الصمت السعودي بعد السقوط المدوي لبنك كريدي سويس
أدت تصريحات رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي السعودي، أحد أكبر المساهمين في بنك كريدي سويس، إلى بداية نهاية ثاني أكبر مصرف في سويسرا خلال أسبوع ونهاية حياته المهنية واستحواذ مصرف يو بي إس على كريدي سويس، والذي أسفر بدوره عن خسائر كبيرة للمساهمين في العالم العربي. وعلى الرغم من الصمت الرسمي للمسؤولين السعوديين بعد انهيار كريدي سويس، فإن ردود الفعل في وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية جاءت متباينة.
في 15 مارس صرح عمار الخضيري، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي السعودي لوكالة رويترز للأنباء أن بنكه لا يستطيع زيادة الاستثمار في “كريدي سويس” لتداعيات تنظيمية.
وأضاف الخضيري ” لا يُمكننا ذلك لأننا قد نتجاوز نسبة الـ 10٪. إنها مسألة تنظيمية”.
وأضاف الخضيري أن البنك الأهلي السعودي سعيد بخطة إعادة هيكلة كريدي سويس ولا يتوقع أن يحتاج أموالاً إضافية. ومع ذلك، أوضح أن البنك الأهلي سيتخارج رابط خارجيمن “كريدي سويس” عند تحقيق القيمة المطلوبة للاستثمار.
اقرأ المزيد: استقالة رئيس البنك الأهلي السعودي بعد تصريحاته حول كريدي سويس
بعد ساعات قليلة، حاول الخضيري إصلاح الضرر الذي سببته تصريحاته السابقة، وقال لقناة العربية رابط خارجيإن “تصريحاتي حول كريدي سويس فُسّرت بشكل غير صحيح”. ثم كرر أن مؤسسته لم تتمكن من زيادة استثماراتها في كريدي سويس بسبب القيود التنظيمية. ولدى سؤاله مرة أخرى عما إذا كان البنك السعودي ينوي الخروج من البنك السويسري، قال الخضيري: “في الوقت الحالي، لا”. تصريحات الخضيري أدت إلى خسائر في أسهم بنك كريدي سويس بنحو 25٪ خلال جلسة يوم الأربعاء 15 مارس، حسب قناة العربية.
لا ندم
في مقال رابط خارجيتحت عنوان “قصة بنك كريدي سويس منذ البداية: هكذا وصل إلى نقطة الأزمة!” ألقت قناة العربية اللوم على بنك كريدي سويس بالدرجة الأولى وعزت القناة تراجع أسهم البنك الأخيرة إلى سلسلة من الفضائح على مدى سنوات عديدة، وتغييرات في الإدارة العليا وخسائر بمليارات الدولارات، واستراتيجية غير ملهمة يمكن أن تُلام على الفوضى التي يجد المقرض السويسري البالغ من العمر 166 عاماً نفسه فيها الآن.
وكتبت “العربية” أن شائعة لا أساس لها من الصحة حول فشل وشيك للبنك في الخريف أدت إلى فرار العملاء.
وأفادت بأن بنك كريدي سويس أكد في فبراير الماضي، أن العملاء قد سحبوا 110 مليارات فرنك سويسري (119 مليار دولار) من الأموال في الربع الأخير من العام الماضي، بينما تكبد البنك أكبر خسارة سنوية له منذ الأزمة المالية في عام 2008 بلغت 7.29 مليار فرنك سويسري. كما استعان البنك في ديسمبر الماضي بالمستثمرين عبر بيع أسهم بقيمة 4 مليارات فرنك سويسري.
Woah.
— unusual_whales (@unusual_whales) March 20, 2023رابط خارجي
A reporter asks Credit Suisse, $CSرابط خارجي, Chairman Axel Lehmann: "Who is responsible for this disaster?
He says: "… last autumn we had a social media storm." pic.twitter.com/7gCy4RLm0kرابط خارجي
المساهمون آخر من يعلم
في السياق، أشارت صحيفة رابط خارجي“الشرق” السعودية إلى أن المساهمين من منطقة الشرق الأوسط في “مجموعة كريدي سويس”رابط خارجي، والذين يمتلكون معاً نحو خُمس البنك السويسري، هم من بين أكبر الخاسرين في الملحمة التي بلغت نهايتها بموافقة “مجموعة يو بي إس” على الاستحواذ على البنك المتعثر بخصم كبير.
وقالت الصحيفة إنه من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة السويسرية قد تشاورت مع كبار المساهمين قبل الكشف عن الصفقة مع “يو بي إس”، والتي جاءت بعد مناقشات سريعة في نهاية الأسبوع الماضي (17 و18 و19 مارس).
ونقلت الصحيفة عن مارك نسيم، الشريك والمدير الإداري لشركة “عواد كابيتال” (Awad Capital) ومقرها دبي، قوله إن اتفاقية “يو بي إس” تعتبر بالنسبة للمساهمين صفقة “أمر واقع”.
