مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الإتحاد للطيران”.. ناقل يُحسب له حساب في الأجواء السويسرية

نجحت شركة الإتحاد للطيران الإماراتية في إيجاد موطئ قدم لها في سويسرا، وتحولت في غضون فترة وجيزة إلى منافس قوي لشركة "سويس" بفضل الدعم الذي تجده من عائلات ثرية في أبو ظبي. Keystone

تضخ الخطوط الدولية السويسريةرابط خارجي "سويس" خمسة مليارات فرنك لربح معركتها ضد الشركات المنافسة في مجالها الحيوي. في الأثناء، تحولت شركة "الإتحاد"رابط خارجي للطيران المحلية، المدعومة من العائلة المالكة بأبو ظبي إلى أحدث منافس لهيمنة شركة "سويس" في المجال المحلي.

ولم تكد الخطوط السويسرية “سويس” تُعلن عن تدشينها لاثنيْن وعشرين (22) وجهة جديدة وتحديث أسطولها، حتى جاء ، ووعدها بمزيد الخطوات المماثلة في المستقبل. وأوضح كريستيان شنايدر، مُديرها التجاري أن الشركة في “مرحلة توسّع”، وقد ارتفع عدد موظفيها من 100 إلى 320 فردا منذ أن بدأت عملياتها في سويسرا في بداية السنة الجارية.

من جهته، يعتقد باتريك هوبر، رئيس تحرير مجلة الطيران السويسريرابط خارجي أن ما يهمّ شركة الإتحاد هو الربح ونجاح أعمالها التجارية. وأشار في تصريحات إلى swissinfo.ch إلى أن “هذه الخطوط قوية وتمتلك أموالا طائلة، وهي تسعى إلى الفوز بجزء كبير من الكعكة في سويسرا”، في المقابل “توجد الخطوط السويسرية “سويس” في موقف صعب، وعليها أن تفعل شيئا ما”.

وأضاف هوبّر أن الخطوط السويسرية “سويس” التي تُعاني أصلا من منافسة الناقل إيزي – جيت Easyjet، وأسعاره المنخفضة، خاصة على مستوى مطار جنيف، ليس بوسعها أن تترك منافسا آخر ينتزع منها حصّة أخرى من السوق المحلية.

في السياق، تمثّل استراتيجية “الإتحاد للطيران” المحلية المتمثلة في تحويل بعض الركاب الأوروبيين إلى شركة الطيران الإماراتية (الإمارات) لتغطية الرحلات الطويلة خطرا أكبر على الخطوط السويسرية من إيزي – جيت نفسها، لأن هذه الأخيرة تقتصر على الركاب المتجهين لوجهة واحدة ثم العودة إلى النقطة التي انطلقوا منها”.

وبحسب هوبر فإن خطوط الإتحاد للطيران “لا تكتفي بالربط بين نقطة جغرافية ونقطة أخرى، بل تقوم كذلك بنقل المسافرين إلى أبوظبي ليواصلوا من هناك رحلتهم إلى مناطق أخرى أبعد على متن طائرات الشركة الأم”، وبرأي هذا الخبير، فإن هذا “أكثر من تهديد مباشر للخطوط السويسرية التي تسعى إلى أن تجعل من مطار زيورخ مركزا لربط نقاط ومقاصد أبعد”.

منافسة شريفة ؟

في مقابلة مع موقع “Flightglobal”رابط خارجي، نشرت خلال شهر أغسطس 2014، اعترف هارّي هوهمايستار، المدير التنفيذي لشركة الطيران الدولية السويسرية “سويس”، بجدية الخطر الذي تمثّله “الإتحاد للطيران”، بل أعرب عن شيء من التحسّر لأنه بات بإمكان شركات مملوكة لدول في الشرق الأوسط بات تشويه السوق الأوروبية من خلال تقديم أسعار منخفضة بصورة غير مُستدامة لأن “شيخ البلد قد أغدق عليها المال”، على حد قوله.

وقال هوهمايستار: “هناك الكثير من أموال الدولة في هذه الشركات، ويمرّ ذلك عبر التكاليف الرخيصة للبنية التحتية، وعبر نسب ائتمان للديون منخفضة جدا لا يمكن أن نحصل عليها نحن حتى في الأحلام، وبالتالي فإن استراتيجية الأسعار المنخفضة جدا لهذه الشركات لن تنتهي في وقت قريب”.

على صعيد آخر، دعا هوهمايستار المراقبين على مستوى الإتحاد الأوروبي إلى التدخّل من أجل حماية السوق، معتبرا أنه من الحيف “السماح لنظام بتكاليف اجتماعية مختلفة تماما (على سبيل الذكر لا الحصر) بأن ينشط بكل حرية. إن هذا ليس من العدل في شيء”. وأضاف خلال تلك المقابلة: “علينا أن نتطرّق إلى مسألة محدودية القدرات”.

