المهرجان السينمائي الدولي حول حقوق الانسان يضطر إلى تعديل برنامجه بسبب غزو أوكرانيا
يحتفل المهرجان السينمائي الدولي لحقوق الإنسان في جنيف بالذكرى السنوية العشرين لتأسيسه. وقد تزامنت هذه الذكرى مع الحرب في أوكرانيا ومغادرة مديرة المهرجان لمهامها.
خلال العقديْن الماضيين، جمع المهرجان السينمائي والمنتدى الدولي المدافعين عن حقوق الإنسان والمشتغلين بالفن السابع في جنيف. SWI swissinfo.ch أجرت حوارا مع المديرة العامة لهذا المهرجان، التي استمرت في مهامها منذ عام 2015، وستغادرها هذا العام لتولّي حقيبة الثقافة والرياضة في كانتون جنيف.
SWI swissinfo.ch: لنبدأ بالمستجدات، هل تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في إدخال تغييرات في آخر لحظة على برنامج المهرجان؟
إيزابيل غاتكير: نعم. فقد أضفنا أمسية خاصة بالحرب في أوكرانيا. وعلى وجه التحديد حول توصيف هذه الحرب بالنسبة للقانون الدولي والقانون الإنساني وحقوق الإنسان بطبيعة الحال. أثناء هذه الأمسية التي نظمناها يوم 7 مارس الجاري، استمعنا إلى شهادات من أوكرانيا، ولكن أيضا إلى آراء المختصّين، ومؤرخة من جامعة جنيف، وممثلين عن المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، وممثلين عن مفوّضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية.
ما هي أهم الأعمال المشاركة في هذه الدورة؟ ومن هي الشخصيات المهمة التي تشارك في أنشطة هذه السنة؟
خلال هذه الدورة، نستقبل المخرج السينمائي المغربي نبيل عيوش الذي سوف يقدّم أعماله التي كرّسها لاستكشاف هوامش المجتمع المغربي وإثارة الأسئلة حولها. وسيقوم خلال المهرجان أيضا بتقديم فيلمه الجديد “علّي صوتك”. كما نستقبل أيضا الكاتبة الروائية الجزائرية أليس زنيتر لإجراء نقاش حول مسألة الذاكرة في تاريخ الجزائر. ويحضر معنا كذلك المؤرخ ورجل القانون فيليب ساندس الذي يقدّم محاضرة هامة حول “الإبادة البيئية”، فضلا عن مشاركة نغوزي- أوكونجو- إيوالا، رئيسة منظمة التجارة العالمية.
في عام 2003، أسس ليو كانيمان المهرجان السينمائي الدولي بجنيف حول حقوق الإنسان بالتعاون مع آيال رينهارز. بعد عقديْن من ذلك التاريخ، أيّ تأثير لهذا المهرجان على أوضاع حقوق الانسان في العالم؟
خلال السنوات العشرين الماضية، تحوّل هذا المهرجان إلى حدث دوليّ كبير. استقبلنا شخصيات وازنة مثل إدوارد سنودن، والفائز بجائزة نوبل للسلام الدكتور دنيس موكويغي،…وعلى الرغم من أنه من الصعب جدا قياس التأثير الفعلي والمباشر لعملنا، لكننا نرى تأثيره من خلال الحماية والتغطية الاعلامية التي نوفّرها للنشطاء. كما ان هذا المهرجان يحظى باهتمام كبير في جنيف خاصة لدى الشباب، حيث أن نصف الجمهور تقل أعمارهم عن 30 عاما.
تقترح الدورة العشرون للمهرجان السينمائي الدولي حول حقوق الإنسان بجنيفرابط خارجي التي تتواصل فعالياتها من 3 إلى 13 مارس الجاري على جمهورها باقة من الأفلام الروائية الوثائقية، فضلا عن أنشطة متنوعة تشمل نقاشات ومقابلات ولقاءات ومعارض.