وأضاف نسيم: “هناك دائماً حكومة في مكان ما مستعدة للتدخل لحماية مصالحها الوطنية بعيداً عن جميع المساهمين.. لذا فالنظراء النهائيون لمُساهمي البنوك هم الحكومات، سواء كانت في الولايات المتحدة أو أوروبا أو مناطق جغرافية أخرىرابط خارجي“.
تبخّر 1.2 مليار دولار من الاستثمارات السعودية ببنك “كريدي سويس”
صحيفة “عربي 21”رابط خارجي الإلكترونية تناولت حجم الخسارة، التي لحقت بالمساهم السعودي. وقالت إن البنك الأهلي السعودي خسر جزءا كبيرا من استثماراته في “كريدي سويسرابط خارجي“، بعد استحواذ مجموعة “يو بي إس” على المصرف السويسري.
كما أثرت الأزمة على جهاز قطر للاستثمار، وهو أحد المساهمين في بنك كريدي سويس منذ فترة طويلة والذي زاد حصته في البنك في يناير الماضي فقط، وفقًا لصحيفة رابط خارجي“العربي الجديد” الصادرة بلندن.
وعلى الرغم من ذلك، أكد البنك الأهلي السعودي في بيان نُشر على “تداول السعودية”، إنه وفقاً للقوائم المالية لعام 2022 والتوقعات المالية لسنة 2023 المعلنة مسبقًا، فإن الاستثمار في مجموعة كريدي سويس أقل من 0.5% من إجمالي أصول البنك الأهلي السعودي، و1.7% من محفظة البنك الاستثمارية كما في ديسمبر 2022. وأوضح أن أي تغيير في القيمة العادلة للاستثمار في مجموعة كريدي سويس لن يؤثر على توقعات وخطط البنك المالية لسنة 2023، وفق ما أوردته قناة رابط خارجي“العربية”.
انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي
على الرغم من أن المسؤولين قللوا من تأثير أزمة كريدي سويس على أصولهم الاستثمارية، لم تكن منصات وسائل التواصل الاجتماعي خالية من انتقادات المساهمين العرب في كريدي سويس.
أحمد الخطيب، المحلل الاقتصادي والمقدم السابق للبرنامج التلفزيوني “بين الأرقام” على قناة سي إن بي سي، انتقل إلى تويتر للتعبير عن رأيه في انتقادات البنك الأهلي السعودي، وسلط الضوء على التناقض في رد الفعل على المديرين التنفيذيين السعوديين مقارنة برد الفعل على المديرين التنفيذيين في بنك كريدي سويس.
وقال في تغريدته: “قرأت انتقادات في تويتر للتنفيذيين في البنك الأهلي بسبب خسارة الاستثمار في كريديت سويس (الاستثمار يشكل ٠.٥٪ من أصول البنك)، بينما التنفيذيين في كريديت سويس الذين طيروا البنك كله ينتظرون الحصول على البونوص😂” (المركزي السويسري أوقف الدفع مؤقتا)”.
ماذا بعد؟
قدمت صحيفة الشرق رابط خارجيعدة سيناريوهات للمستقبل وقالت إن مصارف أخرى تسعى لاغتنام الفرصة من السوق المالية السويسرية بعد انهيار بنك كريدي سويس.
مع ذلك، قالت الصحيفة إنه من السابق لأوانه أن نقول ما إذا كان إخفاق ثلاثة بنوك أميركية وانهيار بنك “كريدي سويس” يُمكن أن تمثل ذروة الذعر أم لا، إذ توضح أزمة “فيرست ريبابليك بنكرابط خارجي“، وهو بنك إقليمي أمريكي، أن مخاوف الهشاشة المالية لم تتلاش بعد.
من ناحية أخرى، رأى موقع رابط خارجي“المشهد الاقتصادي” أن مصرف يو بي إس سيهيمن على صناعة إدارة الثروات بعد استحواذه على منافسه الرئيسي كريدي سويس.
وبحسب الصحيفة، أدت صفقة استحواذ بنك “يو بي إس” عليه إلى خلق أكبر كيان عالمي لإدارة ثروات بقيمة 4 تريليون دولار، حيث تُمثل هذه الأموال نحو 6.2% من إجمالي إدارة ثروات الأفراد في العالم، والتي تتجاوز استثمارات كل فرد فيها عن المليون دولار.
وأضافت الصحيفة رابط خارجيأن هذه الصفقة تأتي مُتضمنة تنازلاً خاصاً لوحدة إدارة الأصول؛ للمحافظة على الوحدة السويسرية المُربحة لبنك “كريدي سويس”، والتي قال عدد من المحللين إنها تساوي أكثر من ثلاثة أضعاف ما دُفع في الصفقة بأكملها.
تحرير: ريتو غيسي فون فارتبورغ وجيرالدين وونغ سونغ
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.