التسوّق الإلكتروني يُصبح “المحرّك الرئيسي” لعجلة النمو في سويسرا
دفعت الطفرة التي تشهدتها التجارة الإلكترونية في سويسرا إلى زيادة حجم المبيعات عبر الإنترنت بنسبة 50% خلال السنتيْن الأخيرتيْن، ويتوقع الخبراء في هذا المجال أن يرتفع زخم هذه المعاملات في السنوات القادمة.
وأظهرت دراسة أشرفت على إنجازها جامعة سانت غالن أن التجارة الالكترونية كانت واحدة من أهم القطاعات التي سجلت أعلى نسبة للنمو على مستوى الإقتصاد السويسري، خاصة وأنها شهدت إقبالا كبيرا من الفئة التي تجاوز عمرها 55 سنة، والتي يسميها البعض “silver surfers” أو “المتصفحون الفضيون”.
وبلغت قيمة معاملات المتسوقين إلكترونيا 8.68 مليار فرنك (9.48 مليار دولار) في العام الماضي، أي بزيادة 48% عما سجّلته خلال عام 2008، والذي بلغت قيمته 5.87 مليار فرنك وفقا للدراسة المنشورة يوم الاثنين 4 أبريل 2011.
وكان على رأس العوامل المحفّزة للخروج من الركود الإقتصادي تزايد عدد الأشخاص المستخدمين للإنترنت لأغراض تجارية. وخلال العام الماضي فقط زاد عدد السكان المتصفحين للإنترنت في سويسرا بنسبة 14% مقارنة بما كان عليه الحال قبل خمس سنوات، مع الإشارة إلى أن 80% تقريبا من السكان في الكنفدرالية يستخدمون اليوم الإنترنت.
وأوضح طوماس رودولف أستاذ إدارة التجارة التفصيلية بجامعة سانت غالن أن “النزعة الاستهلاكية لدى المتسوقين إلكترونيا تواصل لعب دور المحرك الرئيسي للتجارة في سويسرا”. ويضيف هذا الخبير الجامعي: “تعتبر سويسرا، مقارنة ببقية الأقطار على المستوى العالمي، واحدة من أكثر البلدان تقدما، ومن أكثرها توسعا في استخدام التكنولوجيا”.
السباق على أشده
وعلى غرار العديد من البلدان الأخرى، تجاوزت معدلات نمو التجارة الإلكترونية في سويسرا ما حققته أشهر المراكز التجارية في العواصم والمدن المعروفة، ومقارنة بما كانت عليه البداية الإفتراضية لهذه التجارة قبل عشر سنوات، سجل الباحثون أن المعاملات التجارية عبر الإنترنت قد زادت بنسبة تناهز 25% في كل سنة.
وحققت مؤسسة “لي شوب” LeShop.ch، التابعة لمؤسسة “ميغرو“، وهي أكبر مجموعة تجارية تعاونية سويسرية لبيع المنتجات الإستهلاكية، زيادة في معاملاتها بنسبة 15%، وتزامن ذلك مع زيادة الإقبال والرغبة في تسلم السلع مباشرة في البيت بنسبة 3% .
رغم ذلك لا يمثل التسوّق الإلكتروني في سويسرا حتى الآن سوى 5% من مجموع المبيعات التفصيلية مقابل 10% في بريطانيا، وبعض البلدان الأوروبية الأخرى. ويعكس النمو القياسي في حجم المبيعات خلال السنتيْن الأخيرتيْن تزايد اهتمام السكان بهذا القطاع، وتوسّع رغبة النساء والمتقدمين في العمر في اقتناء السلع والخدمات عبر الإنترنت.
وتضاعف معدل الإنفاق السنوي بالنسبة لفئة السكان الذين يفوق عمرهم عن 55 عاما منذ 2008، ليصل إلى 1.862 فرنك للفرد الواحد في السنة الماضية. وتشير الدراسة التي أنجزتها جامعة سانت غالن أن الشريحة الغنية من المتصفحين المتقدمين في العمر مثلت أفضل فرصة لنمو المبيعات، إذ هي تنفق حاليا أكثر من غيرها، وإن تعودنا على غير ذلك في العادة، مقارنة بفئات الشباب.
الراحة والمبيعات المربحة
في السياق نفسه، تشير الدراسة المذكورة إلى أن “التجارة الإلكترونية بالنسبة لهذه الفئة العمرية سوف تمثّل في المستقبل القطاع الأكثر نموا”، لكن رودولف يدعو كل الذين يتوقّعون أن تؤدي زيادة الإقبال على التجارة الإلكترونية إلى خفض أسعار السلع في سويسرا إلى أن “يراجعوا حساباتهم”. ورغم أن التسوّق الإلكتروني قد قلّص من تكلفة بعض الأجهزة، مثل الحواسيب والسلع الإلكترونية، فإن المتصفحين لشبكة الإنترنت لا يفعلون ذلك فقط للفوز بمبيعات مربحة.