في المقابل، أكد بيان جديد صدر عن “الإتحاد للطيران” إثر تصريحات هوهمايستار، على أن هذه الشركة “لا تتلقى أي دعم من الدولة، ولا تتلقى الوقود مجانا، وهي تدفع الرسوم كغيرها من الشركات في مطارات دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي تقترض تمويلاتها من أزيد من 70 مصرفا عالميا بحسب أسعار سوق التمويلات من دون التمتع بأي أفضلية”.

وفي محاولة للإلتفاف على القيود المفروضة على شركات الطيران الأجنبية في المطارات الأوروبية، اعتمدت “الإتحاد للطيران” استراتيجية تتمثّل في شراء حصص في شركات النقل المحلية مثل شركة “داروين إيرلاين” السويسرية، و”أليطاليا” للطيران. وفي الوقت الحاضر، تُشغّل شركة “داروين إيرلاين” التي تتخذ من مدينة لوغانو (جنوب الكنفدرالية) مقرا لها الشبكة المحلية لشركة “الإتحاد للطيران” خارج سويسرا.

في الوقت الحاضر، يسعى الفرع المحلي لشركة الإتحاد للطيران تأمين سيطرته على حصّة الثلث في “داروين إيرلاين”، وهو ينتظر الآن صدور قرار من الإدارة السويسرية لتنظيم الطيران (ربما في موفى شهر أكتوبر 2014) يحسم في مسألة الإبقاء على شركة “داروين إيرلاين” كناقل محلي أم لا، إذا ما تحققت تلك الصفقة.

في الأثناء، تأكد أن شركة الخطوط السويسرية “سويس” لن تظل مكتوفة الأيدي بانتظار ما ستسفر عنه هذه المنافسة لاتخاذ الخطوة التالية. فبعد أن تأكّدت أنه لا مجال لخفض الأسعار بعد التوجيهات الصارمة الصادرة عن الشركة الأم (لوفتهانزا الألمانية)، تبدو الشركة السويسرية الآن طليقة الأيدي لإنفاق مبالغ مالية طائلة من أجل إنقاذ الموقف. وبالفعل، أعلنت في بداية أكتوبر الجاري عن اعتماد خطّة ستكلّف مليارات الفرنكات في مسعى للتوسّع إلى وجهات جديدة، وتجديد أسطولها المتقادم.

هذه الخطّة تمثّل تغييرا في الإستراتيجية التي اعتمدتها “سويس” حتى الآن والتي كانت تجعل من زيورخ مركزا لإعادة الإنطلاق إلى مقاصد بعيدة، وبدلا من ذلك، فسوف تعتمد من الآن فلاحقا استراتيجية من نقطة إلى نقطة أخرى، والتي كانت تنافسها فيها شركة “إيزي – جيت”، والآن التحقت بها شركة الإتحاد للطيران. ويحدث هذا بعد قرار سابق يهدف إلى تعزيز موقف الطيران السويسري على مستوى جنيف.

شكوك بشأن الإستراتيجية الجديدة

الخطوة المتمثلة في إضافة اثنتين وعشرين (22) وجهة أوروبية جديدة (من مطار إلى مطار ذهابا وإيابا) إلى خدمات الطيران السويسري جعلت بعض المراقبين في حيرة من أمرهم. وبالنسبة لأندرياس فيتمير، رئيس مركز الكفاءة للطيران في جامعة سانت – غالن، فإن هذه الخطوة تهدف إلى إلحاق الهزيمة بشركة الإتحاد للطيران في ميدان تفوّقها.

وفي حديث إلى swissinfo.ch، أشار فيتمير إلى أنه “لم يفهم في الحقيقة مغزى الإستراتيجية الجديدة. فالعديد من الوجهات الجديدة التي أعلنت، وخاصة تلك الموجودة في أوروبا الشرقية، لا يُمكن أن تحقق إلا أرباحا محدودة. وهي لا تعدّ مقاصد جيّدة لشركة طيران متميّزة بأسعار ممتازة”.

ويضيف هذا الخبير: “إذا أرادت (سويس) الدخول في منافسة وجها لوجه مع شركة الإتحاد أو مع إيزي – جيت على مستوى الأسعار، فإنها سوف تخسر الرهان، لأن نماذج (أو هيكلة) ميزانيات شركات الطيران تختلف من شركة إلى أخرى، فضلا عن أن الموارد المالية المتاحة لشركة الاتحاد أهمّ بكثير من الشركات الأخرى”.

في الوقت نفسه، لا يعتقد فيتمير أن توسعة الأسطول السويسري ستمنحه ميزة تنافسية مهمّة، مشيرا إلى أن موعد اقتناء الطائرات الجديدة قد تأخّر، حيث كان يجب استبدال القديم منها قبل عاميْن.

