محمد السوداني رئيسا جديدا للحكومة في العراق في ظل مشهد منقسم
أمام محمد شياع السوداني، الذي كلّف الخميس تشكيل حكومة عراقية جديدة بعد عام من الشلل السياسي، مهمة لا يستهان بها، إذ على الرجل المنبثق من الطبقة السياسية الشيعية التقليدية، أن يدير الدفّة وسط انقسام حاد وأن يحظى بقبول منتقديه.
خبِر محمد الشياع السوداني النائب لدورتين، المولود في جنوب العراق ذي الغالبية الشيعية في 4 آذار/مارس 1970، السياسة منذ العام 2004، أي بعد سقوط نظام حزب البعث.
ويخلف مصطفى الكاظمي (52 عاماً) الصحافي السابق ورئيس المخابرات والذي لم يكن معروفاً على الساحة السياسية عند توليه المنصب.
وبعدما كان السوداني قائمقاما في ميسان التي يتحدّر منها ثمّ محافظاً لها، تولّى وزارات عديدة منذ العام 2010، من ضمنها في ظلّ حكومة زعيم حزب الدعوة نوري المالكي، الذي كان السوداني ينتمي إليه كذلك، كوزارة حقوق الإنسان ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصناعة بالوكالة.
كما أن هذه ليست المرة الأولى التي يطرح فيها اسمه لرئاسة الوزراء، فقد رشّح في العام 2018 ثم في العام 2019، في خضّم انتفاضة شعبية ضدّ الطبقة السياسية، لكن اسمه قوبل حينها برفض المتظاهرين.
وكان طرح اسمه في العام 2022 شرارة لتظاهرات التيار الصدري واقتحام مناصريه البرلمان العراقي والاعتصام أمامه لأكثر من شهر، اذ أعرب المتظاهرون حينها عن رفضهم القاطع له باعتبار أنه من طبقة سياسية يرفضونها ويتهمونها بالفساد.
وبالنسبة للصدريين، “يبدو السوداني وكأنه من معسكر المالكي”، الخصم التاريخي للصدر، “وهذه مشكلة نظراً لعدم ثقتهم بالمالكي ومحيطه”، كما يشرح سجاد جياد من معهد “سنتشوري إنترناشونال”.
أما بالنسبة لناشطي انتفاضة تشرين، “فهو ليس معروفاً بكونه مصلحا، وليس لديه تاريخ بذلك…لا يملك تاريخاً سيئاً ولا توجد حوله شبهات فساد لكن … واقع أنه منبثق من النخبة السياسية” التقليدية، “لا يعطي ثقةً بأنه سيكون مختلفاً عنهم”.
– “مكافحة الفساد” –
في المقابل، يرى نائب أمين عام تيار الفراتين الذي يرأسه السوداني منذ تأسيسه في العام 2021، بشار الساعدي أن رصيد السوداني في العمل السياسي أمر إيجابي، فهو “يجيد العمل الوزاري ويعرف كيف تدار الأمور وزارياً وكيف تدار القضايا من الجانب السياسي والجانب الإداري” ويصفه بـ”رجل الدولة”.
أمام هذه العقبات الجمّة، بدأ السوداني، الأب لخمسة أولاد والذي يظهر دائماً ببزة أنيقة وربطة عنق وشاربين مشذبين، ينشط إعلامياً ويطرح برنامجه الانتخابي، الذي يحمل طابعاً اجتماعياً بشكل عام ويضمّ خصوصاً ملفات خدمية مثل الصحة والكهرباء والزراعة والصناعة والخدمات البلدية، لكن أيضاً “مكافحة الفساد”.
وقال السوداني في مقابلة نشرت مقتطفات منها على قناته الخاصة في تلغرام “لدي طرق غير تقليدية لمكافحة الفساد”.
ومن ضمن أولوياته، وفق بشار الساعدي “المضي بقانون الموازنة” ومعالجة قضايا “الكهرباء والصحة والخدمات” و”إكمال المشاريع المتلكئة” و”خفض مستوى الفقر والبطالة”.
– انتخابات مبكرة –
غير أنه اعلن أيضاً استعداده لتنظيم انتخابات مبكرة هي مطلب التيار الصدري الذي وصفه بـ”التيار الشعبي والوطني الكبير”.
وقال “قرار الانتخابات جرى الاتفاق عليه وتم تضمينه ضمن المنهاج الوزاري وموعدها لن يتجاوز سنة ونصف سنة”.
ويسعى السوداني المتخرّج من كلية العلوم الزراعية في جامعة بغداد، كذلك إلى تحقيق نوع من “التوازن” في العلاقات مع دول الجوار والعالم في بلد غالباً ما يجد نفسه تحت نيران صراعات إقليمية، كما قال.
يرى المحلل السياسي حمزة حداد أن السوداني، رغم الانتقادات ضده، “نجح بإعادة خلق نفسه، حيث ترك دولة القانون وفاز بمقعد في البرلمان منفرداً، بعد أربع سنوات كان فيها نائباً نشطاً بعيون الرأي العام”، وفق حداد. كل ذلك أسهم في “تسميته لرئاسة الوزراء”.
ويعتبر أن “الدعوات التي خرجت ضدّ ترشيحه، لم تكن شخصية، إنما مرتبطة بظرف كونه مرشح الإطار التنسيقي”، فهو “يتمتع بعلاقات جيدة مع كل الأحزاب السياسية”.
لا يملك تياره الفتيّ سوى ثلاثة نواب في البرلمان الحالي، من ضمنهم السوداني نفسه، لكنه يحظى بدعم القاعدة البرلمانية الواسعة في البرلمان الحالي التي يهيمن عليها الإطار التنسيقي.
من ضمن نقاط قوته أيضاً أنه لم يغادر العراق. وهو “يمثّل مثل الكاظمي الجيل الجديد من السياسيين الذين جاؤوا بعد العام 2003″، وفق حداد.
فالسوداني، الذي أعدم والده على يد حزب البعث حين كان يبلغ تسع سنوات، “ابن الجنوب ولا يملك جنسية مزدوجة ووجه شاب”، بحسب الساعدي.