و كشف الاستطلاع الذي أجري في سانت غالن وشمل 1000 مستهلك عبر إستخدام الإنترنت ، وعلى خلاف السنوات الأربع الماضية، أن الدافع الأوّل للتسوّق الإلكتروني ليس البحث عن سلع بأثمان مربحة.
ورغم أن المبيعات المربحة تظل إحدى الحوافز المهمة، للاتصال بالإنترنت وللإنفاق على التجارة الإلكترونية، فإن الدافع الأوّل والرئيسي لهؤلاء حاليا هو البحث عن الراحة، والحصول على أنواع كثيرة من السلع من دون ضغوط أو الاضطرار إلى مزاحمة الآخرين، والذهاب إلى المراكز التجارية المكتظة.
وقال رودولف في حديث إلى swissinfo.ch : “إن المتسوّقين إلكترونيا في سويسرا لا نجدهم منشغلين بمسألة الأسعار بنفس القدر الذي نجده في بلدان أخرى”. ويضيف هذا الأخير: “هؤلاء منشغلون بالحصول على سلع، وعلى خدمات ذات جودة عالية”.
فرص الشبكات
يقصر المتسوّقون عبر الإنترنت مشترياتهم في فئة محدودة من السلع، وتأتي في مقدمتها الأجهزة الإلكترونية والمواد التجميلية، لكن الأغلبية تتصفّح الإنترنت لحجز عطل، أو اقتناء تذاكر سفر، أو بطاقات دخول لإحدى التظاهرات، أو الحصول على برنامجيات، أو الإستفادة من استشارة مالية.
كما أن النمو الأكبر في استخدام الإنترنت خلال العام الماضي من أجل التسوّق، بل من أجل الإنخراط في شبكات التواصل الإجتماعي مثل فايسبوك ويوتوب.
لكن التجار إستطاعوا رغم ذلك توظيف هذه الأدوات، وهذه المواقع للترويج لسلعهم وخدماتهم. والعديد من الشركات تقوم بنشر إعلاناتها بواسطة اليوتوب، والبعض من تلك الإعلانات تلقى إقبالا شديدا من الزوار، في حين تقوم بعض الشركات الأخرى بالتوجه إلى المسجلين على الفايسبوك، كأن تعرض عليهم هدايا أعياد الميلاد.
ولا تزال ثورة مستخدمي الإنترنت لأغراض تجارية في مرحلة تطوّر ونمو، ويبدو ان المستهلكين السويسريين قد توجهوا بكثافة إلى هذا النوع من المعاملات، وأصبحوا منسجمين معه.
تقوم جامعة سانت غالن بدراسة استطلاعية حول المتسوّقين إلكترونيا مرة كل سنتيْن. وقامت في العام الماضي بالإتصال لأخذ أراء ما يقارب عن 1000 متسوّق إلكتروني موزعين على مختلف المناطق السويسرية.
منذ 2008، زاد عدد المتصفحين للإنترنت في سويسرا بما يوازي 300.000 نسمة، وأصبحت النسبة العامة لمستخدمي الإنترنت 82% من مجموع سكان سويسرا.
قال ثلاثة أرباع المستطلع آرائهم أن لديهم على الأقل تجربة تمتد لست سنوات في مجال تصفّح الإنترنت.
أكثر المواقع الإلكترونية شعبية في سويسرا هي غوغل، وفايسبوك، ويوتوب، وهوت مايل، وبلووين.
أشهر المواقع التسويقية، فهي: أمازون،books.ch، السوق الإلكترونية BOL، ومؤسسة “لي شوب”، التابعة لمؤسسة “ميغرو“، أكبر مجموعة تجارية تعاونية سويسرية لبيع المنتجات الاستهلاكية، وكذلك موقع شركة الطيران EasyJet.
حققت مؤسسة “لي شوب”، التابعة لمؤسسة “ميغرو“، أكبر مجموعة تجارية تعاونية سويسرية لبيع المنتجات الاستهلاكية نموا كبيرا بفضل تطبيقاتها على الآيفون، وبفضل ذلك ارتفعت مبيعاتها إلى 41.5 مليون فرنك خلال الاشهر الثلاث الأولى من عام 2010، أي بزيادة قدرها 9%.
صرح 85% من مستخدمي الإنترنت أنهم يدخلون على مواقع التسوق الإلكتروني تقريبا بنفس نسبة التردد التي كانت سنة 2008. لكن ارتفاع نسبة مستخدمي الإنترنت عموما في سويسرا أدى في النهاية إلى ارتفاع نسبة المتسوقين الكترونيا منهم من 65% إلى 69%.
ارتفع المعدل السنوي للإنفاق ليصل إلى 998 فرنك سويسري بعد أن كان 337 فرنك في عام 2000، و800 فرنك في عام 2009.
29% من مستخدمي الإنترنت فقط، قالوا أن الهدف الأوّل من تصفحهم للإنترنت هو إشتراء سلع او خدمات.
الهدف الرئيسي من الولوج إلى الإنترنت هو الإتصال والتواصل (71%)، والمرح والترفيه (54%)، والتعليم (52%).
(نقله من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.