مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ضربات تركية جديدة بمسيّرات في سوريا

مقاتل سوري يطلق قذيفة صاروخية (آر بي جي) خلال تدريبات عسكرية نفذتها فرقة "سليمان شاه" المدعومة من تركيا في منطقة عفرين التي تسيطر عليها المعارضة شمال سوريا في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 afp_tickers

ضربت تركيا التي دعتها واشنطن وموسكو إلى ضبط النفس، أهدافا عدة في سوريا الثلاثاء بعد تهديدات جديدة من الرئيس رجب طيب إردوغان بشن عملية برية “قريبا” ضد المقاتلين الأكراد في شمال البلاد.

ويهدّد إردوغان منذ أيار/مايو بشنّ هجوم جديد على البلد المجاور، لكن تركيا نفذت ضربات جوية بعد أسبوع على اتهامها حزب العمال الكردستاني الذي يتمركز في شمال العراق، والوحدات الكردية في سوريا بالوقوف خلف تفجير اسطنبول الذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 81 آخرين. لكنّ الفصيلين نفيا ذلك.

وقال إردوغان في خطاب متلفز الثلاثاء “حلّقنا فوق الإرهابيين لبضعة أيام بطائراتنا ومدافعنا ومسيّراتنا… إن شاء الله سنقتلعهم جميعًا قريبًا بالدبابات والمدفعية والجنود”.

وأعلنت وزارة الدفاع التركية الأحد إطلاق عملية “المخلب-السيف” الجوية “بهدف وقف الهجمات الإرهابية من شمال العراق وسوريا، وضمان سلامة الحدود، والقضاء على الإرهاب في منبعه”.

وأكّدت وزارة الدفاع التركية أنه تمّ “تدمير” 89 هدفًا بما في ذلك ملاجئ وأنفاق ومخازن للذخيرة ومراكز للقيادة ومعسكرات للتدريب، وتم “تحييد العديد من الإرهابيين”.

والثلاثاء، استهدفت مسيرة تركية قاعدة مشتركة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن وقوات سوريا الديموقراطية التي قتل اثنان من عناصرها، وفق ما أفاد ناطق باسم تلك القوات والمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال الناطق باسم قوات سوريا الديموقراطية، وعلى رأسها المقاتلين الأكراد، فرهاد شامي لوكالة فرانس برس إن المسيرة التركية استهدفت “قاعدة مشتركة لقوات سوريا الديموقراطية والتحالف الدولي لتخطيط وانطلاق العمليات ضد تنظيم الدولة الإسلامية في شمال محافظة الحسكة (شمال شرق)”.

ورداً على سؤال فرانس برس حول القصف، قال المكتب الإعلامي للقيادة المركزية للجيش الأميركي إن “القوات الأميركية كانت بمنأى عن الخطر، ولم تقع أي غارات على مواقع تستضيف قوات أميركية”، مشيرا إلى أن الغارات، الأقرب لمكان وجود قواتها، وقعت على مسافة نحو 20 إلى 30 كيلومترا منها.

واستهدفت تفجيرات أخرى حقلا نفطيا قرب بلدة القحطانية قرب الحدود التركية، بحسب مراسل وكالة فرانس برس، ومنطقة واقعة على مسافة 70 كيلومترا جنوب الحدود التركية السورية، بحسب القوات الكردية.

– “وقف التصعيد” –

والثلاثاء، قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو الذي استقبل نظيرته الألمانية نانسي فيزر في أنقرة “أرادوا إقامة دولة إرهابية من حولنا، لم نسمح بذلك. حماية حدودنا وأمتنا هي مسؤوليتنا وواجبنا”.

وقال إردوغان “ردّينا على هذا الهجوم الشرس الذي أودى بحياة ستة أبرياء، بينهم أطفال، بالقضاء على التنظيمات الإرهابية في العراق وشمال سوريا”.

وأضاف “نعرف من الذي يسلح ومن يشجع الإرهابيين”.

وقال إردوغان الإثنين “لا شكّ في أن هذه العملية لن تقتصر فقط على عملية جوية”، مضيفاً أن المشاورات جارية لاتخاذ قرار حول “صلاحيات (…) قواتنا البرية”.

