حركة نزوح كثيفة نحو جنوب غزة بعد دعوة إسرائيل السكان لإخلاء منازلهم
نزح آلاف الفلسطينيين من مدينة غزة الجمعة في اتجاه جنوب القطاع بعد تحذيرات وجهها الجيش الإسرائيلي لإخلاء منازلهم ما يوحي بتحضيره لعملية برّية ردا على هجوم حركة حماس غير المسبوق على إسرائيل.
جاءت دعوة الجيش الاسرائيلي بعد ستة أيام على توغل مقاتلي حماس عبر السياج الحدودي الشائك وقتلهم أكثر من 1300 شخص معظمهم مدنيون، فيما أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أن العمليات الإسرائيلية في غزة حتى الآن “ليست سوى البداية”.
في القطاع المحاصر، ارتفعت حصيلة القصف الإسرائيلي إلى 1900 قتيل، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس، بينهم 614 طفلا. كما جرح 7696 شخصا.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أن قواته البرية والمدرعة نفذت عمليات توغل “في الساعات الأربع والعشرين الماضية”.
وجاء في بيان الجيش “على مدى الساعات الأربع والعشرين ساعة الماضية، نفذت قوات الجيش الإسرائيلي عمليات توغل داخل أراضي قطاع غزة” للبحث عن “الإرهابيين” و”الأسلحة”، مضيفا أنه خلال هذه العمليات، بُذلت جهود أيضًا لجمع أدلة من شأنها أن تساعد في “العثور على الرهائن”.
وأسر عناصر حماس حوالى 150 شخصا بعد مهاجمة عدد من المناطق الإسرائيلية القريبة من قطاع غزة.
وغادر سكان يعيشون في شمال قطاع غزة بالسيارات وعلى دراجات نارية وفي شاحنات وعلى الأقدام، بحسب ما أفاد صحافيون في فرانس برس.
وكان الجيش الإسرائيلي دعا صباح الجمعة “كافة سكان مدينة غزة الى إخلاء منازلهم والتوجه جنوبًا من أجل حماية أنفسهم والتواجد جنوب وادي غزة”، مؤكدا أنه “لن يُسمح بالعودة إلى مدينة غزة إلا بعد صدور بيان يسمح بذلك”.
وكان الناطق باسم الأمين العام للأمم المتّحدة ستيفان دوجاريك أفاد أنّ مسؤولي الأمم المتحدة في الأمم المتحدة تبلغوا ليل الخميس من الجيش ضرورة إخلاء شمال القطاع “في غضون 24 ساعة”. لكن الجيش الإسرائيلي أقرّ لاحقاً إن الإخلاء في غزة “سيستغرق وقتاً”، ولم يؤكد مهلة الساعات الأربع والعشرين.
وألقى الجيش الإسرائيلي مناشير باللغة العربية في سماء غزة تطالب السكان بإخلاء منازلهم في المدينة فوراً، وفق مراسلي وكالة فرانس برس، مرفقة برسم لخريطة غزة عليها أسهم تشير إلى منطقة جنوب القطاع.
وسارعت حماس إلى رفض طلب الإخلاء. وأطلقت الفصائل الفلسطينية رشقات بمئات الصواريخ من غزة على إسرائيل، بحسب مراسلي فرانس برس.
وقالت حركة حماس التي تسيطر على القطاع “شعبنا الفلسطيني المرابط يرفض تهديد قادة الاحتلال ودعوته لهم في غزة إلى ترك منازلهم والرحيل عنها إلى الجنوب أو إلى مصر”. وأضاف البيان “ثابتون على أرضنا وفي بيوتنا ومدننا… ولا نزوح ولا ترحيل”.
وتواصل القصف الإسرائيلي الجمعة على القطاع.
وأعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مقتل 13 “أسيراً… بينهم أجانب” في القصف خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
– “ليست سوى البداية” –
ومع حشد عشرات الآلاف من القوات الإسرائيلية على حدود غزة، قال نتانياهو في كلمة بثها التلفزيون “أعداؤنا بدأوا للتو في دفع الثمن. لا أستطيع الكشف عما سيحدث، لكنني أقول لكم إن هذه ليست سوى البداية”.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الجمعة في مؤتمر صحافي إن إسرائيل “ترتكب إبادة جماعية ضد أهلنا في قطاع غزة. غزة باتت منطقة منكوبة”.
وحذّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن هجوم حركة حماس غير المسبوق على إسرائيل لا يبرر تدمير قطاع غزة وطالبت “بفترات توقف في المعارك”.
وحثّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة إسرائيل على “تجنب وقوع كارثة إنسانية”.
وقال لصحافيين “الوضع في غزة وصل إلى مستوى خطير”، مشددا على أن “النظام الصحي على وشك الانهيار” و”المشارح مكتظة”، وتابع “حتى الحروب لها قواعد”.
في الأثناء، يتواصل التضامن الغربي مع إسرائيل.
واعتبرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الجمعة خلال زيارة إلى إسرائيل أن حماس تستخدم سكان قطاع غزة “دروعاً” بشرية.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الجمعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي خلال زيارتها الى إسرائيل، إن أوروبا تقف “إلى جانب” إسرائيل التي تملك “حق الدفاع عن نفسها” في مواجهة “الفظائع التي ارتكبتها حماس”.