تشتمل مسابقة الأفلام الروائية على تسعة أعمال من بينها: ” Red Jungle” لمخرجه يان خوسيه لوزانو، و” Zoltán Horváth” (إنتاج سويسري- فرنسي)، الذي يُعرض لأوّل مرة. كما تشتمل على روائع مثل “107 Mothers” للمخرج بيتر كيريكس (سلوفاكيا، جمهورية التشيك، أوكرانيا)، ” Casablanca Beats” (علّي صوتك)، للمخرج المغربي نبيل عيوش (فرنسا، المغرب)، و” Europa” لحيدر رشيد (إيطاليا، الكويت، العراق)،…
كذلك تشتمل مسابقة الأفلام الوثائقية على تسعة أعمال، منها ” Angels of Sinjar” للمخرج السينمائي المرشح للأوسكار حنا بولاك (ليبيا، إيطاليا) و “Je suis noires”، لجوليانا فانجول وراشال إم بون (سويسرا)، وكل هذه الأعمال تعرض لأوّل مرة على المستوى الدولي.
فضلا عما سبق، ينظم المهرجان عشرين مناقشة، ويجري ثماني مقابلات، وست محادثات، جميعها مضمنة في البرنامجرابط خارجي.
في ضوء قدرة الأنظمة الاستبدادية على خنق أصوات ضحاياه. لأي حد نجح المهرجان في جعل هذه الأصوات مسموعة في العالم؟
يمكننا تقديم أمثلة عديدة على ذلك: تحضرني على وجه الخصوص أمسية تاريخية نظمها المهرجان لتكريس العدالة ومكافحة الإفلات من العقاب في سوريا، ومحاكمة نظام بشار الأسد على الجرائم التي ارتكبها بحق شعبه. حينها تم عرض فيلم من إنتاج القناة الرابعة بهيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية (بي بي سي)، بحضور عدد من ضحايا التعذيب في سوريا. وهذا العام، فإن الدورة بأكملها مخصصة لتكريم الصحفية الفيتنامية فام دوان ترانغ (Pham Doan Trang) المحكوم عليها بالسجن تسع سنوات… صحيح أنه بات من الصعب مع مرور الوقت جعل الناشطين يحضرون فعاليات المهرجان بشكل مباشر، ولكننا نتمكن دوما من إسماع أصواتهم عبر ابتكار أشكال جديدة من التواصل. فقد قمنا هذا العام على وجه الخصوص باطلاق فقرة “الكلمة للنشطاء” « Paroles d’Activistes »، تسمح للمدافعين والمدافعات عن حقوق الانسان المعرّضين للخطر بإبلاغ رسائلهم بشكل صريح ومباشر. وهذا العام أيضا تم اختيار المخرجة الأفغانية شاربانو سادات، التي اضطرت للهروب برفقة كامل أسرتها من أفغانستان في أغسطس الماضي، لتكون رئيسة هيئة التحكيم في مسابقة الأفلام الروائية. وستتاح للجمهور أيضا مشاهدة فيلم من إخراج ميكايلا بافلاتوفا بعنوان “أسرتي الأفغانية”.
في مدينة تستضيف مقر الأمم المتحدة وعشرات المنظمات الحكومية وغير الحكومية، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان، ماذا يُمكن أن يضيف مثل هذا المهرجان؟
بمرور الوقت، سمح هذا الحدث بالتقاء مجموعات سكانية مختلفة للغاية، لا تختلط مع بعضها البعض في العادة، كجنيف الدولية وجنيف المحلية. على سبيل المثال، هذا العام سوف تقدم الحائزة على جائزة نوبل للسلام، شيرين عبادي شهادتها حول “التعذيب النفسي” ( torture blanche ) في السجون الإيرانية. وسيستمع لشهادتها المهتمون بالسينما (عرضا وإنتاجا)، وناشطون وأعضاء في منظمات دولية مختلفة.
يتأسّس هذا المهرجان على شراكة غير معتادة بين عالميْن: المدافعون عن حقوق الإنسان من جهة ومنتجو الأفلام من جهة أخرى. كيف أمكن لكم التوفيق بين هذيْن العالميْن؟
من خلال التصوّر “فيلم، موضوع، نقاش”، يؤدي عرض عمل سينمائي عادة إلى جلب جمهور مهتم بالفن والإبداع. وخلال عرض الفيلم تظهر الكثير من الإنفعالات والمشاعر، ويعبّر جزء من الحضور عن التعاطف تجاه المواقف الدرامية التي لم يعتدها الجمهور السويسري، ثم تتحوّل تلك المشاعر وذلك التعاطف إلى مواقف تكون موضوع نقاش وتفكير نقدي وتخضع لعملية تفكيك وتساؤل. هذا الجمع بين عالميْن مختلفيْن هو الذي يجعل أحدهما يتغذى من الآخر مثل جذعيْ شجرة متشابكيْن ويتغذيان من نفس الجذور.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.