وبدلا من ذلك، يتعيّن على الخطوط الدولية السويسرية “سويس” أن تحاول تحدّي خطوط الطيران الشرق أوسطية على مستوى المسافات البعيدة، وعلى مستوى درجات الكفاءة والرفاهية العالية. ويضيف فيتمير: “يجب على السويسريين أن يُركّزوا على الأسواق العابرة للمحيط الأطلسي وعلى الأسواق الآسيوية، حيث لا تزال هناك بعض الوجهات المُربحة”، ملاحظا أنه “ينبغي التوجّه أكثر إلى الركاب المتميّزين وتقديم الخدمات المتميّزة خلال جميع مراحل الرحلة، وليس فقط في المطارات أو على متن الطائرات”.

وعلى سبيل المثال، يشير فيتمير إلى أن بعض الشركات العاملة في مجال النقل الجوي توفّر للعملاء سيارات ليموزين من المطارات وإليها.

مسألة رمزية لا أكثر!

ولكن لماذا يتعيّن على السويسريين أن يهتموا باستراتيجية “الجيل الجديد من الطيران السويسري”رابط خارجي، خاصة وأن الناقل الجوي الوطني مملوك منذ سنوات لشركة لوفتهانزا الألمانية بعد انهيار “سويس آر” في خريف عام 2002. 

فقد تشكلت الخطوط الدولية السويسرية “سويس” من بقايا حطام الخطوط الجوية السويسرية وناقل محلّي آخر هو “كروس آر”. وقد اشترت لوفتهانزا شركة الطيران السويسرية الجديدة في عام 2005.

في السياق، ذكّر باتريك هوبر أن “زوال الخطوط الجوية السويسرية (سويس آر) كانت حادثة مؤلمة وحزينة لن ينساها السويسريون”، والآن “هم يعلمون جيدا أن الخطوط الدولية السويسرية هي مملوكة لشركة ألمانية، لكنهم يعرفون كذلك أنه ما كان بالإمكان أن يكون لنا ناقل وطني لولا لوفتهانزا”.

في مقابل ذلك، تتلخص الرسالة التي يُحاول هوهمايستير تمريرها وجعلها واضحة في الأذهان في أن الخطوط الدولية السويسرية “سويس” هي شركة سويسرية. وهي تمثل على حد قوله “رصيدا حقيقيا”. ولذلك فإن الشعار الذي يجب أن يُرفع هو أن “الخطوط السويسرية سواءٌ كانت ملكا لجهة سويسرية أو لجهة أخرى، فهذا لن يغيّر من الواقع أي شيء. لدينا الحرية الكاملة في وضع الخطط التي تناسبنا”.

إلى جانب ذلك، فإن القليل من الأطراف الخارجية تميّز بين الخطوط الجوية السويسرية “سويس آر” والخطوط الدولية “سويس” التي أخذت مكانها بعد انهيار الأولى. ويقول هوبر في هذا السياق: “كنت مؤخرا في فيتنام، وكان الجميع يتحدّث عن الخطوط الجوية السويسرية “سويس آر” كما لو أنها لا تزال موجودة. فعلى الصعيد الدولي، لا يرى الناس أيّ فرق”.

الخطوط السويسرية في أرقام

في عام 2013، حققت الخطوط الدولية السويسرية “سويس” أرباحا بلغت قيمتها 264 مليون فرنك، أي بزيادة 24% بالمقارنة مع السنة التي سبقتها، بعد ضغوط مارستها على التكاليف في عام 2012. وقد وصلت عائداتها إلى 5.15 مليار فرنك (أي بزيادة 3% مقارنة بعائدات العام السابق والبالغة 5.03 مليار).

حققت شركة الطيران السويسري “سويس” خلال الأشهر الست الاولى من عام 2014 أرباحا وصلت إلى 118 مليون فرنك، وعائدات بقيمة 2.5 مليار فرنك.

ارتفعت هذه الأرباح بنسبة 64% مقارنة بالأرباح المُسجلة في نفس الفترة من العام السابق، ولكن حدث هذا فقط لأن مجموعة لوفتهانزا غيّرت من الطريقة المعتمدة في قياس الإستهلاك. وإذا ما تم غض الطرف عن هذا التغيير، فإن الأرباح تظل مستقرة، أي تماما كما كانت في النصف الأوّل من عام 2013.

كان حضور الخطوط السويسرية على مستوى مطار زيورخ بنسبة 56.8% خلال العام المنقضي، وكانت “خطوط برلين” منافسها الرئيسي، حيث كانت متخلفة عنها بنسبة 5.5%.

في جنيف، يختلف الوضع، حيث هيمنت شركة إيزي – جات EasyJet حيث سيطرت على نحو 41.5% من السوق، فيما لم تتجاوز حصة الخطوط السويسرية “سويس” 14.5%.

من السابق لأوانه تحديد طبيعة وحجم الأثر الذي سوف تتركه شركة الإتحاد للطيران على مستوى السوق السويسرية، لأنها لم تبدأ نشاطها هنا إلا منذ بضعة أشهر فحسب. 

(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية