نافذة الصناعات الكهربائية السويسرية على الأسواق العربية والإفريقية والآسيوية
رغم مضي 92 عامًا على تأسيسها في مصر، بشكلها القديم، وثلاثون عامًا في شكلها الحالي؛ لا تزال شركة آيه بى بى، تحتل المكانة الأولى، بين الشركات الرائدة في مجال الصناعات الكهربائية، وتكنولوجيا التشغيل الآلي، العاملة في مصر، حيث تسيطر على أكثر من 50% من حجم مبيعات السوق المصرية، مع احتفاظها بالجودة العالية، التي جعلتها في المقدمة، وجعلت من مصر نافذة لها على البلدان العربية والإفريقية والآسيوية.
في بداية شهر نوفمبر 2018؛ وقعت شركة آيه بى بى مصر، مذكرة تفاهم مع الشركة القابضة لكهرباء مصر، بحضور المهندس جابر الدسوقي، رئيس الشركة القابضة، وناجي جريجري، المدير الاقليمي لمجموعة شركات ABB في مصر وشمال ووسط إفريقيا، وذلك لتمويل حزمة من المشاريع، لتحديث وتطوير الشبكة القومية للكهرباء لمواجهة تحديات المرحلة القادمة.
وتعمل هذه المشاريع على زيادة سعة ورفع كفاءة وتحسين أداء شبكات النقل والتوزيع المصرية للجهد العالى والمتوسط، باستخدام منتجات ايه بى بى عالية التقنية، فى مجال محطات الكهرباء المتنقلة، وأنظمة المراقبة والتحكم ومحولات القوى ولوحات الضغط المتوسط والأكشاك.
“نصنّع بمصر ونُصدّر لـعشرين دولة”
وقال جريجري: “نفخر بما حققناه حتى الآن من استثمارات في مصر. فخلال العامين الماضيين، وبفضل عمق جذورنا ومعرفتنا الجيدة بالسوق المصرية، استطعنا أن نقوم بتطوير الاعمال وزيادة صادراتنا إلى أفريقيا والشرق الأوسط وتحسين وضع ABB في السوق المحلية. ولا نستطيع أن نتحدث عن الاستثمارات في مصر اليوم لو لم نكن نؤمن بمستقبل جيد لعملياتنا في مصر”.
وأضاف، أن مصر الآن، أصبحت سوقًا جاذبة في قطاع الكهرباء، ومركزًا مهمًا للطاقة في المنطقة، وذلك بفضل اهتمام الدولة بتطوير هذا القطاع، بما يصب في صالح الاستثمار وحركة البناء والتنمية التي تشهدها البلاد؛ مشيرًا إلى أن “أيه بي بي” تعتبر أحد أكبر الشركات التي تعمل بالسوق المصرية في قطاع الكهرباء؛ وأن الشركة تدير عمليات كبيرة، وتنفذ مشروعات هامة، في مصر وشمال ووسط إفريقيا، وتعد من أكبر الشركات المستثمرة في السوق المصرية؛ حيث تقوم بالتصنيع والتصدير لأكثر من 20 دولة حول العالم من مصانعها بمصر.
المدير الإقليمي لمجموعة شركات ABB في مصر وشمال ووسط إفريقيا أوضح أيضا أن، أيه بي بي تقدم حلولاً متطورة ومتكاملة لتوليد الطاقة، لأكبر وأول محطة تعمل بالطاقة الشمسية، ومتصلة بالشبكة القومية في مصر، علي مساحة 70 فدانًا، بقدرة 20 ميغاوات، تهدف لتوفير الطاقة النظيفة لقطاع الزراعة بمنطقة توشكي، كما قامت بتنفيذ نظام مراقبة وتحكم عن بعد بمحطة مياه القاهرة الجديدة، لصالح وزارة الإسكان والجهاز التنفيذي لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي.
بروتوكول تعاون مع وزارة الصناعة
وفي 13 مايو 2018؛ شهد المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، توقيع بروتوكول تعاون بين الوزارة، ممثلة في كل من مصلحة الكفاية الإنتاجية والتدريب المهني، ومجلس الصناعة للتكنولوجيا والابتكار، وشركة «إيه بي بي» للصناعات الكهربائية، ويستهدف البروتوكول تعزيز التعاون المشترك بين الوزارة والشركة في مجال تقديم الدعم الفني في مجالات التدريب وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، ووقع البروتوكول بحضور بول غارنييه، سفير دولة سويسرا بالقاهرة.
وقال ناجي جريجيري، العضو المنتدب لشركة إيه بى بى مصر وشمال ووسط إفريقيا، إن هذا الاتفاق يأتي في إطار حرص الشركة علي تعزيز تواجدها في السوق المصرية، الذي يعد أحد أهم الأسواق بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا؛ مشيراً إلى أن الشركة ستقوم في إطار هذا البروتوكول بعقد ورش عمل ودورات لتطوير قدرات الفنيين داخل وزارة التجارة والصناعة، من خلال توفير الخبراء لتقديم أحدث التقنيات والحلول الموفرة للطاقة.
نقلة نوعية وتطوير كبير
في معرض التقييم، قال حمدي البصير، الكاتب الصحفي والخبير الإقتصادي ورئيس مركز الدراسات الإقتصادية: “إن شركة “إيه بي بي- مصر” تشهد حاليًا نقلة نوعية، وتطويرًا كبيرًا فى الأداء، ليس فى نشاطها الأساسي فقط، والذى يرتكز على المعدات الكهربائية والآلات الصناعية والأنظمة المتعلقة بها، وتقديم الحلول التكنولوجية المتطورة جدًا، ولكن فى مجال التدريب، ونقل التكنولوجيا إلى الفروع التابعة لها، فى دول العالم المختلفة، ومنها مصر، لاسيما بعد اندماجها مع شركة براون بوفيري السويسرية وآسيا ASEA السويدية.
وفي تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch؛ أوضح البصير أن “إيه بي بي- مصر” تعتمد فى برنامجها التدريبي، على استخدام أحدث التكنولوجيات فى العالم، واستقدام كل ما هو جديد في مجال الخبرات الإدارية والتكنولوجية من الدول المتقدمة، لاسيما من الولايات المتحدة وروسيا؛ مشيرًا إلى أنها تنتقى بعناية من يريد الإلتحاق بها من العاملين الفنيين، وتضع شروطًا صعبة لاختيار أفضل العناصر التي ترغب فى العمل لديها، حتى يكونوا مؤهلين لاستيعاب التكنولوجيا المتطورة، والاستجابة لبرامج التدريب المكثفة والمتنوعة، التى تتوافق مع المعايير العلمية والعالمية.
وأضاف الخبير اTقتصادي، أن معايير اختيار المتدربين، فى شركة “إيه بى بى- مصر”، وفى باقي الشركات السويسرية التى تعمل فى مصر، لا تعتمد فقط على المؤهلات العلمية، وإنما على السمات الشخصية، والقدرة الفائقة على التعلم واستخدام التكنولوجيا، بل والقدرة على الإبداع؛ مشيرًا إلى أن ذلك يتحقق من خلال طاقم تدريبي على مستوى عال، بقوم باختيار العناصر المتدربة، ويضع تقييمًا محايدًا لكل المتدربين أو العامليين الجدد، وملاحظة المتدرب جيدًا خلال المحاضرات، وتقييمه بامتحانات مختلفة، لانتقاء أفضل العناصر، وتأهيلها مهنيًا كي تستطيع استيعاب التكنولوجيا “الصعبة”، التي هي أساس عمل الشركة فى مصر، وباقي دول العالم.
المنهج السويسري فى التدريب
في نفس السياق، أشار البصير إلى أن “إبه بى بى- مصر” تتعاون مع مراكز تدريب محلية، من أجل استكمال الفائدة، سواءً من حيث تبادل الخبرات أو نقل التكنولوجيا أو الاختيار المحايد لعناصر جديدة، تستطيع أن تتواكب مع أنشطة الشركة المختلفة؛ مشيرًا إلى أن “المنهج السويسري” فى التدريب، يعتمد دائمًا على الإبداع والبحث العلمي، والتأهيل المهني المستمر لكل العاملين، والاطلاع على كل ما هو جديد فى الأعمال الخاصة بالشركة، وهذا ما يجعل التجربة السويسرية مميزة، وعليه فقد استطاعت الشركات السويسرية بصفة عامة، وإيه بى بى- مصر على وجه الخصوص، أن توسع أنشطتها فى دول العالم المتقدم تكنولوجيا، ومنها الصين.
رئيس مركز الدراسات الإقتصادية أعرب عن الأمل في أن يستفيد العاملون المصريون فى الشركات السوبسرية من خبراتها التدريبية، مما سينعكس بالإيجاب على العمالة المصرية، من ناحية نقل التكنولوجيا المتقدمة والاستفادة منها، وأن يرتكز نشاط شركة إيه بى بى- مصر، خلال المرحلة المقبلة فى العاصمة الإدارية الجديدة، التى يتناسب تأسيسها مع الشركة السويسرية، لاسيما فى مجالات: الذكاء الصناعي، وتدوير المخلفات، وتشغيل المدن الذكية.
مراحل تدرج ونمو الشركة
في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch، يقول السيد عبد الوهاب إبراهيم، الذي عمل في الشركة لأكثر من 25 عامًا، كمدير حسابات ومدير مالي: “التحقت بالشركة عام 1986 وظللت بها حتى موفى مايو 2012. وخلال ربع قرن ويزيد تنقلت في الوظائف المالية بها، من مدير إدارة حسابات وتسليمات العملاء والتكاليف، إلى مدير إدارة البنوك والحسابات المالية والنقدية، إلى رئيس أقسام البنوك والحسابات المالية والنقدية، وحتى منصب رئيس حسابات بالإدارة المالية”.
ويضيف عبد الوهاب: “في عام 1979؛ عمل المهندس عثمان أحمد عثمان، وزير الإسكان والتعمير الأسبق بمصر، شراكة مع عدة شركات مصرية، بالإضافة إلى شركة (B.B.C) الإنجليزية، وتوزع رأس المال كالتالي (60% للشركات المصرية+ 40% للشركة الإنجليزية). وفي عام 1990؛ اشترت شركة آسيا براون بوفيري حصة الـ 40% الخاصة بالشركة الإنجليزية، لتصبح شريكا لشركة المقاولين العرب، واستمر حق الإدارة للشركة المصرية. واستمر العمل على هذا النحو لفترة، وشيئًا فشيئًا، اشترت شركة (A.B.B) من المقاولين العرب 40% من حصتها المقدرة بـ60%، وبهذا أصبح لشركة آي بي بي 80% من الشراكة، ومن ثم أصبح لها حق الإدارة.
عهد جديد لـ آيه بى بى
وفي عهد المهندس كمال جاد، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة في مصر، بدأت الشركة في التوسع، فأنشأت 4 شركات أخرى تابعة لها، وهي (A.B.B) للضغط العالي، و(A.B.B) للضغط المتوسط، و(A.B.B) للمحولات، و(A.B.B) لصناعة الأدوات الكهربائية (معدنية/ بلاستيكية)، وصارت الإدارة في منطقة مصر الجديدة، والمصانع والشركات في مدينة العاشر من رمضان الصناعية.
كان يعمل في الشركة ما بين 1200 و 1600 عامل وفني مصري، لكن بعدما أصبح لشركة (A.B.B) حق الإدارة، وتحديدًا في الفترة من عام 2000 وحتى 2012، وضعت الشركة اشتراطات متقدمة للعمل بها، ومن ثم بدأت في استقدام عمالة أجنبية، خاصة بعدما أصبحت الأعلى جودة، والأكثر منافسة في السوق المصرية. ووصل الأمر إلى أنها سيطرت على حوالي 50% من المنتج في السوق، وصار عملاؤها من أكبر شركات توزيع الكهرباء على مستوى جمهورية مصر العربية، وخاصة في شمال وجنوب القاهرة، حيث كانت المورد الأساسي للوحات والمحولات الكهربائية العملاقة، كما أصبحت مصر نافذة جيدة لتصدير منتجات شركة (A.B.B) للأسواق العربية والإفريقية والآسيوية.
وبعد ثورة 25 يناير 2011؛ وبالتحديد في عام 2012؛ اتجهت الشركة إلى سياسة جديدة، للتغلب على الخسائر التي لحقت بها جراء الثورة، فأغلقت بعض الشركات التي لا تحقق أرباحًا، وقامت بإدماج بعض الشركات الأخرى، واستغنت عن عدد كبير من العمالة المصرية، واتجهت للتكامل مع بعض فروع الشركة الأم، فعلى سبيل المثال، بدأت تنتج الأكشاك الكهربائية في فرعها بالهند، نظرا لانخفاض أجور العمال هناك، ثم تستوردها من هناك إلى مصر أو توجهها للفروع الأخرى في آسيا وإفريقيا وبعض الدول العربية.
أسباب النجاح وفلسفة الإدارة
بعدما استقرت الأمور، وتغلبت الشركة على الأزمة المالية، وبدأت في الازدهار مرة أخرى، يوجد حاليا في شركة (A.B.B) للضغط المنخفض والمتوسط، حوالي 600 عامل وفني مصري، بعدما تم التخلص من العمالة الأجنبية.
بعد هذه الفترة الطويلة التي عمل خلالها في شركة (A.B.B)؛ يوضح عبد الوهاب أن نجاح الشركة في مصر، وسيطرتها على أكثر من 50 % من مبيعات السوق المصري في هذا المجال، يرجع إلى عدة أمور منها: الإنضباط في الحضور والإنصراف، والصرامة والحكمة في التعامل مع العمال والفنيين، والحرص الشديد على الدقة، والإصرار على جودة وكفاءة المنتجات، مما جعلها تحظى بثقة العملاء.
كما تميزت الشركة – حسب رئيس الحسابات السابق بالإدارة المالية فيها – بالإهتمام بالجانب الإنساني، شريطة ألا يكون ذلك على حساب العمل وسمعة الشركة، وقد بدا هذا واضحًا خاصة “خلال الفترة التي كان يقودها المهندس كمال جاد، والذي استطاع بحكمته وحنكته، أن يجمع بين الإنضباط والالتزام في العمل، مع عدم إغفال الجانب الإنساني في التعامل مع العمال والفنيين، خاصة في الجوانب الصحية والتأمينية، مع إقرار مبدأ الثواب والعقاب، بمكافأة المجيد والمتميز والمبدع، ومعاقبة المخطئ والمقصر، وإجراء حركة تنقلات داخلية، لمصلحة العمل، لبعض العمال والفنيين، لمنحهم فرصة أخرى وأخيرة للتفوق والإبداع في القسم الذي يحبه ويُجيده”، على حد قول السيد عبد الوهاب إبراهيم.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.