مساء الأحد وصباح الاثنين، استهدفت قذائف صاروخية الأراضي التركية موقعة قتيلَين في بلدة قارقامش الحدودية، من دون أن تعلن أي جهة مسؤوليتها عن القصف.

وتابع إردوغان الاثنين “سبق أن حذّرنا: سنجعل من يزعجوننا على أراضينا يدفعون الثمن”.

وأثارت تصريحات الرئيس التركي قلق واشنطن وموسكو، ما دفعهما إلى دعوة أنقرة إلى ضبط النفس.

وهاتان الأخيرتان متورطتان في الحرب في سوريا التي لقي فيها نحو نصف مليون شخص حتفهم منذ العام 2011.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان “ندعو إلى وقف التصعيد في سوريا لحماية المدنيين ودعم الهدف المشترك المتمثل في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية”.

وأضاف “نواصل معارضة أي عمل عسكري غير منسق في العراق ينتهك سيادة العراق”.

من جهته، أقر جون كيربي الناطق باسم مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض بأن تركيا التي ما زالت معرّضة ل”تهديد إرهابي” لديها كل “الحق في الدفاع عن نفسها ومواطنيها”.

لكنه أضاف أن هذه العمليات “العابرة للحدود” (…) “قد تؤدي إلى رد فعل من جانب بعض شركائنا في قوات سوريا الديموقراطية (التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية جزءا منها) ما يحد من قدرتها على مواصلة القتال ضد الدولة الإسلامية”، مشيرا إلى أن هذا ما يقلق الولايات المتحدة.

وأوضح كيربي “نريد أن نكون قادرين على الحفاظ على الضغط على تنظيم الدولة الاسلامية. هذه الشبكة تضاءلت كثيرا، لكنها ما زالت تمثل تهديدا. وبالتالي نريد أن يستمر شركاؤنا في قوات سوريا الديموقراطية في مواصلة الضغط” على التنظيم.

– “زعزعة الاستقرار” –

تدعم الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب في شمال شرق سوريا في إطار محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، فيما تدعم روسيا مجموعات موالية للنظام في المنطقة نفسها.

حذّر الكرملين تركيا الثلاثاء من “زعزعة الاستقرار” في شمال سوريا. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحافيين “نفهم مخاوف تركيا المرتبطة بأمنها … لكن في الوقت عينه، ندعو جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي مبادرة يمكن أن تؤدي إلى زعزعة خطيرة للوضع العام”.

وأضاف “قد يأتي ذلك بنتائج عكسية ويزيد من تعقيد الوضع الأمني”.

وأعربت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الإثنين عن “قلقها” إزاء الغارات الجوية التي شنّتها تركيا ليل السبت-الأحد، مناشدة أنقرة “ضبط النفس”.

ودعت ألمانيا الاثنين تركيا إلى ردّ “متناسب” يتوافق مع القانون الدولي.

وطالبت تركيا الثلاثاء حلفاءها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، بأن “يوقفوا كل دعم” لوحدات حماية الشعب، وهي الفصيل الكردي الرئيسي في سوريا وتعتبرها أنقرة “إرهابية” فيما تدعمها واشنطن في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

ودعا القائد العام لقوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي موسكو وواشنطن لمنع التصعيد. وقال لفرانس برس “تتركز مساعينا الأساسية حالياً على خفض التصعيد من قبل الطرف التركي، وسنفعل كل ما في وسعنا من أجل تحقيق ذلك من خلال التواصل مع جميع المعنيين في الملف السوري”.

ومنذ 2016، شنت أنقرة ثلاث عمليات عسكرية استهدفت أساساً مناطق ينتشر فيها مقاتلون أكراد في سوريا، وسيطرت مع فصائل سورية موالية لها على منطقة حدودية واسعة. ومنذ آخر هجوم لها في 2019، هددت مراراً بشن هجوم جديد، وقد تصاعدت تهديداتها في وقت سابق العام الحالي.

ويرى المحلل المستقل أنتوني سكينر أن “الظروف مجتمعة لشن هجوم قوي بشكل خاص على حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والتشريعية” في تركيا في حزيران/يونيو 2023.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية