “المهربون يتحركون بعيدا عن هنا (….) ويصلون حتى مالي وليبيا”.