وغداة زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، زار إسرائيل الجمعة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن وقال إن مقاتلي حماس نقلوا “الشرّ إلى مستوى” تخطّى ما فعله تنظيم الدولة الإسلامية، متعهداً بتقديم دعم “قوي” لإسرائيل في حربها ضد الحركة الإسلامية.
في واشنطن، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أمر بإرسال مساعدات عسكرية فورية الى إسرائيل بعد بدء هجوم حماس، الجمعة أن “الاستجابة بشكل عاجل للأزمة الإنسانية في غزة تشكل أيضا أولوية”.
وقال الرئيس الأميركي خلال زيارة إلى مدينة فيلادلفيا (شرق) إن الإدارة الأميركية “تعمل، بالتواصل مع حكومات إسرائيل ومصر والأردن ودول عربية أخرى والأمم المتحدة، على زيادة الدعم” الإنساني. وأضاف “لا يمكننا أن نغفل حقيقة أن الغالبية الساحقة من الفلسطينيين لا علاقة لهم بحماس”.
في عمان، حذّر العاهل الأردني خلال لقائه بلينكن الجمعة من “أية محاولة لتهجير الفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية أو التسبب في نزوحهم”، مؤكدا ضرورة “عدم ترحيل الأزمة إلى دول الجوار ومفاقمة قضية اللاجئين”، وفقا لبيان صادر عن الديوان الملكي.
وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس لوزير الخارجية الأميركي الذي التقاه في عمان “على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على أبناء شعبنا بشكل فوري، وحمايتهم، والرفض الكامل لتهجير أبناء شعبنا من قطاع غزة، لأن ذلك سيكون بمثابة نكبة ثانية لشعبنا”.
ورأى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن مطلب إسرائيل يعدّ “جريمة حرب جديدة”، مؤكدا أنه يحظر “على القوة القائمة بالاحتلال مباشرة نقل قسري للسكان”.
وأكّدت المملكة العربية السعودية بدورها رفضها دعوات “التهجير القسري” للفلسطينيين من قطاع غزة، وندّدت باستمرار استهداف إسرائيل “للمدنيين العزّل”، في أشد بياناتها لهجة منذ اندلاع الحرب بين حركة حماس والدولة العبرية قبل أسبوع.
واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن شنّ إسرائيل هجوما برياً في غزة سيؤدي إلى “خسائر غير مقبولة على الإطلاق بين المدنيين”، داعياً إلى “وقف إراقة الدماء”.
ورأى بوتين أن إسرائيل قد تقوم في غزة بما “يشبه حصار لينينغراد” مؤكدا أن “هذا غير مقبول، أكثر من مليوني نسمة يعيشون فيه، لا يؤيد الجميع حركة حماس”.
وفيما يتزايد الحديث عن هجوم برّي محتمل، أكد حزب الله اللبناني على لسان نائب أمينه العام نعيم قاسم جهوزية حزبه “متى يحين وقت أي عمل” للتحرك ضد إسرائيل.
وزار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان بيروت الجمعة بعد بغداد، والتقى مسؤولين رسميين والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. وقال إن على واشنطن “لجم” إسرائيل اذا أرادت تجنب حرب إقليمية، مشددا على أن تأكيد “أمن” لبنان هو أحد أهداف زيارته.
– توتر وقتيل في لبنان –
وتجدد التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
وقتل صحافي من وكالة رويترز للأنباء وأصيب ستة إعلاميين من وكالتي فرانس برس ورويترز وقناة الجزيرة الجمعة في جنوب لبنان، خلال قيامهم بتغطية في المنطقة الحدودية.
وكانت مجموعة من الصحافيين من مؤسسات إعلامية ووكالات عدة في محيط بلدة علما الشعب الحدودية مع إسرائيل لتغطية تبادل إطلاق النار الذي حصل بعد ظهر الجمعة، وفق ما أفاد أحد مصوري فرانس برس المصابين.
واستهدف قصف مدفعي إسرائيلي عصر الجمعة أطراف بلدات حدودية بينها علما الشعب والضهيرة والعديسة، وفق ما أفاد مصدر أمني لبناني فرانس برس. وأوضح المصدر أن القصف أعقب “محاولة تسلل” من الجانب اللبناني من “مجموعة فلسطينية”.
وأعلن حزب الله أنه ردّ “على الاعتداءات الإسرائيلية عصر اليوم الجمعة على محيط عدد من البلدات اللبنانية الجنوبية”.
وتشهد المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل تبادلاً للقصف منذ الأحد.
واندلعت مواجهات بين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية المحتلة الجمعة أسفرت عن مقتل 16 فلسطينيًا برصاص وإصابة نحو 130 آخرين بجروح، بحسب ما ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية. وبذلك يرتفع عدد القتلى الذين سقطوا في الضفة الغربية منذ بدء هجوم حماس الى 51.
وتتزايد المخاوف على سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون والذين يعانون من الحرب الخامسة خلال 15 عاما في القطاع المحاصر منذ 2007، لا سيما بعدما شددت إسرائيل الحصار وقطعت إمدادات المياه والغذاء والكهرباء.
وتواصلت التحركات الداعمة لغزة في العالم العربي.
ونزل الآلاف الجمعة الى الشوارع في بغداد وعمّان والبحرين وإيران وباكستان وأفغانستان في تظاهرات دعماً للفلسطينيين وتنديداً بالقصف الاسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.